سرشناسه : بهبهانی، محمدعلی، 1352 -
عنوان و نام پدیدآور : عیون الانظار [کتاب]/ محمدعلی بهبهانی.
مشخصات نشر : قم: محمدعلی بهبهانی، 1437ق.= 2016م.= 1395 .
مشخصات ظاهری : 10ج.
شابک : دوره:978-600-04-3019-1 ؛ ج.1 978-600-04-3017-7: ؛ ج.2 978-600-04-3018-4: ؛ ج.3 978-600-04-5819-5 : ؛ ج.4 978-600-04-6758-6 : ؛ ج.5 978-600-04-6759-3 :
یادداشت : عربی.
یادداشت : عنوان روی جلد: عیون الانظار فی علم الاصول.
یادداشت : نمایه .
مندرجات : ج.1. مبادی علم الاصول.- ج.2. مباحث الالفاظ الاول.- ج.3. مباحث الالفاظ الثانی.- ج.4. مباحث العقلیه.
عنوان روی جلد : عیون الانظار فی علم الاصول.
موضوع : اصول فقه شیعه
موضوع : * Islamic law, Shiites -- Interpretation and construction
رده بندی کنگره : BP159/8/ب857ع9 1395
رده بندی دیویی : 297/312
شماره کتابشناسی ملی : 3846970
عیون الأنظار / الجزء الأول
- المؤلف: محمد علی البهبهانی
- شابک الجزء الأول: 7-3017-04-600-978
- شابک الدورة: 1-3019-04-600-978
- الطبعة الأولی
- سنة النشر: 1436ه- ق – 1394 ه- ش
- السعر: 30000
- عدد النسخ: 1000
ص: 1
بسم الله الرحمن الرحیم
ص: 2
عُیُونُ الأَنظار
(المجلد الرابع)
المباحث العقلیة (1)
الإجزاء و مقدمة الواجب
ص: 3
ص: 4
البحث الأول: «الإجزاء» / 17
مقدمات / 19
المقدمة الأُولی: موضوع البحث... 19
القول الأول: 19
القول الثانی: 20
المقدمة الثانیة: 22
المطلب الأوّل: ما هو المراد من «علی وجهه» فی عنوان البحث؟. 22
المطلب الثانی: ما المراد من الاقتضاء فی عنوان البحث؟. 27
المطلب الثالث: ما المراد من الإجزاء فی عنوان البحث؟. 32
المقدمة الثالثة: هل الإجزاء من المسائل العقلیة أو اللفظیة؟. 34
النظریة الأُولی: 34
النظریة الثانیة: ما أفاده بعض الأساطین (حفظه الله) .. 35
المقدمة الرابعة: الفرق بین هذه المسألة و مسألة المرّة و التکرار و مسألة تبعیة القضاء للأداء 36
أما الفرق بین هذه المسألة و مسألة المرّة و التکرار. 36
أما الفرق بین هذه المسألة و مسألة تبعیة القضاء للأداء. 36
ص: 5
الفصل الأوّل:إنّ الإتیان بالمأمور به هل یقتضی الإجزاء عن أمره؟ / 39
تنبیه: فی جواز الامتثال بعد الامتثال. 44
النظریة الأولی:ما أفاده صاحب الکفایة (قدس سره) 44
بیان المحقّق الإصفهانی (قدس سره): 46
الطائفة الأُولی: 46
الطائفة الثانیة: 49
النظریة الثانیة: 63
بیان بعض الأساطین (حفظه الله) فی إبطال الامتثال بعد الامتثال و تبدیل الامتثال: 63
الفصل الثانی: هل الإتیان بالمأمور به بالأمر الاضطراری یجزی عن الأمر الواقعی؟ 67
المقام الأوّل: مقام الثبوت... 69
نظریة صاحب الکفایة (قدس سره): 69
أمّا الصورة الأُولی: 70
أمّا الصورة الثانیة: 71
أمّا الصورة الثالثة: 72
أمّا الصورة الرابعة: 73
المقام الثانی: مقام الإثبات... 81
الموضع الأوّل: مقتضی أدلّة الأوامر الاضطراریة. 81
نظریة المحقّق الخراسانی (قدس سره): 81
نظریة أُخری لبعض الأعلام: 84
نظریة المحقّق الإصفهانی (قدس سره) 85
نظریة المحقّق الخوئی (قدس سره) 86
نظریة المحقق النائینی و العراقی (قدس سرهما): 87
التنبیه الأول: صور المسألة فی مقام الإثبات... 91
التنبیه الثانی: إذا کان الاضطرار باختیار المکلّف... 93
المطلب الأوّل: هل تشمله إطلاقات الأوامر الاضطراریة؟ 93
نظریة المحقق الخوئی (قدس سره): 93
ص: 6
المطلب الثانی: هل یستحق العقوبة علیه؟ 94
نظریة المحقق الخوئی (قدس سره): 94
الموضع الثانی: مقتضی الأصل العملی فی المقام. 96
استدلّ علی القول الأوّل بوجهین: 97
الاستدلال علی القول الثانی: 97
تقریر الاشتغال بوجهین: 97
الوجه الأوّل: 97
الوجه الثانی: 99
الاستدلال علی القول الثالث: 101
الفصل الثالث: هل یجزی الإتیان بالمأمور به بالأمر الظاهری عن الأمر الواقعی؟ / 105
مقدمة فی ذکر الأقوال: 107
المقام الأوّل: الأُصول العملیة. 113
نظریة المحقق الخراسانی (قدس سره): 113
المقام الثانی: الأمارات... 133
المبنی الأول: الطریقیة. 133
أدلّة القول بالإجزاء 133
الدلیل الأوّل: 133
الدلیل الثانی: 135
الدلیل الثالث: 136
الدلیل الرابع: 137
الدلیل الخامس: 138
الدلیل السادس: الإجماع علی القول بالإجزاء. 141
الدلیل السابع: تحقّق سیرة الفقهاء علی الإجزاء 146
الدلیل الثامن: 148
الدلیل التاسع: 149
دلیل عدم الإجزاء (علی القول بالطریقیة) 151
المبنی الثانی: المنجزیة و المعذریة. 153
ص: 7
المبنی الثالث: مسلک جعل الحکم المماثل.. 154
تفصیل المحقق الإصفهانی (قدس سره) بین العبادات و المعاملات: 155
المبنی الرابع: مسلک جعل المؤدّی منزلة الواقع. 159
التفسیر الأول: 159
التفسیر الثانی: 159
الدلیل علی الإجزاء علی التفسیر الثانی: 159
المبنی الخامس: مسلک السببیة. 161
نظریة صاحب الکفایة (قدس سره): 161
بیان أقسام السببیة و تحقیق المسألة: 161
الأُولی: السببیة التی نُسبت إلی الأشاعرة. 162
اتفق الأعلام علی بطلان هذه السببیة لأوجه: 162
الثانیة: السببیة التی نُسبت إلی المعتزلة. 163
الثالثة: المصلحة السلوکیة. 164
البحث الأوّل: فی تصویر المصلحة السلوکیة. 164
البحث الثانی فی الإجزاء بناء علی القول بالمصلحة السلوکیة: 167
استدلال المحقّق النائینی (قدس سره) علی عدم الإجزاء: 167
تتمیم: إذا شککنا بین الطریقیة و السببیة. 169
المقام الأوّل: من حیث الإعادة. 169
بیان صاحب الکفایة (قدس سره) لعدم الإجزاء: 169
المقام الثانی: بالنسبة إلی القضاء. 171
بیان صاحب الکفایة (قدس سره): 171
البحث الثانی: مقدمة الواجب / 173
المقدمة / 175
الأمر الأوّل: هذه المسألة من أی قسم من المباحث؟. 177
القول الأوّل: إنّها من المسائل الکلامیة. 177
القول الثانی: إنّها من المسائل الفقهیة. 178
ص: 8
القول الثالث: إنّها من المبادی الأحکامیة للمسائل الأُصولیة. 180
القول الرابع: إنّ هذه المسألة أُصولیة. 182
الأمر الثانی: ما هو المراد من وجوب المقدّمة؟. 185
الوجه الأوّل: الوجوب العقلی... 185
الوجه الثانی: الوجوب الإرشادی.. 185
الوجه الثالث: الوجوب المجازی.. 185
الوجه الرابع: الوجوب الشرعی الطریقی.. 185
الوجه الخامس: الوجوب النفسی.... 186
الوجه السادس: الوجوب الغیری التبعی.. 186
الأمر الثالث: إنّ النزاع لایختص بالوجوب... 187
الفصل الأوّل: فی ذکر التقسیمات / 189
الأمر الأوّل: فی تقسیمات المقدّمة. 191
التقسیم الأوّل: 193
المقدّمة إمّا داخلیة و إمّا خارجیة و الثانیة قسمان.. 193
الموضع الأوّل: هل یصح إطلاق المقدمة علی الأجزاء الداخلیة؟. 194
الموضع الثانی: هل یوجد المقتضی لاتصافها بالوجوب الغیری بناءً علی صحة إطلاق المقدمة علیها؟ 195
القول الأوّل: عدم وجود الاقتضاء. 195
القول الثانی: وجود الاقتضاء. 195
الموضع الثالث: هل من مانع یمنع عن اتصافها بالوجوب الغیری بناءً علی ثبوت المقتضی؟ 196
القول الأوّل: عدم المانع. 196
القول الثانی: وجود المانع. 196
خاتمة فی ثمرة البحث: 203
الثمرة الأُولی: 203
التحقیق فی هذه الثمرة: 205
بیان بعض الأساطین (حفظه الله) لذلک: 206
ص: 9
الثمرة الثانیة: 206
التقسیم الثانی.. 207
مقدّمة الوجوب و مقدّمة الوجود و مقدّمة الصحّة و مقدّمة العلم. 207
التقسیم الثالث... 211
المقدّمة العقلیة و الشرعیة و العادیّة. 211
التقسیم الرابع. 213
المتقدّم و المقارن و المتأخّر. 213
الأمر الأوّل: الإشکال فی الشرط المتأخر. 214
البیان الأوّل: 214
البیان الثانی: 215
الأمر الثانی: نظریات الأعلام فی حلّ هذه المشکلة. 216
الأُولی: نظریة المحقّق النراقی (قدس سره) 216
الثانیة: نظریة الشیخ الأنصاری (قدس سره) 216
الثالثة: نظریة السید المجدّد الشیرازی (قدس سره) 217
الرابعة: نظریة صاحب الکفایة (قدس سره) 220
الصورة الأُولی: شرائط الحکم. 220
التحقیق حول نظریة صاحب الکفایة (قدس سره): 220
الصورة الثانیة: شرائط المأمور به. 225
الأمر الثانی: فی تقسیم الوجوب إلی المطلق و المشروط.. 231
المقدمة. 233
المطلب الأوّل: تعریف المطلق و المشروط.. 233
نظریة صاحب الکفایة (قدس سره): 234
المطلب الثانی: هل هذا التقسیم من تقسیمات الوجوب أو الواجب؟. 235
نظریة صاحب الکفایة (قدس سره) 235
المطلب الثالث: 236
الناحیة الأُولی: 237
القیود المأخوذة فی الأدلّة ترجع إلی الهیأة أو المادة؟. 237
ص: 10
الموضع الأوّل: فی ذکر الأقوال. 237
القول الأوّل: 237
القول الثانی: 237
القول الثالث: 238
الموضع الثانی: فی ذکر الأدلّة. 239
الوجوه التی استدلّوا بها علی عدم إمکان رجوع الشرط إلی الهیأة: 239
الوجه الأوّل: 239
الوجه الثانی لعدم إمکان رجوع الشرط إلی الهیأة: 243
الوجه الثالث: ما أفاده صاحب الکفایة (قدس سره) فی «إن قلت». 245
الناحیة الثانیة: 255
إذا تردّد أمر القید بین الرجوع إلی المادّة أو الهیأة فما مقتضی الأصل؟. 255
المقام الأوّل: مقتضی الأصل اللفظی.. 255
الاستدلال الأوّل للشیخ (قدس سره) 255
الدعوی الکبروی: 256
الدعوی الصغروی: 262
الاستدلال الثانی للشیخ (قدس سره): 263
تنبیه. 266
تحقیق المحقق الخوئی (قدس سره) حول معنی الإطلاق والتقیید فی الهیأة والمادّة: 266
المقام الثانی: مقتضی الأصل العملی... 268
الأمر الثالث: فی تقسیمات الواجب... 269
التقسیم الأوّل: الواجب المعلّق و المنجّز. 271
الموضع الأوّل: فی ما أُورد علی صاحب الفصول (قدس سره) 272
الموضع الثانی: فی إمکان الواجب المعلق ثبوتاً 276
فیه قولان: 276
القول الأوّل: استحالة الواجب المعلّق.. 276
الدلیل الأوّل علی الاستحالة: 276
الدلیل الثانی علی الاستحالة: ما ذکره فی الکفایة. 285
الدلیل الثالث علی الاستحالة: ما ذکره المحقق النائینی (قدس سره) 285
ص: 11
القول الثانی: إمکان الواجب المعلق.. 286
الموضع الثالث: ثمرة البحث عن الواجب المعلّق.. 288
المقدّمة: 289
المطلب الأوّل: الامتناع بالاختیار هل ینافی الاختیار؟ 289
المطلب الثانی: 290
المسألة الأُولی: المقدّمات الوجودیة المفوّتة. 291
المقام الأوّل: مقام الثبوت... 291
المقام الثانی: مقام الإثبات... 301
المسألة الثانیة: وجوب التعلّم. 303
الصورة الأُولی: إذا علم المکلف أو اطمأن بالابتلاء. 303
الصورة الثانیة: إذا احتمل الابتلاء. 307
المسألة الثالثة: 313
تنبیه: 314
المطلب الأوّل: هل یجب التعلم علی الصبی غیر البالغ؟ 314
استدلال المحقق النائینی (قدس سره) علی القول الأوّل: 314
المطلب الثانی: وجوب التعلّم نفسی أو غیری أو تهیؤی أو إرشادی أو طریقی؟ 316
الوجه الأوّل: الوجوب النفسی.... 316
الاستدلال علی الوجوب النفسی: 316
الوجه الثانی: الوجوب الغیری.. 318
الاستدلال علی الوجوب الغیری: 318
الوجه الثالث: الوجوب التهیؤی.. 319
الوجه الرابع: الوجوب الإرشادی 319
الاستدلال علی الوجوب الإرشادی: 319
الوجه الخامس: الوجوب الطریقی.. 323
الاستدلال علی الوجوب الطریقی: 323
المطلب الثالث: هل تارک تعلم مسائل الشک و السهو المبتلی بها فاسق؟ 326
التقسیم الثانی: الواجب النفسی و الغیری.. 329
الموضع الأوّل: تعریف الواجب النفسی و الغیری.. 329
الأوّل: تعریف المشهور 329
ص: 12
الثانی: تعریف الشیخ الأنصاری (قدس سره) 330
الثالث: تعریف صاحب الکفایة (قدس سره) 332
الرابع: تعریف المحقّق الإصفهانی (قدس سره) 335
الخامس: نظریة المحقق النائینی (قدس سره) 338
السادس: نظریة المحقق الخوئی (قدس سره) 340
الموضع الثانی: إذا شک فی واجب أنّه نفسی أو غیری فما مقتضی الأصل؟. 342
المقام الأوّل: مقتضی الأصل اللفظی.. 342
الأُولی: نظریة الشیخ (قدس سره) 342
الثانیة: نظریة المشهور و صاحب الکفایة (قدس سره) 343
الثالثة: نظریة المحقق الإصفهانی (قدس سره) 346
الرابعة: نظریة المحقّق الإیروانی (قدس سره) 346
المقام الثانی: مقتضی الأصل العملی... 348
الأُولی: نظریة صاحب الکفایة (قدس سره) 348
الثانیة: نظریة المحقق الإصفهانی (قدس سره) 350
الثالثة: نظریة المحقق النائینی (قدس سره) فی الصورة الرابعة حول الجهات الثلاث... 353
الرابعة: نظریة المحقق الخوئی (قدس سره) حول الجهات الثلاث... 354
التنبیه الأوّل:فی ترتّب الثواب و العقاب علی الواجب النفسی و الغیری.. 359
المطلب الأوّل: فی بیان وجوه ترتّب الثواب و العقاب... 359
المطلب الثانی: إنّ ترتّب الثواب علی امتثال الواجب النفسی هل هو بالاستحقاق أو بالتفضّل؟ 362
القول الأوّل: 362
القول الثانی: 362
تحقیق السید المحقق الخوئی (قدس سره): 362
المطلب الثالث: ترتّب الثواب و العقاب علی الواجب الغیری.. 363
المطلب الرابع: إنّ ثواب امتثال الأمر الغیری هل یکون غیر ثواب امتثال الأمر النفسی؟ 363
القول الأوّل: 363
استدلال القائلین بوحدة الثواب: 363
ص: 13
القول الثانی: تعدد الثواب... 364
استدلال القائلین بتعدّد الثواب: 364
التنبیه الثانی: منشأ عبادیة الطهارات الثلاث... 365
القول الأوّل: منشؤها الأمر الغیری.. 366
القول الثانی: منشؤها الأمر النفسی الاستحبابی.. 367
القول الثالث: منشؤها الأمر النفسی الضمنی.. 371
القول الرابع: نظریة المحقق الخوئی (قدس سره) 372
القول الخامس: نظریة بعض الأساطین.. 373
القول السادس: 373
التقسیم الثالث: الواجب الأصلی و التبعی.. 375
تفسیر الأصالة و التبعیة بحسب مقام الثبوت: 375
تحقیق المحقق الإصفهانی (قدس سره): 376
بیان مناط الغیریة و مناط التبعیة: 376
تفسیر الأصالة و التبعیة بحسب مقام الإثبات: 377
الفصل الثانی: فی تحقیق المسألة / 379
الأمر الأوّل: فی ذکر الأقوال و مناقشتها 381
أما الأقوال فهی خمسة: 381
القول الأوّل: ما عن صاحب المعالم (قدس سره) 381
القول الثانی: ما عن الشیخ الأنصاری (قدس سره) 381
القول الثالث: ما عن صاحب الفصول (قدس سره) 382
القول الرابع: ما عن المشهور. 382
القول الخامس: مختار المحقق صاحب الحاشیة و المحقق النائینی (قدس سرهما) .. 383
و أما مناقشة الأقوال: 384
تنبیه حول تفسیر نظریة الشیخ الأنصاری (قدس سره): 390
أدلّة سبعة علی القول بوجوب المقدّمة الموصلة: 400
الدلیل الأوّل: لصاحب الفصول (قدس سره) 400
الدلیل الثانی: لصاحب الفصول (قدس سره) أیضا 401
ص: 14
الدلیل الثالث: لصاحب الفصول (قدس سره) أیضا 402
الدلیل الرابع علی وجوب خصوص المقدّمة الموصلة: 403
الدلیل الخامس: 405
الدلیل السادس: 407
الدلیل السابع: ما أفاده المحقق العراقی (قدس سره) من الحصّة التوأمة. 411
تقریر المحقق الخوئی (قدس سره) للقول الخامس: 413
الأمر الثانی: 415
مقتضی الأدلة اللفظیة و العقلیة فی مسألة وجوب المقدمة. 415
قد استدلّوا علی القول الأوّل بوجوه نذکر أربعة منها: 420
الوجه الأوّل: 420
تحقیق بعض الأساطین (حفظه الله): 423
الوجه الثانی: 423
الوجه الثالث: 424
الوجه الرابع: 425
الاستدلال علی القول الثانی: 426
الاستدلال علی القول الثالث: 427
الاستدلال علی القول الرابع: 428
الأمر الثالث: 431
مقتضی الأصل العملی... 431
أمّا الأصل فی المسألة الأُصولیة: 431
الأُولی: نظریة صاحب الکفایة (قدس سره): 431
الثانیة: نظریة بعض الأساطین (حفظه الله) .. 432
أمّا الأصل فی المسألة الفرعیة: 433
نظریة صاحب الکفایة (قدس سره): استصحاب عدم الوجوب أو أصالة البراءة. 433
تذنیب: فی ثمرة البحث عن مقدّمة الواجب / 437
الثمرة الأُولی: 437
ص: 15
الثمرة الثانیة: 438
الثمرة الثالثة: 439
الثمرة الرابعة: 441
الثمرة الخامسة: 443
الثمرة السادسة: 445
خاتمة فی مقدمة المستحب و الحرام و المکروه / 451
أمّا مقدّمة المستحب: 451
أمّا مقدّمة الحرام أو المکروه: 451
النظریة الأُولی: ما اختاره صاحب الکفایة (قدس سره): 451
النظریة الثانیة: ما أفاده المحقق النائینی (قدس سره) 452
الفهارس.. 455
ص: 16
فیه مقدمات و ثلاثة فصول
الفصل الأوّل:إنّ الإتیان بالمأمور به هل یقتضی الإجزاء عن أمره؟
الفصل الثانی: هل الإتیان بالمأمور به بالأمر الاضطراری یجزی عن الأمر الواقعی؟
الفصل الثالث: هل یجزی الإتیان بالمأمور به بالأمر الظاهری عن الأمر الواقعی؟
ص: 17
ص: 18
و فیه قولان:
إنّ عبارة القدماء فی عنوان البحث هو أنّ الأمر بشیء (إذا أُتی به علی وجهه) هل یقتضی الإجزاءأو لا؟((1)) و موضوع البحث حینئذ هو الأمر.
ص: 19
إنّ صاحب الکفایة (قدس سره) عدل عن القول الأول و اختار قولاً آخر و قال (قدس سره): «الإتیان بالمأمور به علی وجهه یقتضی الإجزاء»((1))، فموضوع البحث عنده إتیان المأموربه.
المحقّق الإصفهانی (قدس سره) وجّهه((2)) بأنّ «الإجزاء من مقتضیات إتیان المأموربه و شؤونه لا من مقتضیات الأمر و لواحقه»، لأنّ الإجزاء و سقوط الأمر متوقّف
ص: 20
علی حصول مصلحة المأموربه و هذه المصلحة توجد بوجود المأتی به و علی هذا اقتضاء سقوط الأمر قائم بإتیان المأموربه لا بالأمر.
و الحق هو القول الثانی و أن موضوع البحث إتیان المأمور به لأنه المقتضی للإجزاء.
ص: 21
و فیها مطالب ثلاثة:((1))
هنا أقوال ثلاثة:
و هو مختار صاحب الکفایة((2)) و المحقّق العراقی((3)) (قدس سرهما) و بعض الأساطین((4)).
إنّ المراد هو النهج الذی ینبغی أن یؤتی به علی ذلک النهج شرعاً و عقلاً.
أمّا القیود المعتبرة فی المأموربه شرعاً فیکفی فیها عنوان المأموربه لأنّه مع فقد هذه القیود لایصدق علی المأتی به أنّه هو المأموربه.
و أمّا القیود المعتبرة فی المأموربه عقلاً - مثل قصد القربة علی رأی صاحب
ص: 22
الکفایة (قدس سره) من استحالة أخذه فی المأموربه شرعاً- فهی أیضاً لابدّ من أخذه لأنّ الغرض المترتب علی المأموربه لایتحقّق إلّا مع هذه القیود.((1))
و هو مختار السید المجاهد الطباطبائی((2)) و المحقّق الخوئی (قدس سرهما) ((3)).
إنّ المراد من هذه الکلمة هو خصوص الکیفیة المعتبرة فی المأموربه شرعاً.
أولاً: علی هذا البیان کلمة «علی وجهه» یکون قیداً توضیحیاً حیث إنّه لابدّ من حصول جمیع الأجزاء و الشرائط الشرعیة حتّی یصدق عنوان المأموربه مع أنّ الأصل فی القیود الاحترازیة((4)).
ثانیاً: «إنّه یلزم خروج التعبدیات عن حریم النزاع بناءً علی المختار ... من أنّ قصد القربة من کیفیات الإطاعة عقلاً لا من قیود المأموربه شرعاً.»
ص: 23
((1)):
«إنّ ما أفاده (قدس سره) إنّما یقوم علی أساس نظریته (قدس سره) من استحالة أخذ قصد القربة قیداً فی المأموربه شرعاً و إنّما هو قید فیه عقلاً... أمّا بناء علی نظریتنا من إمکان أخذه إبتداء فی المأموربه أو علی نظریة شیخنا الأستاذ [أی المحقّق النائینی (قدس سره) ] من إمکان أخذه بمتمّم الجعل و لو بالأمر الثانی فلامحالة یکون القید توضیحیاً لا تأسیسیاً حیث لایفید وجوده علی هذا أزید من الإتیان بالمأموربه بتمام أجزائه و شرائطه.»
((1)):
إنّ القیود العقلیة لیست منحصرة فی قصد القربة بل قد ذکروا قیوداً عقلیة أخری مثل عدم ابتلاء متعلّق الأمر بالمزاحم و مثل الفوریة فإنّ أخذها فی متعلّق الأمر عند بعض الأصولیین بحکم العقل.
أوّلاً: إنّه غیر معتبر عند معظم الأصحاب.
ثانیاً: إنّ من اعتبره لم یعتبره إلّا فی خصوص العبادات لا مطلق الواجبات.
ص: 26
ثالثاً: إنّ الخصوصیات المعتبرة فی الواجبات کثیرة و لا وجه لاختصاص قصد الوجه بالذکر((1)).
و الحاصل أن الحق هو القول الثانی و أنّ المراد من «وجهه» فی عنوان البحث هو النهج الذی ینبغی أن یؤتی به علی ذلک النهج شرعاً و عقلاً و إن لم یکن قصد القربة فی العبادیات معتبرا عقلا فلا بأس لأن القیود العقلیة لیست منحصرة فیه.
إنّ الاقتضاء قد یکون بمعنی الکشف و الدلالة و قد یکون بمعنی العلّیة و التأثیر.
فهنا قولان:
الاقتضاءُ - بناء علی مسلک القدماء فی عنوان البحث من أنّ الأمر یقتضی الإجزاء أو لا؟ - یکون بمعنی الکشف و الدلالة حیث إنّ حیثیة الأمر حیثیة الکاشفیة و الدلالة. ((2))
ص: 27
و قال المحقق الإصفهانی (قدس سره):((1))«إن أُرید من الإجزاء إسقاط التعبّد به رأساً ثانیاً أو إسقاط الإعادة و القضاء فالتعبیر بالاقتضاء و تفسیره بالعلّیة و التأثیر مسامحة فی التعبیر و التفسیر لأنّ سقوط الأمر یکون بملاحظة سقوط غرضه و المعلول ینعدم بانعدام علّته فلا اقتضاء و لا علّیة فی البین بل هنا انتفاء العلّیة و الاقتضاء.
و أما إذا أُرید من الإجزاء کفایة المأتی به عن المأموربه فالإجزاء بهذا المعنی لازم اشتمال المأتی به علی المأموربه بحدوده و قیوده و علی مصلحة الواقع عیناً أو بدلاً، فاقتضاء المأتی به للإجزاء بهذا الوجه من باب اقتضاء الملزوم للازمه العقلی فلا مسامحة لا فی التعبیر و لا فی التفسیر».
الإشکال الذی نقله فی الکفایة (2) و بنی علیه بعض الأساطین (حفظه الله) نظریته:
إنّ بحث الإجزاء عقلی بالنسبة إلی الکبری و هی أنّه هل یجزی الإتیان بالمأموربه عن نفس ذلک الأمر (أی یجزی الإتیان بالمأموربه بالأمر الواقعی عن
ص: 29
الأمر الواقعی و بالمأموربه بالأمر الاضطراری عن الأمر الاضطراری و بالمأموربه بالأمر الظاهری عن الأمر الظاهری) و أمّا بالنسبة إلی البحثین الصغرویین و هما إجزاء الأمر الاضطراری عن الأمر الواقعی و إجزاء الأمر الظاهری عن الأمر الواقعی فالبحث لفظی و یکون الاقتضاء حینئذ بمعنی الکشف و الدلالة لأنّ النزاع فی الحقیقة فی دلالة دلیلهما، و النزاع المهمّ هو فی البحثین الصغرویین.((1))
إنّ دلیل الأمر الاضطراری و الظاهری إن دلّ علی تنزیل المأمور به الاضطراری و الظاهری منزلة المأمور به الواقعی و بدلیتهما عنه فالإتیان بهما علّة
ص: 30
لسقوط الأمر الواقعی و إلّا فلا فالاقتضاء هنا أیضاً بمعنی العلّیة.((1))
و الحاصل أن الحق - بناء علی کون موضوع البحث إتیان المأمور به الذی مرّ فی المطلب الأول و کون المراد من الإجزاء کفایة المأتی به عن المأمور به الذی یأتی فی المطلب الثالث- إرادة العلیة و التأثیر من المأمور به فی البحث الکبروی و الصغروی معا.
ص: 31
إنّ المراد من الإجزاء هو معناه اللغوی و هو الکفایة و لم یثبت له معنی اصطلاحی و هو إسقاط التعبد و القضاء بل لازمه إمّا سقوط الإعادة و القضاء أو سقوط القضاء لا الإعادة((1)).
و مثّل المحقّق الخوئی (قدس سره) لسقوط القضاء فقط بمن صلّی فی الثوب المتنجس نسیاناً حیث إنّه إذا تذکّر فی الوقت وجبت الإعادة علیه و إذا تذکّر فی خارج الوقت لم یجب علیه القضاء عند المشهور[بین المتأخّرین]((2)) -و إن کان الأقوی عنده وجوبه.
ص: 32
و بالمسافر الذی یتمّ فی السفر نسیاناً أو جهلاً بالموضوع حیث إنّه إذا تذکّر أو ارتفع جهله فی الوقت وجبت الإعادة علیه و إن تذکّر أو ارتفع جهله فی خارج الوقت لم یجب القضاء((1)).
ص: 33
المباحث اللفظیة و لا من المبادی الأحکامیة، «إذ لایرجع البحث إلی إثبات شیء للأمر لا من حیث إنّه مدلول الکتاب و السنّة و لا من حیث إنّه حکم من الأحکام ... فلامناص من إدراجه فی المسائل الأصولیة العقلیة [فهو من] حیث إنّه یقع فی طریق استنباط الحکم الشرعی من وجوب الإعادة و القضاء و عدمهما فهو من المسائل و [من] حیث إنّه بحکم العقل ... فهو من الأُصول العقلیة.»
النظریة الثانیة: ما أفاده بعض الأساطین (حفظه الله) ((1))
إن کان موضوع البحث هو إتیان المأموربه بأنّه هل یقتضی الإجزاء أو لا؟ فهذا البحث عقلی.
و إن کان موضوع البحث أدلّة الأوامر الاضطراریة و الظاهریة بأنّ أدلّة الأوامر الاضطراریة هل تدلّ علی الإجزاء عن الأمر الاختیاری أو لا؟ و أنّ أدلّة الأوامر الظاهریة هل تدلّ علی الإجزاء عن الأمر الواقعی أو لا؟ فهذا البحث لفظی. (سیجیء الجواب عنه فی الأمر الثانی).
و الحق النظریة الأولی أی إن الإجزاء من المسائل العقلیة.
ص: 35
((1))
فیمکن أن یتوهّم: أنّ القول بالإجزاء هو القول بالمرّة و أنّ القول بعدم الإجزاء هو القول بالتکرار.
و الجواب: هو أنّ البحث فی مسألة المرّة و التکرار فی تعیین حدود المأموربه شرعاً فی وقته من حیث السعة و الضیق فإن قلنا بالمرّة فتکون الطبیعة المأموربها مقیدة و مضیقة و إن قلنا بالتکرار فتکون موسّعة و لکن البحث فی الإجزاء هو أنّه بعد الفراغ عن تعیین حدود الطبیعة المأموربها هل یجزی الإتیان بهذه الطبیعة المأموربها عن الواقع عقلاً.
((2))
فیمکن أن یتوهّم هنا أیضاً: أنّ القول بعدم الإجزاء هو القول بتبعیة القضاء
ص: 36
للأداء حیث إنّ القائل بالتبعیة یعتقد بقاء الأمر بعد وقته عند عدم امتثاله فی وقته.
و الجواب أولاً: إنّ المسألتین تفترقان موضوعاً فإنّ موضوع بحث الإجزاء هو الإتیان بالمأموربه و موضوع بحث التبعیة عدم الإتیان بالمأموربه و لا جامع بین الوجود و العدم.
و ثانیاً: إنّ البحث فی مسألة التبعیة فی تعیین حدود المأموربه فی خارج وقته من جهة أنّ الأمر هل یدلّ علی مطلوبیة المأموربه فی خارج الوقت قضاءً عند عدم امتثاله فی الوقت أو لا؟ (سواء قلنا بوجوب المأموربه فی الوقت مرّة واحدة أم قلنا بالتکرار) و لکن البحث فی الإجزاء فی وجود الملازمة بین إتیان المأموربه و إجزائه عن الواقع عقلاً (سواء قلنا بأنّه واجب فی الوقت مرّة واحدة أم قلنا بالتکرار و سواء قلنا بدلالته علی وجوب المأموربه خارج الوقت قضاءً عند عدم امتثاله فی الوقت أم قلنا بعدم دلالته علیه).
الأُولی: إنّ الإتیان بالمأمور به یقتضی الإجزاء عن أمره عقلاً أو لا؟ سواء کان الأمر واقعیاً أو اضطراریاً أو ظاهریاً.
الثانیة: إنّ الإتیان بالمأموربه بالأمر الاضطراری هل یجزی عن الأمر الواقعی؟
الثالثة: إنّ الإتیان بالمأمور به بالأمر الظاهری هل یجزی عن الأمر الواقعی؟
ص: 37
ص: 38
إنّ الإتیان بالمأمور به هل یقتضی الإجزاء عن أمره؟
ص: 39
ص: 40
إنّ الإتیان بالمأمور به هل یقتضی الإجزاء عن أمره؟
((1))
«إنّ الإتیان بالمأموربه بالأمر الواقعی بل بالأمر الاضطراری أو الظاهری أیضاً یجزی عن التعبّد به ثانیاً، لاستقلال العقل بأنّه لا مجال مع موافقة الأمر بإتیان المأموربه علی وجهه لاقتضائه التعبّد به ثانیاً.»
إنّه لو لم یسقط الأمر مع حصول الغرض إمّا یلزم الخلف أو یلزم بقاء المعلول بلا علّة.
أما لزوم الخلف فلأنّ «بقاء الأمر إمّا لأنّ مقتضاه [أی مقتضی الأمر] تعدّد المطلوب فهو خلف، لأنّ المفروض وحدة المطلوب و إمّا لأنّ المأتی به لیس علی نحو یؤثّر فی حصول الغرض فهو خلف أیضاً» و الخلف بدیهی الاستحالة.
ص: 41
و أمّا لزوم بقاء المعلول بلا علّة فلأنّ بقاء الأمر مع عدم اقتضاء الأمر لتعدّد المطلوب و مع فرض حصول الغرض فهو بقاء المعلول أی الأمر بلا علّة و هو أیضاً مستحیل.((1))
قال (قدس سره): إنّ الأمر بعد امتثاله و حصول غرضه یسقط فلو قلنا بعدم سقوط الأمر و بقائه بعد حصول غرضه یلزم طلب الحاصل.((2))
إنّ طلب الحاصل معناه طلب الموجود بما هو موجود فحیث إنّ إیجاد الموجود محال فطلب الموجود أیضاً محال، أمّا طلب الفعل ثانیاً فلیس من طلب الحاصل بل هو إیجاد للوجود الثانی لا للوجود الأوّل حتّی یکون طلب الحاصل.((3))
ص: 42
فالوجه الصحیح فی الاستحالة هو ما أفاده المحقّق الإصفهانی (قدس سره) .
ص: 43
فلایجوز الامتثال بعد الامتثال و لایبقی موقع لتبدیل الامتثال بالامتثال الآخر کما إذا أمر المولی بإهراق الماء فی فمه لرفع العطش فأهرقه العبد.
الصورة الثانیة:((1)) «أن مجرد امتثاله لایکون علّة تامّة لحصول الغرض [و بعبارة أُخری لم یحصل الغرض الأقصی من الأمر] و إن کان [الامتثال الأوّل] وافیاً به [أی بالغرض] لو اکتفی به، کما إذا أتی بماء أمر به مولاه لیشربه فلم یشربه بعد فإنّ الأمر بحقیقته و ملاکه لم یسقط بعد و لذا لو أُُهریق الماء و اطّلع علیه العبد وجب علیه إتیانه ثانیاً کما إذا لم یأت به أوّلاً» و حینئذ یجوز للعبد تبدیل الامتثال بالامتثال الآخر.
الصورة الثالثة:((2)) لو لم یعلم المکلّف أنّ الامتثال علّة تامّة للغرض أو لا فحینئذ أیضاً یجوز له تبدیل الامتثال بالامتثال الآخر باحتمال أن لایکون علّة.
(و المحقّق النائینی (قدس سره) أیضاً یقول((3)) بجواز تبدیل الامتثال بامتثال آخر فی ما إذا لم یحصل الغرض الأقصی.)
ص: 45
ثم قال صاحب الکفایة:((1)) و یؤید ذلک بل یدلّ علیه ما ورد من الروایات فی باب أنّ من صلّی فرادی یستحب له الإعادة جماعةً.
أمّا استدلال صاحب الکفایة (قدس سره) و بعض الأعلام ببعض الأخبار علی جواز الامتثال بعد الامتثال فیظهر النقاش فیه بعد ملاحظة الأخبار و التأمّل فیها.
مثل صحیحة((1)) عمر بن یزید عن أبی عبد الله (علیه السلام):
«مَا مِنْکُمْ أَحَدٌ یصَلِّی صَلَاةً فَرِیضَةً فِی وَقْتِهَا ثُمَ یصَلِّی مَعَهُمْ صَلَاةً تَقِیةً وَ هُوَ مُتَوَضِّئٌ إِلَّا کَتَبَ اللهُ لَهُ بِهَا خَمْساً وَ عِشْرِینَ دَرَجَةً فَارْغَبُوا فِی ذَلِکَ».((2))
و مثل صحیحة((3)) عبد الله بن سنان عن أبی عبد الله (علیه السلام) قَالَ:
«مَا مِنْ عَبْدٍ یصَلِّی فِی الْوَقْتِ وَ یفْرُغُ ثُمَ یأْتِیهِمْ وَ یصَلِّی مَعَهُمْ وَ هُوَ عَلَی وُضُوءٍ إِلَّا کَتَبَ اللَهُ لَهُ خَمْساً وَ عِشْرِینَ دَرَجَةً».((4))
ص: 47
«إنّ هذه الطائفة أجنبیة عن أصل مشروعیة الإعادة فضلاً عن احتسابها فریضة باستقرار الامتثال علیها»((1)).
کما أفاد المحقّق الخوئی((2)) (قدس سره) فی الجواب عنها((3)):
إنّ الروایات الدالّة علی جواز الإعادة تقیة لاتدلّ علی جواز الامتثال بعد الامتثال.
عَنْ أَبِی عَبْدِ الله (علیه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «فِی الرَّجُلِ یصَلِّی الصَّلَاةَ وَحْدَهُ ثُمَّ یجِدُ جَمَاعَةً قَالَ یصَلِّی مَعَهُمْ وَ یجْعَلُهَا الْفَرِیضَةَ إِنْ شَاءَ».
ص: 48
((1)):
ما لایختص بالإعادة مع المخالف، کما فی صحیحة((2)) هشام بن سالم عَنْ أَبِی عَبْدِ الله (علیه السلام) أَنَّهُ قَالَ:
«فِی الرَّجُلِ یصَلِّی الصَّلَاةَ وَحْدَهُ ثُمَّ یجِدُ جَمَاعَةً قَالَ یصَلِّی مَعَهُمْ وَ یجْعَلُهَا الْفَرِیضَةَ إِنْ شَاءَ»((3))
و کما فی روایة حفص بن البختری((4)) بإسقاط کلمة «إن شاء».
ص: 49
و صحیحة زرارة((1)) عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ (علیه السلام) فِی حَدِیثٍ قَالَ: «لَا ینْبَغِی لِلرَّجُلِ أَنْ یدْخُلَ مَعَهُمْ فِی صَلَاتِهِمْ وَ هُوَ لَا ینْوِیهَا صَلَاةً بَلْ ینْبَغِی لَهُ أَنْ ینْوِیهَا وَ إِنْ کَانَ قَدْ صَلَّی فَإِنَّ لَهُ صَلَاةً أُخْرَی».((2))
و خبر((3)) إسحاق بن عمّار، تُقَامُ الصَّلَاةُ وَ قَدْ صَلَّیتُ فَقَالَ (علیه السلام): «صَلِّ وَ اجْعَلْهَا لِمَا فَات»((4)) (أشار إلیها و جعلها قرینة لتفسیر صحیحة هشام بن سالم
ص: 50
باحتمال حمل الصلاة المعادة علی فریضة فائتة قضاءً((1))).
و روایة أبی بصیر((2))، قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ الله (علیه السلام): أُصَلِّی ثُمَ أَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَتُقَامُ
ص: 51
الصَّلَاةُ وَ قَدْ صَلَّیتُ، فَقَالَ (علیه السلام) «صَلِّ مَعَهُمْ یخْتَارُ اللَّهُ أَحَبَّهُمَا إِلَیهِ» ((1))
((2))
«أمّا ما ورد من الأمر بالإعادة فی باب المعادة و أنّه یجعلها الفریضة و یختار الله تعالی أحبهما إلیه و أنّه یحسب له أفضلهما و أتمّهما، فلا دلالة له علی أنّ ذلک من باب تبدیل الامتثال بالامتثال و کون سقوط الأمر مراعی بعدم تعقّب الأفضل و ذلک لأنّ کلّ ذلک لاینافی حصول الغرض و سقوط الأمر، بتقریب أنّ سقوط الأمر بحصول الغرض الملزم أمر و اختیار المعادة و احتسابها فی مقام إعطاء الأجر و الثواب أمر آخر.
و السرّ فی جعل [الصلاة] المعادة - لمکان أفضلیتها من الأُولی کما دلّت علیه طائفة من الأخبار- میزاناً للأجر و الثواب دون [الصلاة] الأُولی [هو] اشتراکها مع [الصلاة] الأُولی فی [ذات] المصلحة القائمة بها مع زیادة، فلیس مدار الثواب
ص: 52
علی الأولی المقتضیة لدرجة واحدة من القرب بل علی الثانیة المقتضیة لدرجات من القرب و الأُولی و إن استوفت بمجرد وجودها درجة من القرب لکن حیث إن المعادة تکرار ذلک العمل بنحو أکمل فلایحتسب ما به الاشتراک مرتین فصحّ أن یقال باحتسابهما و اختیارهما معاً کما دلّ علیه قوله (علیه السلام) [فی صحیحة زرارة] «و إن کان قد صلّی کان له صلاة أُخری» و یصحّ أن یقال باختیار [الصلاة] المعادة و جعلها مدار القرب لوجود ما یقتضیه الأولی فیها و زیادة فتفطن».
ثمّ إنّه فی هامش التعلیقة أشار((1)) إلی الاحتمالات المذکورة حول صحیحة هشام بن سالم فقال: «مع تطرّق الاحتمال لایجوز الاستدلال بهذه الروایة و غیرها علی جواز تبدیل الامتثال بالامتثال.»
((2))
إنّ بعض الأساطین (حفظه الله) أشار إلی البحث السندی المذکور حول روایة أبی بصیر من حیث اشتماله علی سهل بن زیاد.
و التحقیق: توثیقه من جهات و قد اختار توثیقه جمع من الأعلام منهم المحدث النوری (قدس سره) ((3)) و الأستاذ المحقق الرجالی السید الزنجانی.
ص: 53
ص: 54
الثالثة: إکثار الکلینی (قدس سره) الروایة عنه((1)) (أکثر من 2300 روایة).
ص: 56
الرابعة: توثیق الشیخ الطوسی (قدس سره) له فی رجاله((1)).
الخامسة((2)): إنّ بعض الأعلام قالوا بوثاقته مثل الشهید الثانی و المحقّق الثانی و صاحب الوسائل و الوحید البهبهانی و صاحب الجواهر و الشیخ الأنصاری (قدس سره).
ص: 57
بن محمد بن عیسی شهد علیه بالغلو و الکذب((1)).»
الثالثة: تضعیف الشیخ الطوسی (قدس سره) له فی الفهرست((2)) و قال فی الاستبصار((3)):
ص: 60
ضعیف عند نقّاد الخبر((1)).
ص: 61
و بعض الأساطین (حفظه الله) یقول((1)) بالتوقف و الاحتیاط الواجب فی روایات سهل مع عدم جواز الرجوع فی هذا الاحتیاط الواجب إلی غیره، لأنّه فتوی بالاحتیاط لا أنّه احتیاط فی الفتوی.
إنّ هنا أنظار بین الأعلام، و قد أشرنا إلیه فی المباحث الرجالیة و ملخّص الکلام هو أنّ بعض الأعلام مثل المحقّق الخوئی و الأستاذ آیة الله المیرزا جواد التبریزی((2)) (قدس سرهما) ذهبا إلی عدم وثاقته.
و فی قبالهم بعض الأعلام قالوا بوثاقته لوجوه، منها کثرة نقل الأجلاء عنه و منها کثرة روایاته، و منها اعتماد الشیخ الکلینی (قدس سره) علیه. و هذا القول مختار المحدث النوری (قدس سره) و الأستاذ المحقق الرجالی السید الزنجانی.
و المعتمد هو القول الأخیر، لأنّ تضعیف القدماء إیاه معلّل بالغلوّ و تضعیف القدماء المستند إلی الغلوّ لا اعتبار به لما هو محرّر فی محلّه و لذا لایعارض توثیقه.
فالحقّ عندنا هو توثیقه.
ص: 62
ما أفاده المحقّق الإصفهانی((1)) و المحقّق الخوئی((2)) (قدس سرهما) و بعض الأساطین (حفظه الله) .
أمّا الامتثال بعد الامتثال فباطل من جهة أنّ المأتی به من أفراد الطبیعة المأموربها و به یتحقّق الامتثال و یسقط الأمر (کما مضی الاستدلال علیه) و إذا سقط الأمر فلا معنی للامتثال حیث إنّ صدق عنوان الامتثال متقوّم بوجود الأمر((3)).
ص: 63
و أمّا تبدیل الامتثال بالامتثال الآخر فباطل أیضاً.
أوّلاً: لعدم صدق عنوان الامتثال بعد سقوط الأمر.
و ثانیاً: تبدیل الامتثال بالامتثال الآخر انقلاب للموجود و انقلاب الموجود محال((1)).
قیل بإمکان تبدیل الامتثال بإتیان مصداق آخر من الطبیعة المأموربها بما أنّه فرد من الطبیعة المذکورة لا بما أنّه امتثال.
و فیه أنّ إشکال الانقلاب باق بحاله و إن لم یرد علی هذا البیان الإشکال الأوّل (أی عدم صدق الامتثال بعد سقوط الأمر)((2)).
و الحاصل أن الحق النظریةُ الثانیة و عدمُ جواز الامتثالِ بعد الامتثال و تبدیلِ الامتثال و عدمُ دلالة الروایات علیه.
و لهذا البحث ثمرة فی مسائل من الفقه: ((3))
ص: 64
ص: 65
ص: 66
هل الإتیان بالمأمور به بالأمر الاضطراری
یجزی عن الأمر الواقعی؟
ص: 67
ص: 68
((1))
إنّ هنا أربع صور فی مقام الثبوت، لابدّ من بیانها و بیان حکمها من حیث الإجزاء عن الأمر الواقعی و جواز البدار إلی امتثال الأمر الاضطراری.
الصورة الإجمالیة من کلام صاحب الکفایة((2)) (قدس سره):
التکلیف الاضطراری إمّا واف بتمام مصلحة الواقع (الإجزاء و جواز البدار فی بعض صوره).
و إمّا غیر واف بتمام مصلحة الواقع و هو علی قسمین:
القسم الأوّل: الباقی غیر ممکن الاستیفاء (الإجزاء و عدم جواز البدار).
القسم الثانی: الباقی ممکن الاستیفاء و هو علی وجهین:
ص: 69
الوجه الاوّل: واجب التدارک (عدم الإجزاء و التخییر).
الوجه الثانی: مستحب التدارک (الإجزاء و جواز البدار).((1))
((2)):
و هی أن یکون الأمر الاضطراری وافیاً بتمام المصلحة فحینئذ لایبقی مجال للتدارک لا قضاءً ولا إعادةً، فالأمر الاضطراری یجزی عن الواقع بلا إشکال.
أمّا جواز البدار فهنا احتمالات ثلاثة:
الاحتمال الأوّل: أن یکون العمل بمجرد الاضطرار مطلقاً وافیاً بتمام المصلحة (أی الموضوع مجرد الاضطرار) فخینئذ یجوز البدار مطلقاً.
ص: 70
الاحتمال الثانی: أن یکون العمل بشرط الانتظار وافیاً بتمام المصلحة(أی الموضوع الاضطرار فی جمیع الوقت) فحینئذ لایجوز البدار.
الاحتمال الثالث: أن یکون العمل بشرط الیأس عن طروّ الاختیار وافیاً بتمام المصلحة فحینئذ یجوز البدار بحصول الیأس.((1))
((1)):
و هی أن لایکون الأمر الاضطراری وافیاً مع إمکان تدارک الباقی و وجوب تدارکه فحینئذ لایجزی بل لابدّ من إیجاب الإعادة أو القضاء.
و هنا یتخیّر بین أمرین:
الأوّل: البدار إلی العمل الاضطراری ثم إتیان العمل الاختیاری بعد رفع الاضطرار.
الثانی: الانتظار إلی رفع الاضطرار و الإتیان بالعمل الاختیاری بعد رفع الاضطرار.((2))
ص: 72
((1))
«أما الإجزاء من حیث عدم إمکان استیفاء بقیة المصلحة فهو أجنبی عن مورد البحث فإنّه لایعقل الأمر بما لایبقی معه مجال لاستیفاء الباقی لأنّه نقض للغرض من المولی الآمر فلا أمر حتّی یتکلّم فی إجزائه، و منه تعرف أنّ وجود الأمر الاضطراری فی الوقت لایجامع عدم جواز البدار بتاتاً بل یلازم جوازه».
إنّ فی بعض الموارد نری فوات المصالح الملزمة من دون استدراک کما إذا نام عن الصلاة فإنّ المصلحة الملزمة فی الصلاة متدارکة بالقضاء و لکن المصلحة الملزمة الموجودة فی الوقت لایمکن تدارکها.
ص: 74
((1))
«إنّ ما أفاده [المحقّق الخراسانی (قدس سره) ] من التخییر فی هذه الصورة غیر معقول و ذلک لأنّه من التخییر بین الأقلّ و الأکثر الاستقلالیین، و قد حققنا فی محلّه أنّ التخییر بینهما مستحیل إلّا إذا رجع إلی التخییر بین المتباینین.»
توضیحه: إنّه بعد فرض أنّ الشارع لم یرفع الید عن الواقع و أوجب علی المکلّف الإتیان به علی کلّ من تقدیری الإتیان بالعمل الاضطراری الناقص فی أوّل الوقت و عدم الإتیان به، فعندئذ بطبیعة الحال لا معنی لإیجابه الفرد الناقص حیث إنّه لایترتب علی وجوبه أثر، بل لازم ذلک وجوبه علی تقدیر المبادرة و عدم وجوبه علی تقدیر عدم المبادرة، فالتخییر المذکور غیر معقول.
فالحقّ هو أنّ المکلّف إذا کان قادراً علی الإتیان بالصلاة مع الطهارة المائیة مثلاً فی الوقت لم تصل النوبة إلی الصلاة مع الطهارة الترابیة لفرض أنّ الأمر الاضطراری فی طول الأمر الاختیاری و مع تمکّن المکلّف من امتثال الأمر الاختیاری لا موضوع للأمر الاضطراری و لازم ذلک عدم جواز البدار هنا واقعاً.
أولاً: هذا الإشکال یجدی علی مبنی المحقّق الخوئی (قدس سره) فی الأقلّ و الأکثر الاستقلالیین أمّا صاحب الکفایة (قدس سره) فهو قائل بالتخییر فی هذه المسألة فالاختلاف مبنائی((2)).
ص: 75
ثانیاً: إنّ المحقّق الخوئی (قدس سره) یقول باستحالة التخییر بین الأقلّ و الأکثر الاستقلالیین إلّا إذا رجع إلی التخییر بین المتباینیین و نحن نقول: هنا یرجع التخییر بینهما إلی التخییر بین المتباینین، لأنّ الأقلّ هو العمل الاختیاری فی آخر الوقت بشرط لا عن العمل الاضطراری فی أوّل الوقت و الأکثر هو العمل الاضطراری فی أوّل الوقت و العمل الاختیاری فی آخره بشرط شیء بالنسبة إلی العمل الاضطراری.
و الفرق بین العمل الاختیاری فی آخر الوقت إذا کان بشرط لا عن الاضطراری فی أوّل الوقت مع العمل الاختیاری فی آخر الوقت إذا کان بشرط شیء بالنسبة إلی العمل الاضطراری فی أوّل الوقت هو أنّ العمل الاختیاری بشرط لا عن الاضطراری واجد لتمام مصلحة الواقع و العمل الاختیاری بشرط شیء بالنسبة إلی الاضطراری واجد لبعض مصلحة الواقع (و أمّا بعضها الآخر فهو حاصل فی ضمن العمل الاضطراری).((1))
ص: 76
((1))
فإنّ الاحتمالات الثلاثة المذکورة فی الصورة الأُولی تطرّقُ فی هذه الصورة أیضاً فیقال: إنّ المصلحة الحاصلة غیر الوافیة بمصلحة الواقع
إمّا تترتب علی العمل بمجرد الاضطرار مطلقاً
و إمّا تترتب علی العمل بعد تحقّق الاضطرار فی جمیع الوقت بحیث لابدّ من الإنتظار إلی آخر الوقت حتّی تترتب المصلحة
و إمّا تترتب علی العمل بمجرد حصول الیأس عن ارتفاع الاضطرار و بعبارة أخری بمجرد حصول الاطمینان ببقاء الاضطرار.
ص: 77
و علی الاحتمال الأوّل لابدّ من ملاحظة المصلحة الباقیة و حینئذ:
إن حصل العلم أو العلمی ببقاء الاضطرار إلی آخر الوقت (و إن شئت فقل: إن حصل الیأس عن ارتفاع الاضطرار المساوق للاطمینان ببقاء الاضطرار) فیجوز البدار مطلقاً.
و إن لم یحصل ذلک فلایجوز البدار إلی العمل الاضطراری لئلّا تفوت تلک المصلحة الباقیة.
و علی الاحتمال الثانی لاتصل النوبة إلی ملاحظة المصلحة الباقیة بل تحقّق المصلحة الحاصلة مشروط بتحقّق الاضطرار فی جمیع الوقت و إلی آخره، فإذا امتدّ الاضطرار إلی آخر الوقت یوجد فی العمل الاضطراری المصلحة الحاصلة غیر الوافیة بمصلحة الواقع فعلی هذا لایجوز البدار.
و علی الاحتمال الثالث: إنّ المصلحة الحاصلة فی العمل الاضطراری تتحقّق عند حصول الیأس عن ارتفاع الاضطرار الملازم لحصول العلم أو العلمی ببقاء الاضطرار فلامانع للبدار من جهة المصلحة الحاصلة بعد حصول الیأس عن الاضطرار و أمّا المصلحة الباقیة التی تفوت بمجرد الإتیان بالعمل الاضطراری فهی تقتضی بدواً عدم البدار لاحتمال ارتفاع الاضطرار و تحصیل تمام مصلحة الواقع إلّا أنّ العلم أو العلمی ببقاء الاضطرار الملازم للیأس عن ارتفاع الاضطرار حجّة شرعاً فیوجب عدم الاعتناء باحتمال ارتفاع الاضطرار فحینئذ یجوز البدار إلی العمل الاضطراری.
فإنّ الإحتمالات المذکورة تطرّقُ هنا أیضاً و بناءً علی الاحتمال الأوّل یجوز
ص: 78
البدار ثم الإتیان بالعمل الاختیاری و علی الاحتمال الثالث أیضاً یجوز البدار من حین حصول الیأس ثم الإتیان بالعمل الاختیاری و لکن علی الاحتمال الثانی لایجوز البدار لأنّ حصول المصلحة فی العمل الاضطراری مشروط بالانتظار حتی یتحقّق الاضطرار فی آخر الوقت.
((1))
«تحقیق الحال فیه [أی فیما لم یکن وافیاً بتمام المصلحة و قد أمکن استیفاؤه هو]أنّ بدلیة شیء عن شیء و قیامه مقامه و لو بنحو الترتیب لایعقل إلّا مع جهة جامعة وافیة بسنخ غرض واحد.
[و البدل علی نحوین: البدل العرضی (أی مایکون فی عرض المبدل) و البدل الطولی (أی مایکون فی طول المبدل)]
فإن کان البدل فی عرض المبدل لزم مساواته له [أی للمبدل] فی تمام المصلحة إمّا ذاتا أو بالعرض و الوجه واضح.
و إن کان البدل فی طول المبدل کما فی مفروض البحث فاللازم مجرد مسانخة الغرضین [أی غرض البدل و غرض المبدل] ...
و حدیث إمکان استیفاء بقیة مصلحة المبدل إنّما یصح إذا کان المبدل مشتملاً علی مصلحتین:
إحداهما تقوم بالجامع بین المبدل و البدل و الأُخری بخصوص المبدل، بحیث تکون کلتا المصلحتین ملزمة قابلة لانقداح البعث الملزم فی نفس المولی.
ص: 79
وأمّا إذا کان المصلحة فی البدل و المبدل واحدة و کان التفاوت بالضعف و الشدّة، فلاتکاد تکون بقیة المصلحة ملاکاً للبعث إلی المبدل بتمامه إذ المفروض حصول طبیعة المصلحة القائمة بالجامع الموجود بوجود البدل، فتسقط عن الاقتضاء [نعم المصلحة الموجودة فی المبدل أشدّ] و [لکن] الشدّة بما هی [شدّة] لایعقل أن تکون ملاکاً للأمر بالمبدل بکماله» إلخ.
فعلی هذا إمکان استیفاء بقیة مصلحة المبدل لایصح فی هذا التصویر.
فإمکان استیفاء المصلحة فی الصورة الثالثة و الرابعة لایتصور إلّا مع الالتزام بقیام مصلحتین إحداهما بالجامع فقط و أُخری بالجامع المتخصّص بالخصوصیة.((1))
هذا تمام الکلام بحسب مقام الثبوت.
و الحاصل أن الاحتمالات الثلاثة التی ذکرها صاحب الکفایة للصورة الأولی جاریة فی الصورة الثانیة و الثالثة أیضا و لا بأس بنظریة المحقق الخراسانی فی مقام الثبوت بعد ملاحظة ما ذکرنا و ملاحظة کلام المحقق الإصفهانی بالنسبة إلی الصورة الثالثة و الرابعة.
ص: 80
ص: 82
قوله تعالی: (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَیمَّمُوا صَعیداً طَیباً)((1)) و قوله (صلی الله علیه و آله): التراب أحد الطهورین و یکفیک عشر سنین هو الإجزاء و عدم وجوب الإعادة أو القضاء و لابدّ فی إیجاب الإتیان به ثانیاً من دلالة دلیل بالخصوص».((2))
ص: 83
((1))
لانحتاج إلی إطلاق أدلّة الأوامر الاضطراریة بل «مجرد الأمر بالبدل یفید إسقاط القضاء و [الأمر] بضمیمة جواز البدار یفید إسقاط الإعادة أیضاً.»
إنّ البدل إن کان مشتملاً علی مصلحة المبدل بصرف تحقّق الاضطرار مطلقاً (فیکون البدل ذا مصلحة فی تمام الوقت) فلا مجال للتدارک إعادةً و قضاءً فالحق هو الإجزاء مطلقاً.
و إن کان مشتملاً علی مصلحة المبدل فی آخر الوقت أو مع الیأس فلا مجال للتدارک قضاءً فلابدّ من القول بالإجزاء قضاءً لا إعادةً.
و إن لم یکن مشتملاً علی مصلحة المبدل فلا وجه للأمر به.
قد عرفت فی البحث عن الصور الثبوتیة «إمکان اشتمال البدل علی مقدار من
ص: 84
المصلحة الملزمة للمبدل فیجب عقلاً الأمر به [أی بالمبدل] و إمکان استیفاء البقیة [أی بقیة المصلحة] إعادةً و قضاءً فیجب الأمر بهما [أی بالبدل و المبدل منه] غایة الأمر أنّ الأمر بالبدل و بالقضاء تعیینیان و [الأمر] به [أی بالبدل] و بالإعادة تخییریان.» ((1))
((2))
«إنّ المطلق إن کان مثل قوله (صلی الله علیه و آله): "التراب[التیمم] أحد الطهورین" فإطلاقه بلحاظ جمیع الآثار نافع جداً.
و إن کان مثل قوله تعالی: (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَیمَّمُوا صَعیداً طَیباً)((3)) الآیة ففیه تفصیل:
فإن کان له إطلاق من جهتین: ارتفاع العذر فی الوقت و عدم تقیید الأمر بالتخییر [قد أفاد فی المتن لزوم الإطلاق من جهتین و لکن أعرض عنه فی هامش التعلیقة فی مثل الصلاة عن الطهارة المائیة و الترابیة و قال: له إطلاق من جهة ارتفاع العذر فی الوقت] کما هو ظاهر الأمر عند إطلاقه کان [الإطلاق] لا محالة دلیلا علی عدم وجوب الإعادة و اشتمال البدل علی ما لایبقی معه مجال للتدارک فیتبعه عدم وجوب القضاء حیث لا مجال للتدارک [بطریق أولی لأنّه إذا قلنا بعدم إمکان استیفاء المصلحة فی الوقت أداءً فلابدّ أن نقول أیضاً بعدم إمکان استیفائها خارج الوقت قضاءً]...
ص: 85
و إن لم یکن له إطلاق و لو من إحدی الجهتین فلا مجال للإجزاء من حیث الإعادة و القضاء لما عرفت من أنّ تجویز البدار لاینافی الأمر بما هو تکلیف المختار فی الوقت علی نحو التخییر [أی بالبدل و الإعادة تخییراً] کما أنّ ظهور الأمر فی التعیین [أو قل:الأمر بالبدل تعییناً] لاینافی عدم تجویز البدار» فکلّ من تجویز البدار و عدمه یجتمع مع القول بالإجزاء و عدمه.
((1))
«إنّ المولی إذا کان فی مقام بیان وظیفة الوقت و مع ذلک اقتصر علی إیجاب البدل و لم یضف إلیه إیجاب المبدل بعد ارتفاع العذر کان کاشفاً عن عدم الضمیمة لوظیفة الوقت، فمدار الإجزاء و عدمه فی مقام الإثبات علی هذا الإطلاق و عدمه، و إذا انتفی وجوب الإعادة بالإطلاق انتفی وجوب القضاء.
نعم مع استیعاب العذر فی الوقت و عدم المجال للإعادة لا دافع لوجوب القضاء إلّا الإطلاق المقامی بأن یکون المولی فی مقام بیان تمام ما هی وظیفة المکلّف لا فی مقام بیان وظیفة الوقت بمجردها فتدبر جیدا.»
((2)):
«لا إطلاق لأدلّة مشروعیة التیمم بالقیاس إلی من یتمکن من الإتیان بالعمل الاختیاری فی الوقت بداهة أنّ وجوب التیمم وظیفة المضطر ولایکون مثله مضطراً لفرض تمکّنه من الصلاة مع الطهارة المائیة فی الوقت و مجرد عدم تمکّنه
ص: 86
منها فی جزء منه لایوجب کونه مکلّفاً بالتکلیف الاضطراری ما لم یستوعب تمام الوقت و قد ذکرنا فی بحث الفقه أنّ موضوع وجوب التیمم هو عدم التمکّن من استعمال الماء عقلاً أو شرعاً فی مجموع الوقت بمقتضی الآیة الکریمة و ماشاکلها فلو افترضنا عدم استیعاب العذر لمجموع الوقت و ارتفاعه فی الأثناء لم یکن المکلّف مأموراً بالتیمم لعدم تحقّق موضوعه...
و من ذلک تبین أنّه لایجوز البدار هنا واقعاً بداهة أنّ جوازه کذلک ملازم للإجزاء.»
أمّا إذا ارتفع العذر بعد خروج الوقت ف«لا مانع من التمسّک بإطلاق أدلّة الأمر الاضطراری لإثبات عدم وجوب القضاء فی خارج الوقت و ذلک لأنّ المولی إذا کان فی مقام بیان تمام الوظیفة الفعلیة للمکلّف بهذه الأدلّة و مع ذلک سکت عن بیان وجوب القضاء علیه فی خارج الوقت فبطبیعة الحال کان مقتضی إطلاقها المقامی عدم وجوبه و إلّا کان علیه البیان.»((1))
أمّا المحقّق النائینی (قدس سره) فقد قال بالإجزاء((2)) و جواز البدار کما أنّ المحقّق
ص: 87
بل لابدّ من ملاحظة أدلّة الأوامر الاضطراریة فی کلّ مورد و نذکر موردا بعنوان المثال:
قال بعض الأساطین (حفظه الله) ((1)) فی مورد الصلاة مع الطهارة الترابیة: إنّ المستفاد من صحیحة زرارة ((2)) «إِذَا لَمْ یجِدِ الْمُسَافِرُ الْمَاءَ فَلْیطْلُبْ مَا دَامَ فِی الْوَقْتِ فَإِذَا خَافَ أَنْ یفُوتَهُ الْوَقْتُ فَلْیتَیمَّمْ وَ لْیصَلِّ» هو أنّه مادام الوقت باقیاً لاتصل النوبة إلی التیمم فموضوع البدار منتف فی المقام و علی هذا فمعنی الآیة (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَیمَّمُوا صَعیداً طَیباً)((3)) هو أنّه إن لم تجدوا ماءً فی تمام الوقت فتیمّموا((4)).
ص: 89
ص: 90
إنّ المحقّق الخوئی (قدس سره) أشار إلی الصور الإثباتیة فی المسألة فقال((1)):
الصورة الأُولی((2)): إطلاق دلیل الأمر الاضطراری و إطلاق دلیل الأمر الواقعی الأوّلی فإنّ دلیل الأمر الاضطراری مقدّم علی دلیل الأمر الواقعی الأوّلی بالحکومة کما یتقدّم دلیل لا ضرر علی الأوامر الواقعیة الأوّلیة و القاعدة هی الإجزاء و عدم الإعادة و القضاء.
الصورة الثانیة:((3)) إطلاق دلیل الأمر الواقعی الأوّلی و عدم إطلاق الأمر الاضطراری و القاعدة هنا عدم الإجزاء و وجوب الإعادة و القضاء.
ص: 91
الصورة الثالثة:((1)) عکس الصورة الثانیة و القاعدة هی الإجزاء و عدم الإعادة و القضاء.
الصورة الرابعة:((2)) عدم الإطلاق فی کلا الدلیلین الاضطراری و الواقعی الأوّلی و المرجع هنا الأُصول العملیة.
ص: 92
فیه مطلبان:
((1))
اختار السید الخوئی (قدس سره) ((2)) انصراف أدلّة الأوامر الاضطراریة عما إذا کان الوقوع فی الاضطرار باختیار المکلّف و الوجه فی الانصراف هو الارتکاز و الظهور العرفی.
إذا وقع فی الاضطرار بسوء اختیاره مثلاً فإمّا لایکون مکلّفاً بالصلاة أو یکون مکلّفاً و التکلیف بالصلاة إمّا بالأمر بالصلاة بدون الطهارة فهو باطل أو
ص: 93
یکون مکلّفاً بها مع الطهارة المائیة فهو لایمکن امتثاله بعد تحقّق الاضطرار أو یکون مکلّفاً بها مع الطهارة الترابیة فهو المطلوب.
((1)):
إنّه لایجوز للمکلّف إیقاع نفسه فی الاضطرار اختیاراً و «لو فعل ذلک استحق العقوبة علی ترک الواجب الاختیاری التام أو علی تفویت الملاک الملزم فی محله و من الواضح أن العقل لایفرق فی الحکم باستحقاق العقاب بین تفویت الواجب الفعلی و تفویت الملاک الملزم فی ظرفه إذا کان کذلک فکما یحکم بقبح الأوّل و استحقاق العقوبة علیه فکذلک فی الثانی.»
إنّ إیقاع المکلّف نفسه فی الاضطرار قد یکون بعد فعلیة التکلیف الاختیاری فیوجب استحقاق العقوبة و قد یکون قبل فعلیته فلا إشکال فیه کما أنّ ذلک قد یوجب تفویت الملاک الملزم فهو مستحق للعقاب عقلاً وقد لایوجب ذلک و هذا فیما إذا اشتمل البدل لتمام المصلحة المبدل.
ثمّ إنّ نتیجة انصراف أدلّة الأوامر الاضطراریة هنا هو عدم تحقّق الأمر فی تلک الموارد فلا مجال للبحث عن أنّ امتثاله مجزٍ عن الواقع أم لا.
إلّا أنّه فی باب الصلاة نعلم یقیناً بأنّ الصلاة لاتترک بحال و لکنّ الصلاة
ص: 94
المذکورة لاتجزی عن الواقع لعدم شمول الأوامر الاضطراریة بالنسبة إلیها.
و استثنی من ذلک الاضطرار الناشئ من التقیة، فإنّ فی موارد التقیة یجوز للمکلّف إیقاع نفسه فی الاضطرار و ذلک لإطلاق أدلّة التقیة فیجوز له البدار إلیها من دون إعادة و قضاء.
ص: 95
فیه ثلاثة أقوال:
قال بعضهم مثل صاحب الکفایة و المحقّق النائینی و المحقّق الخوئی (قدس سره) و بعض الأساطین (حفظه الله) بالبراءة.
و قال المحقّق العراقی (قدس سره)
بالاشتغال، و قال المحقّق الإصفهانی (قدس سره) ((1)) بأنّ القضاء إن کان بالأمر الجدید فتجری البراءة و إن کان بالأمر الأول فیجری الاشتغال و لکنه اختار الشقّ الأوّل فقال بالبراءة أیضاً.
ص: 96
و قال المحقّق الإیروانی (قدس سره) بجریان الاستصحاب.
أمّا المحقّق الخراسانی (قدس سره) فقال بالبراءة لأنّ الشک فی وجوب الإعادة یرجع إلی الشک فی أصل التکلیف و هکذا الشک فی وجوب القضاء((1)).
و أمّا المحقّق الخوئی (قدس سره) فقال بالبراءة من جهة أُخری، حیث إنّ المقام عنده (و عند المحقّق العراقی (قدس سره) من صغریات دوران الأمر بین التعیین و التخییر و مختار المحقّق الخوئی (قدس سره) فی هذه الموارد هو البراءة((2)).
أمّا المحقّق العراقی (قدس سره) فذهب إلی أنّ هذه المسألة من صغریات دوران الأمر بین التعیین و التخییر و اختار فیه الاشتغال.
((3)):
إنّ الشک فی وجوب الإعادة نشأ من الشک فی القدرة علی استیفاء المصلحة
ص: 97
الباقیة من العمل الاختیاری فإنّ الغرض أوّلاً تعلّق بالأمر الاختیاری و نحتمل عدم استیفاء المصلحة و عدم حصول الغرض التامّ من الإتیان بالأمر الاضطراری و معنی ذلک احتمال القدرة علی تحصیل الغرض و استیفاء المصلحة الباقیة و هذا مورد الاشتغال العقلی. ((1))
((2)):
إنّ تعلّق الغرض بالأمر الاختیاری فی موارد الاضطرار هو أوّل الکلام، بل الاضطرار أوجب تعلّق الغرض بالأمر الاضطراری أمّا بعد امتثال الأمر الاضطراری فنشک فی تعلّق الغرض بالأمر الاختیاری لاحتمال عدم استیفاء المصلحة و هذا المورد مجری البراءة.
ص: 98
((1)):
إنّ المسألة من صغریات دوران الأمر بین التعیین و التخییر فإنّا نعلم بأنّ الجامع بین الفعل الاضطراری و الاختیاری واجد لمقدار من المصلحة و لکن نشک فی أنّ تمام المصلحة قائم بالجامع بین الفعل الاضطراری و الاختیاری أو أنّ تمام المصلحة قائم بخصوص الفعل الاختیاری.
فهذا المورد من صغریات دوران الأمر بین التعیین (أی خصوص الصلاة الاختیاریة) و التخییر (أی التخییر بین الصلاة الاختیاریة و الاضطراریة من جهة تعلّق التکلیف بالجامع بینهما)
و القاعدة فی هذا المورد هو الاشتغال.
ص: 99
قد استشکله المحقّق الخوئی (قدس سره) ((1)) و بعض الأساطین (حفظه الله) ((2)) بأنّ المختار فی هذه الموارد البراءة لا الاشتغال و استدلّ علی ذلک المحقّق الخوئی (قدس سره) بأنّ «تعلّق التکلیف بالجامع معلوم و تعلّقه بالخصوصیة الزائدة مشکوک فیه و مقتضی الأصل البراءة عنه و هذا کما فی دوران الأمر بین الأقلّ و الأکثر الارتباطیین و بعد ذلک نقول إن دوران الأمر فی المقام و إن کان بین التعیین و التخییر إلا أنه حیث کان فی مقام الجعل لا فی مقام الفعلیة و الامتثال فبطبیعة الحال یدخل فی کبری مسألة الأقلّ و الأکثر الارتباطیین لفرض أنّ تعلّق الأمر بالجامع بین الفعل الاختیاری و الاضطراری معلوم، و تعلّقه بخصوص الفعل الاختیاری مشکوک فیه للشک فی أنّ فیه ملاکاً ملزماً یخصّه فمقتضی الأصل فیه البراءة.»
ص: 100
قال بعض الأساطین (حفظه الله) بأنّ المسألة لیست من صغریات دوران الأمر بین التعیین و التخییر لأنّ وجوب العمل الاضطراری فی أوّل الوقت معلوم و نشک فی وجوب العمل الاختیاری بعد ارتفاع الاضطرار فإنّ الشک فی وجوب العمل الاختیاری بعد رفع الاضطرار شک فی أصل التکلیف((1)).
أمّا المحقّق الإیروانی (قدس سره) فقال بجریان الاستصحاب و ملخّص ذلک هو أنّ الأمر بالصلاة مع الطهارة المائیة موجود من أوّل الأمر و نشک فی سقوطها بالصلاة الاضطراریة بالطهارة الترابیة فنستصحب بقاء وجوبها((2)).
ص: 101
إنّ الشخص المضطر مکلّف بالعمل الاضطراری أمّا تکلیفه بالصلاة مع الطهارة المائیة من أوّل الوقت فهو مشکوک من أوّل الأمر فلا یقین سابق حتّی نستصحبه.
ص: 102
ص: 103
ص: 104
هل یجزی الإتیان بالمأمور به بالأمر الظاهری
عن الأمر الواقعی؟
ص: 105
ص: 106
هل یجزی الإتیان بالمأموربه بالأمر الظاهری عن المأموربه بالأمر الواقعی فیما إذا انکشف الخلاف بعلم وجدانی أو تعبّدی؟ قد اختلف الأعلام إلی أقوال((1)):
ص: 107
الأول: الإجزاء مطلقاً((1)). (نسب إلی المحقق الإصفهانی و البروجردی (قدس سرهما) .)
الثانی: عدم الإجزاء مطلقاً((2)).
ص: 108
الثالث: التفصیل بین الأمارات و الأصول الجاریة لإثبات أصل التکلیف فلایجزی و بین الأصول الجاریة لإثبات موضوع التکلیف فیجزی (مختار صاحب الکفایة (قدس سره).
الرابع: التفصیل بین القول بالسببیة فیجزی و القول بالطریقیة فلایجزی (مختار المحقّق الخوئی (قدس سره) ((1))).
الخامس: التفصیل بین الطریقیة و المصلحة السلوکیة فلایجزی و سائر أقسام السببیة فیجزی((2)).
السادس: التفصیل بین ما إذا انکشف الخلاف بعلم وجدانی فلایجزی و بعلم تعبّدی فیجزی.
ص: 109
فنقول: إنّ الأمر الظاهری علی قسمین:
الأوّل: مفاد الأُصول العملیة و هو الحکم المجعول فی ظرف الشک و الجهل بالواقع بما هو جهل من دون النظر إلی الواقع.
الثانی: مفاد الأمارت و هو الحکم المجعول فی ظرف الشک و الجهل بما أنّه ناظر إلی الواقع و کاشف عنه.
ثمّ إنّ الأمر الظاهری بقسمیه قد یجری لإثبات أصل التکلیف و قد یجری لتنقیح موضوع التکلیف و تحقیق متعلّقه.
ففیه نظریتان:
لا وجه لإجزائها مطلقاً سواءً قلنا بالطریقیة أو بالسببیة کما إذا قام الطریق أو الأصل علی وجوب صلاة الجمعة فی عصر الغیبة ثم انکشف وجوب صلاة الظهر و وجه عدم الإجزاء هو أنّ التکلیف الواقعی بقی علی ما هو علیه من المصلحة الواقعیة((1)) و المأموربه بالأمر الظاهری علی القول بالطریقیة لا مصلحة
ص: 110
فیه حتّی یتدارک الواقع و علی القول بالسببیة و إن کان ذا مصلحة ملزمة إلّا أنّها أجنبیة عن مصلحة الواقع و لا صلة له بها لأنّهما سنخان مختلفان لیس أحدهما بدلاً عن الآخر بل کلّ منهما أجنبی عن الآخر((1)).
و یجیء((2)) تفصیل المحقق الإصفهانی (قدس سره) و نختاره بالنسبة إلی الأمر الظاهری الذی جاء لبیان أصل التکلیف.
ص: 111
فالبحث عنه یقع فی مقامین:
المقام الأوّل: الأُصول العملیة؛ المقام الثانی: الأمارات.
ص: 112
«إنّ ما کان منه [أی من الأمر الظاهری] یجری فی تنقیح ما هو موضوع التکلیف و تحقیق متعلقه و کان بلسان تحقّق ما هو شرطه [أی المأموربه] أو شطره کقاعدة الطهارة [کلّ شیء طاهر] أو [قاعدة] الحلّیة [کلّ شیء لک حلال حتّی تعلم أنّه حرام] بل و استصحابهما [استصحاب الحلّیة أو الطهارة] فی وجه قوی و نحوها [مثل قاعدة التجاوز و الفراغ] بالنسبة إلی کل ما اشترط بالطهارة أو الحلیة یجزی.
فإنّ دلیله [أی الأصل العملی] یکون حاکما علی دلیل الاشتراط و مبیناً لدائرة الشرط [و موجباً لتوسعتها لأنّ ما دلّ علی شرطیة الطهارة أو الحلّیة للصلاة مثلاً ظاهر فی الطهارة أو الحلّیة الواقعیة و الدلیل الحاکم یوجب توسعتها] و أنه [أی الشرط] أعمّ من الطهارة الواقعیة و الظاهریة.
فانکشاف الخلاف فیه [بالنسبة إلی الطهارة الواقعیة] لایکون موجبا لانکشاف فقدان العمل لشرطه بل بالنسبة إلیه یکون من قبیل ارتفاعه من حین ارتفاع الجهل».
ص: 113
بل لایعقل تحقّق انکشاف الخلاف فی الشرط لأنّ الشرط أعمّ من الواقعیة و الظاهریة، فالتعبیر بانکشاف الخلاف فی هذه الموارد بلحاظ الطهارة الواقعیة أو الحلّیة الواقعیة أمّا شرط الواجب فهو محقّق علی أی حال من دون انکشاف خلاف.
فالحقّ فی المقام الأول هو القول بالإجزاء مطلقاً.((1))
ص: 114
((1)):
«إنّه [أی صاحب الکفایة (قدس سره) ] فی تعلیقته علی کلام الشیخ فی باب التعادل و التراجیح حیث ذکر الشیخ (قدس سره) کون الحکومة بنحو الشرح و التفسیر مثل أی و أعنی و نحو ذلک قال: الحکومة تتحقّق بکون الدلیل الحاکم معمِّماً لموضوع الدلیل المحکوم أو مضیِّقاً لدائرته و قد صرّح هناک [أی فی بحث التعادل و التراجیح فی التعلیقة] بتقدّم أدلّة الأمارات بالحکومة علی أدلة الأُصول [العملیة] من جهة رفعها لموضوعها [أی موضوع الأُصول] و هو الشک و الجهل [رفعاً تعبدیاً لا واقعیاً]...((2))
ص: 116
و أیضاً قال بحکومة الأمارات علیه و صرح بأن الأمارات حاکمة علی جمیع الأصول.((1))
ص: 117
و ... فی بحث التعادل و التراجیح من الکفایة فی کلام له ناظر إلی کلام الشیخ فی معنی الحکومة یصرّح بحکومة أدلّة لاضرر علی أدلّة الأحکام [الواقعیة].((1))
و کذلک فی آخر مبحث البراءة من الحاشیة حیث یورد کلام الفاضل
ص: 118
التونی (قدس سره) فهناک أیضا یصرح بأن وزان لاضرر وزان (فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِی الْحَجِّ)».((1))
ص: 119
«إنّ وجود الحکم الظاهری لابدّ و أن یکون مفروغاً عنه حین الحکم بعموم الشرط الواقعی للطهارة الواقعیة و الظاهریة أو بعمومه [أی الشرط الواقعی] للإباحة کذلک [أی الواقعیة و الظاهریة] و من الواضح أنّ المتکفّل لإثبات
ص: 120
الحکم الظاهری لیس إلّا نفس دلیل قاعدة الطهارة أو أصالة الإباحة، فکیف یمکن أن یکون هو المتکفّل لبیان کون الشرط أعمّ من الواقعیة و الظاهریة منهما.»((1))
((2))
«الحکم بکون الشرط أعمّ من الواقع و الظاهر و إن کان یستلزم کون وجود الحکم الظاهری مفروغاً عنه حین الحکم بعموم الشرط، إلّا أنّ المدعی فی المقام هو أنّ جعل الطهارة الظاهریة یستلزم ترتّب أحکام الطهارة الواقعیة التی من
ص: 121
جملتها شرطیتها للصلاة مثلاً علی الطهارة الظاهریة، فالمحکوم به إنّما هی الطهارة الظاهریة لا کون الشرط أعمّ من الواقع و الظاهر.
و أمّا عموم الشرط فهو من لوازم جعل الطهارة ظاهراً فلا محذور من هذه الجهة فی دعوی کون الشرط أعمّ من الواقع و الظاهر فتدبر جیدا.»
«إنّ الحکومة التی توسّع دائرة المحکوم و تضیّقها إنّما تصحّ إذا کانت واقعیة بأن یکون الحاکم فی مرتبة المحکوم، کقوله (علیه السلام): لاشک لکثیر الشک بالإضافة إلی أدلّة الشکوک.
و أمّا إذا کانت الحکومة ظاهریة و کان الحکم متأخراً رتبة عن المحکوم لتقوّم موضوعه بالشک فی المحکوم -کما فیما نحن فیه- فلایعقل أن یکون الحاکم موسّعاً و مضیّقاً، إذ یستحیل أن یکون موضوعه فی عرض أفراد موضوع المحکوم حتّی یوسّعه أو یضیّقه.»((1))
ص: 122
«و یترتب علی ذلک جواز ترتیب آثار الواقع ما لم ینکشف الخلاف، فإذا انکشف الخلاف ینکشف عدم وجدان العمل لشرطه و یکون مقتضی القاعدة هو عدم الإجزاء کما فی الأمارات».((1))
ص: 123
((1))
«إنّ التعمیم و التخصیص الحقیقی و إن کان مستحیلاً إلّا أنّه لایجب أن تکون الحکومة المؤثرة فی الإجزاء متکفّلة للتعمیم و التخصیص الحقیقیین، إذ لیست الحکومة بمعنی الشرح و التفسیر بل بمعنی إثبات الموضوع و نفیه تنزیلاً.
و الشرطیة الواقعیة و إن کانت للطهارة الواقعیة إلّا أنّ الشرطیة الفعلیة للطهارة العنوانیة فهو تعمیم عنوانی، حیث إنّه أُلحق بالطاهر الواقعی فی حکمه ما هو طاهر عنواناً، کما أنّه أُخرج عن النجس الواقعی فی حکمه ما هو غیر نجس عنواناً و لا محذور فی إعطاء حکم الطاهر الواقعی للطاهر عنواناً إلّا توهّم التصویب.
و سیجیء إن شاء الله تعالی أنّا لانقول بسقوط الطهارة الواقعیة عن الشرطیة حتّی فی حال الشک فیها، و إنّما نقول بأنّ الطهارة العنوانیة جعلت شرطاً بدلاً عن الطهارة الواقعیة لکونها ذات مصلحة بدلیة، فیسقط الأمر بالصلاة عن
ص: 124
طهارة واقعیة بإتیان الصلاة عن طهارة عنوانیة لحصول ملاکه، لا للکسر و الانکسار بین مقتضی الحکمین الواقعی و الظاهری لیلزم التصویب.
((1)):
إنّ ترتّب آثار الطهارة الواقعیة علی الطهارة العنوانیة لایکون إلّا فی ظرف الشک فی الطهارة الواقعیة و بعد زوال الشک لا مجال لذلک لأنّ الشک موضوع للطهارة العنوانیة و بعد ارتفاع الشک لایبقی موضوع للطهارة العنوانیة و مع انتفاء الطهارة العنوانیة لا وجه لإجزاء الأمر الظاهری عن الأمر الواقعی.
إنّ هذا البیان یجدی فی ظرف ارتفاع الشک، و الطهارة العنوانیة منتفیة بعد انتفاء الشک لا قبله، فما لم یرتفع الشک لا وجه لارتفاع الطهارة العنوانیة، ثم إنّ وجه الإجزاء عند المحقّق الإصفهانی (قدس سره) هو أنّ الطهارة العنوانیة واجدة للمصلحة البدلیة، فالصلاة مع الطهارة الظاهریة توجب حصول ملاک الأمر الواقعی فیجزی عنه.
ص: 125
إنّ تمامیة ما أفاده المحقّق الإصفهانی (قدس سره) یتوقف علی أحد أمرین: إما علی فرض وجود المصلحة البدلیة للحکم الظاهری و إمّا علی استیفائها لتمام مصلحة الأمر الواقعی أو استیفائها لبعضها و کون المصلحة الباقیة إمّا غیر قابلة للتدارک أو غیر واجبة التدارک، و أمّا إذا فرضنا أنّ المصلحة الباقیة قابلة للاستیفاء و واجبة التدارک فلا مجال حینئذ للقول بالإجزاء و لا دلیل و لا إطلاق فی مقام الإثبات حتّی یعیّن بعض هذه الصور، إلّا أن یقال بإطلاق صلّ مع الطهارة.
((1))
«إنّ الحکومة المدّعاة فی المقام لیست إلّا من باب جعل الحکم الظاهری و تنزیل المکلّف منزلة المحرز للواقع فی ترتیب آثاره و هذا مشترک فیه بین جمیع الأحکام الظاهریة سواء ثبتت بالأمارة أم بالأصل محرزاً کان أم غیر محرز، بل الأمارة أولی بذلک من الأصل، فإنّ المجعول فی الأمارات إنّما هو نفس صفة الإحراز و کون الأمارة علماً تعبّداً، و أمّا الأُصول فلیس المجعول فیها إلّا التعبّد بالجری العملی و ترتیب آثار إحراز الواقع فی ظرف الشک.»((2))
ص: 126
((1)):
«إنّ الحکومة بلحاظ لسان القاعدة فإنّ مفادها [أی الأُصول العملیة مثل الاستصحاب و قاعدة الطهارة و الحلّیة] جعل الطهارة [أو الحلّیة مثلاً] ابتداء من دون نظر إلی الواقع و فی الأمارة بالنظر إلی الواقع و البناء علی وجودها فی الواقع.»
فالمجعول فی الأُصول العملیة بنفسه حکم شرعی و هذا یوجب توسعة فی أدلّة الشروط فإنّ الصلاة کانت مشروطة بالطهارة و بعد جعل الطهارة الظاهریة یوجد مصادیق أُخری للطهارة و هذا معنی التوسعة فی أدلّة الشروط.
و لکن هذا المعنی مفقود فی الأمارات لأنّ المجعول فیها لیس إلّا جعل الطریقیة و الکاشفیة عن الواقع و الحکم بثبوت الواقع عند قیام الأمارة علیه، فإذا قامت الأمارة علی وجود الشرط واقعاً ثمّ انکشف خلافها بعد ذلک فالعمل المأتی به یکون فاقداً لشرطه واقعاً و لا مجال حینئذ للقول بالإجزاء.
الشرطیة فلابدّ و أن لایحکم بنجاسة الملاقی لما هو محکوم بالطهارة ظاهراً و لو انکشف نجاسته بعد ذلک و لا أظنّ أن یلتزم به أحد.»
((1))
«إنّه بعد البناء علی أنّ الطهارة و النجاسة من الموضوعات الواقعیة التی کشف عنها الشارع، لاتصرّف من الشارع جعلاً إلّا التکلیف و الوضع بجواز الارتکاب و بجعل الشرطیة [فی الطهارة] و بحرمة الارتکاب و جعل المانعیة [فی النجاسة]، و إلّا فلایعقل أن یتأثّر المغسول بالنجس الواقعی بأثر الطهارة اقتضاء أو إعداداً.»
توضیح ذلک: إنّ الطهارة و النجاسة من الموضوعات الواقعیة و الشارع عند الشک فی تلک الموضوعات الواقعیة یجعل أحکاماً وضعیة و تکلیفیة و بعد ارتفاع الشک ینتهی أمد تلک الأحکام بانتفاء موضوعها الذی هو الشک و بعبارة أُخری مع انکشاف الواقع لا مجال لتلک الأحکام الوضعیة و لذلک یحکم بنجاسة الملاقی لما هو محکوم بالطهارة ظاهراً.
نعم إنّ جعل الطهارة العنوانیة یوجب أثراً وضعیاً و هو التوسعة فی الشرطیة و ذلک یرجع إلی إطلاق دلیل الشرط بالنسبة إلی الطهارة الواقعیة و الطهارة العنوانیة التی هی حکم مجعول شرعی.
((2)):
«إنّ ما أفاده خاطئ نقضاً و حلاً:
ص: 128
أمّا الأول [أی نقضاً] فلأنّ الالتزام بما أفاده لایمکن فی غیر باب الصلاة من أبواب الواجبات کالعبادات و المعاملات و من هنا لو توضأ بماء قد حکم بطهارته من جهة قاعدة الطهارة أو استصحابها ثم انکشف نجاسته لم یلتزم أحد من الفقهاء و المجتهدین حتّی هو (قدس سره) بالإجزاء فیه و عدم وجوب إعادته.
و کذا لو غسل ثوبه أو بدنه فی هذا الماء ثم انکشف نجاسته لم یحکم أحد بطهارته...
و من هذا القبیل ما إذا افترضنا أنّ زیداً کان یملک داراً مثلاً ثم حصل لنا الشک فی بقاء ملکیته فأخذنا باستصحاب بقائها [أی ملکیته] ثم اشتریناها [أی الدار] منه و بعد ذلک انکشف الخلاف و بان أنّ زیداً لم یکن مالکاً لها فمقتضی ما أفاده (قدس سره) هو الحکم بصحّة هذا الشراء لفرض أنّ الاستصحاب حاکم علی الدلیل الواقعی و أفاد التوسعة فی الشرط و جعله أعمّ من الملکیة الواقعیة و الظاهریة مع أنّه لن یلتزم و لایلتزم بذلک أحد»
و أمّا حلّاً: فملخّص ما أفاده (قدس سره) هو أنّ «الأحکام الظاهریة فی الحقیقة أحکام عذریة فحسب و لیست أحکاماً حقیقیة فی قبال الأحکام الواقعیة و المکلّف مأمور بترتیب آثار الواقع علیها (أی علی الأحکام الظاهریة) مادام الجهل، و إذا ارتفع ارتفع عذره و بعده لایکون معذوراً فی ترک الواقع و ترتیب آثاره علیه من الأوّل.»((1))
و قد تحصّل من ذلک أنّه لافرق بین هذه القواعد و الأُصول و بین الأمارات فإنّها من واد واحد.
ص: 129
إنّ ما أفاده فی النقض الأوّل یتوجه إلی المحقّق الإصفهانی و أستاذه المحقّق الخراسانی (قدس سرهما) نعم إنّ ما أفاده العلامة الإصفهانی (قدس سره) وافٍ لحلّ النقض الثانی کما أنّ النقض الثالث خارج عن حریم النزاع و سیجیء البحث عن ذلک إن شاء الله تعالی.
و لکن النقض الأوّل فهو بعین ما نحن فیه لأنّ طهارة الماء شرط للوضوء کما أنّ الطهارة شرط للصلاة، فإنّ أدلّة الأُصول العملیة إن کانت حاکمة علی أدلّة اشتراط الصلاة بالطهارة لابدّ أن تکون حاکمة علی أدلّة اشتراط ماء الوضوء بالطهارة أیضاً.
و یمکن أن یقال: لابدّ من أن یلاحظ دلیل الاشتراط فإن وجدنا دلیلاً علی شرطیة الطهارة بما أنّها من الموضوعات الواقعیة فلایبقی حینئذ مجال لإطلاق دلیل الاشتراط بالنسبة إلی الطهارة الواقعیة و العنوانیة و لکن إن لم نجد دلیلاً علی شرطیة الطهارة المقیدة بکونها واقعیة فحینئذ نتمسّک بإطلاق الطهارة و الأمر فی ما نحن فیه کذلک فإنّ الطهارة فی دلیل اشتراط ماء الوضوء بالطهارة، لیست مطلقة و یستفاد ذلک من الأدلّة و القرائن.
أمّا ما أفاده فی حلّ المطلب من أنّ الأحکام الظاهریة فی الحقیقة أحکام عذریة فحسب و لیست أحکاماً حقیقیة فی قبال الأحکام الواقعیة فهو مخالف لمبناه حیث إنّه یقول بأنّ الحکم الظاهری فی باب الأُصول حکم مجعول شرعی کما هو الظاهر من خطاب «کلّ شیء طاهر» فإنّ کلمة «طاهر» فی کلام الشارع ظاهر فی أنّه اعتبار و حکم شرعی.
ص: 130
و علی فرض تسلّم ذلک إنّه جواب مبنائی و لایجدی فی حقّ من لم یلتزم بهذا المبنی (أی کونها عذریة).
فتحصّل إلی هنا: أنّ الأُصول العملیة إذا جرت لإثبات موضوع التکلیف و تحقیق متعلّقه مجزیة عن الواقع لوجهین:
الوجه الأوّل: ما أفاده المحقّق الخراسانی (قدس سره) فی الکفایة من حکومة أدلّة الأُصول علی أدلّة الاشتراط و نتیجتها التوسعة فی دائرة الشرط و إطلاقه بالنسبة إلی الطهارة الواقعیة و الظاهریة.
و هذا فیما لم یثبت من الأدلّة تقیید الشرط بالموضوعات الواقعیة کما فی اشتراط طهارة ماء الوضوء فإن استصحبنا طهارته فتوضأنا ثم علمنا بنجاسته لایحکم بصحّة الوضوء باستصحاب طهارة الماء.
الوجه الثانی: ما أفاده المحقّق الاصفهانی (قدس سره) من جهة حصول ملاک الأمر الواقعی و ذلک لأنّ المأموربه بالأمر الظاهری فیما إذا کان أصلاً عملیاً هو حکم ظاهری واجد للمصلحة البدلیة (ولابدّ من تتمیم بیانه بالصور الأربع الثبوتیة ثم التمسّک باطلاق صلّ مع الطهارة واقعیة کانت أو ظاهریة لإثبات الإجزاء)
هذا کلّه بالنسبة إلی الأُصول العملیة.
ص: 131
ص: 132
نبحث فیه بناءً علی المبانی المختلفة فیها و هی خمسة((1)):
إنّ المشهور بین القدماء هو القول بالإجزاء علی الطریقیة و لکن المتأخرین قالوا بعدم الإجزاء((2)) و خالفهم السید البروجردی (قدس سره) ((3)).
أدلّة القول بالإجزاء(4):
إنّا نفرض وجود الأمارتین: الأمارة الأُولی (التی انکشف خطأها بالأمارة
ص: 133
الثانیة) و الأمارة الثانیة و کلتاهما حجّتان لکن مبنی القول بعدم الإجزاء هو ترجیح الأمارة الثانیة علی الأُولی و هو ترجیح بلا مرجح((1)).
و علی فرض التنزّل، فالأمارتان تتعارضان و تتساقطان فلایبقی مجال للقول بالإجزاء.
إنّ ظرف العمل بالأمارة السابقة مضی و الأمارة الثانیة لاتکون منجزة للتکلیف السابق إذا انقضی ظرفه (فالأمارة الأُولی حجّة بالنسبة إلی الظرف السابق و إن انکشف خلافه بالأمارة الثانیة).((1))
ص: 135
((1))
إنّ الأمارة الثانیة و إن وردت فی الظرف اللاحق و لکن یؤثر فی تنجیز التکالیف السابقة إعادةً و قضاءً (فیما إذا احتملنا اشتغال الذمّة بالتکالیف السابقة) لأنّ أثر الأمارة السابقة قابل للتنجیز بقاءً.
إنّ الأمارة الثانیة ما لم تصل إلی المکلّف لیست بحجّة أبداً و حینئذ الأمارة الأُولی بالنسبة إلی الزمان السابق حجّة و لاحجیة للأمارة الثانیة فی الظرف السابق بل حجیتها تنحصر فی الزمان اللاحق، فالأمارة الأُولی مجزیة بالنسبة إلی الأعمال السابقة((2)).
ص: 136
((1))
أنّ حجیة الأمارة إذا وصلت لاتنحصر بزمان دون زمان فإنّ الأمارة طریق إلی الواقع بالنسبة إلی جمیع الأزمنة و جمیع الأعمال فالتفصیل بین حجیة الأمارة بین زمان الوصول و قبل زمان الوصول غیر وجیه.
إنّ العمل الواحد لایقبل اجتهادین، فالاجتهاد الأوّل هو حکم الأعمال السابقة و الاجتهاد الثانی هو حکم الأعمال اللاحقة فالاجتهاد الأوّل مجز بالنسبة إلی الأعمال السابقة((2)).
أولاً: بالنقض بالموارد التی یکون الموضوع فیها باقیاً فإنّ العمل الواحد حینئذ لابدّ أن یقبل الاجتهادین و ذلک مثل ذبح الحیوان بغیر الحدید فإنّه إذا
ص: 137
فرضنا صحّة ذلک علی الاجتهاد الأوّل ثم تبدّل الاجتهاد مع بقاء اللحم فإنّه لایجوز أکله علی الاجتهاد الثانی((1)).
و ثانیاً: بالحلّ فإنّ أثر العمل باق إعادةً و قضاءً هذا من جهة بقاء أثر العمل و من جهة أخری إنّ حجیة الاجتهاد و قول المجتهد (و أیضاً حجیة الأمارة و طریقیته) لاتنحصر بزمان دون زمان بل تشمل جمیع الأزمنة((2)).
إنّ قاعدة لاحرج و أیضاً قاعدة لا ضرر تجریان فی المقام، لأنّ کثرة مبانی الاجتهاد من القواعد الأصولیة و الرجالیة و أیضا اختلاف الاستظهارات بحسب القرائن و الوجوه الکثیرة فی الجمع بین الروایات توجب کثرة تبدّل آراء المجتهدین و حینئذ فلو قلنا بعدم الإجزاء یلزم حصول الضرر و الحرج علی نوع المکلّفین فتجری قاعدة لاحرج و أیضاً قاعدة لاضرر((3)).
ص: 138
إنّ لا حرج و لا ضرر یوجب رفع التکلیف بالإعادة و القضاء و هذا یکفی فی القول بالإجزاء.
ثانیاً: إنّ لا ضرر (و أیضاً لا حرج) یرفع الضرر الشخصی لا الضرر النوعی فان لزم من القول بعدم الإجزاء ضرر شخصی أو حرج شخصی ﻓ «لاضرر» و أیضاً «لاحرج» یرفعه أمّا الضرر النوعی أو الحرج النوعی فلا، إلّا إذا قلنا بأنّهما رافعتان للضرر و الحرج النوعیین و حینئذ یجوز الاستدلال بکلتا القاعدتین للزوم الحرج والضرر النوعیین من القول بعدم الإجزاء((1)).
ص: 140
فیها و بین المعاملات فیقول بعدم الإجزاء فیها عند بقاء الموضوع.((1))
و أیضاً نقل عن صاحب الفصول (قدس سره) هذا التفصیل بین ما إذا کان الموضوع باقیاً فالإجماع منعقد علی عدم الإجزاء و بین ما إذا کان الموضوع غیر باق فالإجزاء إجماعی((2)).
ص: 142
و أمّا عبارته فی الفصول الغرویة، (ص409 - 410) فهکذا: «فصل إذا رجع المجتهد عن الفتوی انتقضت فی حقه بالنسبة إلی مواردها المتأخرة عن زمن الرجوع قطعا ... و أمّا بالنّسبة إلی مواردها الخاصة التی بنی فیها قبل رجوعه علیها فإن قطع ببطلانها واقعا فالظاهر وجوب التعویل علی مقتضی قطعه فیها بعد الرجوع ... و کذا لو قطع ببطلان دلیله واقعا و إن لم یقطع ببطلان نفس الحکم ... و إن لم یقطع ببطلانها أو لا ببطلانه فإن کانت الواقعیة مما یتعین فی وقوعها شرعا أخذها بمقتضی الفتوی فالظاهر بقاؤها علی مقتضاها السّابق فیترتب علیها لوازمها بعد الرجوع إذ الواقعة الواحدة لا یحتمل اجتهادین و لو بحسب زمانین لعدم دلیل علیه و لئلا یؤدّی إلی العسر و الحرج المنفیین عن الشریعة السّمحة لعدم وقوف للمجتهد غالبا علی رأی واحد فیؤدی إلی الاختلال فیما یبنی فیه علیها من الأعمال و لئلا یرتفع الوثوق فی العمل من حیث إن الرجوع فی حقه محتمل و هو مناف للحکمة الداعیة إلی تشریع حکم الاجتهاد و لا یعارض ذلک بصورة القطع لندرته و شذوذه و لأصالة بقاء آثار الواقعة إذ لا ریب فی ثبوتها قبل الرجوع بالاجتهاد و لا قطع بارتفاعها بعده إذ لا دلیل علی تأثیر الاجتهاد المتأخر فیها فإن القدر الثابت من أدلته جواز الاعتماد علیه بالنسبة إلی غیر ذلک فیستصحب ... و أمّا عدم جریان الأصل بالنسبة إلی نفس الحکم حیث لا یستصحب إلی الموارد المتأخرة عن زمن الرجوع فلمصادمة الإجماع مع اختصاص مورد الاستصحاب علی ما حققناه بما یکون قضیته البقاء علی تقدیر عدم طرو المانع و لیس بقاؤه بعد الرجوع منه لأن الشک فیه فی تحقق المقتضی لا فی طرو المانع فإنّ العلة فی ثبوته هی ظنه به و کونه مؤدّی نظره و قد زالت بعد الرجوع فلو بقی الحکم بعد زوالها لاحتاج إلی علة أخری و هی حادثة فیتعارض الأصلان أعنی أصالة بقاء الحکم و أصالة عدم حدوث العلة و کون العلة هنا
ص: 143
إعدادیة و استغناء بعض الحوادث فی بقائها عن علتها الإعدادیة غیر مجد لأن الأصل بقاء الحاجة لثبوتها عند الحدوث فتستصحب و لا یتوجّه مثله فی استصحاب بقاء الآثار بعد الرجوع فإنّ المقتضی لبقائها حینئذ متحقق و هو وقوع الواقعة علی الوجه الذی ثبت کونه مقتضیا لاستتباع آثارها و إنما الشک فی مانعیة الرجوع فیتوجّه التمسّک فی بقائها بالاستصحاب ... و بالجملة فحکم رجوع المجتهد فی الفتوی فیما مرّ حکم النسخ فی ارتفاع الحکم المنسوخ عن موارده المتأخرة عنه و بقاء آثار موارده المتقدمة إن کان لها آثار ... و لو کانت الواقعة مما لا یتعین أخذها بمقتضی الفتوی فالظاهر تغیر الحکم بتغیر الاجتهاد کما لو بنی علی حلیة حیوان فذکاه ثم رجع بنی علی تحریم المذکی منه و غیره أو علی طهارة شی ء کعرق الجنب من الحرام فلاقاه ثم رجع بنی علی نجاسته و نجاسة ملاقیه قبل الرجوع و بعده أو علی عدم تحریم الرضعات العشر فتزوّج من أرضعته ذلک ثم رجع بنی علی تحریمها لأنّ ذلک کله رجوع عن حکم الموضوع و هو لا یثبت بالاجتهاد علی الإطلاق بل ما دام باقیا علی اجتهاده فإذا رجع ارتفع کما یظهر من تنظیر ذلک بالنسخ». ((1))
ص: 144
فمع هذا الاختلاف لایبقی مجال للاستدلال بالإجماع((1)).
إنّ کثرة تبدّل آراء المجتهدین ممّا لا غبار علیه و لکن لم نجد فی سیرتهم محو ما کانوا أفتوا به سابقاً فی کتبهم و لا إعلامهم للمقلّدین بالخطأ فی فتاویهم إلّا إذا
ص: 146
دلّت الأدلّة القطعیة علی بطلان اجتهادهم.((1))
ثانیاً: إنّ اتصال هذه السیرة بزمن المعصوم (علیه السلام) منتف فلیست بحجّة.((1))
ثالثاً: تکون هذه السیرة مدرکیة.((2))
یمکن الاستدلال بسهولة الشریعة فإنّ القول بعدم الإجزاء ینافی سهولة الشریعة.
إنّ سهولة الشریعة لاتوجب عدم قضاء ما فاتته من التکالیف و الأمر من هذا القبیل.
ص: 148
و هو ما أفاده السید البروجردی (قدس سره) ((1)) من أنّ الأمارات مثل الأصول تکون حاکمة علی أدلّة الاشتراط و لسان أدلّة حجیة الأمارات هو بعینه لسان أدلّة الأصول.
بیان ذلک: هنا فرق بین نفس ما تؤدی عنه الأمارة و تحکیه و بین ما هو المستفاد من دلیل حجّیتها، فإنّ البینة مثلاً إذا قامت علی طهارة شیء کانت هذه البینة بنفسها حاکیة للواقع، جعلها الشارع حجّة أم لا، و لکن الحکم الظاهری فی المقام لیس هو ما یحکیه البینة من الطهارة بل الحکم الظاهری عبارة عن حکم الشارع بوجوب العمل علی طبقها و ترتیب آثار الواقع علی مؤداها، و ظاهر ما دلّ علی هذا الحکم هو قناعة الشارع فی امتثال أمر الصلاة مثلاً بإتیانها فیما قامت البینة علی طهارته و لازم ذلک سقوط الطهارة الواقعیة من الشرطیة فی هذه الصورة، و کذلک إذا دلّ خبر زرارة مثلاً علی عدم وجوب السورة کان قول زرارة حاکیاً للواقع جعله الشارع حجّة أم لا، و لکن الحکم الظاهری لیس عبارة عن مقول زرارة بل هو عبارة عن مفاد أدلّة حجّیة الخبر أعنی حکم الشارع و لو إمضاءً بوجوب ترتیب الآثار علی ما أخبر به الثقة، فلو انحلّ قول «صدّق العادل» مثلاً بعدد الموضوعات کان معناه فیما قام خبر علی عدم وجوب السورة «یا أیها المکلّف الذی صرت بصدد امتثال الأمر الصلاتی، ابنِ علی عدم وجوب السورة».
ص: 149
إنّ قناعة الشارع بالطهارة العنوانیة فی ظرف الشک فی الطهارة الواقعیة من جهة طریقیة البینة إلی الواقع و هذا غیر حکم الشارع بالطهارة (بأن یقال: إنّه طاهر) و أیضاً مفاد دلیل حجّیة الخبر (فیما إذا قلنا بانحلاله بتعداد الموضوعات) هو «ابنِ علی ما دلّ علی عدم وجوب السورة» و ذلک غیر حکم الشارع ظاهراً بعدم وجوب السورة، فإنّ لسان الأصول هو حکم الشارع بأنّ الماء طاهر فی المثال الأوّل و أیضاً حکم الشارع بأنّ السورة لیست بواجبة فی المثال الثانی و لکن لسان الأمارات و أدلّة حجّیتها فاقدة لهذا الحکم فلایمکن حکومتها علی مفاد أدلّة الاشتراط.((1))
ص: 150
((1)):
إنّ دلیل الحکم الشرعی یکشف عن ملاکه و غرضه (فإنّ الملاک بمثابة العلّة للحکم الشرعی) کما أنّه یقتضی الامتثال (فإنّ دلیل الحکم الشرعی أیضاً بمثابة العلّة لامتثاله) فللحکم الواقعی کاشفیة عن الملاک کما أنّ له اقتضاء للامتثال، و
ص: 151
إجزاء الأمارة عنه لایتحقّق إلّا إذا تدارک ملاک الواقع و اکتفی فی مقام الامتثال بإتیان مفاد الأمارة.
فلابدّ فی مقام إثبات إجزاء الأمارة إمّا من إحراز استیفاء ملاک الواقع أو إحراز اکتفاء الشارع بامتثاله عن امتثال الواقع
و بناء علی طریقیة الأمارة فلا ملاک لها فیما إذا انکشف خطؤها کما أنّه لا دلیل علی اکتفاء الشارع بالامتثال الظاهری فیما إذا انکشف مخالفتها للواقع.
هذا کلّه علی مسلک الطریقیة فی حجّیة الأمارات.
ص: 152
و الأمر علی هذا المبنی کالأمر علی الطریقیة.
قال (قدس سره): علی القول بالطریقیة أو التنجز فالحقّ عدم الإجزاء، لأنّ الأمارة إن طابقت الواقع فهی کاشفة عنه علی الطریقیة و مثبتة له إثباتاً تنجیزیاً و إن لم تطابق فلا حکم فی موردها و مفادها لا حکماً واقعیاً و لا ظاهریاً، أمّا الحکم الواقعی فظاهر و أمّا الحکم الظاهری فلأنّ المجعول فی الأمارات بناءً علی الطریقیة هو کاشفیة الأمارة عن الواقع من دون جعل حکم ظاهری فی قبال الحکم الواقعی و أیضاً المجعول فی الأمارات بناءً علی المنجزیة و المعذریة هو معذریة الأمر الظاهری عن الواقع من دون جعل حکم ظاهری فیها.
ص: 153
الحقّ علی هذا المسلک هو إجزاء الأمارة عن الواقع لأنّ الشارع هو الجاعل للحکم المماثل و جعل الشارع لایخلو من ملاک و مصلحة بدلیة و یکون وزان الأمارة حینئذ بعینها وزان الأوامر الاضطراریة و الأصول العملیة.
((1))
إنّ الحکم المماثل لا بقاء له بعد فرض انکشاف مخالفته للواقع لأنّ ظرف مجعولیته هو الشک فی الواقع فإذا فرضنا انتفاء الشک فی الواقع و انکشاف خطأ الأمارة الأولی فینتفی موضوع الحکم المماثل و لا بقاء للحکم بعد انتفاء موضوعه فحینئذ ملاک الواقع باق علی حاله و یقتضی امتثال الواقع فلا وجه للإجزاء (فإنّ الواقع بحسب الفرض هو مفاد الأمارة الثانیة).
إذا فرضنا وجود المصلحة للحکم المماثل بحیث تکون بدلاً عن مصلحة الواقع فلا وجه لبقاء مصلحة الواقع و اقتضائه الامتثال کما مضی مفصّلاً فی البحث عن الأمر الاضطراری و الأصول العملیة.
فلا إشکال فی إجزاء الأمارة عن الواقع بناء علی تفسیر الحجّیة بجعل الحکم المماثل.
ص: 154
إنّ المحقّق الإصفهانی (قدس سره) قال بالتفصیل بینهما بناءً علی القول بتفسیر الحجّیة بإنشاء الحکم المماثل.
فإنّه (قدس سره) قال((1))بعدم الفرق بین المعاملات و العبادات بناءً علی الطریقیة و أیضاً قال بعدم الفرق بین البابین بناء علی المنجزیة و المعذریة.((2))
أمّا بناء علی أنّ مفاد دلیل حجّیة الأمارات
الشرعیة جعل الحکم المماثل علی طبق مؤدیاتها (کما یقتضیه ظاهر الأمر باتّباعها) فقال المحقّق الإصفهانی (قدس سره) ((3)) بأنّ أستاذه المحقّق الخراسانی (قدس سره) و غیره قالوا بأنّ مقتضی تفسیر الحجّیة بهذا القول هو المسببیة و صحّة العبادة و المعاملة، لأنّ المفروض أنّ مؤداها حکم حقیقی فینتهی أمده بقیام حجّة أخری لا أنّه ینکشف خلافه.
ولکن الحقّ هو التفصیل بین العبادات و المعاملات.
فإنّ غایة ما یقتضیه ظهور الأمر هو البعث الحقیقی المنبعث عن مصلحة فی متعلّقه و حیث إنّ المفروض تخلف الأمارة و خلوّ الواقع من مصلحة فیجب الالتزام بأنّ المصلحة فی المؤدّی بعنوان آخر غیر عنوان متعلقه الذاتی.
أمّا کون تلک المصلحة، مصلحة بدلیة عن مصلحة الواقع فلا موجب له و الإجزاء و عدم الإعادة و القضاء یدور مدار بدلیة المصلحة لتوجب سقوط
ص: 155
الأمر الواقعی بملاکه، فالموضوعیة بمعنی کون المؤدّی بما هو مؤدّی ذا مصلحة مقتضیة للحکم الحقیقی علی أی حال لاتقتضی الإجزاء و لا فرق فیما ذکرنا بین ما إذا کان الواقع و المؤدّی متباینین أو أقلّ و أکثر، لأنّ فعلیة الأمر بمقدار ما علم تعلقه به لاتوجب الإجزاء و لاتکشف إلّا عن مصلحة ملزمة فی المأتی به فی هذه الحال لا عن المصلحة الواقعیة بما علم تعلّقه به بنفسها أو بما یسانخها.
فیمکن أن یقال: إنّ الوضعیات الشرعیة و العرفیة من الملکیة و الزوجیة و شبههما حیث إنّها (علی ما حققناه فی الأصول) اعتبارات خاصّة من الشرع و العرف لمصالح قائمة بما یسمی بالأسباب، دعت الشارع مثلاً إلی اعتبار الملکیة و الزوجیة مثلاً، فلا کشف خلاف لها، إذ حقیقة الاعتبار بسبب کون العقد الفارسی الذی قامت الحجّة علی سببیة ذو مصلحة و لیست المصلحة المزبورة استیفائیة حتّی یقال: إنّ مصلحة الواقع باقیة علی حالها و إنّ مصلحة المؤدّی غیر بدلیة.((1))
ص: 156
إنّه لافرق بین البابین و الحق هو الإجزاء مطلقاً.
أمّا فی المعاملات فظاهر لما أفاده من أنّها اعتبارات شرعیة و عرفیة و لا مصلحة واقعیة لها سوی الاعتبار حتی یقال بعدم استیفائها.
ص: 157
و أمّا فی العبادات فلأنّ الحکم المماثل لایخلو من المصلحة و حیث إنّ الحکم الظاهری اعتبر مماثلیته للحکم الواقعی فلابدّ أن تکون مصلحته أیضاً ناظراً إلی استیفاء مصلحة الواقع فیجری الاحتمالات الأربعة فی مقام الثبوت (التی ذکرت فی بحث الأمر الاضطراری) و أیضاً یجری الإطلاق المقامی و نتیجته هو القول بالإجزاء (علی ما مضی فی الأمر الاضطراری طابق النعل بالنعل) إلّا أنّ التفصیل الذی ذکره یجری فی الأمر الظاهری الذی هو لبیان أصل التکلیف.
ص: 158
لهذا المسلک تفسیران:
إنّ المراد هو جعل الشارع للمؤدی فالمؤدّی مجعول للشارع فی ظرف الشک فی الحکم الواقعی.
فعلی هذا لا فرق بینه و بین مسلک جعل الحکم المماثل و الکلام هو عین ما ذکرناه.
إنّ المراد هو أنّ الإمام (علیه السلام) یعتبر قول الراوی قولاً له و عن لسانه الشریف واقعاً.
إنّ الدلیل علی هذا المسلک هو الصحیحة الواردة فی شأن العمری (قدس سره):((1))
عن الکلینی فی الکافی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحِمْیرِی وَ مُحَمَّدِ بْنِ یحْیی جَمِیعاً عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْیرِی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ (علیه السلام) قَالَ: سَأَلْتُهُ وَ قُلْتُ مَنْ أُعَامِلُ (وَ عَمَّنْ) آخُذُ؟ وَ قَوْلَ مَنْ أَقْبَلُ؟ فَقَالَ (علیه السلام) «الْعَمْرِی ثِقَتِی فَمَا أَدَّی إِلَیکَ عَنِّی فَعَنِّی یؤَدِّی وَ مَا قَالَ لَکَ عَنِّی فَعَنِّی یقُولُ فَاسْمَعْ لَهُ وَ
ص: 159
أَطِعْ فَإِنَّهُ الثِّقَةُ الْمَأْمُونُ» قَالَ وَ سَأَلْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ (علیه السلام) عَنْ مِثْلِ ذَلِکَ فَقَالَ «الْعَمْرِی وَ ابْنُهُ ثِقَتَانِ فَمَا أَدَّیا إِلَیکَ عَنِّی فَعَنِّی یؤَدِّیانِ وَ مَا قَالا لَکَ فَعَنِّی یقُولَانِ فَاسْمَعْ لَهُمَا وَ أَطِعْهُمَا فَإِنَّهُمَا الثِّقَتَانِ الْمَأْمُونَانِ» الْحَدِیثَ.
فعلی هذا إنّ الإمام (علیه السلام) جعل مفاد قول العمری مصداقاً لقوله و وسّع فی الواقع الذی هو عین قوله (علیه السلام) فإذا عمل المکلّف علی طبق قول العمری (قدس سره) امتثل الواقع.
((1))
إنّ هذه التوسعة ظاهریة و إلّا لزم التصویب المجمع علی بطلانه فحینئذ إذا انتفی الشک فینتفی جعل الشارع للمؤدی بانتفاء موضوعه (و هو الشکّ) فیبقی الواقع مقتضیاً لامتثاله.
إنّ قول العمری نزّل منزلة قول الإمام (علیه السلام) و قول الإمام (علیه السلام) عین المصلحة و تمام المصلحة فالعمل علی طبق قول العمری واجد للمصلحة التامّة و معه لا وجه لبقاء مصلحة الواقع حتّی یقتضی امتثاله.
فالحقّ هو الإجزاء أیضاً.
ص: 160
علی القول بالسببیة یقع الکلام أولاً فی الصور الثبوتیة و ثانیاً فی مقام الإثبات
أمّا الصور الثبوتیة فهی علی وزان ما مضی فی الأمر الاضطراری و إلیک بیانه:
المأموربه بالأمر الظاهری:
إمّا واف بتمام الغرض و مصلحة الواقع «الإجزاء».
و إمّا غیر واف به و هنا:
إمّا لایمکن استیفاء الباقی «الإجزاء»
و إمّا یمکن استیفاء الباقی و هنا:
إما یجب استیفائه «عدم الإجزاء»
و إما لایجب بل یستحب استیفائه «الإجزاء».
أمّا البحث الإثباتی فإنّ قضیة إطلاق دلیل الحجیة علی القول بالسببیة هو الاجتزاء بموافقة الأمر الظاهری.
إنّ السببیة علی وجوه و أقسام: السببیة التی نسبت إلی الأشاعرة و السببیة التی نسبت إلی المعتزلة و المصلحة السلوکیة.
ص: 161
إنّ الله تعالی لم یجعل حکماً واقعیاً غیر ما أدّی إلیه نظر المجتهد بسبب قیام أمارة أو أصل، و إذا تبدّل رأیه ینقلب الحکم إلی رأیه فالحکم الواقعی تابع لرأیه، فلایعقل فیه انکشاف الخلاف.
فلا مصلحة فی المتعلّق قبل قیام الأمارة أو الأصل، و لا معنی حینئذ لاشتراک الحکم بین العالم و الجاهل لعدم تحقّق موضوع الحکم بالنسبة إلی الجاهل، لأنّ موضوع الحکم رأی المجتهد.
و علی هذا القول لا موضوع لبحث الإجزاء لعدم تصویر الحکم الظاهری بل ما أدّی إلیه رأی المجتهد هو الحکم الواقعی.
أولاً: إنّه خلاف الضرورة من الشرع و یکذبه الکتاب و السنة إذ لازمه بطلان بعث الرسل و إنزال الکتب.
ثانیاً: اختصاص الحکم بمن قامت عنده الأمارة خلاف الضرورة و ما تسالم علیه الأصحاب.
ثالثاً: اختصاص الحکم به خلاف الإطلاقات الأوّلیة حیث إنّ مقتضاها ثبوت الأحکام الشرعیة فی الواقع من دون فرق بین العالم و الجاهل.
رابعاً: لایعقل الکشف من دون مکشوف و الحکایة من دون محکی فالکشف متوقف علی المکشوف فلو توقّف الحکم الواقعی (المکشوف) علی الأمارة (الکاشفة) لزم الدور أو الخلف.
ص: 162
و أجیب عن الإشکال الرابع بأنّ الأمارة مثل الجهل المرکب الذی لا واقع له بل یحکی عن وجود عنوانی فالأمارة تحکی عن وجود عنوانی للحکم (لا الحکم الواقعی) أمّا الحکم الواقعی فهو متوقّف علی وجود الأمارة فلا دور.
إنّ المعتزلة اعترفوا بوجود الأحکام الواقعیة المشترکة بین العالم و الجاهل شأناً و اقتضاءً و قالوا: إنّ الأمارة إن طابقت الحکم الواقعی الاقتضائی فهی توجب فعلیة الواقع و إن لم تطابق فهی توجب إحداث مصلحة فی متعلّقه أقوی من مصلحة الواقع، فتکون مصلحة الواقع اقتضاءً بلا فعلیة، فینقلب الحکم الواقعی إلی ما هو مفاد الأمارة، لأنّ الأحکام الواقعیة تابعة للمصالح و المفاسد فهنا حکم واقعی اقتضائی قد تخالفه الأمارة، و حکم واقعی فعلی و هو مفاد الأمارة.
و علی هذا المعنی لابدّ من الالتزام بالإجزاء، لأنّ الحکم الواقعی الاقتضائی لایقاوم مع الحکم الواقعی الفعلی الذی هو مفاد الأمارة، فلا حکم واقعی فعلی فی قبال الأمارة حتّی نبحث عن الإجزاء بالنسبة إلیها.
((1)):
إنّ دلیل الاعتبار إمّا السیرة العقلائیة أو الآیات و الروایات.
أمّا السیرة العقلائیة فقد جرت علی العمل بالأمارت بملاک طریقیتها إلی
ص: 163
الواقع و کشفها عنه و الشارع أمضاها بما هی علیه.
أمّا الآیات و الروایات فإنّ الظاهر منها هو إمضاء ما هو حجّة عند العقلاء، فلاتدلان علی حجّیة شیء تأسیساً، و من هنا لم نجد فی الشریعة المقدّسة أن یحکم الشارع باعتبار أمارة تأسیساً، نعم قد زاد الشارع فی بعض الموارد قیداً فی اعتبارها و لم یکن ذلک القید معتبراً عند العقلاء.
إطلاقات أدلّة الأحکام تقتضی عدم اختصاص مدالیلها بالعالمین بها بل هی محفوظة سواء طابقتها الأمارة أو لا و فیه ما لایخفی.
و فیه بحثان:
إنّ الأمارة لاتوجب انقلاب الواقع و تغیره بل الواجب الواقعی محفوظ دائماً إلّا أنّ الأمارة سبب لحدوث مصلحة فی السلوک علی وفقها و بها یتدارک ما فات من مصلحة الواقع.
فعلی هذا الأحکام الواقعیة فعلیة و إن قامت الأمارة علی خلافها و هذه الأمارة لاتوجب حدوث المصلحة فی المتعلّق حتّی ینقلب الواقع بل هی توجب حدوث المصلحة فی السلوک نحو الأمارة و هذه المصلحة لاتنافی مصلحة الواقع بل تتدارکها فیما فاتت (أی فاتت مصلحة الواقع).
ص: 164
((1)):
إنّ مؤدی الأمارة إن کان وافیاً بتمام مصلحة الواقع یلزم الأمر بالجامع بین الحکم الواقعی و مفاد الأمارة لاشتراکهما من حیث وحدة الأثر فی جامع لهما و یکون الأمر بکلّ من الواقع و المؤدّی تخییریاً، فیمتنع تخصیص الوجوب الواقعی بأحدهما لأنّه لاموجب لهذا التخصیص بل هو ترجیح من دون مرجح فیکون الحکم الواقعی تعیینیاً فی حقّ العالم و تخییریاً فی حقّ الجاهل بالحکم الواقعی الذی قامت عنده الأمارة.
مع أنّ اطلاقات الأوامر ظاهرة فی الوجوب التعیینی فهذا القول یوجب انقلاب الواقع من الوجوب التعیینی إلی التخییری بالنسبة إلی من قامت عنده الأمارة و هذا خلاف الضرورة و الإجماع.
((2))
إنّ قوام الوجوب التخییری بأن یکون وجوب طرفیه أو أطرافه فعلیاً و هذا فیما نحن فیه محال، لأنّ فعلیة الأمر بالمؤدّی منوطة بعدم وصول الواقع و فعلیة الواقع منوطة بوصوله فلا واجب فعلی إلّا أحدهما و کما یستحیل فعلیة الأمر بهما تعییناً فکذا تخییراً.
إنّ ما أفاده المحقّق الإصفهانی (قدس سره) فی تصویر المصلحة السلوکیة مع عدم لزوم
ص: 165
التصویب مخدوش، و توضیح ذلک: إنّ المحقّق الإصفهانی (قدس سره) قال باستحالة جعل الوجوب التخییری هنا، و نزید إلی ما أفاده استحالة جعل الوجوب التعیینی أیضاً علی القول بالمصلحة السلوکیة فینتج عدم إمکان الالتزام بهذا القول.
أمّا بیان استحالة جعل الوجوب التعیینی فهو أنّه کما أنّ أصل الوجوب تابع للملاک و المصلحة کذلک خصوصیة التعیینیة أیضاً تابعة للملاک و المصلحة و هذا فی مقام الثبوت بأن یکون الواجب واجداً للمصلحة مع خصوصیة أنّ شیئاً آخر لایقوم مقامه، و أمّا فی مقام الإثبات فلابدّ من إطلاق لأنّ الواجب التخییری یحتاج إلی التقیید بکلمة «أو».
فحینئذ إن کانت المصلحة السلوکیة وافیة بمصلحة الحکم الواقعی فلایصحّ إطلاق الحکم الواقعی لأنّ المصلحة السلوکیة تکون بدلاً عن مصلحة الواقع و مفاد الأمارة یکون عدلاً للحکم الواقعی فلایصحّ تحقّق الوجوب التعیینی لأنّ الواجب التعیینی ما لایقوم مقامه شیء آخر.
و من جهة أخری إنّ الحکم الواقعی و مفاد الأمارة کلیهما واجدان للمصلحة فتخصیص الحکم الواقعی بالوجوب دون مفاد الأمارة ترجیح بلا مرجح.((1))
إنّ ملاک الواجب التعیینی فی الحکم الواقعی تامّ، لأنّ الحکم الظاهری (مفاد الأمارة) لیس فی عرض الحکم الواقعی بل هو فی طوله (أی عند الشک فی الحکم الواقعی) فإنّ الواجب التعیینی هو ما لیس فی عرضه بدل و عدل له (ثمّ إنّ
ص: 166
التعیینیة بمقتضی إطلاق الوجوب إثباتاً و ملاک الوجوب عند إطلاقه یقتضی التعیینیة ثبوتاً).
قد قال بعض الأعلام مثل المحقّق النائینی (قدس سره) و بعض الأساطین بعدم الإجزاء و خالفهم جمع آخر مثل المحقّق الخوئی (قدس سره) .
((1)):
إنّ مصلحة أصل الصلاة غیر مصلحة وقته، فقد تفوت مصلحة الوقت و أمّا مصلحة أصل الصلاة قابلة للتدارک و المصلحة السلوکیة هی بمقدار ما فات من الواجب من مصلحة وقته و لیست بمقدار مصلحة أصل الواجب، فإنّ المصلحة السلوکیة قد تکون بمقدار فضیلة الوقت أمّا مصلحة أصل الوقت فهی باقیة، فإذا انکشف الخلاف فی الوقت فلابدّ من إعادة الواجب تحصیلاً لمصلحة أصل الواجب و مصلحة أصل الوقت، أمّا مصلحة فضیلة الوقت فهی متدارکة بالمصلحة السلوکیة، و قد تکون بمقدار أصل الوقت (تمام الوقت) فإذا انکشف الخلاف بعد وقت الواجب فلابدّ من قضاء الواجب تحصیلاً لمصلحة أصل الواجب أمّا مصلحة أصل الوقت و فضیلته فتدارک بالمصلحة السلوکیة. فالقول بالمصلحة السلوکیة لاینافی عدم الإجزاء إعادةً و قضاءً.
إنّ ذلک مبنی علی تبعیة القضاء للأداء حیث إنّ المطلوب علی هذا القول
ص: 167
متعدّد (مطلوبیة أصل الصلاة و مطلوبیة وقته) و لکنه خاطئ جدّاً لأنّ المتفاهم العرفی من تقیید الواجب بأمر زمانی أو بوقت خاص هو وحدة المطلوب لاتعدّده، فإنّ المأموربه هو الطبیعی المقید بهذا القید و الدلیل علی ذلک هو الظهور العرفی لدلیل التقیید، فعلی هذا تبعیة القضاء للأداء باطل و المصلحة السلوکیة لیست بمقدار فضیلة الوقت أو أصل الوقت بل هی بمقدار الواجب المقید بالوقت لما سلکناه من عدم تعدّد المطلوب. ((1))
((2)):
إنّ القول بعدم الإجزاء لایتوقف علی القول بتبعیة القضاء للأداء بل هو موقوف علی تعدّد المطلوب و هو أعمّ من القول بالتبیعیة أو القول بأنّ القضاء بأمر جدید، و الحقّ هو أنّ أصل الصلاة مطلوب و وقتها مطلوب آخر و لکل منهما مصلحة لابدّ من استیفائها و بعد انکشاف الخلاف لابدّ من استیفاء مصلحة أصل الصلاة أمّا مصلحة وقته فتتدارک بالمصلحة السلوکیة.
إنّ الکلام فی عالم الإثبات لا الثبوت، فإنّ فی عالم الثبوت مصلحة أصل الصلاة غیر مصلحة وقته و لکن الدلیل الإثباتی ظاهر عرفاً فی طلب الصلاة المقیدة بالوقت فالمطلوب فی عالم الإثبات واحد.
ص: 168
البحث فی مقامین:
((1)):
إذا شک و لم یحرز أنّ الحجیة بمعنی السببیة أو الطریقیة:
أمّا من حیث الإعادة فلایجزی و الإعادة واجبة و الدلیل علی ذلک هو أصالة عدم الإتیان بما یسقط معه التکلیف.
إن قلت: استصحاب عدم فعلیة التکلیف الواقعی فی الوقت یوجب عدم وجوب الإعادة.
قلت: إنّ ذلک لایوجب و لایثبت أنّ ما أتی به مسقط إلّا علی القول بالأصل المثبت.
و قد علم اشتغال ذمّته و یشک فی فراغ الذمّة بذلک المأتی فتجب الإعادة.
به للمأمور به واقعاً و یشک فی کونه محصّلاً لغرضه من حیث کونه ذا مصلحة بدلیة، فلامحالة یشک فی سقوط التکلیف الواقعی بعد الیقین بثبوته، فمقتضی القاعدة و الاستصحاب بقاء اشتغال ذمّته.
و أمّا أصالة عدم الإتیان بما یسقط معه التکلیف و یحصل الغرض فلا موقع لها لعدم ترتیب أثر شرعی علی الإتیان و عدمه.
((1))
إنّ المورد لیس من موارد التمسّک بقاعدة الاشتغال بل هو من موارد التمسّک بقاعدة البراءة.
و الوجه فیه هو أنّ حجّیة الأمارة إن کانت من باب السببیة و الموضوعیة لم تکن ذمّة المکلّف مشغولة بالواقع أصلاً و إنّما تکون مشغولة بمؤدّاها فحسب، حیث إنّه الواقع فعلاً و حقیقةً فلا واقع غیره و إن کانت من باب الطریقیة و الکاشفیة اشتغلت ذمته به و بما أنّه لایدری أنّ حجّیتها کانت علی الشکل الأوّل أو کانت علی الشکل الثانی فبطبیعة الحال لایعلم باشتغال ذمّته بالواقع لیکون المقام من موارد قاعدة الاشتغال، فإذن لامناص من الرجوع إلی أصالة البراءة من وجوب الإعادة، حیث إنّه شک فی التکلیف من دون العلم بالاشتغال به.
و بکلمة أُخری إنّ الشک فیما نحن فیه و إن أوجب حدوث العلم الإجمالی بوجود تکلیف مردّد بین تعلّقه بالفعل الذی جیء به علی طبق الأمارة السابقة و بین تعلّقه بالواقع الذی لم یؤت به علی طبق الأمارة الثانیة إلّا أنّه لا أثر لهذا العلم الإجمالی و لایوجب الاحتیاط و الإتیان بالواقع علی طبق الأمارة الثانیة، و ذلک
ص: 170
لأنّ هذا العلم حیث قد حدث بعد الإتیان بالعمل علی طبق الأمارة الأُولی کما هو المفروض فلا أثر له بالإضافة إلی هذا الطرف، فلا مانع من الرجوع إلی أصالة البراءة من الطرف الآخر هذا بالنسبة إلی الإعادة.
إنّ مختار صاحب الکفایة (قدس سره) هو أنّ القضاء لایجب بناءً علی أنّه فرض جدید و أخذ فی وضعه الفوت و هو غیر محرز.
أمّا من حیث القضاء فإن قلنا: إنّ القضاء بالأمر الأوّل (تبعیة القضاء للأداء) فلایجزی لأنّ القضاء مثل الإعادة.
و إن قلنا: إنّ القضاء بالأمر الجدید و کان الفوت أمراً وجودیاً فاستصحاب عدم الإتیان بالفریضة فی الوقت بالنسبة إلیه مثبت فلایمکن إحراز عنوان الفوت حتی یقال بتحقّق موضوع القضاء فالقضاء لیس بواجب.
و إن کان الفوت أمراً عدمیاً فیجدی استصحاب عدم الإتیان بالفریضة فی الوقت فی إحراز عنوان الفوت فالقضاء واجب.
و المحقّق الإصفهانی (قدس سره) أیضاً قال بعدم وجوب القضاء حیث إنّه بأمر جدید و هو مشکوک الحدوث.
و المحقق الخوئی (قدس سره) أیضاً یختار مسلک صاحب الکفایة (قدس سره) فی عدم وجوب القضاء.
ص: 171
ص: 172
فیه مقدمة و فصلان و خاتمة
ص: 173
ص: 174
قبل الورود فی البحث عن الملازمة بین وجوب الشیء و وجوب مقدّمته لابدّ من بیان أُمور:
إجمال ذلک هو أنّا نبحث عن مقدّمات للبحث من کونه أُصولیاً أو کلامیاً أو فقهیاً أو غیر ذلک و من معنی الوجوب فی هذا البحث.
ثم نبحث عن تقسیمات المقدّمة:
الأوّل: المقدّمة الداخلیة و الخارجیة.
الثانی: المقدّمة العقلیة و الشرعیة و العادیة.
الثالث: المقدّمة الوجودیة و الوجوبیة و مقدّمة الصحّة و المقدّمة العلمیة.
الرابع: المقدّمة المتقدّمة و المقارنة و المتأخرة (الشرط المتأخر).
و بعد ذلک یقع الکلام فی تقسیمات الواجب:
الأوّل: المطلق و المقید((1)).
ص: 175
الثانی: المعلّق و المنجّز.
الثالث: النفسی و الغیری.
الرابع: الأصلی و التبعی.
ثم إنّ هنا بحثاً عن المقدّمة الموصلة و بحثاً آخر عن ثمرة البحث و بحثاً عن تأسیس الأصل و بعد ذلک تصل النوبة إلی تحقیق أدلّة القول بوجوب المقدّمة.((1))
ص: 176
فیه أقوال أربعة:
إنّ هذه المسألة هل هی من المباحث الکلامیة أو الفقهیة أو الأُصولیة؟
و إن کانت أُصولیة فهل یکون من المبادی الأحکامیة لعلم الأُصول أو یکون من المسائل الأصولیة؟ و إن کانت المسألة أُصولیة فهل یکون مسألة لفظیة أو عقلیة؟
استدلّ علی ذلک بأنّ البحث عنها عقلی لا لفظی.
أجاب عنه السید الخوئی (قدس سره) ((1))بأنّ کلّ مسألة عقلیة لیست کلامیة بل المسائل الکلامیة هی المسائل العقلیة بالمعنی الأخص و صنف خاص منها و هی المسائل المستقلات العقلیة التی یبحث فیها عن أحوال المبدأ و المعاد.
و إرجاع البحث عنها إلی أحوال المبدأ و المعاد و إن کان ممکناً إلّا أنّ الحیثیة المبحوث عنها هنا هی حیثیة أُصولیة.((2))
ص: 177
و نسب ذلک إلی بعض المتقدّمین منهم صاحب المعالم (قدس سره) .((1))
استدلّ علی ذلک بأنّ المبحوث عنه هو وجوب المقدّمة و الوجوب حکم فرعی، و لذا استدلّ علی نفی وجوب المقدّمة بانتفاء الدلالات الثلاث اللفظیة.
((2))
إنّ البحث هنا عن ثبوت الملازمة بین الأمر بالشیء و الأمر بمقدّماته.
إنّ الأحکام الفقهیة مجعولة للعناوین الخاصّة مثل الصلاة و الحج و غیرهما و المقدّمة تصدق فی الخارج علی العناوین المتعدّدة و لیست عنواناً لفعل واحد. ((3))
ص: 178
أجاب عنه فی المحاضرات((1))بأنّ البحث هنا لیس عن حالات الحکم و عوارضه بل هو عن إدراک العقل الملازمة بین حکمین شرعیین النفسی و الغیری.
و علی هذا فإن أراد القائل بالمبادی الأحکامیة أنّها من المبادی التصدیقیة لعلم الفقه یرد علیه أنّ جمیع المسائل الأصولیة بشتّی أنواعها کذلک.
و إن أراد أنّها من المبادی التصدیقیة لعلم الأصول فهو خاطئ جداً لأنّ هذه
ص: 181
المسألة من المسائل الأصولیة التی تقع فی طریق الاستنباط بلا توسط مسألة أُخری أُصولیة.((1))
و هو الحق لوجود ضابط المسألة الأُصولیة فیها لأنّها تقع فی طریق استنباط الحکم الشرعی بنفسها من دون ضمّ مسألة أُصولیة أُخری((2)).
ص: 182
ثم إنّ هذه المسألة لیست لفظیة کما ادّعاه صاحب المعالم (قدس سره) ((1)) بل عقلیة لأنّ
ص: 183
الحاکم بالملازمة هو العقل غیرُ المستقلّ حیث لابدّ من انضمام دلیل وجوب المقدّمة شرعاً إلی کبری الملازمة ثم استنتاج وجوب المقدّمة.
ص: 184
فیه وجوه ستة:
لیس المراد من وجوب المقدمة الوجوب العقلی و اللابدیة العقلیة، لأنّ ثبوت الوجوب بهذا المعنی ضروری و لا مجال للنزاع فیه.
و لیس المراد منه الوجوب الإرشادی، لأنّه إرشاد إلی الحکم العقلی و ثبوت الحکم العقلی بوجوب المقدّمة ممّا لا خلاف فیه و البحث هنا فی الوجوب الشرعی للمقدّمة.
و لیس المراد الوجوب المجازی بمعنی أنّ الوجوب النفسی لذی المقدّمة یستند إلی مقدّمته مجازاً، فإنّ هذا الإسناد صحیح و لکنه بحث لغوی و لیس من شأن الأُصولی البحث عن ذلک.
و لیس المراد الوجوب الشرعی الطریقی إلی الحکم أی الوجوب الذی هو طریق إلی حکم شرعی کالاحتیاط فإنّ وجوب الاحتیاط یوجب أن نصل إلی الحکم الشرعی و لکن وجوب المقدّمة هنا لیس طریقاً إلی حکم شرعی آخر.
ص: 185
و لیس المراد الوجوب النفسی لأنّ ذلک یقتضی کونه ذا ملاک و غرض مع أنّ وجوب المقدّمة لیس عن ملاک فی متعلّقه بل ملاکه هو ما یوجد فی ذی المقدّمة من الملاک و الغرض و لأنّ الآمر کثیراً لایلتفت إلی نفس المقدّمة فضلاً عن إیجابها.
الحق أنّ المراد هو أنّ هنا إرادة تبعیة و طلباً غیریاً توجّه إلی مقدّمة المراد الأصلی و المطلوب النفسی، بحیث لو التفت الشارع إلی المقدّمة لأوجبها تمهیداً لذی المقدّمة لا استقلالاً.
و سمّاها المحقّق الخوئی (قدس سره) بالوجوب الارتکازی لارتکاز هذا الوجوب فی ذهن کل آمر و حاکم.
و هذا الوجوب یسمی عند الأعلام بالوجوب الغیری التبعی.
ص: 186
إنّ المقدّمة المحرمة بل المستحبة و المکروهة کلّها داخلة تحت البحث فإنّه یبحث عن الأمر الحرام هل تکون مقدّمته حراماً أو لا؟ و الحرمة التی للمقدّمة أیضاً حرمة غیری. و هکذا فی المستحب و المکروه.
ص: 187
ص: 188
(فیه أمور ثلاثة)
الأمر الأوّل: فی تقسیمات المقدّمة
الأمر الثانی: فی تقسیم الوجوب إلی المطلق و المشروط
الأمر الثالث: فی تقسیمات الواجب
ص: 189
ص: 190
(و هی أربعة):
التقسیم الأوّل: المقدّمة إمّا داخلیة و إمّا خارجیة و الثانیة قسمان
التقسیم الثانی: مقدّمة الوجوب و مقدّمة الوجود و مقدّمة الصحّة و مقدّمة العلم
التقسیم الثالث: المقدّمة العقلیة و الشرعیة و العادیّة
التقسیم الرابع: المتقدّم و المقارن و المتأخّر
ص: 191
ص: 192
و هذا التقسیم باعتبار دخول المقدّمة فی المأمور به و خروجها عنه.
أمّا المقدّمة الداخلیة فهی أجزاء المأموربه المرکّب.
أمّا المقدّمة الخارجیة فعلی قسمین:
الأول: المقدّمة الخارجیة بالمعنی الأعمّ و هی الأجزاء التی هی خارجة عن المأموربه قیداً و داخلة فیه تقیداً مثل شرطیة الطهارة و استقبال القبلة فی الصلاة.
الثانی: المقدّمة الخارجیة بالمعنی الأخصّ و هی الأجزاء التی هی خارجة عن المأموربه قیداً و تقیداً مثل توقف زیارة کربلاء و الحج علی طی المسافة.((1))
أمّا دخول المقدّمة الخارجیة فی بحث الملازمة بین وجوب الشیء و وجوب مقدّمته فلا إشکال فیه.
إنّما الکلام فی دخول المقدّمة الداخلیة فی محل النزاع.
ص: 193
و هناک ثلاثة أبحاث حاولها المحقّقون:
البحث الأول: هل یصح إطلاق المقدّمة علی الأجزاء الداخلیة أو لا؟
البحث الثانی: بناء علی صحّة إطلاق المقدّمة علیها، هل یوجد المقتضی لاتصافها بالوجوب الغیری؟
البحث الثالث: بناء علی ثبوت المقتضی هل من مانع یمنع عن اتصافها بالوجوب الغیری؟
نبحث عن المقدمة الداخلیة فی ثلاثة مواضع:
إنّ للمقدمة إطلاقین:
الإطلاق الأول: «ما له دخل فی الشیء» بأن یکون وجوده غیر وجود الشیء و وجود الشیء یتوقف علیه.
الإطلاق الثانی: «ما یتوقف علیه الشیء» سواء کان وجوده غیر وجود الشیء أم لم یکن.
أمّا المقدمة بالإطلاق الأوّل فلاتصدق علی الأجزاء الداخلیة لأنّ وجود الکلّ عین وجود أجزائه من حیث إنّها أجزائه (أی مع لحاظ اللابشرطیة لا بشرط لائیة، فإنّ الأجزاء مع لحاظ بشرط لائیة لیست أجزاء للمرکّب).
أمّا المقدمة بالإطلاق الثانی فتصدق علی الأجزاء لأنّ وجود الکلّ یتوقف علی وجود أجزائه، فإنّ الکلّ هو الأجزاء بشرط الانضمام و الأجزاء هی ما یلحظ لابشرط الانضمام.
ص: 194
فیه قولان:
إنّ صاحب الکفایة (قدس سره) (و تبعه المحقّق الخوئی (قدس سره) ((1))) قال فی هامش الکفایة بعدم وجود الاقتضاء لاتصاف الأجزاء بالوجوب الغیری لأنّ الأجزاء عین الکلّ فی الخارج فوجوبها عین وجوب الکلّ (و اتصافها بالوجوب الغیری لغو محض علی تقریر المحقّق الخوئی (قدس سره) فلا ملاک غیر ملاک وجوب الکلّ و التغایر الاعتباری بین الکلّ و الجزء لایوجب ترشح ملاک الوجوب من الکلّ إلی الجزء.
استشکل بعض الأساطین علی بیان المحقّق الخوئی (قدس سره) ((2))بأنّ إشکال اللغویة مثل إشکال اجتماع المثلین مرتبط بمرحلة المانع لا المقتضی.
الحقّ وجود الاقتضاء فإنّ الملاک و إن کان واحداً إلّا أنّه یوجب تحقّق إرادتین: الإرادة الأصلیة المتعلّقة بالواجب النفسی و الإرادة التبعیة المتعلّقة بمقدّماته و مناط الاقتضاء هو هذه الإرادة التبعیة فإنّها من مبادئ الحکم.
ص: 195
فیه قولان:
و هو مختار المحقق النائینی و المحقق الخوئی (قدس سرهما)
و هو مختار صاحب الکفایة و المحقق الإصفهانی و المحقق العراقی (قدس سره)
إنّ المانع هو لزوم اجتماع المثلین لأنّ الأجزاء بشرط الانضمام واجبة بوجوب نفسی فلو وجبت الأجزاء بالوجوب الغیری یلزم اجتماع الحکمین المتماثلین فی شیء واحد و هو محال.
و الوجه فی ذلک هو أنّ عنوان المقدّمیة لیست حیثیة تقییدیة للوجوب الغیری حتی یکون موضوعاً له بل هی حیثیة تعلیلیة فالوجوب للمعنون لا لعنوان المقدّمیة.
إنّ ما فرضه مانعاً فی فرض ثبوت المقتضی لایصلح للمانعیة، لأنّ اجتماع الحکمین المذکورین فی شیء واحد لایؤدّی إلی اجتماع المثلین، بل یؤدّی إلی
ص: 196
اندکاک أحدهما فی الآخر، فیصیران حکماً واحداً مؤکّداً مثل صلاة الظهر بالنسبة إلی صلاة العصر، فإنّ صلاة الظهر واجبة نفسیاً و واجبة أیضاً غیریاً باعتبار توقف صلاة العصر علیها، فهی ذات ملاکین و إذن بطبیعة الحال یندک أحدهما فی الآخر و یتحصّل من مجموعهما وجوب واحد أکید متعلّق بها. ((1))
((2))
إنّ الوجوب الغیری متأخر رتبة عن الوجوب النفسی لأنّه مترشح عنه و علی هذا یکون اتصاف الأجزاء بالوجوب الغیری فی رتبة متأخرة عن اتصافها بالوجوب النفسی و معه لایعقل حصول الاندکاک بینهما.
((3))
إنّ ما أفاده مبنی علی الخلط بین تقدّم حکم علی حکم آخر زماناً و بین تقدّمه علیه رتبة مع اتحادهما زماناً.
توضیحه: إذا کان الحکمان مختلفین زماناً بأن یکون أحدهما فی زمان و الآخر فی زمان آخر فلایعقل الاندکاک و التأکد.
أمّا إذا کانا متقارنین زماناً و مجتمعین فیه و إن اختلفا رتبةً فلا مناص من
ص: 197
الالتزام بالتأکّد و الاندکاک، و الوجه فی ذلک هو أن لا أثر لاختلاف الرتبة العقلیة فی الأحکام الشرعیة و الاختلاف فی الرتبة ثابتة للموجودات الزمانیة.
مثال الاندکاک فی التکوینیات هو فیما إذا کان اتصاف شیء بلون خاص موجباً لانعکاس هذا اللون فیه بسبب المرآة مثلاً فاللونان -و إن اختلافا رتبة- یوجب اتحادُهما زماناً اندکاک أحدهما فی الآخر.
مثال الاندکاک فی التشریعیات هو فیما إذا نذر الصلاة فی المسجد أو فی الجماعة، فإنّ الوجوب الآتی من ناحیة النذر متأخر عن الاستحباب النفسی للصلاة فی المسجد و صلاة الجماعة لأنّ رجحان المتعلّق (و هو الاستحباب النفسی فی هذا المثال) مأخوذ فی موضع النذر و لا شبهة فی اندکاک الوجوب الآتی من قبل النذر فی الاستحباب النفسی.
و الظاهر بقاء الاستحباب النفسی لصلاة الجماعة و بقاء وجوب النذر أیضاً.
((1))
إنّ کلام المحقّق الإصفهانی (قدس سره) مخدوش نقضاً و حلاً:
أمّا نقضاً: فلأنّ المحقّق الإصفهانی (قدس سره) قال:((2)) إنّ العلّة و المعلول لایقبلان الاتحاد فی الوجود و لکن المتضایفان فی بعض الموارد یقبلان وجوداً واحداً کالحبّ حیث إنّ النفس الإنسانیة تحبّ نفسها فیجتمع المحبّ و المحبوب و هکذا السلطنة حیث إنّ الإنسان مسلّط علی نفسه فیجتمع المسلَّط و المسلَّط علیه
ص: 198
و یؤیده حدیث «الناس مسلّطون علی أنفسهم».[ لم نجد هذه العبارة فی الجوامع الروائیة و الظاهر أنّه نقل بالمعنی و قیل إنه قاعدة فقهیة].)(1)(
و علی هذا المبنی لایجوز اتحاد الوجوب النفسی و الغیری و اندکاکهما لأنّهما من قبیل العلّة و المعلول لأنّ الوجوب الغیری یترشح من الوجوب النفسی.
أمّا حلاً: فإنّه اشتبه علی المحقّق الإصفهانی (قدس سره) رابطة الوجوب النفسی و الغیری برابطة متعلّقهما فإنّ متعلّق الوجوب الغیری هو الجزء و متعلّق الوجوب النفسی هو الکلّ و الرابطة بینهما هو التقدّم و التأخر الطبیعیان و لذا یمکن وجودهما بوجود واحد مثل الواحد و الإثنین أمّا إذا کان أحد الوجودین علّة للآخر فلایعقل اتحادهما فی الوجود و الحکم النفسی علّة للحکم الغیری فلایعقل فیهما الاندکاک.
إنّ النقض و الحلّ کلاهما ممنوعان و الوجه فیه هو أنّ الوجوب النفسی لیس علّة للوجوب الغیری بل هما معلولان لعلّة ثالثة و هی المصلحة و الملاک و ذلک بأنّ الملاک یوجب تحقّق الإرادة الأصلیة و التبعیة و هما یوجبان تحقّق الحکم النفسی و الغیری.
((2))
الإرادة و إن کانت قابلة للشدّة و الضعف و قابلة للاشتداد و الخروج من حدّ إلی حدّ إلّا أنّ وجود إرادة شدیدة ابتداء أو اشتدادها و الخروج من حدّ
ص: 199
الضعف إلی الشدة إنّما یعقل إذا کان فی متعلّقها مصلحة أکیدة أو مصلحتان.
أمّا إذا کان مصلحةٌ قائمةً بمجموع الأجزاء و مصالحُ أُخر قائمةً بکلّ من تلک الأجزاء (کما فی ما نحن فیه) فلایعقل اقتضاء إرادة شدیدة لمجموع الأجزاء و لا اشتداد الإرادة المتعلّقة بنفس المجموع.
و فرض الإرادة الشدیدة لمجموع الأجزاء أو اشتداد الإرادة المتعلّقة بنفس المجموع فی هذا المقام (الذی فرضنا فیه وجود المصالح الأخر القائمة بالأجزاء دون الکلّ) محال للزوم تحقّق المعلول بلا علّة (لأنّه لا علّة للإرادة الشدیدة أو اشتداد الإرادة) إذ کلّ مصلحة تقتضی انبعاث الإرادة نحو ما فیه المصلحة و فرض مصلحة فی الجزء دون المجموع یقتضی تعلّق الإرادة بالجزء دون المجموع، فلایعقل الاندکاک هذا بالنسبة إلی الإرادة التی هی من مبادئ الحکم.
إنّ هذا البیان مبنی علی وجود المصلحة فی الجزء بخصوصه و لیس الأمر هنا کذلک لأنّ الوجوب الغیری و إن توقف وجوده علی تحقّق الإرادة التبعیة إلّا أنّ الإرادة التبعیة لاتنشأ من مصلحة خاصةٍ فی الجزء دون الکلّ بل المصلحة هنا واحدة و هی تقتضی الإرادة الأصلیة و الإرادة التبعیة و لا إشکال فی ذلک (کما یقال: من أحبّ شیئاً أحبّ آثاره).
((1))
إنّ البعث أمر اعتباری لا شدة فیه و لا اشتداد، توضیح ذلک:
إنّ الأحکام أُمور اعتباریة و لا اشتداد فی الاعتباریات کما لاشدة فیها
ص: 200
فلایعقل فیها التأکّد لأنّ التأکّد یرجع إلی الشدّة أو إلی الاشتداد (أی الخروج من حدّ الضعف إلی حدّ القوة و هذا الخروج یتعقّل فی الأُمور التکوینیة لا الاعتباریة) فلایعقل اندکاک الحکمین فی حکم واحد مع تأکّده.
((1))
أوّلاً بالنقض: لأنّه قال فی رسالة الحقّ و الحکم:
لا مانع من قبول الاعتباریات للشدّة و الضعف إن کانت ذات مرتبة، و حیث إنّ الوجوب علی مسلکه نسبة بعثیة و البعث الاعتباری فی قبال البعث التکوینی و الخارجی الذی هو ذو مراتب فکذا البعث الاعتباری لابدّ أن یکون ذا مراتب فینتج ذلک أنّ الوجوب یقبل الشدّة و الضعف.
ثانیاً بالحلّ: فإنّ معنی الاندکاک هو أنّ الملاکین یوجبان اعتبار المرتبة الشدیدة الأکیدة من الوجوب (أو فقل: إنّ الإرادتین تندک إحداهما فی الأُخری و توجبان جعل الوجوب الشدید المتأکّد).
((2))
إنّ أمر البعث الإعتباری کالإرادة (کما قلنا فی الدفاع الثانی).
توضیحه ببیان زائد هو أنّ البعث الاعتباری نحوَ الواجب الأصلی و الکلِّ ینشأ من إرادته (إرادة الکلّ) و البعث الاعتباری نحو الجزء ینشأ من إرادة الجزء بإرادة تبعیة و هذه الإرادة التبعیة بما أنّها متعلّقة بالجزء لایؤکّد الإرادة المتعلّقة بالکلّ لتفاوت متعلقهما بالجزئیة و الکلیة، نعم الإرادة المتعلّقة بالکلّ توجب
ص: 201
تأکّد الإرادة التبعیة المتعلّقة بالجزء و لکن القائل باندکاک الوجوب فی المقدّمة الداخلیة لایرتضی ذلک بل یرید اندکاک الوجوب المتعلّق بالجزء فی الوجوب المتعلّق بالکلّ و هذا لایعقل.
فحدیث الاندکاک و تأکّد الوجوب غیر معقول فالحقّ مع صاحب الکفایة (قدس سره) فیما أفاد من لزوم اجتماع المثلین علی القول بوجوب المقدّمة الداخلیة کما یصحّ أن یقال بلغویة ذلک کما أفاده المحقّق الخوئی (قدس سره) .
ص: 202
ادّعی لهذا البحث ثمرتان:
ثمرة تظهر فی مبحث العلم الإجمالی بین الأقلّ و الأکثر الارتباطیین.
و فی بیان هذه الثمرة قولان:
القول الأوّل: جریان البراءة فی الجزء الأخیر إن قلنا بوجوب المقدمة الداخلیة.
توضیح ذلک: إنّا إذا شککنا فی الواجب أنّ له تسعة أجزاء أو ثمانیة أجزاء؟ فالأقلّ یکون معلوم الوجوب و نشک فی وجوب الجزء التاسع و لذا قال بعض الأعلام بجریان البراءة بالنسبة إلی هذا الجزء الأخیر، لأنّ الشک بالنسبة إلیه بدوی.
و لکن هنا شبهة و هی أنّ الواجب أمره مردد بین الأقلّ و الأکثر فالأقلّ إمّا هو تمام الواجب فوجوبه نفسی و إمّا هو جزء الواجب (بناء علی أنّ الواجب هو الأکثر) و حینئذ لایتصف الأقلّ بالوجوب بناء علی عدم اتصاف الأجزاء الداخلیة بالوجوب، فالشک بین کون الواجب هو الأقلّ أو الأکثر یرجع إلی الشک بین وجوب الأجزاء فی الأقلّ بالوجوب النفسی لأنّها تمام أجزاء الواجب أو عدم وجوب الأقلّ لأنّه جزء الواجب و الجزء الداخلی لایتّصف بالوجوب فلابدّ حینئذ من الاحتیاط بإتیان الأکثر حتّی یحصل العلم بفراغ الذمّة عن إتیان الواجب و أمّا إذا قلنا بأنّ الجزء أیضاً یتّصف بالوجوب الغیری (لصدق عنوان المقدّمة علیه و تحقّق اقتضاء الاتصاف بالوجوب الغیری من دون وجود مانع
ص: 203
عنه) فنتیجة ذلک هو العلم التفصیلی بوجوب الأقلّ إمّا نفسیاً و هو فیما إذا کان الواجب فی الحقیقة هو الأقلّ و إمّا غیریاً و هو فیما إذا کان الواجب فی الحقیقة هو الأکثر فالشک فی الجزء التاسع یکون شکّاً بدویاً فتجری فیه أصالة البراءة.
و إلی هذا أشار الشیخ (قدس سره) فی أحد تقریبی انحلال العلم الإجمالی بین الأقلّ و الأکثر فقال: إنّ الأقلّ معلوم الوجوب لأنّه إمّا واجب نفسیاً أو غیریاً فیکون الشک فی الأکثر بدویاً.
القول الثانی: المحقّق العراقی (قدس سره) جعل الثمرة علی عکس ذلک و قال: إن قلنا بوجوب المقدّمة الداخلیة فیجری الاشتغال و إن قلنا بعدم وجوبه تجری أصالة البراءة.و إلیک بیانه:((1))
إن قلنا بالوجوب الغیری للأجزاء ربما یتعین فی تلک المسألة المصیرُ إلی الاشتغال نظراً إلی وجود العلم الإجمالی بالتکلیف و عدم صلاحیة العلم التفصیلی بمطلق وجوب الأقلّ (الأعمّ من الغیری و النفسی) للانحلال، لمکان تولّده من العلم الإجمالی السابق علیه و تحقّق التنجّز فی الرتبة السابقة. [و ذلک لأنّ فرض اتصاف الأقلّ بالوجوب الغیری ینشأ من فرض کون الواجب النفسی هو الأکثر فالعلم التفصیلی بوجوب الأقلّ متأخر عن العلم الإجمالی بین الأقلّ و الأکثر الارتباطیین و لایمکن انحلال العلم الإجمالی بالعلم التفصیلی الذی تولّد منه و إلّا یلزم إسقاط العلّة بمعلولها].
و إن قلنا بعدم الوجوب الغیری للأجزاء الداخلیة إمّا من جهة انتفاء ملاک المقدّمیة فیها أو من جهة محذور اجتماع المثلین، فأمکن القول بمرجعیة البراءة فی
ص: 204
تلک المسألة نظراً إلی رجوع الأمر حینئذ إلی علم تفصیلی بتعلّق إرادة الشارع بذات الأقلّ و لو لا بحدّه و الشک البدوی فی تعلّقها بالزائد و أمّا العلم الإجمالی فإنّما هو متعلّق بحدّ التکلیف و أنّه الأقلّ أو الأکثر و مثل هذا العلم لا أثر له فی التنجّز لأنّ المؤثر منه إنّما هو العلم الإجمالی بذات التکلیف لا بحدّه.
أولاً: إنّ العلم الإجمالی بوجوب الأقلّ و الأکثر الارتباطیین فی الصورة الأُولی لایزید علیه فی الصورة الثانیة فکیف قال بتنجیزه هناک و لایقول به فی هذه الصورة فإنّ العلم الإجمالی تعلّق بحد متعلّق التکلیف و إلّا فأصل التکلیف معلوم فهو منجز فی کلتا الصورتین.
ثانیاً: إنّ العلم الإجمالی یتعلّق بالوجوب النفسی بین الأقلّ و الأکثر، و الوجوب الغیری الذی هو أحد أرکان العلم التفصیلی بوجوب الأقلّ معلول للوجوب النفسی لا إنّ العلم التفصیلی معلول للعلم الإجمالی و هذا خلط بین العلّیة فی ناحیة العلم و المعلوم.
ثالثاً: إنّ معلولیة الوجوب الغیری للوجوب النفسی هو مخدوش لما قلنا من أنّ الوجوب الغیری معلول للإرادة التبعیة و الإرادة التبعیة هی معلول للإرادة الأصلیة التی هی علّة للوجوب النفسی أو معلول لملاکها فالعلّیة لمبادئ الحکم النفسی لا لنفسه.
التحقیق أنّ جریان البراءة غیر متوقف علی وجوب المقدّمة غیریاً أو عدم وجوبها کما أفاده المحقّق الخوئی (قدس سره) و بعض الأعلام
ص: 205
((1))
إنّ الأمر یدور بین وجوب الأقلّ مطلقاً عن الجزء الزائد أو مقیداً به و جریان البراءة بالنسبة إلی الأقلّ المطلق عن الزائد لا موضوع له لأنّ حدیث الرفع امتنانی و لا امتنان فی رفع الأقلّ المطلق، أمّا الأقلّ المقید بالزائد فتجری فیه البراءة و حدیث الرفع لأنّ رفعه امتنان، فالقاعدة فی العلم الإجمالی بین الأقلّ و الأکثر الارتباطیین هی جریان البراءة عن القید الزائد.
قد یقال: إنّ ثمرة بحث وجوب المقدّمة هو جواز إفتاء الفقیه بالوجوب و جواز قصد المکلّف فعل الواجب فی مقام الامتثال و علی القول بعدم وجوب المقدّمة لایجوز الإفتاء به و أیضاً لایجوز الإتیان بقصد الوجوب لأنّه تشریع محرم.
و الحاصل: أنّ المقدّمة الداخلیة و إن أُطلقت علیها المقدّمة و لها اقتضاء الاتصاف بالوجوب إلّا أنّها لاتتصف بالوجوب لوجود المانع (و هو اجتماع المثلین علی مسلک المحقّق الخراسانی (قدس سره) و اللغویة علی ما أفاده المحقّق الخوئی (قدس سره).
ص: 206
أمّا مقدّمة الوجوب: فقال صاحب الکفایة (قدس سره) ((1)) و سائر الأعلام((2)) بأن لا إشکال فی خروجها عن محل النزاع لأنّ وجوب ذی المقدّمة یتوقّف علی تلک المقدّمة فما لم تحصل المقدّمة لا وجوب لذی المقدّمة و إذا حصلت المقدّمة
ص: 207
فلاتتصف بالوجوب لأنّه تحصیل للحاصل فإنّ مقدّمة الوجوب أُخذت مفروض الوجود فی مقام جعل وجوب ذی المقدّمة و مثالها الاستطاعة بالنسبة إلی الحج و السفر الذی هو شرط لوجوب القصر فی الصلاة و الإفطار فی الصوم.
و وجوبها بالنذر و أمثال ذلک لیس وجوباً غیریاً فلایرتبط بهذا البحث.
أمّا المقدّمة العلمیة: فقال الأعلام((1)) أیضاً بخروجها عن النزاع، لأنّ العقل و إن استقلّ بوجوبها لکن وجوبها العقلی من باب وجوب الإطاعة إرشاداً لیأمن من العقوبة علی مخالفة الواجب المنجّز فلیس وجوبها مولویاً من باب مقدّمة الواجب و الملازمة بین وجوبها و وجوب ذی المقدّمة.
و مثاله الصلاة إلی أربع جهات عند الجهل بالقبلة فإنّها لتحصیل العلم بوقوعها إلی جانب القبلة فإنّ الصلاة التی وقعت إلی القبلة هی نفس الواجب و لیست مقدّمة له و سائر الصلوات لاتکون مقدّمة واقعیة لهذه الصلاة الصحیحة بل هذه الصلوات مقدّمات علمیة لحصول العلم بفراغ الذمّة عن إتیان الواجب.
أمّا مقدّمة الوجود:((2)) فهی ما یتوقف علیه وجود الواجب و هی ترجع إلی
ص: 208
المقدّمة الخارجیة بالمعنی الأخصّ (المقدّمة التی هی خارجة عن ذی المقدّمة قیداً و تقیداً).
أمّا مقدّمة الصحّة: فهی ما تتوقف علیه صحّة الواجب و هی أیضاً ترجع إلی المقدّمة الخارجیة بالمعنی الأعمّ (المقدّمة التی هی خارجة عن الواجب قیداً و داخلة فیه تقیداً مثل الطهارة بالنسبة إلی الصلاة).
فتحصّل من ذلک أنّ مقدّمة الوجوب و العلم خارجتان عن محل النزاع والبحث هنا عن مقدّمة الوجود و مقدّمة الصحّة.
ص: 209
ص: 210
((1))
أمّا المقدّمة العقلیة: فهی ما استحال واقعاً وجود الواجب بدونها کطی المسافة للحج فهی داخلة فی محل النزاع و هی المقدّمة الخارجیة بالمعنی الأخصّ.
أمّا المقدّمة الشرعیة: فهی ما استحال شرعاً وجود الواجب بدونها و هی تسمّی بالشرعیة لأنّ الشارع أخذها مقدّمة و شرطاً للواجب، ثمّ إنّه بعد حکم الشارع بأخذها فی الصلاة مثلاً و امتناع الصلاة بغیر طهور تصیر هذه المقدّمة عقلیة، لأنّ العقل حاکم بوجوب الإتیان بها لتحصیل الواجب.
ص: 211
ما یتوقف علیه الواجب عادة بمعنی أنّ العادة جرت علی الإتیان بالواجب بواسطة هذه المقدّمة فهذه المقدّمة لاترجع إلی المقدّمة العقلیة و لاینبغی دخولها فی محل النزاع.
ما یتوقف علیه الواجب عادةً بمعنی عدم التمکّن من غیره عادة و إن کان ممکناً عقلاً مثل توقف الصعود علی السطح علی نصب السلّم لعدم التمکّن من الطیران و غیر ذلک عادةً و إن کان ممکناً ذاتاً، فهذه المقدّمة ترجع إلی المقدّمة العقلیة لاستحالة إتیان الواجب بدونها عند العقل أیضاً لفرض عدم التمکّن من الواجب بدونها.
ص: 212
((1))
أمّا المقدّمة السابقة: فهی کمقدّمیة الوضوء و الغسل مثلاً للصلاة و مقدّمیة اشتراء الزاد و الراحلة للحج.
أمّا المقدّمة المقارنة: فهی کمقدّمیة الطهور للصلاة بناء علی أنّ الطهور هو الأثر الحاصل من الوضوء و الغسل.
أمّا المقدّمة المتأخرة: فهی کمقدّمیة الإجازة فی عقد الفضولی بناء علی الکشف و مقدّمیة غسل الاستحاضة لیلاً لصحّة صومها نهاراً و هذه المقدّمة هی ما تسمّی بالشرط المتأخر.
و قد اختلف الأعلام فی إمکان الشرط المتأخر.
نتکلم فی الشرط المتأخر فی أمرین:
ص: 213
و له بیانان:
إنّ الشرط من أجزاء العلّة التامّة و العلّة بجمیع أجزائها لابدّ أن تتقدّم علی المعلول و لایعقل تأخر بعض أجزاء العلّة التامّة عن معلولها و إلّا لاتتحقّق العلّة التامّة قبل وجود المعلول فلایتحقّق المعلول، فلایجوز تأخر الشرط عن المشروط عقلاً و لذا لابدّ أن یأوّل ما یوهم ذلک.
فالالتزام بالشرط المتأخر نقض للقاعدة العقلیة إلّا إذا قلنا بنفی العلّیة و المعلولیة بین الشرط و المشروط و هو خلف الفرض أو إذا قلنا بتأثیر المعدوم (أی الشرط قبل وجوده) فی الموجود (و هو المشروط) و هذا أیضاً محال.
قال صاحب الکفایة (قدس سره) ((1)) بالتعمیم لاعتبار مقارنة العلّة و المعلول عنده فکما
ص: 214
لایمکن تأخّر الشرط عن المشروط لایمکن تقدّمه علیه فیعمّ الإشکال الشرط المتقدّم أیضاً.
أجاب عنه المحقّق الخوئی (قدس سره) ((1)) بأنّ الشرط هو مصحّح لفاعلیة الفاعل أو متمّم لقابلیة القابل فإنّ شأن الشرط أنّما هو إعطاء استعداد التأثیر للمقتضی فی مقتضاه، و لیس شأنه التأثیر الفعلی فیه حتّی لایمکن تقدّمه علیه زماناً، فلا مانع من تقدّم ما هو معدّ و مقرّب للمعلول حتی یمکن صدوره عن العلّة، و لاتعتبر المقارنة فی الشرط.
إشکال المحقّق النائینی (قدس سره) ((2)) علی الشرط المتأخر
إنّ القضایا الشرعیة قضایا حقیقیة، و الموضوع فی القضایا الحقیقیة قد أُخذ مفروض الوجود بتمام شرائطه و قیوده بداهة أنّه ما لم یتحقّق الموضوع فی الخارج یستحیل تحقّق الحکم لأنّ نسبة الموضوع إلی الحکم کنسبة العلّة التامّة إلی معلولها، فإنّ القضایا الحقیقیة قضایا شرطیة مقدّمها وجود الموضوع و تالیها ثبوت المحمول للموضوع فلایمکن وجود التالی قبل وجود الموضوع و لا وجود المعلول قبل وجود العلّة و علی هذا لایمکن تحقّق الشرط المتأخر لأنّه مستلزم لذلک.
ص: 215
قد تصدّی بعض الأعلام لحلّ هذه المشکلة بعدم اعتبار القاعدة العقلیة فی هذا المقام و فی قبالهم بعض المحققین التزموا بهذه القاعدة و حاولوا توجیه الموارد التی یتوهّم فیها انتقاض القاعدة و قد تعرض بعض الأساطین (حفظه الله) لبیان تلک الوجوه و التحقیق حولها.
إنّ المشروط متوقّف فی وجوده علی الشرط فلابدّ من تحقّق الشرط فی وجود المشروط، أمّا اشتراط تقارن الشرط و المشروط فلا ملزم له.((1))
((2))
أنّ هذا الجواب فی الحقیقة إنکار للقاعدة العقلیة و التزام بالإشکال المذکور، و القول بعدم اعتبار التقارن بین الشرط و المشروط یستلزم حصول الأثر قبل حصول مؤثّره (و هذا یرجع إلی تحقّق المعلول بلا علّة).
إنّ الشیخ (قدس سره) ملتزم بالقاعدة العقلیة و لذا یقول: إنّ الشرط المتأخر غیر
ص: 216
معقول، فالشرط هنا لیس متأخراً و لابدّ له من توجیه الموارد الموهمة للشرط المتأخر، و لذلک أنکر کون الإجازة کاشفة فی الفضولی و قال بأنّ الشرط فی هذه الموارد لیس هذا الأمر بوجوده المتأخر بل بوصف التأخر. ((1))
فما أفاده مبتن علی التزامه بالقاعدة العقلیة و حلّ الإشکال بجعل الشرطیة فی الوعاء الذی فوق الزمان.
ص: 218
((1))
أوّلاً: أنّ الخطابات الشرعیة ملقاة إلی العرف و العرف لایفهم الوجود الدهری بل هو یری الزمان و الزمانیات فالأمر الموجود فی الزمان المتأخر هو المؤثر عند العرف العام علی ما استظهره من الخطابات الشرعیة.
ثانیاً: أنّ الشرط لابدّ أن یکون مقدوراً للمکلّف و المکلّف قادر علی إیجاد الشرط فی الزمان أمّا وجوده الدهری فهو خارج عن تحت قدرة المکلّف فلایمکن أخذه شرطاً للتکلیف.
أولاً: أنّ الخطابات الشرعیة أُلقیت لبیان وظائف المکلّفین و لا ریب فی أنّ وظیفة المکلّف مثلاً أداء العمل فی الزمان المتأخر عن المشروط أمّا کون الشرط هو نفس هذا العمل بوجوده الزمانی أو لحاظه و وجوده العلمی أو وجوده الدهری فهو خارج عن نطاق الخطابات بل هو مرتبط بملاکات الأحکام.
ثانیاً: أنّ العمل الزمانی له صورة مثالیة و صورة ملکوتیة و صورة جبروتیة فوق عالم التقدّر و التعلّق به، فما یصدر عن المکلّف الموجود فی عالم الطبیعة لیس عملاً زمانیاً صرفاً بل الصورة الملکوتیة أیضاً صادرة عن المکلّف و إنّما الفرق هو فی إدراک هذه الصور فمن انغمر فی هذه النشأة الدنیویة لایری الصورة الملکوتیة لعمله إلّا إذا خرجت عنها کما قال تعالی: (وَ بُرِّزَتِ الْجَحیمُ لِمَنْ یریٰ)((2)).
ص: 219
نعم ما أفاده السید المجدّد الشیرازی (قدس سره) و إن کان ممکناً ثبوتاً إلّا أنّه لا دلیل علیه فی مقام الإثبات، إلّا أنّ صرف احتمال ذلک یوجب حلّ الإشکال.
أمّا شرائط الحکم فمحصّل الکلام فیها هو أنّ الشرط فی الحقیقة تصور الشیء و وجوده الذهنی فإنّ ما هو دخیل فی تحقّق المشروط لحاظ الشرط.
أمّا ما أفاده فی شرط الحکم فقد قرّبوه بوجوه ثلاثة:
إنّ الحکم أمر نفسانی فإنّه الاعتبار القائم بالإرادة النفسانیة (إنّ المحقّق الخراسانی (قدس سره) یقول بأنّ الحکم هو ذاک الاعتبار و المحقّق العراقی (قدس سره) یقول: هو الإرادة النفسانیة المذکورة)
و بمقتضی لزوم السنخیة بین العلّة و المعلول فلابدّ أن تکون مبادئ الحکم (من المقتضی و الشرط و عدم المانع) أیضاً أُموراً نفسانیة و لیس ذلک إلّا لحاظ الشرط لأنّ الشرط بوجوده الخارجی لیس أمراً نفسانیاً فیرتفع إشکال الشرط المتأخر بأنّ الشرط لیس متأخراً بل هو مقارن للمشروط.
ص: 220
فلو تمّ هذا التقریب یکون برهاناً عقلیاً علی أنّ شرط الحکم لابدّ أن یکون وجوداً ذهنیاً.
إنّ السنخیة بین العلّة و المعلول لاتنحصر فی الوجودات النفسانیة، بل الوجود سنخ واحد و حقیقة واحدة و علی هذا لا مانع من شرطیة الوجود الخارجی لما هو من سنخ الوجودات النفسانیة بل الحکم من الموجودات الاعتباریة و الإرادة التی هی من مبادئ الحکم وجود نفسانی و شرطها إمّا وجود خارجی و إمّا وجود نفسانی و إمّا وجود اعتباری و کلها من سنخ واحد.
إنّ العلم هو المؤثر فی الإرادة لا المعلوم الخارجی، فإنّ العطش بوجوده الخارجی لایوجب إرادة شرب الماء إلّا إذا علم به، فالصورة العلمیة هی المؤثر فی إرادة الشیء، و هکذا یقال: المؤثر فی الملکیة هو العلم بالإجازة لا الإجازة الخارجیة، فالشرط هو الصورة العلمیة و هی مقارنة للمشروط.
و حاصل التقریب الثانی أنّ المؤثّر فی الإرادة و التحریک نحو الشیء هو العلم و الوجود اللحاظی فلابدّ أن یکون الشرط وجوداً علمیاً.
إنّ العلم و إن کان کذلک من حیث إنّه شرط التنجّز و لکن الحکم الفعلی قبل وصوله بالعلم موجود فالصورة العلمیة للشرط توجب وصول الحکم إلی المکلّف و تنجّزه و أمّا الحکم فهو قبل وصوله إلی المکلّف یکون فعلیاً من جهة تعلّقه بالمکلّف الجاهل فإنّ وجوب الصوم بالنسبة إلی الجاهل بوجوب صوم
ص: 221
شهر رمضان المبارک أو الجاهل بحلول الشهر فعلی و لذا یحکم بقضاء صومه إن مات فی حال جهله نعم إنّ شرط التنجّز قد یکون شرطاً للفعلیة و أُخری لایکون کذلک و لکن هذا لایرتبط بما نحن فیه.
فلا مانع حینئذ من أن یکون شرط فعلیة الحکم وجوداً خارجیاً.
إنّ الحکم یتفاوت حاله عن سائر الموجودات من حیث العلل الأربع، فإنّ الموجودات الخارجیة تحتاج إلی العلل الأربع من العلّة الفاعلیة و الغائیة و الصوریة و المادّیة و لکن الحکم یتحقّق بمجرد العلّة الفاعلیة و العلة الغائیة متصورة عند الحکم مؤثرة بهذا التصور.
و حاصل التقریب الثالث أنّ العلّة الغائیة بوجودها العلمی یؤثر فی التحریک نحو الشیء.
إنّ الکلام هنا فی شرط الحکم لا فی العلّة الغائیة لحکم وجوب الصلاة، فلا مانع من أن یکون فعلیة الحکم متوقّفةً علی وجود أمر خارجی من جهة توقّف المصلحة الملزمة التی هی فی متعلّق الحکم علی تحقّق هذا الأمر الخارجی و لذا یجعل الشارع إنشاء الحکم و فعلیته متوقّفاً علی هذا الأمر بوجوده الخارجی.
ثمّ إنّ بطلان التقریبات الثلاثة المذکورة لاینافی إمکان إرجاع الشرط المتأخر إلی الصورة العلمیة بنحو الشرط المقارن (فإنّ الشرط قد یکون وجوداً خارجیاً و أُخری وجوداً علمیاً و ثالثة وجوداً دهریاً کما أفاده المحقّق السید المجدّد الشیرازی (قدس سره) علی حسب اعتبار الشارع).
ص: 222
یتوقف بیان الإشکال بالنسبة إلی شرائط الحکم علی مقدّمتین:
المقدمة الأُولی: إنّ العنوان المأخوذ فی موضوع القضیة الخارجیة حیثیة تعلیلیة و الموضوع الحقیقی هو معنونه و أمّا العنوان المأخوذ فی موضوع القضیة الحقیقیة حیثیة تقییدیة و نتیجة ذلک هی أنّ إنشاء الحکم فی القضیة الخارجیة متحد مع الفعلیة و لکن الإنشاء فی القضیة الحقیقیة مقدّم علی الفعلیة.
المقدمة الثانیة: إنّ
مراتب الحکم عند صاحب الکفایة (قدس سره) أربع و هی: الملاک والإنشاء و الفعلیة و التنجز و أمّا المحقّق النائینی (قدس سره) فیقول بخروج الملاک عن مراتب الحکم لأنّ الملاک علّة للحکم و أیضاً یقول بخروج مرحلة التنجّز لأنّ التنجّز هو حکم العقل باستحقاق العقاب.
و حینئذ نقول: إنّ الشرط فی القضیة الخارجیة ینحصر فی شرط الجعل و الإنشاء لاتحاد مرحلتی الإنشاء و الفعلیة فیها، و لکن الشرط فی القضیة الحقیقیة إمّا شرط للجعل و إمّا شرط للمجعول الذی هو الحکم الفعلی.
و شرط مرحلة الفعلیة هو الوجود الخارجی للموضوع المتصور بقیوده أمّا شرط مرحلة الإنشاء فهو لحاظ ذلک فی عالم الاعتبار.
و البحث هنا فی شرائط الحکم فی مرحلة الفعلیة لا شرائط إنشاء الحکم فما قال من أنّ الشرط هو لحاظ الأمر المتأخر لایجدی بالنسبة إلی شرائط فعلیة الحکم.
أوّلاً: إنّ فعلیة الحکم تتوقف علی فعلیة موضوعه بتمام قیوده و شرائطه و
ص: 223
لکن یمکن أن یکون شرط الحکم هو العلم من حیث إنّه کیف نفسانی فإنّ العلم بتحقّق أمر فی المستقبل فعلی و إن کان المعلوم بالعرض معدوماً فعلاً و علی هذا یقول صاحب الکفایة (قدس سره): اللحاظ شرط فی الحکم و فعلیة الحکم تتوقف علی فعلیة اللحاظ لا فعلیة الملحوظ بالعرض.
ثانیاً:((1))لا دلیل علی تقارن فعلیة الحکم و فعلیة شرطه، لأنّ الحکم أمر اعتباری و لا واقع له ما عدا اعتبار من بیده الاعتبار فإذا کان أمره بید الشارع وضعاً و رفعاً و سعةً و ضیقاً کان له جعله بأی شکل و نحو أراد، لأنّ المجعول فی القضایا الحقیقیة حصّة خاصّة من الحکم و هی الحصّة المقیدة بقید فرض وجوده فی الخارج و من الطبیعی أنّ هذا القید یختلف؛
فمرّة یکون قیداً لها بوجوده المتأخر مثل أن یأمر المولی بإکرام زید مثلاً فعلاً بشرط مجیء عمرو غداً فإنّ المجعول فیه هو حصّة خاصّة من الوجوب و هو الحصّة المقیدة بمجیء عمرو غداً فإذا تحقّق القید فی ظرفه کشف عن ثبوتها فی موطنها و إلّا کشف عن عدم ثبوتها فیه؛
و مرّة ثانیة یکون قیداً لها بوجوده المتقدّم کما لو أمر بإکرام زید غداً بشرط مجیء عمرو هذا الیوم و مرة ثالثة بوجوده المقارن.
و مثال الشرط المتأخر فی العرفیات: الحمامات المتعارفة فی زماننا هذا فإنّ المالک یرضی فی نفسه رضیً فعلیاً بدخول الأفراد فیها بشرط أداء الأُجرة، فالرضا فعلی و الشرط متأخر.
ص: 224
أمّا شرائط المأموربه: فإنّ معنی کون شیء شرطاً للمأموربه هو أنّ المامور به یکون بالإضافة إلی هذا الشرط حسناً فیکون حینئذ متعلّقاً للأمر، فما لم تحصل الإضافة لیس حسناً.
توضیح ذلک: هو أنّ الشیء إمّا علّة تامّة للحسن و القبح مثل العدل و الظلم و إمّا مقتضٍ له مثل الصدق و الکذب و إمّا هو لااقتضاء بالنسبة إلیهما بل یتصف بهما بالوجوه و الاعتبارات مثل الضرب فإنّه حسن للتأدیب و قبیح للتفریح و أمثاله، لأنّ الضرب بالاعتبار الأوّل یکون مصداقاً للعدل و بالاعتبار الثانی یکون مصداقاً للظلم.
ثم إنّ الإضافة کما تکون إلی المقارن تکون إلی المتأخر أو المتقدّم فیکون الشیء (مثل الضرب) بالإضافة إلی المتقدّم أو المتأخر حسناً أو قبیحاً و هنا لابدّ من التفریق بین الإضافة و طرفها، فإنّ ما هو موجب للاتصاف بالحسن و القبح هو الإضافة فمتی تحقّقت الإضافة یتصف الشیء بالحسن و القبح و إن کان طرف الإضافة متقدّماً أو متأخراً.
فالشرط فی الحقیقة هو الإضافة و أمّا المتقدّم و المتأخر فیطلق علیه الشرط تسامحاً من جهة أنّه لولا حصول المتأخر فی محلّه لما کانت للمتقدّم تلک الإضافة.
التحقیق هو خروج شرائط المأموربه عن حریم النزاع، بداهة أنّ شرطیة شیء للمأموربه لیست إلّا بمعنی أخذه قیداً فی المأموربه، فکما یجوز تقییده بأمر سابق
ص: 225
أو مقارن یجوز تقییده بأمر لاحق کتقید صوم المستحاضة بالاغتسال فی اللیلة اللاحقة إذا اغتسلت بعد اللیل فهل هذا الغسل یؤثر فی رفع الحدث إلی طلوع الفجر و کذلک الغسل بعد الفجر یؤثر فی رفع الحدث إلی الزوال و کذا الغسل بعد الزوال یؤثر فی رفعه إلی الغروب أو إنّ کلّ غسل یؤثر فی رفع الحدث السابق علیه، فالغسل فی اللیل یرفع الحدث من الزوال إلی اللیل؟
و الأوّل هو مختار المشهور و لذا أفتوا بأنّها لو ترکت الاغتسال فی اللیل بطل صومها فی الغد لطلوع الفجر علیها و هی غیر طاهرة.
و ذهب بعضهم إلی الثانی، و من ثم وقع الإشکال فی إمکان تأثیر الغسل اللاحق فی رفع الحدث السابق.
و مع قطع النظر عن هذه الجهة لاینبغی الإشکال فی جواز تأخّر شرط المأموربه عن مشروطه، إذ لایزید الشرط بالمعنی المزبور علی الجزء الدخیل فی المأموربه تقیداً و قیداً، فکما لا إشکال فی إمکان تأخر الأجزاء بعضها عن بعض لاینبغی الإشکال فی جواز تأخر الشروط عن المشروط بها أیضاً.((1))
((2))
أوّلا بالنقض: إنّ هذا مناقض لما أفاده (قدس سره) من الفرق بین المقدّمات الداخلیة بالمعنی الأخصّ و المقدّمات الخارجیة بالمعنی الأعمّ حیث قال بخروج الأُولی عن محل النزاع دون الثانیة و لکن هنا یقول بأنّ الشرائط الخارجیة بحکم المقدّمات الداخلیة.
ص: 226
ثانیاً بالحلّ: إنّ الشرائط بأجمعها خارجة عن المأمور به و الداخل فیه إنّما هو تقیده بها فإذن کیف یعقل أن تکون متعلّقة للأمر النفسی کالأجزاء.
و علی هذا یکون قیاس شرائط المأموربه بالأجزاء الداخلیة قیاساً مع الفارق فإنّ الأجزاء یجوز تقدیم بعضها علی بعض و هذا فی المرکّب التدریجی و لکن الشرط و المشروط فلا.
((1))
إنّ الإضافة أمر واقعی و المتضایفان متکافئان قوّةً و فعلاً و لایعقل وجود الإضافة و المضاف فی وقت مع أنّ الطرف الآخر للإضافة لم یوجد.
و بعبارة أُخری: إنّ تحقّق الإضافة بلاتحقّق طرفها محال، فإنّ المفاهیم التی هی ذات إضافة لاتوجد إلّا مع تحقّق طرف الإضافة فضلاً عن نفس الإضافة، فإنّ تحقّقها بدون تحقّق طرفها خلف، لأنّ الکلام فی الإضافة المقولیة لا الإضافة الإشراقیة).
انتقض علی هذا البیان بأنّ بعض المفاهیم یضاف إلی الزمان السابق أو اللاحق مع أنّ الزمان أمر متصرم و الزمان السابق أو اللاحق غیر موجود فی الحال، مثلاً یقال الیوم الماضی و الیوم المستقبل مع أنّ طرف الإضافه منعدم.
((2))
أجاب عنه الشیخ الرئیس (قدس سره) بأنّ الإضافة هنا ذهنیة و یمکن اجتماع الأزمنة
ص: 227
السابقة و اللاحقة فی ظرف الذهن و وعائه.
(بل الإضافة اعتباریة لأنّها تقوم بطرفیها و إذا کان طرفها أمراً إعتباریاً فهو أیضاً کذلک).
و لذا لانلتزم بما أفاده المحقّق الخراسانی (قدس سره) فی شرط الحکم (بل له أن یقول بشرطیة الصورة العلمیة علی وزان ما أفاده فی شرط الحکم) و لکنّه یکفی فی بیان عدم استحالة ما یوهم أنّه شرط متأخّر إمکان إرجاعه إلی شرطیة الصورة العلمیة.
هذا کلّه بناءً علی الاعتقاد بتحفظ قاعدة العلیة و المعلولیة کما علیه الشیخ الأنصاری و السید المجدّد الشیرازی و صاحب الکفایة و المحقّق النائینی (قدس سره) و لذا حاولوا توجیه الشرط المتأخر.
أمّا بعض الأعلام مثل صاحب الجواهر و المحقّق النراقی و المحقّق الاصفهانی و المحقّق الخوئی (قدس سره) یرون توسعة عالم الاعتبار.
فمنهم من قال بالتحفّظ للقاعدة العقلیة من جهة أنّ فعلیة الحکم تتوقّف علی فعلیة شرطه و لکن لم یلتزم بلزوم تقارنهما مثل المحقّق النراقی و المحقّق الخوئی (قدس سره) و منهم من لم یلتزم بأصل القاعدة العقلیة و قال بتوسعة عالم الاعتبار و أنّه بید المعتبر((1)) و لایمکن الإشکال بالاستحالة لأنّ فی عالم الاعتبار یجتمع
ص: 228
المتضادان و النقیضان و إذا قلنا بعدم استحالة اجتماع النقیضین فلا وجه لاستحالة شیء فی هذا الوعاء لأنّ جمیع المحالات ترجع إلی استحالة اجتماع النقیضین.
فلا مانع من اعتبار شرطیة أمر متأخّر لتحقّق أمر اعتباری کما أنّه لا مانع من اعتبارات متناقضة مثل اعتبار ملکیة زید لهذا الدار من یوم الخمیس إلی یوم الجمعة ثمّ اعتبار عدم ملکیتّه فی خصوص هذا الظرف((1)).
ص: 229
ص: 230
(فیه مقدمة و ناحیتان)
الناحیة الأُولی:القیود المأخوذة فی الأدلّة ترجع إلی الهیأة أو المادة؟
الناحیة الثانیة:إذا تردّد أمر القید بین الرجوع إلی المادّة أو الهیأة فما مقتضی الأصل؟
ص: 231
ص: 232
و فیها مطالب ثلاثة:
إنّ صاحب الکفایة (قدس سره) قال: إنّ هذه التعریفات تعاریف لفظیة لشرح الاسم و اتبع فی ذلک تعبیر الحکیم السبزواری (قدس سره) و استشکل هذا القول المحقّق الإصفهانی (قدس سره) فی نهایة الدرایة((1))بأنّ التعریف اللفظی هو ما یقابل شرح الاسم، فإنّ السؤال عن الماهیة قد یکون قبل العلم بوجوده (أی قبل السؤال عن الهلیة البسیطة) فالسؤال عن حدّ الماهیة أو رسمها حینئذ یسمّی بما الشارحة و الجواب عنه هو شرح الاسم و قد یکون بعد العلم بوجوده (أی بعد السؤال عن الهلیة البسیطة) فالسؤال عن حدّ الماهیة أو رسمها یسمی بما الحقیقة و الجواب عنه هو شرح الحقیقة لأنّ الحقیقة هی الماهیة الموجودة.
و لذا قال: المعروف عندهم أنّ الحدود قبل الهلیات البسیطة حدود اسمیة و هی بأعیانها بعد الهلیات تنقلب حدوداً حقیقیة. (کما صّرح به الشیخ الرئیس و المحقّق الطوسی (قدس سرهما).
نعم إنّ شرح الاسم قد یساوق التعریف اللفظی و لکن شرح الاسم المرادف لمطلب ما الشارحة لایساوق التعریف اللفظی.
ص: 234
((1)):
إنّ صاحب الکفایة (قدس سره) جعل هذا التقسیم من تقسیمات الواجب و لایمکن المساعدة علیه کما صرّح به المحقّق الخوئی (قدس سره) ((2))و بعض الأساطین (حفظه الله) ((3)).
إنّ التقسیم المذکور بناء علی مبنی الشیخ الأنصاری (قدس سره) هو من تقسیمات الواجب و لکن علی مبنی صاحب الکفایة (قدس سره) و جمع من الأعلام لابدّ من عدّه من تقسیمات الوجوب و سیتضح ذلک إن شاء الله تعالی فی خلال البحث (و قد صرح صاحب الکفایة (قدس سره) ((4))بأنّ نفس الوجوب فی الواجب المشروط مشروط بالشرط).
ص: 235
إنّ وصفی الإطلاق و التقیید أمران إضافیان لاحقیقیان کما أفاده صاحب الکفایة (قدس سره) و إلّا فجمیع الواجبات مشروطة بالشرائط العامة للتکلیف من البلوغ و العقل فالمراد هو أنّ الشیء الواحد قد یکون مشروطاً بشیء و أُخری یکون مطلقاً بالنسبة إلیه.
ص: 236
و فیها موضعان:
قد اختلف الأعلام فی القیود المأخوذة فی الأدلّة علی نحو الشرطیة هل ترجع إلی الهیأة فیکون الوجوب مقیداً و مشروطاً أو ترجع إلی المادّة فیکون الوجوب مطلقاً والواجب مشروطاً.
و المهم هنا ثلاثة من الأقوال:
إنّ المعروف بینهم (کما علیه صاحب الکفایة (قدس سره) و من تبعه) هو أنّ القید یرجع إلی الهیأة.
إنّ الشیخ الأنصاری (قدس سره) یقول برجوع القید إلی المادّة (علی ما نسب إلیه فی
ص: 237
مطارح الأنظار((1)) و المحقق النائینی (قدس سره) نقل عن أُستاذه عن المیرزا الشیرازی (قدس سره) عدم صحّة الانتساب المذکور((2)))
إنّ المحقّق النائینی (قدس سره) یقول بتقیید المادّة المنتسبة بمعنی رجوع القید إلی اتصاف المادّة بالوجوب((3)).
ص: 238
مقتضی القواعد الأدبیة و المتفاهم العرفی هو أنّ الشرط و القید یرجع إلی الهیأة کما هو ظاهر القضیة الشرطیة لأنّ الظاهر من مثل قوله: «إن جاءک زید فأکرمه» هو أنّ طلب الإکرام و إیجابه مترتب علی تحقّق مجیء زید.
و اعترف الشیخ الأنصاری (قدس سره) بهذا الظهور و لم ینکره إلّا أنّه قد أُقیمت وجوه علی عدم إمکان رجوع القید و الشرط إلی الهیأة کما أنّه استدلّ علی رجوع القید إلی المادّة.
إنّ مفاد الهیأة هو المعنی الحرفی و هو جزئی لا کلی و الوضع فی الحروف و الهیئات عام و الموضوع له خاص، و حیث لم یکن کلّیاً لایتصوّر فیه الإطلاق و کل ما لایقبل الإطلاق لایقبل التقیید أیضاً لأنّهما من قبیل الملکة و العدم، بل المعنی الحرفی لایقبل التقیید لجزئیته (فلو لم نقل بأنّ الإطلاق و التقیید من قبیل الملکة و العدم لایمکن تقییده أیضاً.) فإنّ الشیء الجزئی لایتصوّر فیه سعة حتی یکون مطلقاً فیمکن تقییده.
إنّ مفاد الهیئات کما حقّقه المحقّق الخراسانی (قدس سره) لیس من المعانی الحرفیة بل
ص: 239
هو من المعانی الاسمیة و الوضع و الموضوع له و المستعمل فیه فی الحرف عام و الخصوصیة من قبل الاستعمال و هو لحاظ الآلیة.
فعلی هذا یکون الطلب المستفاد من الهیئة مطلقاً و قابلاً لأنّ یقید.((1))
قد تقدّم بطلان هذا المبنی فی مبحث المعانی الحرفیة.
لو سلّمنا جزئیة المعنی الحرفی فإنّ ذلک یمنع من التقیید بمعنی کونه مطلقاً ثمّ تقییده أمّا إذا أُنشئ مقیداً من أوّل الأمر من دون أن یکون مطلقاً (لأنّ إطلاقه عند القائل بالجزئیة محال) فلا إشکال فیه.
لا فرق بین الصورتین بل نتصوّر إطلاق المعنی الحرفی و تقییده و إن کان جزئیاً و سیجیء بیان ذلک ذیل کلام المحقّق الاصفهانی (قدس سره) .
إنّ المحقّق العراقی (قدس سره) و إن کان یختلف مبناه عن ما هو علیه المحقّق الخراسانی (قدس سره) و لکنّه أیضاً یقول بعموم الموضوع له فی الحروف لأنّ المعانی الحرفیة عنده من الأعراض النسبیة و الموضوع له فیها الحیثیة السنخیة المحفوظة فی ضمن أنحاء النسب الشخصیة من الابتدائیة و الانتهائیة و الظرفیة((2)).
ص: 240
فالهیئات و الحروف عنده تقبل الإطلاق و التقیید.
قد تقدم بطلان مبناه فی البحث عن المعانی الحرفیة.
((1))
ما أُجیب به عن ذلک من أنّ المعانی الحرفیة معان کلیة لاجزئیة فهی قابلة للتقیید و الإطلاق فهو غیر صحیح، لأنّ المانع عن الإطلاق والتقیید لیس الجزئیة کما توهمه المجیب بل المانع هو کون المعنی ملحوظاً آلیاً و هذا لایرتفع بکون المعنی کلیاً.
ما أفاده مبتنٍ علی إشکال آخر فی رجوع الشرط إلی الهیأة و سیجیء تحقیقه إن شاء الله تعالی.((2))
((3))
إنّ المعانی الحرفیة و معانی الهیئات لیست جزئیة ذهنیة و لا عینیة بل جزئیتها و خصوصیتها بتقومها بطرفیها ولذا قلنا: إنّ الوضع فیها عام و الموضوع له خاص کما أنّها غیر کلیة بمعنی صدقها علی کثیرین لأنّها لا جامع ذاتی لها حتی
ص: 241
یصدق علی أفرادها، بل کلیتها بمعنی قبولها للوجودات لأنّ القدر المسلّم من خصوصیتها هی الخصوصیة الناشئة من التقوم بطرفیها فقط.
أمّا تقیید المعانی الحرفیة و الهیئات فلا مانع منه، بمعنی أنّ البعث الملحوظ نسبته بین أطرافه من الباعث و المبعوث و المبعوث إلیه ربما یکون مطلقاً و أُخری یکون مخصّصاً و مشروطاً من جهة الشرط الذی علّق علیه.
و لم یکن جامع ذاتی بین النسبة المطلقة (غیر المتخصصة) و النسبة المتخصّصة المشروطة، لأنّ النسبة لیست لها ماهیة بل لها ذات تعلقیة و وجود ربطی تعلّقی و وجودها لیس محمولیاً حتی تنتزع عنه الماهیة، لأنّ الماهیة هی ما یقال فی جواب ما هو، فلابدّ أن یکون لها وجود محمولی حتّی تکون مقولة فی جواب ما هو و الوجود الربطی هو فی قبال الوجود المحمولی.
فتحصّل أنّ الإطلاق و التقیید فی المعانی الحرفیة لیسا بمعنی سعة المفهوم و تضییقه حتّی یستشکل علیه بعدم إمکان سعة مفهومه و تضییقه، بل الإطلاق بمعنی عدم تعلیق الفرد الموجود علی شیء وتعلیق الطلب لیس من شؤونه حتّی یکون موجباً لتضییق دائرة مفهمومه، فالتقیید بمعنی تعلیقه علی أمر مقدّر الوجود.
((1)):
إنّ التعلیق فی الشیء لایعقل إلّا إذا کان للشیء فردان و حصّتان مثل البیع فإنّه مطلق و له فردان: البیع المنجّز و البیع المعلّق و علی هذا یکون فرض التعلیق فی المعنی الحرفی ملازماً لإطلاقه بالنسبة إلی صورتی التنجیز و التعلیق فما أفاده لایجدی فی دفع إشکال الشیخ (قدس سره) .
ص: 242
قد تقدّم أنّ الإطلاق الذی لایقبله المعنی الحرفی هو الإطلاق الذی بمعنی سعة مفهومه بحیث یشمل الصورتین فی آن واحد کما هو فی موارد الإطلاق الشمولی، أمّا الإطلاق الذی لایشمل الصورتین کما فی موارد الإطلاق البدلی فلا مانع من تصویره فی المعنی الحرفی، فإنّ المعنی الحرفی إمّا منجّز من حیث عدم ترتّبه علی الشرط و إمّا معلّق علی تحقّق الشرط.
و هذا الوجه هو ما اعتمد علیه المحقق النائینی (قدس سره) ((1))فقال برجوع الشرط إلی المادّة المنتسبة و استدلّ علی عدم إمکان رجوعه إلی الهیأة بأنّ التحقیق هو أنّ النسبة مدلولة للهیأة فهی ملحوظة آلةً و معنی حرفیاً و الإطلاق و التقیید من شؤون المفاهیم الاسمیة الاستقلالیة.
((2))
إنّ الإطلاق و التقیید یتقوّمان باللحاظ، أمّا کونهما استقلالیاً فلا بل تابع لما اعتُبِرا فیه فإن کان استقلالیاً فالإطلاق و التقیید کذلک و إن کان آلیاً فهما کذلک.
ص: 243
(إنّ الآلی بذاته آلی فی جمیع وجوداته و بتمام اعتباراته).
((1))
أوّلاً: ربما یکون المعنی الحرفی مورد الالتفات و التوجّه استقلالاً و ذلک کما إذا علمنا بورود زید مثلاً فی بلد و نعلم أنّه سکن فی مکان و لکن لانعلم المکان بخصوصه، فنسأل عن تلک الخصوصیة التی هی معنی الحرف فالمعنی الحرفی هو الملحوظ استقلالا.ً
ثانیاً: علی تقدیر تسلیم لزوم ملاحظة المعنی الحرفی باللحاظ الآلی فإنّ طرو التقیید حین لحاظ المعنی الحرفی باللحاظ الآلی ممنوع و لکن إذا قید المعنی أوّلاً بقید، ثم لوحظ المقید آلیاً فلا محذور فیه أبداً، و علیه فلا مانع من ورود اللحاظ الآلی علی الطلب المقید فی رتبة سابقة علیه.
إنّ ذلک مبتن علی مختاره فی المعنی الحرفی و لکن علی ما تقدّم من أنّ المعنی الحرفی تعلّقی ذاتاً و وجوداً (و لیس للنسبة الحقیقیة وجود نفسی محمولی لا عیناً و لا ذهناً بل وجودها عین وجود طرفیها ذهناً و عیناً فإنّ فعلیتها بالعرض بتبع فعلیة الطرفین بالذات، فلذا تکون کالآلة لوقوع طرفیها موقع الظرفیة و المظروفیة و أمثالهما) فلایمکن لحاظه استقلالاً، فما أفاده فی الجواب الأوّل مبنائی و لایمکن لنا الالتزام به أمّا الجواب الثانی فهو ما أفاده صاحب الکفایة (قدس سره) فی الجواب الثانی عن الشیخ (قدس سره) بعینه و مضی الکلام عنه.
ص: 244
((1))
تقریره علی ما فی المحاضرات:((2))
إنّ رجوع القید إلی مفاد الهیأة بما أنّه مستلزم لتفکیک الإنشاء عن المنشأ و الإیجاب عن الوجوب الذی هو مساوق لتفکیک الإیجاد عن الوجود فهو غیر معقول، بداهة أنّه لا فرق فی استحالة التفکیک بین الإیجاد و الوجود فی التشریع و التکوین، و علی الجملة إیجاب المولی و وجوبه إنّما یتحقّقان بنفس إنشائه فلا فرق بینهما إلّا بالاعتبار فبملاحظة فاعله إیجاب و بملاحظة قابله وجوب، فلو رجع القید إلی الهیأة لزم تحقّق الإیجاب دون الوجوب و مردّه إلی تخلّف الوجود عن الإیجاد و هو مستحیل.
فالنتیجة تعین رجوع القید إلی المادّة بعد استحالة رجوعه إلی الهیأة.
إنّ المنشأ إذا کان هو الطلب علی تقدیر حصول الشرط فلابدّ أن لایکون قبل حصول الشرط طلب و بعث.
و إن کان الطلب حاصلاً قبل حصول الشرط لتخلّف المنشأ عن الإنشاء، حیث فرضنا کون المنشأ هو الطلب المشروط، فحصوله قبل شرطه یوجب تخلّف المنشأ عن الإنشاء.
ص: 245
و تعلیق المنشأ لایوجب تعلیق الإنشاء کما لایوجب تعلیق المخبر به تعلیقاً فی الإخبار.
قد أورد علیه السید الخوئی (قدس سره) ((1))بأنّه مصادرة إلی المطلوب کما أوردوا علیه ببطلان قیاس باب الإنشاء و الإخبار.
قال بعض الأساطین((2)): انّ النسبة بین الإنشاء و المنشأ هی نسبة الإیجاب و الوجوب و نسبة الإیجاد و الوجود بخلاف باب الإخبار فإنّ النسبة بین المخبر و المخبر، نسبة الحاکی و المحکی و تفکیک الإیجاد و الوجود غیر معقول لأنّ تفاوتهما بالإعتبار، أمّا تفکیک الحاکی و المحکی فلا إشکال فیه.
((3))
إذا أُرید بالإنشاء ما هو من وجوه الاستعمال فتخلفه عن المستعمل فیه محال، سواء وجد البعث الحقیقی أم لا، لأنّ الإنشاء إیجاد المعنی باللفظ و هو نحو من استعمال اللفظ و لایمکن تحقّق الإیجاد الإنشائی من دون وجود المعنی الإنشائی، لاستحالة الاستعمال مع عدم المستعمل فیه فعلاً فی مرتبة وجوده الاستعمالی.
ص: 246
و إذا أُرید به البعث التقدیری، فما هو الثابت فعلاً هو البعث بثبوت فرضی تقدیری حیث جعل المرتّب علیه (و هو الشرط) واقعاً موقع الفرض و التقدیر و إثبات شیء کذلک (أی بإثبات فرض) لایتخلّف عن الثابت بذاک النحو من الثبوت الفرضی فلاینفک الإیجاد و الوجود فی هذه المرحلة.
و إذا أُرید به البعث التحقیقی، فثبوت البعث تحقیقاً یتبع ثبوت المرتب علیه (أی الشرط) تحقیقاً، و الإنشاء لایکون مطابقاً و مصداقاً لإثبات البعث تحقیقاً إلّا بعد ثبوته تحقیقاً، و بعد حصول الشرط یتحقّق الإثبات و الثبوت التحقیقیان فلاینفک الإیجاد و الوجود أیضاً.
ثم إنّ المحقّق (قدس سره) أکّد علی عدم إمکان انفکاک الإیجاد و الوجود فی التشریعیات کما لاینفکان فی التکوینیات وقال: توهّم الانفکاک فی عالم التشریع ناش عن عدم الالتفات إلی وجه الاتحاد و کیفیة الاعتبار.
مثال ذلک هو أنّ حقیقة الملکیة الاعتباریة عین اعتبار الملکیة، فالهویة الاعتباریة لها نسبة إلی المعتبر فیکون إیجاداً اعتباریاً منه و لها نسبة إلی طبیعی الملکیة فیکون وجوداً اعتباریاً له، و لایعقل تحقّق الاعتبار فعلاً و تأخّر المعنی المعتبر إذ الاعتبار المطلق لایوجد، فلامحالة یتقوّم بمعنی الملکیة و المفروض عدم الوجود للملکیة إلّا بالاعتبار أوّلاً و آخراً، فلابدّ من تحقّق المعنی المعتبر حین تحقّق الاعتبار.
إیجاد المعنی باللفظ، ضرورة عدم إمکان تخلّف الوجود عن الإیجاد.
أمّا بناءً علی نظریتنا من أنّ الإنشاء عبارة عن إبراز الأمر الاعتباری النفسانی -و اختاره فی منتقی الأصول((1)) و قال: إنّ مدلول الهیأة الإنشائیة إبراز الاعتبار النفسانی- ببیان أنّه و إن کان الاعتبار فعلیاً لکن المعتبر هو ثبوت الفعل فی الذمة فالمقید هو الثبوت الخارج عن مدلول الهیأة و هو من المعانی الاسمیة فی الخارج بمبرز من قول أو فعل یندفع الإشکال.
لأنّ المراد من الإیجاب إمّا إبراز الأمر الاعتباری النفسانی و إمّا نفس ذلک الاعتبار النفسانی، فعلی کلا التقدیرین لا محذور فی رجوع الشرط إلی مفاد الهیأة.
أمّا علی الأوّل: (بأن یکون الإیجاب إبراز الأمر الاعتباری النفسانی) فلأنّ کلّاً من الإبراز و المبرز و البروز فعلی و لیس شیء منها معلّقاً علی أمر متأخّر.
أمّا علی الثانی: (بأن یکون الإیجاب نفس ذلک الأمر الاعتباری) فلأنّ الاعتبار بما أنّه من الأُمور النفسانیة التعلقیة یعنی ذات الإضافة کالعلم و الشوق و ما شاکلهما من الصفات الحقیقیة لا مانع من تعلّقه بالأمر المتأخر کما یتعلّق بالأمر الحالی.
فکما یمکن تأخر المعلوم عن العلم یمکن تأخر المعتبر عن الاعتبار، فالتفکیک بین الاعتبار و المعتبر لا محذور فیه بخلاف التفکیک بین الإیجاد و الوجود.
أمّا علی التقدیر الأوّل: فإن قلنا بفعلیة الإبراز و البروز و المبرز فلایلزم انفکاک
ص: 248
الإیجاد عن الوجود إلّا أنّه بمعنی إنکار الوجوب المشروط حیث إنّ لازم فعلیة هذه الأُمور هو فعلیة الوجوب قبل حصول الشرط و عدم تعلیقه علیه.
و أمّا علی التقدیر الثانی: فإنّ الإیجاب اعتبار نفسانی و الوجوب هو المعتبر و الانفکاک بین الاعتبار و المعتبر هو الانفکاک بین الإیجاب و الوجوب مع أنّ الانفکاک بین الإیجاب و الوجوب هو بعینه الانفکاک بین الإیجاد و الوجود فما أفاده لایجدی فی دفع الإشکال. ((1))
((2))
إنّ التحقیق یقتضی التفریق بین باب الإنشاء و المنشأ و باب الإیجاد و الوجود لأنّ الإنشاء و المنشأ هما متقابلان تقابل السبب و المسبّب و لا اتّحاد بینهما بخلاف الإیجاد و الوجود فإنّهما متّحدان فی الحقیقة مختلفان بالاعتبار.
و حینئذ نقول: إنّ التخلّف بین الإیجاد و الوجود محال لمکان اتّحادهما بحسب الحقیقة و أمّا التخلّف بین السبب و المسبّب (و هنا الإنشاء و المنشأ) فلا استحالة فیه کما وقع نظیر ذلک کثیراً فی الاعتبارات الشرعیة.
و الدلیل علیه هو أنّهم جعلوا «هی طالق» سبباً للبینونة و «أنکحت» سبباً للزوجیة و «بعت» سبباً للملکیة، کما قال فی المسالک: إنّ العقد سبب للملکیة و هکذا فی جامع المقاصد و المستند و أمثالهما و صرّح المحقّق النائینی (قدس سره) فی بحث الصحیح و الأعمّ بأنّ المشهور هو أنّ الإنشاءات أسباب.
هذا حلّ المشکل بناءً علی مسلک المشهور فی باب الإنشاء.
ص: 249
أمّا حلّ الإشکال بناءً علی مسلک الاعتبار و الإبراز، هو أنّ الاعتبار یتعلّق بالأمر المعدوم الذی فرضنا وجوده، مثل الوصیة حیث یفرض ملکیة شخص آخر بعد موت الموصی و یوجده فی عالم الاعتبار و ذلک لأنّ الاعتبار أمر نفسانی فیمکن أن یتعلّق بالأمر المتأخر.
أوّلاً: ما أفاده علی مسلک المشهور فلایتمّ، لأنّ المشهور عرّفوا الإنشاء بإیجاد المعنی باللفظ، فإنّ اللفظ عندهم و إن کان سبباً لإیجاد المعنی إلّا أنّ الإنشاء هو إیجاد المعنی الذی هو المسبّب لا اللفظ الذی هو السبب، و الکلام هو فی أنّ الإنشاء (الذی هو إیجاد المعنی) و المنشأ (الذی هو وجود المعنی) متّحدان اتّحاد الإیجاد و الوجود.
ثانیاً: إنّ مبنی المشهور و ما أفاده بعض الأساطین (حفظه الله) لایمکن المساعدة علیه، لأنّ اللفظ لیس له سببیة لإیجاد المعنی فی عالم الاعتبار بل إیجاد المعنی فی عالم الاعتبار هو بنفس اعتبار المعتبر، کما قال المحقّق الإصفهانی (قدس سره) ((1)): إنّ اللفظ لیس علّة تکوینیة للمعنی و أیضاً لا سببیة له لإیجاد المعنی فی عالم الاعتبار لأنّ الاعتبار یکفی لتحقّق الوجود الاعتباری بلا حاجة إلی اللفظ و علیة اللفظ لوجود المعنی عیناً أو ذهناً غیر معقولة، لأنّ وجود الشیء عیناً یتّبع مبادئ وجوده لا اللفظ و وجوده ذهناً یتّبع وجود مبادئ الانتقال لا اللفظ، و حضور المعنی ذهناً بتبع حضوره لیس من باب علیة اللفظ بوجوده الخارجی أو بوجوده الذهنی لحضور المعنی، بل للتلازم بین الحضورین لمکان التلازم بین الحاضرین
ص: 250
جعلاً و بالمواضعة و لذا ربّما ینتقل من تخیل المعنی إلی وجوده اللفظی أو وجوده الکتبی.
ثالثاً: إنّ ما أفاده فی حلّ الإشکال بناءً علی مسلک الاعتبار و الإبراز هو ما أفاده المحقّق الخوئی (قدس سره) فی التقدیر الثانی و استشکل علیه بعض الأساطین (حفظه الله) بعینه.
استدلال الشیخ ((1)) (قدس سره) علی رجوع الشرط إلی المادّة:
إنّ الإنسان إذا توجّه إلی شیء فإمّا یطلبه أو لا، لا کلام علی الثانی.
فإذا طلبه إمّا یکون المطلوب طبیعی ذلک الشیء فیطلبه بإطلاقه و سعته و إمّا یکون المطلوب حصّة خاصّة فیطلبه مقیداً بقید خاص.
و هذا القید إمّا غیر اختیاری کقیدیة زوال الشمس لوجوب الصلاة
و إمّا اختیاری و مورد للطلب کالطهارة بالنسبة إلی الصلاة.
و إمّا اختیاری و لیس مورداً للطلب بل أُخذ مفروض الوجود کالاستطاعة فی الحج.
و الطلب فعلی و المطلوب مقید علی جمیع هذه التقادیر، فما ذکرنا من رجوع القید إلی المادّة أمر وجدانی.
أمّا بناءً علی تبعیة الأحکام لمصالح فیها: فهو أنّ ذلک الشیء کما یمکن أن
ص: 251
یبعث فعلاً إلیه و یطلبه حالاً لعدم مانع عن طلبه کذلک، یمکن أن یبعث إلیه معلّقاً و یطلبه استقبالاً علی تقدیر شرط متوقّع الحصول، لأجل مانع عن الطلب و البعث فعلاً قبل حصول الشرط فلابدّ أن یکون الطلب معلّقاً بحصول الشرط.
و أمّا بناءً علی تبعیة الأحکام للمصالح و المفاسد فی المأمور به و المنهی عنه:
فإنّ تبعیة الأحکام للمصالح و المفاسد الثابتة فی متعلّقاتها إنّما تکون فی الأحکام الواقعیة بما هی واقعیة لا بما هی فعلیة فلا تلازم بین الإنشائیة و الفعلیة.
الأوّل: فی الموارد التی جرت الأُصول علی خلاف الأحکام الواقعیة فتبقی الأحکام علی إنشائیتها.
الثانی: فی موارد قیام الأمارات علی خلاف الأحکام الواقعیة فهذه الأمارات مانعة عن فعلیة الحکم الواقعی.
الثالث: فی موارد عدم بیان بعض الأحکام فی أوائل البعثة تسهیلاً علی المسلمین حتّی یرغبوا فی الدین.
الرابع: فی موارد عدم فعلیة بعض الأحکام إلی ظهور خاتم الأوصیاء (عجل الله تعالی فرجه).((1))
إن أراد من الطلب فی کلامه «الشوق النفسانی» فالأمر و إن کان کذلک من
ص: 252
جهة أقسامه إلّا أنّ الشوق النفسانی لیس من مقولة الحکم لأنّ الحکم الشرعی أمر اعتباری و الشوق أمر تکوینی نفسانی.
و إن أراد من الطلب فی کلامه «الإرادة بمعنی الاختیار» فیرد علیه: أنّه لایتعلّق بفعل الغیر حتی نبحث عن أنّ القید راجع إلیه أو إلی متعلّقه، و من هنا ذکرنا أنّه لا معنی لتقسیم الإرادة إلی التکوینیة و التشریعیة، بداهة أنّا لانعقل للإرادة التشریعیة معنی فی مقابل الإرادة التکوینیة.
و إن أراد بالطلب فی کلامه «جعل الحکم و اعتباره» حیث إنّ حقیقة الطلب هی التصدّی نحو حصول الشیء فی الخارج و التصدّی إمّا خارجی و إمّا اعتباری و جعل الحکم هو مصداق التصدّی الاعتباری نظراً إلی أنّ الشارع تصدّی نحو حصول الفعل من الغیر باعتباره فی ذمّته و هو فعلی دائماً سواء کان المعتبر أیضاً فعلیاً أم کان أمراً استقبالیاً و لکنّ الکلام فی رجوع القید إلی المعتبَر و عدم رجوعه إلیه لا إلی الاعتبار و جعل الحکم ضرورة أنّ الاعتبار و الإبراز غیر قابلین للتقیید و التعلیق أصلاً.
و إن أراد من الطلب ما تعلّق به الاعتبار (أی المعتبَر) المعبّر عنه بالوجوب فصریح الوجدان شاهد علی أنّه قابل للتقیید و الإطلاق.
بیان ذلک هو أنّ الفعل الذی هو متعلّق الوجوب إمّا أن یکون ذا ملاک ملزم فلایتوقّف علی زمان أو زمانی فالوجوب حینئذ فعلی.
و إمّا أن یکون ذا ملاک ملزم و إن کان تحقّق الفعل فی الخارج یتوقّف علی مقدّمات اختیاریة (مثل توقّف الصلاة علی الطهارة) أو غیر اختیاریة ففی مثل ذلک لا مانع من کون الإیجاب حالیاً و الواجب استقبالیاً.
و إمّا ان یکون ذا ملاک فی ظرف متأخّر لا فعلاً بمعنی أنّ ملاکه لایتمّ إلّا بعد
ص: 253
مجیء زمان خاص أو تحقّق أمر زمانی فی ظرف متأخّر فالوجوب حینئذ تقدیری و معلّق علی فرض تحقّق ما له الدخل فی الملاک ففی مثل ذلک لو رجع القید إلی المادّة و کان المعتبر کالاعتبار فعلیاً لکان لغواً صرفاً.
مضافاً إلی ظهور القضایا الشرطیة فی رجوع القید إلی الهیأة دون المادّة فإنّ المتفاهم العرفی هو تعلیق مفاد الجملة الجزائیة علی الشرط لا تعلیق المادّة التی هی المعنی الإفرادی بل القول بأنّ أدوات الشرط تدلّ علی تعلیق المعنی الإفرادی (أی المادّة) علی الشرط غلط أدبی.((1))
ص: 254
هنا مقامان:
و فیه قولان:
القول الأوّل: قال الشیخ و المحقّق النائینی (قدس سرهما) برجوعه إلی المادّة بحسب مقتضی الأصل اللفظی.
القول الثانی: قال صاحب الکفایة و المحقّق الخوئی (قدس سرهما) برجوعه إلی الهیأة.
قد استدلّ الشیخ (قدس سره) بوجهین:
هذا الاستدلال مشتمل علی دعویین:
الدعوی الأُولی دعوی کبروی و هو تقدیم الإطلاق الشمولی علی البدلی.
ص: 255
و الدعوی الثانیة دعوی صغروی و هو أنّ مسألتنا من صغریات تلک الکبری.
إنّ مفاد الهیأة إطلاق شمولی (ثبوت الوجوب علی تقدیری حصول القید و عدمه) و مفاد المادّة إطلاق بدلی و إذا دار الأمر بین تقیید إطلاق الهیأة و تقیید إطلاق المادّة تعین الثانی لأنّ رفع الید عن الإطلاق البدلی أولی من رفع الید عن الإطلاق الشمولی.
((1))
إنّ مفاد إطلاق الهیأة و إن کان شمولیاً بخلاف المادّة، إلّا أنّه لایوجب ترجیحه علی إطلاق المادّه، لأنّ إطلاق الهیأة أیضاً کان بالإطلاق و مقدّمات الحکمة، غایة الأمر أنّها تارة تقتضی الإطلاق الشمولی و أُخری الإطلاق البدلی و ترجیح عموم العام علی إطلاق المطلق لأجل کون دلالته بالوضع لا لکونه شمولیاً بخلاف المطلق فإنّ دلالته لایتمّ إلّا بتمامیة مقدّمات الحکمة، فیکون العام أظهر فیقدّم علی الإطلاق.
ص: 256
أوضحه المحقّق الخوئی (قدس سره) ((1)) بأنّ الملاک فی الجمع الدلالی إنّما هو بأقوائیة الدلالة و الظهور و من الطبیعی أنّ ظهور الإطلاق الشمولی لیس بأقوی من ظهور الإطلاق البدلی، لأنّ ظهور کل منهما مستند إلی تمامیة مقدّمات الحکمة، نعم لو کان ظهور أحدهما بالوضع و ظهور الآخر بالإطلاق بمقدّمات الحکمة قدّم ما کان بالوضع علی ما کان بالإطلاق و لکن مسألتنا لیس من هذا القبیل.
إنّ المحقق النائینی (قدس سره) استدلّ علی تقدیم الإطلاق الشمولی علی البدلی إذا کانا منفصلین بوجوه:
((2))
إنّ تقدیم الإطلاق البدلی یقتضی رفع الید عن الإطلاق الشمولی فی بعض مدلوله و هی حرمة إکرام العالم الفاسق فی مفروض المثال.
بخلاف تقدیم الإطلاق الشمولی فإنّه لایقتضی رفع الید عن مدلول الإطلاق البدلی أصلاً، فإنّ المفروض أنّه الواحد علی البدل و هو محفوظ لامحالة، غایة الأمر أنّ دائرته کانت وسیعة فصارت ضیقةً.
و توضیح ذلک علی ما أفاده المحقّق الخوئی (قدس سره) هو أنّ الإطلاق الشمولی عبارة عن انحلال المعلّق علی الطبیعة المأخوذة علی نحو مطلق الوجود فیتعدّد الحکم بتعدّد أفرادها فی الخارج أو أحوالها و یثبت لکل فرد منها حکم مستقل، و
ص: 257
ذلک مثل «لاتکرم فاسقاً» فإنّ الفاسق لوحظ علی نحو مطلق الوجود موضوعاً لحرمة الإکرام فطبعاً تتعدّد الحرمة بتعدّد وجوده خارجاً.
و الإطلاق البدلی عبارة عن حکم واحد مجعول للطبیعة علی نحو صرف الوجود القابل للانطباق علی کل فرد من أفرادها علی البدل فهو حکم واحد ثابت لفردها فلاینحلّ بانحلال الطبیعة و لایتعدّد بتعدّد وجودها مثل أکرم عالماً.
فإذا دار الأمر بین رفع الید عن الحکم (کما هو لازم رفع الید عن الإطلاق الشمولی) أو المحافظة علی الحکم و رفع الید عن توسعته (کما هو لازم رفع الید عن إطلاق البدلی) تعین الثانی.
((1)):
أوّلاً: إنّ هذا الوجه مجرد استحسان عقلی و لایکون وجهاً عرفیاً للجمع بینهما، فإنّ الملاک فی الجمع العرفی إنّما هو بأقوائیة الدلالة و الظهور و هی منتفیة فی المقام، والسبب فیه أنّ ظهور کل منهما فی الإطلاق بما أنّه مستند إلی مقدّمات الحکمة فلایکون أقوی من الآخر.
ثانیاً: إنّ الإطلاق البدلی و إن کان مدلوله المطابقی ثبوت حکم واحد لفردٍما من الطبیعة علی سبیل البدل إلّا أنّ مدلوله الالتزامی ثبوت أحکام ترخیصیة متعدّدة بتعدّد أفرادها فإطلاقه من هذه الناحیة شمولی فلا فرق بینه و بین الإطلاق الشمولی من هذه الجهة، غایة الأمر شمول هذا بالدلالة المطابقیة و شمول ذاک بالدلالة الالتزامیة.
ص: 258
و نفی الإطلاق البدلی یستلزم عقلاً ثبوت الترخیص شرعاً فی تطبیقها علی أی فرد من أفراد صرف الوجود من الطبیعة.
أمّا إیراده الأوّل علی المحقّق النائینی (قدس سره) ففیه: أنّ الملاک فی الجمع العرفی و إن کان بأقوائیة الدلالة إلّا أنّ الإطلاق الشمولی أقوی و أظهر.
توضیحه:
إنّ ملاک قوّة الظهور لاینحصر فی کون دلالته بالوضع أو بمقدّمات الحکمة بل یقدّم ما هو أقلّ مخالفةً للظهور علی ما هو أکثر مخالفةً منه للظهور کما آنّه إذا دار الأمر بین معنیین یؤخذ ما هو أقرب من الظهور و یترک ما هو أکثر مخالفةً .
مثلاً إذا کان أحد المعنیین موجباً لتقدیر کلمتین و الآخر موجباً لتقدیر کلمة واحدة یؤخذ بالثانی و یترک الأوّل (فیما إذا کان الثانی أظهر) و فیما نحن فیه مخالفة الظهور الإطلاقی فی المطلق الشمولی أکثر منها فی المطلق البدلی حیث إنّ رفع الید عن الإطلاق الشمولی یوجب رفع الید و إلغاء الحکم عن موضوعه بجمیع حالاته أمّا رفع الید عن الإطلاق البدلی یوجب فقط خروج بعض حالات الموضوع عن تحت الحکم فلابدّ من رفع الید عن الإطلاق البدلی لأنّه أقلّ مخالفة لظهور الکلام.
أنّ ذلک خارج عن فهم العرف بل یدرک بالدقّة العقلیة مع أنّ ملاک الظهورات هو العرف فلایمکن القول بالأظهریة.
و أمّا إیراده الثانی علی المحقق النائینی (قدس سره) ففیه: أنّ ملاک الدلالة الالتزامیة هو
ص: 259
اللزوم البین بالمعنی الأخصّ أمّا اللزوم غیرُ البین أو البین بالمعنی الأعم فلیسا من الدلالة الالتزامیة ثمّ إنّ التخییر بین أفراد صرف الوجود من الطبیعة (أی الإطلاق البدلی) آنّما هو بحکم العقل فهذا التخییر عقلی و الترخیص الشرعی الذی ادّعاه المحقّق الخوئی (قدس سره) من فروع التخییر العقلی المذکور مع أنّ الحکم العقلی الذی ذکرناه لیس من ظهورات الکلام فکیف یعدّ الأحکام الترخیصیة المذکورة ظهوراً إطلاقیاً شمولیاً لهذا الکلام.
((1))
إنّه یحتاج الإطلاق البدلی (زائداً علی کون المولی فی مقام البیان و عدم نصب القرینة علی الخلاف) إلی إحراز التساوی بین الأفراد فی الوفاء بالغرض حتّی یحکم بالتخییر بخلاف الإطلاق الشمولی، فإنّه لایحتاج إلی أزید من ورود النهی علی الطبیعة غیرِ المقیدة (مثل لاتکرم الفسّاق) فیسری الحکم إلی الأفراد قهراً، فمع وجود الإطلاق الشمولی لایحرز العقل تساوی الأفراد من حیث الوفاء بالغرض.
فیکون الإطلاق الشمولی حاکماً علی الإطلاق البدلی من حیث دلیلیته و حجیته و إن کان ظهوره منعقداً فی حدّ نفسه لفرض کون القرینة منفصلة.
و بعبارة أُخری: ثبوت الإطلاق البدلی یتوقّف علی إحراز تساوی الأفراد فی الوفاء بالغرض و لایمکن إحراز ذلک مع وجود الإطلاق الشمولی علی خلافه حیث إنّه یکون صالحاً لبیان التعیین فی بعض الأفراد و أشدّیة الملاک فیه و معه لاینعقد الإطلاق البدلی.
ص: 260
((1))
إنّ إحراز تساوی الأفراد فی الوفاء بالغرض لیس مقدّمة رابعة فی قبال المقدّمات الثلاث المتقدّمة لکی یتوقّف الإطلاق علیها، ضرورة أنّه یتحقّق بنفس تلک المقدّمات من دون حاجة إلی شیء آخر، فإذا کان الحکم ثابتاً علی الطبیعة بنحو صرف الوجود و کان المولی فی مقام البیان و لم ینصب قرینة علی الخلاف فبطبیعة الحال کان إطلاق کلامه قرینة علی تساوی أفرادها فی الوفاء بالغرض، إذ لو کان بعض أفرادها أشدّ ملاکاً من غیره لکان علی المولی البیان، فجمیع أفراد البدل وافٍ بالغرض.
((2))
إنّ حجیة الإطلاق البدلی تتوقّف علی عدم المانع فی بعض الأطراف عن التخییر العقلی فلابدّ أن لایکون هناک مانع عن انطباقه علی بعض الأفراد دون بعضها الآخر.
و الإطلاق الشمولی صالح للمانعیة عن بعض أفراد الإطلاق البدلی.
فلو توقّف عدم صلاحیته للمانعیة علی وجود الإطلاق البدلی لزم الدور.
فبالنتیجة إنّ المطلق الشمولی صالح لأن یکون مانعاً عن المطلق البدلی فی مورد المعارضة و الاجتماع دون العکس.
إنّ ثبوت الإطلاق فی کلیهما یتوقّف علی تمامیة مقدّمات الحکمة و لامزیة
ص: 261
لأحدهما علی الآخر من هذه الناحیة.
فکما أنّ الطلاق الشمولی صالح لأن یکون مانعاً عن البدلی و مقیداً له کذلک البدلی صالح لأن یکون مانعاً عن الشمولی و مخصّصاً له فلا ترجیح لأحدهما علی الآخر و هذا الوجه الثالث بالحقیقة یرجع إلی الوجه الثانی و تقریب له بعبارة أُخری هذا کلّه فی القرینة المنفصلة.
أمّا تقدیم الإطلاق الشمولی علی البدلی إذا کانا متّصلین فلأنّ الإطلاق الشمولی رافع للظهور فی البدلی و یکون وارداً علیه و فیه ما لایخفی و لانطیل الکلام حوله و خلاصته أنّ ما أفاده دقّة عقلیة لایفهمه العرف مع أنّ الظهور أمر عرفی.
و هو أنّ مسألتنا من صغریات تلک الکبری (و هی تقدیم الإطلاق الشمولی علی الإطلاق البدلی) حیث إنّ مفاد الهیأة له إطلاق شمولی (لثبوت الوجوب علی تقدیری حصول القید و عدمه) و مفاد المادّة له إطلاق بدلی.((1))
إیراد المحقق الخوئی (قدس سره) علی الصغری((2)) تبعاً للمحقق النائینی (قدس سره) ((3)):
إنّ المقام لیس من صغریات تقدیم الإطلاق الشمولی علی الإطلاق البدلی لعدم التعارض و التنافی بین الإطلاقین بالذات، بداهة أنّه لا مانع من أن یکون کلّ من الهیأة و المادّة مطلقاً من دون أی منافاة بینهما و التنافی إنّما جاءت من
ص: 262
الخارج و هو العلم الإجمالی برجوع القید إلی أحدهما، فلا وجه لتقدیم إطلاق الهیأة علی المادّة، فإذا کان التقیید المزبور بدلیل متّصل فأوجب العلم الإجمالی الإجمال و عدم انعقاد أصل الظهور لفرض احتفاف الکلام بما یصلح للقرینیة، و إذا کان بدلیل منفصل فأوجب سقوط الإطلاقین عن الاعتبار.
((1))
إنّ القید إذا تردّد رجوعه إلی الهیأة أو إلی المادّة فالأصل یقتضی إرجاعه إلی المادّة، لأنّه لو رجع إلی الهیأة فهو کما یوجب رفع الید عن إطلاق الهیأة یوجب رفع الید عن إطلاق المادّة لفرض عدم الوجوب قبل وجود الشرط و حینئذ لاتکون مصداقاً للواجب مثلاً إذا فرضنا أنّ وجوب إکرام زید مقید بمجیئه یوم
ص: 263
الجمعة فهذا بطبیعة الحال یستلزم تقیید الواجب (الإکرام) فیدلّ علی أنّ المطلوب لیس هو طبیعی الإکرام علی الإطلاق بل هو حصّة خاصّة منه و هی الحصّة الواقعة فی یوم الجمعة، هذا بخلاف ما إذا رجع القید إلی المادّة فإنّه لایلزم منه رفع الید عن إطلاق الهیأة.
و لا شبهة فی أنّه إذا دار الأمر بین رفع الید عن إطلاق واحد و رفع الید عن إطلاقین، تعین رفع الید عن الإطلاق الواحد.
إنّه سلّم ما أفاده الشیخ (قدس سره) فی القرینة المنفصلة دون المتّصلة.
أمّا وجه مناقشته فی القرینة المتّصلة هو أنّ التقیید و إن کان خلاف الأصل إلّا أنّه لمکان اتّصاله یوجب عدم جریان مقدّمات الحکمة و انتفاء بعض مقدّماته و حینئذ لایکون هناک إطلاق حتّی یکون التقیید خلاف الأصل، و التقیید هنا یوجب عدم انعقاد الإطلاقین لا رفع الید عن الإطلاقین.
أمّا فی القرینة المنفصلة فکلام الشیخ (قدس سره) صحیح، لأنّ التقیید إذا کان بالقرینة المنفصلة فینعقد للمطلق ظهور إطلاقی و حینئذ تقیید الهیأة یوجب رفع الید عن الظهور الإطلاقی فی جانب الهیأة و المادّة فهو مخالف للأصل من جهتین و أمّا تقیید المادّة فلایوجب إلّا رفع الید عن الإطلاق فی ناحیة المادّة و الإشکال فی تعین ذلک لأنّه أقلّ مخالفةً للأصل. (و مراده هو أنّ تقیید الهیأة یوجب بطلان محل إطلاق المادّة و هذا کتقیید المادّة فی الأثر).
ص: 264
((1))
إنّ ما أفاده صاحب الکفایة (قدس سره) فی خصوص القرینة المنفصلة فمبنی علی توهّم أنّ تقیید الهیأة و إن لم یستلزم تقیید المادّة إلّا أنّه یوجب بطلان محل الإطلاق فیها و هو کتقییدها فی الأثر و لکن هذا التوهّم خاطئ لأنّ تقیید الهیأة کما لایستلزم تقیید المادّة لایوجب بطلان محل الإطلاق فیها و توضیح ذلک یقتضی بیان معنی تقیید الهیأة و المادّة.
((2))
إنّ الشیخ (قدس سره) ادّعی استلزام تقیید الهیأة تقیید المادّة أیضاً (کما أنّ المحقّق النائینی (قدس سره) أیضاً وافقه فی أصل المطلب و قال: علی هذا تقیید المادّة هو القدر المتیقّن و تقیید الهیأة یحتاج إلی خصوصیة زائدة و مؤونة أکثر).
و هذا مبتن علی تخیل أنّ المراد من تقیید المادّة هو عدم وقوعها علی صفة المطلوبیة إلّا بعد تحقّق قید الهیأة و لکن هذا المعنی لیس هو المراد من تقییدها بل معنی تقیید المادّة هو أنّ المولی جعل حصّة خاصّة منها موضوعاً للحکم و متعلّقاً له، فلا ملازمة بین تقیید المادّة و تقیید الهیأة و سیجیء زیادة توضیح لذلک.
ص: 265
((1)):
إنّ معنی الإطلاق هو رفض القیود عن شیء و عدم ملاحظتها معه لا وجوداً و لا عدماً فمعنی إطلاق الهیأة عدم اقتران مفادها عند اعتباره بوجود قید و لا بعدمه و معنی تقییدها هو أنّ المجعول حصّة خاصّة من الوجوب و هی الحصّة المقیدة بهذا القید.
و معنی إطلاق المادّة هو أنّ الواجب ذات المادّة من دون ملاحظة دخل قید من القیود فی مرتبة موضوعیتها للحکم، و معنی تقییدها هو جعل حصّة خاصّة منها موضوعاً للحکم و متعلّقاً له و هی الحصّة المقیدة بهذه الخصوصیة.
فظهر أنّ النسبة بین تقیید الهیأة و تقیید المادّة العموم من وجه.
أمّا کون الشیء قیداً لمفاد الهیأة فقط کالاستطاعة فإنّها قید لوجوب الحج دون الواجب و من هنا لو استطاع شخص و وجب الحج علیه و لکنّه بعد ذلک أزال الاستطاعة باختیاره فحجّ متسکّعاً صحّ حجه و لو کانت الاستطاعة شرطاً للواجب لم یصحّ.
أمّا کون الشیء قیداً لمفاد المادّة فقط کاستقبال القبلة و الطهارة عن الحدث و الخبث فإنّها قید للمادّة فقط و لیست قیداً للوجوب.
أمّا کون الشیء قیداً لهما معاً کالوقت الخاص بالإضافة إلی الصلاة کزوال
ص: 266
الشمس و غروبها فإنّ هذه الأوقات من ناحیة کونها شرطاً لصحّة الصلاة قید للمادّة و من ناحیة أنّها ما لم تتحقّق لایکون الوجوب فعلیاً فهی قید للوجوب، فتبین أنّ رجوع القید إلی الهیأة یباین رجوعه إلی المادّة بالعموم من وجه فحینئذ نقول: إنّ القید المردّد بین رجوعه إلی المادّة أو الهیأة إن کان متصلاً فهو مانع عن أصل انعقاد الظهور لفرض احتفاف الکلام بما یصلح للقرینیة علی تقیید کل منهما و معه لاینعقد الظهور لهما جزماً.
و إن کان منفصلاً فظهور کل منهما فی الإطلاق و إن انعقد، إلّا أنّ العلم الإجمالی بعروض التقیید علی أحدهما أوجب سقوط کلیهما عن الإعتبار فلایمکن التمسک بشیء منهما
بیانه هو أنّ المدلول الالتزامی لتقیید المادّة هو تعلّق الوجوب بتقیید المادّة به و المدلول الالتزامی لتقیید الهیأة هو أخذه مفروض الوجود و إرادة کلّ منهما (تقیید المادّة أو الهیأة) تحتاج إلی مؤونة زائدة و مع العلم الإجمالی بتقیید الهیأة أو المادّة لایمکن التمسک بالإطلاق لدفع تقیید الهیأة و لا لدفع تقیید المادّة و لایمکن التمسک به أیضاً لا لنفی أخذ القید مفروض الوجود و لا لنفی تعلّق الوجوب بتقید المادّة به (للعلم الإجمالی بوقوع التنافی فی مدلولهما الالتزامی أیضاً) فیسقط إطلاق الهیأة و المادّة عن الاعتبار هذا تمام الکلام فی مقتضی الأصل اللفظی.
ص: 267
إذا احتملنا رجوع القید إلی الهیأة فما لم یحصل القید نشک فی أصل الوجوب فتجری البراءة.
ص: 268
(و هی ثلاثة):
التقسیم الأوّل: الواجب المعلّق و المنجّز
التقسیم الثانی: الواجب النفسی و الغیری
التقسیم الثالث: الواجب الأصلی و التبعی
ص: 269
ص: 270
فیه ثلاثة مواضع و تنبیه:
إنّ صاحب الفصول (قدس سره) ((1)) قال: إنّ الواجب إمّا واجب مطلق و إمّا واجب مشروط، و الواجب المطلق أیضاً ینقسم إلی قسمین: الواجب المنجّز و الواجب المعلّق.
أمّا الواجب المنجّز هو ما کان الواجب فیه حالیاً کالوجوب.
أمّا الواجب المعلّق هو ما کان الوجوب فیه حالیاً و الواجب استقلالیاً.
فإنّ الواجب المعلّق مقید بقید متأخّر خارج عن اختیار المکلّف من زمان أو زمانی.
ص: 271
و هی ثلاثة:
الإیراد الأوّل: کلام الشیخ الأنصاری((1)) (قدس سره) فی إنکار الواجب المعلّق
إنّ الشیخ (قدس سره) أنکر الواجب المعلّق و قال: لانتعقّل واجباً مطلقاً معلّقاً، والوجه فی إنکاره هو أنّه یفسّر الواجب المشروط بما یکون الوجوب فیه فعلیاً حالیاً و الواجب فیه استقبالیاً، و علی هذا الواجب المعلّق الذی تصوّره صاحب الفصول (قدس سره) و أدرجه فی الواجب المطلق هو بعینه الواجب المشروط الذی تصوّره الشیخ (قدس سره) .
و أمّا علی مبنی المشهور من رجوع الشرط إلی مفاد الهیأة (و عدم فعلیة الوجوب ما لم یحصل الشرط) فلایتوجّه ما أفاده الشیخ (قدس سره) علی صاحب الفصول (قدس سره) .
((2))
إنّ هذا التقسیم لغو، لأنّ الواجب المعلّق و المنجّز کلیهما من أقسام الوجوب المطلق و علی کلا القسمین وجوب ذی المقدّمة مطلق فیقتضی إطلاق وجوب المقدّمة فإنّ ملاک وجوب المقدّمة هو إطلاق وجوب ذی المقدّمة و هذا الملاک موجود فی الواجب المعلّق و المنجّز فلا أثر لهذا التقسیم.
ص: 272
((1))
إنّ ما أفاده صاحب الفصول (قدس سره) من انفکاک زمان الوجوب عن زمان الواجب یجدی فی تصحیح وجوب المقدّمة قبل زمان الواجب، فیصحّ تقسیم الواجب:
الأوّل: ما یتّحد زمانه مع زمان وجوبه فلاتکون مقدّمته واجبة قبل زمانه.
الثانی: ما یتأخّر زمانه عن زمان وجوبه، فیمکن وجوب مقدّمته قبله و لعلّه إلیه أشار (قدس سره) بقوله«فافهم».
((2))
إنّ المقسم للواجب المعلّق و المنجّز هو الواجب المشروط لا الواجب المطلق توضیحه:
إنّ وجوب کل واجب قد یکون مشروطاً بشیء من زمان أو زمانی مقارن له أو متأخر عنه فهو الواجب المشروط.
و قد یکون غیر مشروط به فهو الواجب المطلق.
فلابدّ من ملاحظة أنّ وجوب الحج مثلاً مشروط بیوم عرفة أو مطلق.
لا شبهة فی أنّ ذات الفعل و هو الحج مقدور للمکلّف فلا مانع من تعلّق التکلیف به و کذا إیقاع الحج فی زمان (یوم عرفة) أیضاً مقدور للمکلّف، أمّا نفس وجود الزمان فهو غیر مقدور له فلایمکن وقوعه تحت التکلیف.
ص: 273
ربّما لم یتعلّق التکلیف بذات الفعل علی الإطلاق و إنّما تعلّق بإیقاعه فی زمان خاص فعلم من ذلک أنّ للزمان دخلاً فی ملاکه و إلّا فلا مقتضی لأخذه فی موضوعه و علیه فبطبیعة الحال یکون مشروطاً به، غایة الأمر أنّه علی نحو الشرط المتأخر.
و من هنا إذا افترضنا عدم مجیء هذا الزمان الخاصّ و عدم تحقّقه فی الخارج من جهة قیام الساعة مثلاً أو فرضنا أنّ المکلّف حین مجیء هذا الزمان خرج عن التکلیف بالجنون أو نحوه کشف ذلک عن عدم وجوبه من أوّل الأمر.
النوع الأوّل: ما یکون متعلّق الوجوب فیه حالیاً.
النوع الثانی: ما یکون متعلّق الوجوب فیه أمراً استقبالیاً کالحج فی یوم عرفة.
فما سمّی فی الفصول بالواجب المعلّق هو النوع الثانی من الشرط المتأخر.
((1))
إنّ مرتبة قید الوجوب متقدّم علی مرتبة قید الواجب و الشرط المتأخر بما أنّه دخیل فی الملاک فهو فی مرتبة قید الوجوب و بما أنّ متعلّق الوجوب أمر استقبالی فهو فی مرتبة قید الواجب، فیکون الشرط المتأخر فی تلک المرتبتین (و حینئذ یلزم تقدّم المتأخر أو تأخّر المتقدّم و بعبارة أُخری یلزم تقدّم الشیء علی نفسه).
إنّ المحقق الخوئی (قدس سره) قال فی بحث الواجب المشروط:
ص: 274
إنّ الشرط قد یکون قیداً للمادّة (فهو قید للواجب) و قد یکون قیداً للهیأة (فهو قید للوجوب) و قد یکون قیداً لهما معاً و ذلک کالوقت الخاصّ بالإضافة إلی الصلاة کزوال الشمس و غروبها و طلوع الفجر، فإنّ هذه الأوقات من ناحیة کونها شرطاً لصحّة الصلاة هی قید للصلاة و من ناحیة أنّها ما لم تتحقّق لایکون الوجوب فعلیاً هی قید للوجوب.
فعلی هذا ما هو فی المرتبة المتأخرة بما أنّه فی الرتبة المتأخرة لم یتقدّم علی نفسه بل الزمان الواحد شرط لتحقّق المرتبتین و هما و إن اختلفا فی الرتبة و لکنّهما یوجدان فی زمان واحد. (و أمّا تأخّر الشرط عن مشروطه فقد أُجیب عنه فی الواجب المشروط بوجوه متعدّدة فلا مانع من ناحیة تأخّره عن المشروط.) ((1))
ص: 275
اختلف الأعلام فی إمکان الواجب المعلّق فقال بعضهم بإمکانه و بعض آخر باستحالته، فلابدّ من ملاحظة مقام الثبوت لتحقیق ذلک.
و استدل علیها بأوجه ثلاثة:
و هو ما أفاده المحقّق النهاوندی (قدس سره) فی تشریح الأُصول و ینسب إلی المحقّق الفشارکی (قدس سره) ((1)) و هو أنّ الإرادة لایمکن أن یتعلّق بما هو متأخّر لأنّ الإرادة
ص: 276
لاتنفک عن المراد و لا فرق فی ذلک بین الإرادة التکوینیة و التشریعیة، لأنّ الطلب و الإیجاب فی الإرادة التشریعیة إنّما یکون بإزاء الإرادة المحرّکة للعضلات نحو المراد فی الإرادة التکوینیة، فلابدّ أن لاینفک الإیجاب عما یتعلّق به (الواجب) فلایصحّ الطلب و البعث فعلاً نحو الأمر المتأخر.
((1))
أوّلاً: إنّ الإرادة تتعلّق بالأمر المتأخر الاستقبالی کما تتعلّق بالأمر الحالی ضرورة أنّ تحمّل المشاقّ فی تحصیل المقدّمات فیما إذا کان متعلّق الإرادة بعید المسافة و کثیر المؤونة لیس إلّا لأجل تعلّق الإرادة به.
و لعّل الاشتباه نشأ من أنّهم عرّفوا الإرادة بالشوق المؤکّد المحرّک للعضلات نحو المراد فتوهّم المستشکل أنّ تحریکها نحو المتأخر غیر ممکن و لکنّه غفل عن أنّ کونه محرّکاً نحو المراد یختلف حسب اختلافه فی کونه مما لا مؤونة له کحرکة العضلات أو کونه ممّا له المؤونة و المقدّمات و الجامع هو أن یکون نحو المراد.
ﻓ-:
1- إذا کان المراد حالیاً توجب الإرادةُ تحریک العضلات نحوه فعلاً.
ص: 277
2- إذا کان المراد استقبالیاً ذا مقدّمات توجب الإرادةُ التحریک نحوه بفعل المقدّمات.
3- إذا کان المراد استقبالیاً بلا مقدّمة خارجیة غیر مجیء زمان خاص فالإرادة لاتوجب التحریک مع أنّ الإرادة بهذه المرتبة الخاصّة من الشوق موجودة فی أُفق النفس فعدم التحریک من جهة عدم الموضوع لا من جهه قصور فی الإرادة.
ثانیاً: إنّه لایکاد یتعلّق البعث إلّا بأمر متأخّر عن زمان البعث، لأنّ البعث إنّما یکون لإحداث الداعی للمکلّف إلی فعل المکلّف به، بأنّ یتصوّر الفعل بما یترتّب علیه من المثوبة و علی ترکه من العقوبة و لایکاد یکون هذا إلّا بعد البعث بزمانٍ ما، فإذا جاز الانفکاک فی هذا الزمان القصیر فلابدّ من أن یجوز فی الزمان الطویل أیضاً لأنّه لایتفاوت طول الانفکاک و قصره فیما هو ملاک الاستحالة و الإمکان فی نظر العقل.
((1))
إنّ المحقّق الإصفهانی (قدس سره) یقول: لایعقل تعلّق الإرادة بأمر استقبالی و کذا تعلّق البعث به.
أمّا عدم تعلّق الإرادة بالفعل المتأخر:
فتوضیحه یظهر بالتأمل فی حقیقة الإرادة التکوینیة و کیفیة تأثیر القوّة الشوقیة (الباعثة) فی القوّة العاملة التی هی المنبثة فی العضلات.
ص: 278
فإنّ سرّ هذا التأثیر و التأثّر هو أنّ النفس فی وحدتها کل القوی فهی مع وحدتها ذات منازل و درجات:
أمّا مرتبة القوّة العاقلة: فتدرک فی الفعل فائدة عائدة إلی جوهر ذاتها أو قوّة من قواها.
أمّا مرتبة القوّة الشوقیة: فینبعث لها شوق إلی ذلک الفعل (و هذا الشوق قد یتعلّق بما لایقع بل بالمحال).
أمّا مرتبة کمال الشوق (الإرادة): -و یعبّر عنه بتصمیم العزم و الإجماع والإرادة- فإنّ الشوق فی المرحلة السابقة إذا لم یجد مزاحماً و مانعاً یخرج من حدّ النقصان إلی حدّ الکمال فیبلغ إلی حدّ یسمّی ﺑ«الإرادة».
أمّا مرتبة القوّة العاملة: فینبعث من الشوق البالغ حدّ نصاب الباعثیة هیجان فی مرتبة القوّة العاملة فیحصل منها حرکة فی مرتبة العضلات.
و من الواضح أنّ الشوق و إن أمکن تعلّقه بأمر استقبالی، إلّا أنّ الإرادة لیست نفس الشوق بأیة مرتبة کان، بل الشوق البالغ حدّ النصاب بحیث صارت القوّة الباعثة باعثةً بالفعل و حیئذ لایتخلّف عن انبعاث القوّة العاملة المنبثة فی العضلات و هو هیجانها لتحریک العضلات غیرِ المنفک عن حرکتها.
و هذا معنی قولهم: «إنّ الإرادة هو الجزء الأخیر من العلّة التامّة لحرکة العضلات»
فمن یقول بإمکان تعلّق الإرادة بأمر استقبالی:
1- إن أراد حصول الإرادة التی هی علّة تامّة لحرکة العضلات، إلّا أنّ معلولها حصول الحرکة فی ظرف کذا فهو عین انفکاک العلّة عن المعلول.
2- و إن أراد أنّ ذات العلّة و هی الإرادة موجودة من قبل إلّا أنّ شرط
ص: 279
تأثیرها و هو حضور وقت المراد لم یحصل و لذا لم تؤثّر العلّة فی حرکة العضلات.
ففیه: أنّ حضور الوقت إن کان شرطاً فی بلوغ الشوق حدّ النصاب و خروجه من النقص إلی الکمال فمعناه هو شرطیته لتحقّق الإرادة فما لم یحضر الوقت لم تحصل الإرادة و إن کان شرطاً فی تأثیر الشوق البالغ حدّ النصاب فهو غیر معقول، لأنّ بلوغ القوّة الباعثة فی بعثها إلی حدّ النصاب مع عدم انبعاث القوّة العاملة تناقض بین، بداهة عدم انفکاک البعث الفعلی عن الانبعاث.
توضیحه: إنّ الشرط إمّا متمّم لقابلیة القابل أو مصحّح لفاعلیة الفاعل، و دخول الوقت خارجاً لیس من خصوصیات الشوق النفسانی البالغ حدّ النصاب حتّی یکون مصحّحاً لفاعلیة الشوق، و کذا القوّة المنبثة فی العضلات تامّة القابلیة فلایکون دخول الوقت متمّماً لقابلیتها.
نعم دخول الوقت متمّم لقابلیة الفعل لتعلّق القدرة و الشوق البالغ حدّ النصاب بهذا الفعل.
أمّا ما أفاده صاحب الکفایة (قدس سره) من لزوم تعلّق الإرادة بأمر استقبالی إذا کان المراد ذا مقدّمات کثیرة فإنّ إرادة مقدّماته قطعاً منبعثة عن إرادة ذیها فتوضیح الحال فیه: أنّ الشوق إلی المقدّمة بما هی مقدّمة لابدّ من انبعاثه من الشوق إلی ذیها، لکنّ الشوق إلی ذیها لما لم یمکن وصوله إلی حدّ یتحرّک القوّة العاملة به لم یتحقّق الإرادة نحو ذی المقدّمة فلامحالة یقف الشوق فی مرتبته إلی حصول مقدّمات ذی المقدّمة و بعد طی المقدّمات یمکن تحقّق الإرادة أمّا الشوق إلی المقدّمة فلا مانع من بلوغه حدّ الباعثیة الفعلیة.
فالشوق إلی المقدّمة یتبع الشوق إلی ذی المقدّمة أمّا الإرادة فی المقدّمة فهی حاصلة دون الإرادة فی ذی المقدّمة لوجود المانع عنها.
ص: 280
هذا کلّه فی الإرادة التکوینیة.
أمّا الإرادة التشریعیة فهی إرادة فعل الغیر منه اختیاراً و فعل الغیر لیس تحت اختیار الآمر (فی الموالی العرفیة) بل بالتسبّب إلیه بجعل الداعی إلیه و هو البعث نحوه، فینبعث من الشوق إلی فعل الغیر اختیاراً الشوق إلی البعث نحوه فیتحرّک القوّة العاملة نحو تحریک العضلات بالبعث له.
فالشوق المتعلّق بفعل الغیر إذا بلغ مبلغاً ینبعث منه الشوق نحو البعث الفعلی کان إرادة تشریعیة. (فالإرادة التشریعیة علّة للبعث الفعلی) و هذا البعث الفعلی لایعقل أن یتعلّق بأمر استقبالی، لأنّ البعث هو جعل ما یمکن أن یکون داعیاً عند انقیاد المکلّف و باعثاً له و إمکان الباعثیة یلازم إمکان الانبعاث، و إذا لم یعقل إمکان الانبعاث فعلاً کما فی مفروض المسألة (فی الواجب المعلّق) فلایعقل إمکان البعث فعلاً، فلا مجال لجواز تأخّر الانبعاث عن البعث ضرورة و إمکاناً، فضلاً عن لزوم تأخّره و لو بآنٍ کما عن صاحب الکفایة (قدس سره) .
لایقال: علی هذا لایمکن البعث نحو الفعل فی وقته مع عدم حصول مقدّماته الوجودیة، ضرورة عدم إمکان الانبعاث نحو ذی المقدّمة إلّا بعد وجود مقدّماته مع أنّ البعث إلی المقدّمات الوجودیة ینبعث عن البعث إلی ذی المقدّمة. (فالبعث إلی ذی المقدّمة متوقّف علی إمکان الانبعاث و إمکان الانبعاث متوقّف علی وجود المقدّمات مع أنّ البعث إلی المقدّمات متوقّف علی البعث إلی ذی المقدّمة).
لأنّا نقول: حیث إنّ تحصیل المقدّمات ممکن یتّصف البعث و الانبعاث إلی ذی المقدّمة بصفة الإمکان، بخلاف البعث إلی شیء قبل حضور وقته فإنّ فعل المتقید بالزمان المتأخر مستحیل تحقّقه فی الزمان المتقدّم من حیث لزوم الخلف
ص: 281
أو الانقلاب فهو ممتنع استعدادی و لا إمکان استعدادی بالنسبة إلی تحقّق الفعل المتقید بالزمان المتأخر.
أمّا البعث نحو ما له مقدّمات وجودیة فممکن بالإمکان الاستعدادی، فلا إشکال فی جواز البعث نحوه قبل حصول مقدّماته الوجودیة.
لایقال: کیف الحال فی الفعل المرکّب من أُمور تدریجیة الوجود فإنّ الانبعاث نحو الجزء المتأخر فی زمان الانبعاث نحو الجزء المتقدّم غیر معقول مع أنّ الفعل المرکّب هو مبعوث إلیه ببعث واحد فی أوّل الوقت و ذلک مثل الإمساک فی مجموع النهار فإنّ الإمساک فی الجزء الأخیر غیر ممکن فی أوّل النهار.
لأنّا نقول: الإنشاء بداعی البعث و إن کان واحداً و هو موجود من أوّل الوقت لکن کأنّه بلحاظ تعلّقه بأمر مستمر أو بأمر تدریجی الحصول منبسط علی ذلک المستمر أو التدریجی، فله اقتضاءات متعاقبة بکل اقتضاء یکون بالحقیقة بعثاً إلی ذلک الجزء من الأمر المستمر أو التدریجی فهو لیس مقتضیاً بالفعل لتمام ذلک الأمر المستمر أو المرکّب بل یقتضی شیئاً فشیئاً.
إشکالان من بعض الأساطین علی بیان المحقق الإصفهانی (قدس سره):((1))
أوّلاً: بالنقض بالأُمور التدریجیة مثل الإمساک فی الصوم حیث إنّ الإمساک فی العصر غیرممکن من أوّل النهار.
ولکن أجاب عنه المحقّق الإصفهانی (قدس سره) فی لایقال الثانی فلانعید.
ثانیاً: إنّ الحکم إمّا أمر یتعلّق به الجعل الاعتباری استقلالاً و إمّا أمر انتزاعی ینتزع عن الإنشاء بداعی جعل الداعی.
ص: 282
فإذا قلنا بأنّ الحکم أمر انتزاعی فنقول:
إنّ الإنشاء إمّا أن یکون فیه إمکان الانبعاث فلا إشکال فیه و إمّا أن لایکون فیه إمکان الانبعاث و هنا وقع الإشکال.
و الحلّ هو أنّ عدم إمکان الانبعاث:
إن کان لقصور فی الإنشاء مثل: إذا زالت الشمس فصلّ فیلازم ذلک عدم إمکان الباعثیة فلابعث فعلی حینئذ حتّی یستشکل بعدم إمکان الانبعاث.
و إن کان لقصور فی المتعلّق مثل ما إذا کان المتعلّق أمراً استقبالیاً متأخّراً فلایضرّ بانتزاع الحکم عن الإنشاء بداعی جعل الداعی، لأنّه لا إشکال فی ناحیة الإنشاء و لا قصور فیه بل القصور من ناحیة المتعلّق من حیث تقییده بالزمان المتأخر. و هذا هو الواجب المعلّق.
و أمّا إذا قلنا بأنّ الحکم أمر یتعلّق به الجعل الاعتباری الاستقلالی فنقول:
إنّ الحکم حینئذ هو نفس المعتبر (أی اللابدیة و ثبوت الفعل علی الذمّة أو الحرمان) و إذا کان الملاک للحکم تامّاً فیتحقّق الحکم إلّا أنّه لاداعویة للحکم إلّا فی الزمان المتأخر و لایضرّ ذلک لأنّ الحکم لایتقوّم بداعویته، فالمعتبر (الحکم) فعلی و حالی و متعلّقه استقبالی و هذا هو الواجب المعلّق.
أوّلاً: إذا فرضنا انتزاع الحکم عن الإنشاء:
فإنّ ما أفاده فی تصویر الواجب المعلّق یوجب دفع إشکال استحالة الواجب المعلّق ذاتاً.
أمّا إشکال لغویته فلایدفع بهذا البیان، فإنّ الإنشاء بداعی جعل الداعی
ص: 283
بالنسبة إلی المتعلّق الذی هو مقید بالزمان المتأخر و لایمکن الانبعاث فیه لغو، کما أنّ جعل الحکم بلا داعویة لغو.
ثانیاً: إذا فرضنا أنّ الحکم یتعلّق به الجعل الاعتباری الاستقلالی:
فإنّ ما أفاده من أنّ الحکم إذا کان ملاکه تامّاً فیتحقّق الحکم بلا داعویة ممنوع فیما إذا قلنا بتبعیة الأحکام للمصالح و المفاسد التی هی فی متعلّقاتها، لأنّه علی فرض تقیید المتعلّق بالزمان المتأخر فلا مصلحة تامّة و لا مفسدة تامّة قبل ظرف المتعلّق فیکون الحکم بلا ملاک تامّ.
ثالثاً: إنّ الحکم الذی تصوّره قبل ظرف المتعلّق حکم إنشائی و البعث فیه فرضی لا حقیقی، سواء قلنا بأنّه أمر جعلی معتبر استقلالاً أو قلنا بأنّه أمر انتزاعی من الإنشاء (فإنّ الملاک فی الحکم الإنشائی غیر تامّ و أمّا فی الحکم الفعلی فهو تامّ).
((1))
إنّ الواقع فی الإرادة التشریعیة هو الإرادة و الطلب من المولی.
أمّا الإرادة التی تعلّقت بالطلب و البعث فهی إرادة تکوینیة فلایتخلّف عن المراد.
أمّا الطلب (و هو قد یسمّی بالإرادة التشریعیة) فلا إشکال فی جواز انفکاکه عن المطلوب فإنّ النسبة بین الإرادة التکوینیة و المراد نسبة العلّة التامّة إلی المعلول و لکنّ النسبة بین الإرادة التشریعیة بمعنی الطلب و المراد هی نسبة المقتضی إلی المقتضی فلا مانع من الانفکاک بینهما.
ص: 284
أنّ الکلام لیس فی انفکاک الطلب من المطلوب فإنّه لا خلاف فی جواز انفکاکهما فإنّ المکلّف قد یطیع أمر المولی و قد لایطیعه.
بل المراد هو أنّ الباعثیة الإمکانیة لاتنفک عن إمکان الانبعاث.
((1))
إنّ التکلیف مشروط بالقدرة فلابدّ أن یکون المکلّف قادراً علی امتثاله حین تعلّق التکلیف به، فلو التزمنا بالواجب المعلّق یلزم عدم إمکان امتثال التکلیف.
إنّ القدرة المعتبرة فی صحّة التکلیف إنّما هی قدرة المکلّف فی ظرف العمل و الامتثال و إن لم یکن قادراً فی ظرف التکلیف.
((2))
إنّ الموضوع و القیود المعتبرة فیه لابدّ أن یؤخذ مفروض الوجود فی إنشاء القضایا الحقیقیة، أمّا فعلیة الحکم فلاتساوق إنشاءه، فإنّ فعلیة الحکم تتوقّف علی فعلیة کلّ ما أُخذ مفروض الوجود فی الخطاب، فإذا فرضنا أنّ الواجب من الموقّتات فتتوقّف فعلیة الحکم علی فعلیة الزمان کما تتوقّف علی فعلیة بقیة القیود
ص: 285
التی أُخذت فی الخطاب مفروض الوجود و هذا عین إنکار الواجب المعلّق و الالتزام بالاشتراط (و علیه قال باستحالة الشرط المتأخر).
أورد علیه المحقّق الخوئی (قدس سره) فی هامش أجود التقریرات فقال: أخذ الزمان مفروض الوجود فی الخطاب و إن کان یستلزم اشتراط التکلیف به لامحالة إلّا أنّه لایستلزم تأخّر التکلیف عنه خارجاً لما عرفت من جواز کونه شرطاً متأخّراً.
((1))
هو یری عدم المانع من الالتزام بالواجب المعلّق بمعنی کون وجوبه مشروطاً بشرط متأخّر خلاصة بیانه هو أنّه:
إن أُرید بالإرادة الشوق النفسانی غیرُ البالغ إلی مرحلة العزم فهو کما یتعلّق بالأمر الحالی یتعلّق بالأمر الاستقبالی.
و إن أُرید الاختیار و إعمال القدرة فإنّها لاتتعلّق بفعل الإنسان نفسه إذا کان فی زمن متأخّر فضلاً عن فعل غیره، و من هنا لایمکن تعلّقها بالمرکّب من أجزاء طولیة زماناً و تدریجیة وجوداً دفعة واحدة إلّا علی نحو تدریجیة أجزائه و ذلک کالصلاة مثلاً فإنّه لایمکن إعمال القدرة علی القراءة قبل التکبیرة و هکذا.
مع أنّه لا أصل للإرادة التشریعیة سواء قلنا بأنّها الشوق النفسانی أو الاختیار لأنّ الشوق النفسانی أمر تکوینی سواء تعلّق بالأمر التکوینی أم بالأمر التشریعی
ص: 286
و هکذا الاختیار و إعمال القدرة أمر تکوینی سواء تعلّق بالأمر التکوینی أم بالأمر التشریعی.
و إن أُرید بالإرادة الطلب و البعث باعتبار أنّه یدعو المکلّف إلی إیجاد الفعل فی الخارج.
ففیه أنّه لایمکن ترتّب أحکام الإرادة التکوینیة علیه لأنّه أمر اعتباری، فعدم تعلّق الإرادة بالأمر المتأخر زماناً لایستلزم عدم تعلّق البعث به، بل یمکن أن یتعلّق البعث الاعتباری بالأمر المتأخر.
((1))
أنّ تعلّق البعث الاعتباری نحو المتأخر بل نحو المحال ممکن ذاتاً إلّا أنّه غیر ممکن بالإمکان الاستعدادی و تعلّق البعث به لغو، فلیس کل ما هو فی عالم الاعتبار صحیحاً نافعاً، فإنّ اعتبار المتناقضین فی عالم الاعتبار ممکن ذاتاً، فیتمکّن المولی من جعل الوجوب و الحرمة فی عالم الاعتبار بالنسبة إلی متعلّق واحد و لکنّه اعتبار لغو و لایصدر من الحکیم.
مع أنّ المحقّق الخوئی (قدس سره) لایحتاج إلی البحث عن تعلّق الإرادة بمعنی البعث الاعتباری بالأمر المتأخّر لأنّ الزمان المتأخر عنده لیس قیداً لمتعلّق الأمر بل الزمان المتأخر هو الشرط المتأخر لنفس الوجوب.
ص: 287
و هی تظهر فی ثلاث مسائل مهمّة:
المسألة الأُولی: المقدّمة المفوِّتة، مثل دفع الإشکال عن إیجاب مقدّمات الحج قبل الموسم و هکذا دفع الإشکال عن وجوب إبقاء الاستطاعة بعد أشهر الحج و هکذا دفع الإشکال عن وجوب الغسل فی اللیل علی المکلّف بالصوم فیما إذا احتاج إلی الغسل.
المسألة الثانیة: التعلّم فإنّ البحث عن الواجب المعلّق یثمر فی مقام دفع الإشکال عن وجوب التعلّم قبل زمان الواجب.
المسألة الثالثة: الواجبات التدریجیة
و المهمّ هو البحث عن المسألة الأُولی و الثانیة.
و قد تعرّض السید الخوئی (قدس سره) ((1))لبیان مقدّمة قبل الورود فی البحث.
ص: 288
و فیها مطلبان:
هنا مسالک ثلاثة:
إیراد المحقق الخوئی (قدس سره) علی هذا المسلک:((1))
إنّ الخطاب و إن کان لغواً إلّا أنّه لامانع من العقاب، لأنّ المکلّف فی بدایة الأمر کان متمکّناً أن لایجعل نفسه مضطرّاً إلی ارتکاب الحرام فلو جعل نفسه حینئذ مضطرّاً إلی ارتکاب الحرام حکم العقل باستحقاقه العقاب.
((2))
إنّه کما یحکم العقل باستحقاقه للعقاب یحکم الشرع بحرمة تصرّفه فی الأرض المغصوبة عند خروجه عنه و ادّعی أنّه لا مانع من التکلیف بغیر المقدور إذا کان مستنداً إلی سوء اختیاره.
إنّ الغرض من التکلیف هو إیجاد الداعی للمکلّف بالنسبة إلی المکلّف به فإن
ص: 289
کان المکلّف به مقدوراً لم یکن التکلیف به لغواً حیث إنّه یمکن أن یصیر داعیاً إلیه، و إن لم یکن مقدوراً کان التکلیف به لغواً، لعدم إمکان کونه داعیاً، و عدم القدرة إذا کان مسبّباً عن سوء الاختیار لایصحّح تکلیف المولی لغیر القادر و إلّا لجاز للمولی أن یأمر عبده بالجمع بین الضدّین معلّقاً علی أمر اختیاری و هو باطل قطعاً حتّی عند المحقّق القمی (قدس سره) .((1))
و معناه أنّه إن اضطرّ الإنسان نفسه باختیاره إلی ارتکاب محرّم مثل الدخول فی الأرض المغصوبة فحینئذ التکلیف عنه ساقط لکونه لغواً لفرض خروج الفعل عن اختیاره أمّا عقاب هذا الشخص فلا قبح فیه، لأنّ هذا الاضطرار منتهٍ إلی الاختیار فیحکم العقل باستحقاقه للعقاب و لا قبح فیه عند العقل.
و الحقّ هو المسلک الثالث أی إنّ الامتناع بالاختیار لاینافی الاختیار عقاباً و ینافیه خطاباً.
إنّه لا فرق فی حکم العقل باستحقاق العقاب بین مخالفة التکلیف الالزامی الفعلی و بین تفویت حقیقة التکلیف و روحه و هو الملاک التامّ الملزم کما لو أعجز العبد نفسه اختیاراً عن إنقاذ ولد المولی، فإنّ عجزه و إن کان مانعاً عن توجّه التکلیف إلیه لعدم القدرة إلّا أنّه یستحقّ العقاب علی تفویت الغرض الملزم فیه حیث کان قادراً علی حفظ قدرته.
ص: 290
و البحث یقع فی مقام الثبوت و الإثبات:
یتصوّر فیه وجهان:
و هو أن یکون ملاک الواجب تامّاً و القدرة غیر دخیلة فی ملاکه مثل حفظ النفس المحترمة أو حفظ نظام المؤمنین و دفع ما یخلّ به و أمثال ذلک.
و فیه نظریات:
نشیر إلی بیان صاحب البدایع (قدس سره) فإنه قال: إنّ المقدّمة واجبة فی تلک الموارد قبل وقت وجوب ذیها، لا بالوجوب المعلولی المستتبع من وجوب ذیها و لا
ص: 291
بالوجوب النفسی الثابت لمصلحة نفسها ولا بالوجوب العقلی الإرشادی بل بالوجوب الأصلی الثابت بالدلیل و الخطاب المستقل مراعاةً لمصلحة ذی المقدّمة و یسمّی هذا بالوجوب التهیؤی، لأنّ فائدته التهیوء و الاستعداد لواجب آخر، فهو قسم من أقسام الوجوب یشبه الوجوب النفسی من حیث عدم تولّده و عدم ثبوته من وجوب ذیها و یشبه الوجوب الغیری المقدّمی من حیث کونه ثابتاً لمصلحة غیره، و لو فسرنا الواجب الغیری بما کان مصلحة وجوبه ثابتاً فی غیره فهذا منه، لأنّ الغیری بهذا التفسیر یعمّ ما ثبت وجوبه بخطاب مستقل لمصلحة الغیر أیضاً.((1))
فیه: أنّ ما أفاده أخصّ من موضع البحث، لأنّه لم یقم دلیل علی وجوب هذه
ص: 292
المقدّمات بخطاب مستقل إلّا فی بعض الموارد فما أفاده من الوجوب النفسی التهیؤی لایجدی فی عموم الموارد.
إنّه تفصّی عن الإشکال فی وجوب المقدّمة فی هذه الموارد بالالتزام بالواجب المعلّق فالوجوب بالنسبة إلی ذی المقدّمة فعلی فلایتوجّه إشکال وجوب المقدّمة قبل وجوب ذی المقدّمة، و سیجیء إن شاء الله تفصیله.
قد مضی بطلان الواجب المعلّق.
إنّ ما أفاده فی الواجب المشروط من رجوع القید إلی المادّة یجدی فی رفع الإشکال حیث إنّ الوجوب عنده فعلی و الواجب مشروط و علی هذا لیس وجوب المقدّمة مقدّماً علی وجوب ذیها، و سیأتی بیانه إن شاء الله.
إیراد علی النظریة الثالثة:
إنّ هذا القول أیضاً باطل کما مضی.
المقدّمة حالی و إن کان مشروطاً بشرط متأخّر مع العلم بوجود هذا الشرط فیما بعد، ضرورة فعلیة وجوب ذی المقدّمة و تنجّزه بالقدرة علیه بتمهید مقدّمته، فیترشح الوجوب من ذی المقدّمة علی مقدّمته بناءً علی الملازمة فلایلزم محذور وجوب المقدّمة قبل وجوب ذیها ((1)).
إنّا قد بیّنّا فیما سبق عند ذکر تحقیق المحقّق الإصفهانی1 أنّ البعث الحقیقی لاینفک عن إمکان الانبعاث، فلایمکن تصویر الوجوب الحالی و إن کان مشروطاً بالشرط المتأخر فیما إذا کان الواجب استقبالیاً.
((2))
إنّ وجوب المقدّمة لاینبعث من وجوب ذی المقدّمة بل إنّ الشوق إلی ذی المقدّمة ینبعث منه الشوق إلی مقدّمته، و أمّا الشوق إلی ذی المقدّمة فلایمکن وصوله إلی حدّ الإرادة، لأنّ ذلک موقوف علی حضور الوقت فلایتصف بالوجوب و أمّا الشوق إلی المقدّمة فلا مانع من بلوغه إلی حدّ الإرادة و الباعثیة
ص: 294
الفعلیة و هذا هو السرّ فی اتّصاف المقدّمة بالوجوب دون ذی المقدّمة و اتّضح بهذا البیان أنّه لا مانع من وجوب المقدّمة قبل وجوب ذیها.
((1))
و قبل بیان نظریته لابدّ من الإشارة إلی أنّ العقل یحکم بلزوم إتیان المقدّمة التی لها دخل فی تمکّن المکلّف من امتثال ذی المقدّمة فی ظرفه و إلّا یلزم فوت الملاک الملزم باختیار المکّلف، لأنّه یعلم بأنّه لو لم یأت بالمقدّمة لصار عاجزاً عن إتیان الواجب فی وقته و حیث إنّ عجزه مستند إلی اختیاره یستحقّ العقاب بترک المقدّمة.
ثمّ إنّ المحقق النائینی (قدس سره) قال باستکشاف الحکم الشرعی من هذا الحکم العقلی بوجوب المقدّمة و استدلّ علی ذلک بثبوت الملازمة بینهما و قال: إنّ حکم العقل بذلک دلیل علی جعل الشارع الإیجاب للمقدّمة حفظاً للغرض فیکون ذلک الجعل متمّماً للجعل الأوّل.
توضیحه هو أنّ الملاک الملزم إذا فرض کونه تامّاً فی ظرفه و لم یمکن استیفاؤه بخطاب واحد (إذ المفروض عدم التمکّن من امتثاله فی ظرفه علی تقدیر عدم الإتیان بالمقدّمة قبله) فلابدّ للمولی من استیفائه بخطاب نفسی آخر یتعلّق بالمقدّمة حتّی یکون متمّماً للجعل الأوّل، و بما أنّ الجعل الثانی منشأ من شخص الملاک الناشئ منه الجعل الأوّل فیکون هو و الجعل الأوّل فی حکم خطاب واحد و یکون عصیانه موجباً لاستحقاق العقاب علی ترک ما وجب بالجعل الأوّل فی ظرفه.
ص: 295
((1))
إنّ ما أفاده المحقّق النائینی (قدس سره): من «عدم إمکان استیفاء الملاک الملزم التام فی ظرفه علی تقدیر عدم الإتیان بالمقدّمة قبله فلابدّ للمولی من استیفائه بخطاب نفسی آخر یتعلّق بالمقدّمة» ممنوع لأنّ حکم العقل بتحصیل المقدّمة کافٍ لاستیفاء الملاک التام الملزم فلا حاجة إلی الجعل الثانی حتّی یکون متمّماً للجعل الأوّل.
((2))
إنّ مثل هذا الحکم العقلی لایعقل أن یکون کاشفاً عن جعل حکم شرعی مولوی فی مورده بداهة أنّه لغو صرف، فإنّ حکم العقل باستحقاق العقوبة علی تقدیر المخالفة و تفویت الغرض یکفی فی لزوم حرکة العبد و انبعاثه نحو الإتیان بالمقدّمات، و علیه فلو ورد حکم من الشارع فی أمثال هذا الموارد لکان إرشاداً إلی حکم العقل.
((3))
إنّ لغویة الجعل الثانی ممنوع بل بعض الناس لایتحرّکون من الحکم العقلی و لذا جعل الوجوب الشرعی للمقدّمة لیس لغواً فی هذا الفرض فجعل الوجوب الشرعی بالجعل الثانی و إن لم یکن لازماً و واجباً إلّا أنّه علی فرض تحقّقه لیس لغواً.
ص: 296
((1))
إنّ جعل الوجوب الشرعی للمقدّمات ممکن و لایلزم محذور اللغویة نعم إنّه لیس بواجب لکفایة حکم العقل فی مقام الداعویة.
ثمّ إنّا لم نجد دلیلاً شرعیاً علی وجوب المقدّمة فی جمیع الموارد، فعلی هذا جعل الوجوب الشرعی للمقدّمة ممکن لا واجب کما قال المحقّق النائینی (قدس سره) و لا لغو کما قال السید المحقّق الخوئی (قدس سره) .
((2))
و هو أن تکون القدرة دخیلة فی ملاک الواجب (بحیث یلزم تحصیلها و التحفّظ علیها) وهذا علی أقسام ثلاثة:
الأوّل: أن یکون الشرط هو القدرة المطلقة علی سعتها.
الثانی: أن یکون الشرط فی الواجب هو القدرة الخاصّة و هی القدرة بعد حصول شرط خاص من شرائط الوجوب (مثل الاستطاعة)، بمعنی أنّ القدرة المأخوذة فی الواجب (مثل الحج) التی یجب تحصیلها و التحفّظ علیها هی القدرة المقیدة بحصول شرط الوجوب (الاستطاعة).
الثالث: أن یکون الشرط هو القدرة فی وقت الواجب فلایجب علی المکلّف تحصیل القدرة علی الواجب أو التحفّظ علیها قبل وقت الواجب.
ص: 297
قال المحقّق الخوئی (قدس سره) فی هذا المقام:((1))
إنّ القدرة التی هی مأخوذة فی ملاک الواجب و یجب تحصیلها و التحفّظ علیها غیر مقیدة بشیء فهی مطلقة (بمعنی أنّه بمجّرد القدرة فی وقتٍ ما یکون الواجب تامّ المصلحة و إن کان الوجوب مشروطاً بالوقت فالمراد من القدرة المطلقة هنا هو مطلق القدرة)((2))و لذا وجب تحصیلها فی أوّل أزمنة الإمکان و إن کان قبل زمان الوجوب و حرم علیه تفویتها إذا کانت موجودة، لأنّه إن تمکّن من إتیان الواجب فی ظرفه و لو بإعداد أوّل مقدّماته فقد تمّ ملاک الواجب فمع تحقّق القدرة علی الواجب (بإعداد أوّل مقدّماته قبل زمان الوجوب) یتمّ ملاکه فیجب التحفّظ علی القدرة و تحصیل المقدّمات.
فلو أعجز نفسه عن الواجب بعد حصول هذه القدرة المطلقة یکون مستحقّاً للعقاب لأنّ الامتناع بالاختیار لاینافی الاختیار عقاباً.
و هو أن یکون الشرط فی الواجب و الدخیل فی ملاکه هو القدرة بعد حصول شرط الوجوب فحینئذ لایجب علی المکلّف تحصیل القدرة علی الواجب بإتیان مقدّماته قبل تحقّق شرط الوجوب و أمّا بعد تحقّق شرط الوجوب فیجب
ص: 298
تحصیل المقدّمات و التحفّظ علیها فلو أعجز نفسه عن المقدّمات (بحیث یکون عاجزاً عن الواجب) یستحق العقاب لأنّ الامتناع بالاختیار لاینافی الاختیار لأنّه فوّت الملاک الملزم و العقل یری استحقاق العقاب لمن فوّت الملاک الملزم.
و أمّا مع عدم حصول شرط الوجوب (مثلاً الاستطاعة) فلایحکم العقل بوجوب المقدّمات، فلو ترک المقدّمات و استلزم ذلک ترک الواجب فی موطنه و زمانه لایستحقّ العقاب، مثلاً إذا أراد شخص أن یهبه المال لیستطیع فلایجب علیه القبول.
و هو أن یکون الشرط فی الواجب و ما هو الدخیل فیه هو القدرة فی زمان الواجب فلایجب علی المکلّف تحصیل القدرة علیه بإتیان مقدّماته قبل دخول وقته بل یجوز له تفویتها إذا کانت موجودة.
و ذلک لأنّ الواجب لایکون ذا ملاک ملزم إلّا بعد القدرة علیه فی زمان الواجب أمّا القدرة علیه قبله فیجوز تفویتها.
و مثال ذلک هی الصلاة مع الطهارة المائیة حیث إنّ القدرة المعتبرة فیها هی القدرة علیها بعد دخول وقتها، أمّا قبله فلایجب تحصیلها بل یجوز له تفویتها بجعل نفسه محدثاً أو بإهراق الماء عنده.
نعم إنّ المحقّق النائینی((1)) (قدس سره) فصّل بین تفویت القدرة قبل الوقت بجعل نفسه محدثاً مع علمه بعدم تمکّنه من الغسل و بین تفویتها بإهراق الماء فقال بالجواز فی الأوّل و بعدم الجواز فی الثانی و استند إلی روایةٍ صحیحة.
ص: 299
ولکن السید المحقّق الخوئی (قدس سره) ((1)) قال بعدم التفصیل بینهما و عدم ورود أیة روایة فی هذا الموضوع فضلاً عن کونها صحیحة.
ص: 300
إذا شک فی أنّ القدرة دخیلة فی ملاک الواجب أو لا فهل یلزم إتیان المقدّمات قبل وقته فیما إذا علمنا توقّف الواجب علیه؟
قال المحقّق الخوئی (قدس سره):((1))
لاطریق لنا إلی إحراز الملاکات، غایة الأمر نستکشف تلک الملاکات من الأمر و النهی المولویین، و علیه تکون سعة الملاک فی مرحلة الإثبات بقدر سعة الأمر دون الزائد.
و بما أنّه فیما نحن فیه لم نحرز أنّ ترک المقدّمة قبل الوقت مستلزم لتفویت ملاک الواجب فی ظرفه، لاحتمال أنّ القدرة علی المقدّمات دخیلة فی ملاک الواجب فی وقته، فلو لم یأت بها قبل الوقت (و المفروض عدم تمکّنه منها بعده) لم یحرز فوت شیء منه لا الأمر الفعلی و لا الملاک الملزم.
أمّا الأمر الفعلی فواضح و أمّا الملاک الملزم فلاحتمال دخل القدرة الخاصّة فیه فإنّه قد تقدّم أنّ ملاک حکم العقل بالقبح و استحقاق العقاب أمران: تفویت التکلیف الواقعی و تفویت الملاک الملزم.
و النتیجة هی أن لا ملاک لحکم العقل باستحقاق العقاب فی المقام لفرض عدم إحراز الملاک مثال ذلک: ما إذا علم شخص أنّه إذا نام فی الساعات الأخیرة من اللیل فاتته صلاة الصبح کما إذا لم یبق إلی الصبح إلّا ساعة واحدة فإنّه یجوز له
ص: 301
ذلک لفرض أنّ الأمر غیر موجود قبل الوقت و أمّا الملاک فغیر محرز لاحتمال دخل القدرة الخاصّة فیه.
ثمّ إنّ الواجبات الشرعیة أکثرها من قبیل ما لاتکون القدرة دخیلة فی ملاکه أو ما لها دخل فیه بنحو مطلق أی القدرة فی وقتٍ مّا موجبة لکون الواجب تامّ المصلحة((1)).
ص: 302
و فیها صورتان:
و إنّما أفردوا البحث عنه لأنّه ذو حیثیتین، فمن حیثیة یکون مقدّمة وجودیة و من حیثیة أُخری یکون مقدّمة علمیة (لإحراز الامتثال).
هنا أقوال أربعة فی وجوبه:
المحقّق الأردبیلی (قدس سره) ((1)) فی مجمع الفائدة و صاحب المدارک (قدس سره) فی مدارک الأحکام قالا بالوجوب النفسی التهیؤی بمعنی التهیؤ للغیر((2)).
الشیخ الأنصاری (قدس سره) و المشهور قالوا بعدم وجوبه الشرعی بل وجوبه عقلی و
ص: 303
الدلیل علیه هو أنّ ترک التعلّم یوجب فوات الواقع و هذا صغری قاعدة «الامتناع بالاختیار لاینافی الاختیار عقاباً».
المحقّق الخوئی (قدس سره) قال بالتفصیل فی المقام.
بیان تفصیل المحقّق الخوئی (قدس سره) ((1)): إنّ ترک التعلّم قبل وقت الواجب أو قبل شرطه علی أنحاء و صور:
الصورة الأُولی: قد لایکون لترک التعلّم قبل الوقت أثر بل یتمکّن بعد حصول الوقت من التعلّم تدریجاً مثل أن یتعلّم أحکام الحج فی طول مناسک الحج فحینئذ لایجب التعلّم.
نعم إذا جاء الوقت لم یجز ترک التعلّم لاحتمال مخالفة التکلیف الفعلی المنجز و هو صغری دفع الضرر المحتمل فلابدّ من أن یتعلّم لرفع ذلک.
الصورة الثانیة: قد یکون لترک التعلّم أثر و لکنّ الأثر هو فقد تمییز الواجب من غیره لکنّ المکلّف یتمکّن من إحراز امتثاله إجمالاً بطریق الاحتیاط مثل أن یصلّی قصراً و تماماً و هذا فی ما لم نقل بلزوم قصد التمییز (کما أنّ الحق عدم اعتبار قصد التمییز).
و الظاهر هنا عدم وجوب التعلّم، لأنّ الامتثال الإجمالی فی عرض الامتثال التفصیلی.
الصورة الثالثة: قد یکون ترک التعلّم موجباً لترک الامتثال القطعی سواء کان الامتثال تفصیلیاً أم إجمالیاً، فحینئذ لایتمکّن المکلّف إلّا من الامتثال الاحتمالی و لکنّه غیر کاف بل لابدّ من الامتثال القطعی تفصیلاً أو إجمالاً.
و التعلّم هنا واجب و الوجه فی وجوب التعلّم لیس هو ما أفاده الشیخ (قدس سره) فی
ص: 305
أصل البحث من أنّ الامتناع بالاختیار لاینافی الاختیار لأنّ المفروض هو عدم الامتناع بل یحتمل امتثال التکلیف کما أنّه یحتمل عدم الامتثال.
بل الوجه هنا ما أفاده المحقّق النائینی (قدس سره) من جریان قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل لأنّ الامتثال الاحتمالی مساوق لاحتمال مخالفة التکلیف الفعلی من دون مؤمّن فیحتمل العقاب فالعقل یستقل بکبری وجوب دفع الضرر المحتمل و هذا مثل من ضاق علیه الوقت و لایتمکّن إلّا من الإتیان إمّا بصلاة القصر أو بصلاة التمام.
نعم إذا کان فی هذه الصورة غیر قادر علی التعلّم قبل الوقت فهو مضطّر إلی أحد أطراف العلم الإجمالی فیجب علیه إتیان أحدهما فهو معذور فی صورة المخالفة للواقع و هذا مثل الصبی الذی هو عاجز عن التعلّم و لایتمکّن من الجمع بینهما.
الصورة الرابعة: قد یکون ترک التعلّم قبل الوقت موجباً لترک الواجب فی ظرفه إمّا للغفلة عن التکلیف أو لعدم التمکّن من امتثاله.
و التعلّم هنا واجب لاستقلال العقل به لأنّه لو لم یتعلّم لفات الغرض الملزم فی ظرفه لما أفاده الشیخ الأنصاری (قدس سره) من أنّ الامتناع بالاختیار لاینافی الاختیار عقاباً.
نعم لو قلنا بأنّ الواجب مشروط بقدرة خاصّة من ناحیة التعلّم فلایجب التعلّم حینئذ لأنّه لا وجوب حتّی یجب التعلّم مقدّمة لإتیان الواجب فی ظرفه و لا ملاک ملزم حتّی یستلزم ترک التعلّم تفویته لکنّه مجرّد فرض لأنّ مقتضی الآیات و الروایات الدالّة علی وجوب التعلّم هو عدم أخذ القدرة الخاصّة و أنّه لیس للتعلّم أی دخل فی صیرورة الواجب ذا ملاک ملزم فإنّ إطلاق روایات
ص: 306
«هلّا تعلّمت» یشمل المقام.((1))
هذا کلّه فیما إذا علم المکلّف أو اطمأنّ بالابتلاء.
و فیها أقوال ثلاثة:
المشهور بین الأصحاب وجوب التعلّم.
ص: 307
المحقّق الخوئی (قدس سره) ((1)) قال بوجوب التعلّم فی الموارد التی یقع الابتلاء بها عادةً أمّا الموارد النادرة فلایجب.
إنّ بعض الأساطین (حفظه الله) ذهب إلی عدم قیام الدلیل علی وجوبه و لکنّه قال: مخالفة المشهور مشکلة. ((2))
إن بعض الأعلام قالوا بعدم وجوبه.
إنّ عدم الابتلاء فعلاً متیقّن و یشک فیه فی ما بعد فیستصحب عدمه بالإضافة إلی الزمن المستقبل، و هذا الاستصحاب علی عکس الاستصحاب المتعارف.
و نتیجة جریان الاستصحاب هنا هو ارتفاع موضوع حکم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل حیث إنّه مع نفی احتمال الابتلاء بالتعبّد لایبقی مجال لاحتمال الضرر.
ص: 308
إنّ دلیل الاستصحاب قاصر عن شمول هذا النحو من الاستصحاب الذی هو استصحاب استقبالی بل یختصّ بما إذا کان المتیقّن سابقاً و المشکوک لاحقاً و لایشمل ما إذا کان المتیقّن حالیاً و المشکوک استقبالیاً.
فیه أنّ مفاد أدلّة الاستصحاب عدم نقص الیقین بالشک سواء کان المتیقّن سابقاً أم حالیاً أم استقبالیاً.
((1))
إنّ الاستصحاب یعتبر فیه أن یکون المستصحب بنفسه حکماً و أثراً شرعیاً أو موضوع حکم و أثر شرعی حتّی یتعبّد به فی ظرف الشک و أمّا إذا لم یکن هناک أثر شرعی أو کان الأثر مترتّباً علی نفس الشک المحرز وجداناً فلا معنی للتعبّد فی مورده، و ما نحن فیه من هذا القبیل، فإنّ وجوب دفع الضرر المحتمل مترتّب علی نفس احتمال الابتلاء المحرز وجداناً، و لیس لواقع الابتلاء بالواقع أثر شرعی حتّی یدفع احتماله بالأصل، فلایبقی مجال لجریان استصحاب عدم الابتلاء بالواقع.
إنّ الحکم العقلی غیر قابل للتخصیص و لکنّه قابل للتخصّص و الخروج
ص: 309
الموضوعی کما إذا کان الشک موضوع الدلیل ثمّ ارتفع الشک تعبّداً فإنّ لزوم دفع الضرر المحتمل و قبح العقاب بلا بیان من القواعد التی قد استقلّ بها العقل و مع ذلک یسبّب المولی إلی رفعهما برفع موضوعهما بجعل الترخیص فی مورد قاعدة دفع الضرر المحتمل و بجعل البیان فی مورد قاعدة قبح العقاب بلا بیان و فی ما نحن فیه احتمال الابتلاء الذی هو موضوع الأثر و إن کان محرزاً بالوجدان إلّا أنّ استصحاب عدم الابتلاء واقعاً إذا جری کان رافعاً للابتلاء الواقعی تعبّداً و به یرتفع الموضوع و هو احتمال الابتلاء. ((1))
((2))
العلم الإجمالی بالابتلاء ببعض الأحکام الشرعیة حاصل، فهذا العلم الإجمالی مانع عن جریان الأُصول النافیة فی أطرافه، حیث إنّ جریانها فی الجمیع مستلزم للمخالفة القطعیة العملیة و جریانها فی البعض دون الآخر مستلزم للترجیح من دون مرجّح فلامحالة تسقط الأُصول النافیة فیستقل العقل بوجوب التعلّم و الفحص.
((3))
هذا فیما إذا لم ینحلّ العلم الإجمالی، أمّا مع انحلاله فلا، فالدلیل أخصّ من المدّعی.
ص: 310
((1))
إنّ ما دلّ علی وجوب التعلّم و المعرفة من الآیات و الروایات کقوله تعالی: (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّکْرِ إِنْ کُنْتُمْ لا تَعْلَمُون)((2)) و قوله (علیه السلام): «هلاّ تعلّمت» و ما شاکل ذلک وارد فی مورد هذا الاستصحاب، حیث إنّ فی غالب الموارد لایقطع الإنسان بل و لایطمئنّ بالابتلاء، فلو جری الاستصحاب فی هذه الموارد (موارد احتمال الابتلاء) لم یبق تحت العمومات و الإطلاقات إلّا الموارد النادرة و التقیید و التخصیص بالأکثر مستهجن، فلابدّ من عدم جریان الاستصحاب.
((3))
إنّ الآیات و الروایات الواردة فی وجوب التعلّم تشمل موارد القطع التفصیلی و الإجمالی بالابتلاء و تلک الموارد کثیرة جدّاً و أمّا موارد احتمال الابتلاء فهی داخلة تحت تلک الأدلّة بدواً و لکن الاستصحاب ینفی الابتلاء و یحرز عدمه فتخرج تلک الموارد (موارد احتمال الابتلاء) عن أدلّة وجوب التعلّم.
فعلی هذا تختصّ وجوب التعلّم بصورة القطع أو الاطمینان بالابتلاء و أمّا فی صورة احتمال الابتلاء فلایجب التعلّم.
و لکن بعض الأساطین یری أنّ مخالفة المشهور مشکلة فلابدّ حینئذ من الاحتیاط الوجوبی بالنسبة إلی التعلّم فی موارد احتمال الابتلاء.
ثمّ إنّ المحقّق الخوئی (قدس سره) و إن اختار وجوب التعلّم فی موارد العلم بالابتلاء و
ص: 311
الاطمینان به و موارد احتمال ذلک و لکنّه قال بعدم وجوب التعلّم فی الموارد التی یقلّ الابتلاء بها کبعض مسائل الشکوک و الخلل ممّا یکون الابتلاء به نادراً جدّاً.((1))
ص: 312
هی الواجبات التدریجیة، مثل المضطربة الناسیة للوقت الفاقدة للتمییز و هی تعلم إجمالاً بتحقّق الحیض فی طول الشهر و لکن لاتعلم أیامه بالخصوص فلاتدری أیجوز لها الدخول فی المسجد مثلاً أم لا، فإنّه بناء علی القول بالواجب المعلّق یکون العلم الإجمالی منجّزاً حیث إنّ التکلیف بالحرمة مثلاً فعلی و لکن لایعلم أنّ ما یحرم علیها هو فی الآن أو فی المتأخر، و أمّا بناء علی عدم القول بالواجب المعلّق فلایعلم بتحقّق التکلیف الفعلی فی الآن و حینئذ یمکن القول بجریان البراءة و جواز الدخول فی المسجد.
ص: 313
و فیه مطالب ثلاثة:
فیه قولان:
القول الأوّل: قال المحقّق النائینی (قدس سره) ((1)) -و تبعه بعض الأساطین (حفظه الله) ((2))بوجوب التعلّم علیه
القول الثانی: اختار المحقّق الخوئی (قدس سره) ((3)) عدم وجوب التعلّم علی الصبی.
إنّ التمسّک بحدیث الرفع لرفع وجوب التعلّم غیر ممکن و ذلک لأنّ وجوبه عقلی و حدیث الرفع لایرفع الوجوب العقلی.((4))
((5))
إنّ حکم العقل فی المقام و إن کان یعمّ الصبی و غیره إلّا أنّه معلّق علی عدم ورود التعبّد من الشارع علی خلافه و معه لامحالة یرتفع حکم العقل بارتفاع
ص: 314
موضوعه، و المفروض هو أنّ التعبّد الشرعی قد ورد علی خلافه فی خصوص الصبی.
((1))
إنّ وجوب التعلّم لیس شرعیاً و الدلیل علی ذلک هو أنّه إذا قال المولی فی مقام توبیخ العبد: «هلّا تعلّمت» فلایقبل من العبد أن یقول: لم یصل إلی وجوبه فالوجوب عقلی و لایعقل جعل الوجوب الشرعی فی مورده للزوم اللغویة فإذا کان الوجوب عقلیاً لا شرعیاً فلایمکن أن یکون مورداً لحدیث الرفع لأنّه فی مورد الشرعیات.
أوّلاً: إنّ الإطاعة للمولی وجوبه عقلی و لکن هی مرفوعة عن الصبی فما الفرق بین وجوب الإطاعة و وجوب التعلّم.
ثانیاً: ما أفاده من أنّ جعل الوجوب الشرعی للتعلّم لغو لمکان وجوبه العقلی فهو مخالف لما أفاده قبلاً فی المقدّمة المفوّتة فی مقام الإیراد علی مختار المحقّق الخوئی (قدس سره) حیث قال: جعل الوجوب الشرعی لإیجاد الداعی بالنسبة إلی المقدّمة المفوّتة لغو((2)) فأجاب عنه بعض الأساطین (حفظه الله) بعدم اللغویة حیث إنّ بعض الناس ینفعلون من تأکید الشارع و الداعی الشرعی و إلّا فما الوجه فی الأوامر الإرشادیة؟ غیر أنّ الأمر الإرشادی شأنه الهدایة إلی ما یدرکه العقل و الأمر الشرعی یوجب تحقّق الداعی الشرعی فهو أبلغ فی تحریک العبد نحو الفعل.((3))
ص: 315
هو أنّ ما أفادوا من افتراض توجّه الحکم العقلی بلزوم التعلّم علی الصبی محلّ تأمّل و مناقشة، لأنّ الحکم العقلی هو ما یدرکه العقل و غیر البالغ لم یکمل عقله حتّی یدرک الأحکام العقلیة نعم إنّ الممیز قد یدرک الأحکام العقلیة و لکن مع الترخیص الشرعی کیف یدرک اللزوم العقلی؟ مع أنّ أعلام أهل الفن اختلفوا فی بقاء موضوع حکم العقل فیما إذا جاء الترخیص الشرعی (بحدیث الرفع).
فیه خمسة أوجه:
إنّ المستفاد من الروایة هو لزوم التعلّم قبل العمل و لاتدلّ علی أنّ العلم لا فائدة فیه إلّا للعمل و أنّه لیس کمالاً علی حدة.
إنّه یظهر من السؤال عن الشیء (و الشیء هو التعلم) أنّ الشیء واجد للمصلحة و هو المطلوب و مثال ذلک هو أنّ من یسأل عن الطریق لایطلب إلّا المقصد.
إنّ القیاس مع الفارق فإنّ العلم بالطریق لیس کمالاً بخلاف العلم بالأحکام فإنّه کمال فی نفسه.
إنّ من لم یتعلّم و خالف التکلیف لایؤاخذ إلّا علی ترک التکلیف لا علی ترک التعلّم، مع أنّ التعلّم إن کان واجباً نفسیاً فلابدّ أن یؤاخذ المکلّف علی ترکه ولایمکن الالتزام بالمؤاخذتین.
فالحقّ فی المقام هو أنّ المستفاد من الأدلّة هو أنّ التعلّم مطلوب بنفسه و أمّا وجوبه فلیس نفسیاً.
توضیحه: هو أنّ الآیات مثل قوله تعالی: (قُلْ هَلْ یسْتَوِی الَّذینَ یعْلَمُونَ وَ الَّذینَ لا یعْلَمُونَ)((1)) و قوله تعالی: (وَ ما یسْتَوِی الْأَعْمی وَ الْبَصیرُ)((2)) و الروایات
ص: 317
مثل «الْعِلْمُ وَدِیعَةُ اللَّهِ فِی أَرْضِهِ»((1)) و «لَیسَ الْعِلْمُ بِکَثْرَةِ التَّعَلُّمِ وَ إِنَّمَا هُوَ نُورٌ یقْذِفُهُ اللَّهُ تَعَالَی فِی قَلْبِ مَنْ یرِیدُ اللَّهُ أَنْ یهْدِیهُ»((2)) تدلّ علی مطلوبیته بنفسه لأنّه نور و أمّا الوجوب النفسی فلایمکن الالتزام به لما مضی فی الإشکال الثالث من لزوم العقابین و المؤاخذتین و هو باطل قطعاً.
إنّ التعلم مقدّمة وجودیة لتحقّق الواجب فهو واجب غیری کما فی سائر المقدّمات الوجودیة.((3))
ص: 318
((1))
إنّ الإتیان بالواجب لایتوقّف علی التعلّم إلّا فی ما کان الواجب مرکباً فیحتاج المکلّف إلی تعلّم أجزائه و شرائطه، مثل الصلاة.
مع أنّ وجوب التعلّم لایدور مدار ثبوت وجوب المقدّمة بل هو ثابت بالآیات و الروایات.
بناءً علی القول بوجوب المقدّمة فإن عرفنا الواجب الغیری بحیث لاینافی وجود الخطاب المستقل فنلتزم بالوجوب الغیری التهیوئی أمّا إن عرفناه بحیث لایشمل ما له خطاب مستقل فلابدّ أن نلتزم بالوجوب التهیؤی ثم إنّه مع الإیجاب الشرعی الغیری أو التهیؤی لایعقل حمله علی الوجوب الإرشادی.
و الظاهر هو أنّ الوجوب تهیؤی لأنّ المستفاد من الآیات و الروایات هو أنّ الشارع یرید إیجاد الداعی الشرعی مضافاً إلی الداعی العقلی.
إنّ العقل یستقلّ بلزوم تعلّم الأحکام الشرعیة فما ورد فی الکتاب و السنّة من الأوامر الواردة بالنسبة إلی التعلّم لابدّ أن یحمل علی الإرشاد بهذا الحکم العقلی.
ص: 319
((1))
لو کان وجوب التعلّم إرشادیاً یلزم جریان البراءة الشرعیة فی الشبهات الحکمیة قبل الفحص کما أنّها تجری فی الشبهات الموضوعیة قبل الفحص، مع أنّهم لایقولون بجریانها فی الشبهات الحکمیة قبل الفحص.
ص: 320
توضیحه: هو أنّ المقتضی لجریان البراءة الشرعیة فی الشبهات الحکمیة قبل الفحص موجود و هو إطلاق أدلة رفع عن أُمّتی ما لایعلمون و المانع عن جریانها هو أدلّة وجوب التعلّم.
فلو قلنا بأنّ تلک الأدلة أوامر إرشادیة فیکون حکمها مثل الأحکام العقلیة مع أنّ الأحکام العقلیة لاتصلح لمنع إطلاق دلیل الرفع و الوجه فیه هو أنّ الحکم العقلی یرتفع موضوعه مع الترخیص الشرعی و أدلّة البراءة الشرعیة ترخیصیة فیرتفع بها موضوع حکم العقل فلایبقی حکم العقل حتی یمنع عن إطلاق أدلة البراءة الشرعیة فیلزم جریانها فی الشبهات الحکمیة قبل الفحص مع أنّه لایمکن الالتزام به.
«أمّا الأُصول النقلیة فأدلّتها و إن کانت مطلقة فی نفسها إلّا أنّها مقیدة بما بعد الفحص بالقرینة العقلیة المتّصلة و النقلیة المنفصلة».((1))
ص: 322
التعلّم طریقیاً و یترتّب علیه تنجیز الواقع عند الإصابة، لأنّه أثر الوجوب الطریقی کما هو شأن وجوب الاحتیاط و وجوب العمل بالأمارات.((1))
((2))
إنّ المحقّق الخوئی (قدس سره) یعتقد فی الوجوب الطریقی بأنّه یکون هو المنجّز للواقع فلابدّ أن لایکون قبله منجّزاً للواقع، فعلی هذا لابدّ فی موارد الوجوب الطریقی أن لایکون قبله احتمال العقاب و إلّا فیکون احتمال العقاب هو المنجّز للواقع و وجوب التعلّم إرشاداً إلیه.((3))
فعلی هذا أدلّة وجوب التعلّم إرشادی.((4))
ص: 324
ص: 325
إنّ الشیخ الأنصاری (قدس سره) أفتی فی «صراط النجاة» بفسق تارک تعلّم مسائل الشک و السهو فیما یبتلی به عامة المکلّفین.((1))
((2)):
المحقّق النائینی (قدس سره) لم یرتض بذلک و قال: هذا مخالف لمبنی الشیخ (قدس سره) و لذا احتمل السهو ممن جمع فتاوی الشیخ (قدس سره) و استدلّ علی ذلک بأنّ هذا الفتوی لابدّ أن یستند إلی أحد هذه الأُمور:
الأمر الأوّل: الالتزام بالوجوب النفسی للتعلّم کما هو مختار المحقّق الأردبیلی (قدس سره) و لکن الشیخ (قدس سره) لم یلتزم به فهذا مخالف لمبناه.
الأمر الثانی: الالتزام بحرمة التجرّی و لکنّه أیضاً مخالف لمبناه حیث قال بعدم حرمة التجرّی و أنّ قبحه فاعلی لا فعلی.
الأمر الثالث: الالتزام بالفرق بین مسائل السهو و الشک و سائر المسائل بدعوی أنّ العادة جرت علی الابتلاء بهذه المسائل و لذا یجب تعلّم مسائل السهو و الشک بالخصوص دون غیرها فمن ترکه کان فاسقاً.
ولکنّه أیضاً لایناسب مبنی الشیخ (قدس سره) حیث إنّ وجوب التعلّم عنده وجوب طریقی فلا عقاب علی ترکه بل العقاب علی مخالفة الواقع.
ص: 326
((1)):
السید المحقّق الخوئی (قدس سره) استشکل و قال: إنّ ما أفاده الشیخ (قدس سره) من أنّ تارک التعلّم محکوم بالفسق مبنی علی أنّ التجرّی کاشف عن عدم وجود ملکة العدالة فإنّ المتجرّی و إن لم یکن مستحقاً للعقاب لعدم ارتکابه للمبغوض الواقعی أو لعدم ترکه للواجب إلّا أنّه أتی بما یعتقد کونه مبغوضاً أو ترک ما یعتقد کونه واجباً و هذا کاشف عن فقد ملکة العدالة و لذا یحکم علیه بالفسق.
إنّ فقد ملکة العدالة لایلازم الفسق بل الفسق مترتّب علی من صدر عنه الحرام أو ترک الواجب فمن لم تصدر عنه المعصیة لایکون فاسقاً و إن لم یکن عادلاً.
ص: 327
ص: 328
فیه موضعان و تنبیهان:
و فیه ستة تعاریف:
إنّ المشهور عرّفوا الواجب النفسی بما أُمر به لنفسه و الواجب الغیری بما أُمر به لأجل غیره.((1))
إنّه یلزم أن یکون جمیع الواجبات الشرعیة أو أکثرها من الواجبات الغیریة،
ص: 329
إذ المطلوب النفسی قلما یوجد فی الأوامر، فإنّ جلّها مطلوبات لأجل الغایات التی هی خارجة عن حقیقتها، فالتعریف بالنسبة إلی الواجب النفسی غیر منعکس و بالإضافة إلی الواجب الغیری غیر مطردّ. ((1))
((2))
الأولی فی تحدیدهما هو أن یقال: إنّ الواجب النفسی ما أُمر به لا لأجل التوصّل إلی واجب آخر و الواجب الغیری ما أُمر به للتوصّل إلی واجب آخر.
ثمّ إنّ الواجب النفسی قسمان:
الأوّل: ما کان الداعی محبوبیة الواجب بنفسه کالمعرفة بالله تعالی.
الثانی: ما کان الداعی محبوبیة الواجب بما یترتّب علیه من فائدة کأکثر الواجبات من العبادات و التوصّلیات.((3))
ص: 330
((1)):
إنّ الواجب الذی یکون الداعی فیه محبوبیته بما یترتّب علیه من الفائدة یکون واجباً غیریاً و الوجه فی ذلک هو أنّ الفوائد المترتّبة علی القسم الثانی من الواجب النفسی مطلوبة للمولی بحیث لولا وجوده هذه الفوائد لما دعی إلی إیجاب ذی الفائدة فمطلوبیة القسم الثانی من الواجب النفسی إنّما هی للتوصّل إلی هذه الفوائد التی یجب تحصیلها، فالقسم الثانی واجب لأجل التوصّل إلی واجب آخر فعاد الإشکال.
إنّ هذه الفوائد التی تترتّب علی القسم الثانی من الواجب النفسی لیست متعلّقة للوجوب، لأنّها خارجة عن حیز قدرة المکلّف فلایصحّ تعلّق التکلیف بها.
هی داخلة تحت القدرة لدخول أسبابها تحتها و القدرة علی السبب قدرة علی
ص: 331
المسبّب و لذا یتعلّق الأمر بالتطهیر المسبّب عن الغسل و الوضوء، فالإشکال الذی أورده علی تعریف المشهور یتوجّه إلی تعریفه أیضاً. ((1))
((2))
إنّ الواجب النفسی هو ما کان وجوبه لأجل حسنه فی حدّ ذاته، سواء کان مقدّمة لأمر مطلوب واقعاً أم لم یکن.
و الواجب الغیری ما کان وجوبه لأجل حسن غیره، سواء کان فی نفسه معنوناً بعنوان حسن کالطهارات الثلاث أم لم یکن. (کما ورد «الوضوء نور» فإنّ وجوب الوضوء لأجل الصلاة وجوب غیری و إن کان الوضوء فی نفسه معنوناً بعنوان حسن و هو نورانیته، فإنّ نورانیة الوضوء بنفسه لیست ملاک وجوبه الغیری).
((3))
لازم ذلک إرجاع جمیع الواجبات النفسیة إلی واجب واحد و هکذا فی المحرّمات توضیحه هو أنّ العناوین الحسنة أو القبیحة علی نحوین:
ص: 332
النحو الأوّل: ما هو حسن بالذات أو قبیح بالذات کعنوان العدل و الإحسان فی الحسن الذاتی و کعنوان الظلم و الجور فی القبح الذاتی.
النحو الثانی: ما هو حسن أو قبیح بالعرض کغیر العناوین المتقدّمة من سائر العناوین.
و بعبارة أُخری: إنّ العنوان الحسن أو القبیح قد لایتّصف بالحسن و القبح إذا طرأ علیه عنوان آخر یمنع عن اتّصافه بالحسن أو القبح، کعنوان الصدق و الکذب إذا طرأ علیهما عنوان قتل المؤمن أو إنجاؤه، و هذا عنوان عرضی لقبوله طرو المانع.
و قد لایقبل طرو عنوان آخر یزیل حسنه أو قبحه کعنوان العدل و الظلم فهذا عنوان ذاتی.
و من الواضح أنّ کلّ ما بالعرض ینتهی إلی ما بالذات، فجمیع الواجبات النفسیة (إذا کانت واجبة نفسیة من حیث عنوان حسن) لابدّ من أن تنتهی إلی عنوان واحد و کذلک المحرّمات النفسیة کلّها مصادیق واجب واحد أو محرّم واحد بملاک و عنوان واحد، لأنّ عناوینها الحسنة و القبیحة لابدّ من أن تنتهی إلی عنوان ذاتی، فالعنوان الحسن أو القبیح ینحصر فی العنوان الذاتی و إرجاع جمیع الواجبات النفسیة إلی واجب واحد و جمیع المحرّمات النفسیة إلی محرّم واحد مما لایمکن الالتزام به.
لایقال: العنوان الحسن و القبیح لاینحصر فی العنوان الذاتی الذی لایقبل طرّو المانع بل ما بالذات تارة بنحو العلیة و أُخری بنحو الاقتضاء و الواجبات النفسیة و المحرّمات النفسیة لعلّها من قبیل الثانی(أی من قبیل الاقتضاء) فحسنها باعتبار ذواتها و إن کانت قابلة لطرو المانع.
ص: 333
لأنّا نقول: هذا المعنی و إن کان مشهوراً، لکنّه لا أصل له حسبما یقتضیه الفحص و البرهان إذ لا علیة ولا اقتضاء للعنوان بالإضافة إلی حکم العقلاء بمدح فاعله أو ذمّه.
بل المراد بما بالذات و ما بالعرض أنّ العنوان إذا کان بنفسه مع قطع النظر عن اندراجه تحت عنوان آخر محکوماً عند العقلاء بمدح فاعله أو ذمّه لما فیه من المصلحة العامة أو المفسدة العامة کان حسناً أو قبیحاً بالذات و إذا لم یکن بنفسه محکوماً بأحدهما بل باعتبار اندارجه تحت ما کان بنفسه کذلک کان حسناً أو قبیحاً بالعرض.
((1))
إنّ جهة الحسن التی هی موجبة لمدح العقلاء غیر الجهة الموجبة لإیجاب الشارع.
توضیح ذلک هو: أنّ قضیة حسن العدل و قبح الظلم من القضایا المشهورة التی اتّفقت علیها آراء العقلاء حفظاً للنظام و إبقاء للنوع فلا منافاة بین الحسن الذاتی عند العقلاء و عدم المحبوبیة الذاتیة عند الشارع لأنّ الجهة الموجبة لمدح العقلاء لا دخل لها بالجهة الموجبة لإیجاب الشارع.
مثلاً: إنّ الصلاة و إن کانت حسنة عند العقلاء من حیث إنّها تعظیم - و هو عنوان حسن فإنّه عدل- و تعظیم العبد لمولاه من مقتضیات الرقیة و رسوم العبودیة فیکون به النظام محفوظاً و النوع باقیاً، إلّا أنّها غیر محبوبة للشارع من
ص: 334
هذه الجهة، بل من جهة استکمال العبد بها و زوال الأخلاق الرذیلة منه بها فیستعدّ لقبول نور المعرفة و أین إحدی الجهتین من الأُخری؟
((1))
إنّ حسن الأفعال الواجبة المقتضی لإیجابها إن کان ناشئاً من مقدّمیتها لما یترتّب علیها من المصالح و الفوائد اللازمة فالإشکال باق علی حاله و إن کان ثابتاً فی حدّ ذاتها مع قطع النظر عما یترتّب علیها فلازم ذلک أن لایکون شیء من الواجبات النفسیة متمحّضاً فی الوجوب النفسی و ذلک لاشتمالها علی ملاکین: النفسی (و هو حسنها الذاتی) و الغیری (و هو کونها مقدّمة لواجب آخر، نظیر صلاة الظهر حیثه إنّها واجبة لنفسها و مقدّمة لواجب آخر أیضاً و هی صلاة العصر).
((2))
إنّ دعوی الحسن الذاتی فی جمیع الواجبات النفسیة دعوی جزافیة لأنّ جلّ الواجبات النفسیة لم تکن حسنة بذاتها و فی نفسها کالصوم فإنّ ترک الأکل و الشرب فی نهار شهر رمضان لیس فی نفسه حسناً و الحسن الذاتی فی بعض الأفعال کالسجود غیر هذا الحسن العقلی.
اشتراء اللحم، فلامحالة یکون لغرض و هو طبخه و الغرض من طبخه أکله و الغرض منه إقامة البدل لما یتحلّل من البدن و الغرض منه إبقاء الحیاة و الغرض منه إبقاء وجوده و ذاته، فغایة جمیع الغایات للشوق الحیوانی ذلک و إذا کان الشوق عقلانیاً فغایة بقائه إطاعة ربّه و التخلّق بأخلاقه و ینتهی ذلک إلی معرفته تعالی.
فجمیع الغایات الحیوانیة ینتهی إلی غایة واحدة و هی ذات الشخص الحیوانی و جمیع الغایات العقلانیة ینتهی إلی غایة الغایات و مبدأ المبادی جلّ شأنّه هذا کلّه فی الإرادة التکوینیة.
و أمّا الإرادة التشریعیة، فإنّ حقیقتها إرادة الفعل من الغیر، و من الواضح أنّ الإنسان لو أراد اشتراء اللحم من زید فالغرض منه و إن کان طبخه، لکنه غیر مراد منه، بل لعلّ الطبخ مراد من عمرو و إحضاره فی المجلس مراد من بکر و هکذا.
فلاتنافی بین کون الشیء مراداً من أحد و الغرض منه غیر مراد منه و إن کان الغرض مقصوداً من الفعل لترتّبه علیه، فالاشتراء مراد بالذات من زید و مقدّماته مرادة بالعرض منه و إن لم یکن الغرض من اشتراء اللحم نفسه بل ینتهی الغرض إلی شخص الآمر حیث یرید إبقاء حیأته و إبقاء وجوده و ذاته.
و منه یعلم حال الصلاة و سائر الواجبات النفسیة، فإنّ الغرض من الصلاة و إن کانت مصلحتها، إلّا أنّها غیر مرادة من المکلّف لا بالعرض و لا بالذات، بل المراد بالذات من المکلّف نفس الصلاة.
و جمیع آثار الواجب النفسی من کونه محرّکاً و مقرّباً و موجباً لاستحقاق الثواب علی موافقته و العقاب علی مخالفته یترتّب علی هذه الواجبات النفسیة مثل الصلاة.
ص: 336
[فتحصل من ذلک أنّ الواجب النفسی هو ما یکون مراداً بالذات من المکلّف و إن کان الغرض منه أمراً آخر غیر مراد من المکلّف و الواجب الغیری هو ما یکون مراداً بالعرض لأجل الإیصال إلی ما یکون مراداً بالذات من المکلّف].
((1))
أوّلاً: إنّ ما أفاده المحقّق الإصفهانی (قدس سره) لایجدی فی الشرعیات، نعم إنّ الغرض فی المثال العرفی الذی أفاده مطلوب من شخص آخر لأنّ المولی أمر زیداً بشراء اللحم و عمراً بطبخه، و لکن الغرض فی الشرعیات مطلوب من نفس المخاطب بالأمر مثلاً إذا أمر الشارع زیداً بإتیان الصلاة فالمطلوب هو الانتهاء من الفحشاء و المنکر و هذا الأثر مطلوب من نفس زید لا من عمرو.
ثانیاً: إنّ ما أفاده لایجدی فی العرفیات أیضاً لأنّ الغرض من اشتراء زید اللحم هو طبخ اللحم الذی أراده المولی من عمرو و الغرض منه هو الأکل و لمّا کان الغرض مقدوراً للمکلّف فیجوز أن یتعلّق به الأمر فیکون واجباً نفسیاً فیصدق تعریف الواجب الغیری علی اشتراء اللحم لأنّه واجب للإیصال إلی واجب آخر فیکون الواجب النفسی واجباً غیریاً فعاد الإشکال.
أما ما أفاده فی الإیراد الأوّل ففیه أنّ الغرض فی الشرعیات مطلوب للمولی تکویناً و لکن لیس مراداً من نفس المخاطب لا بالإراده التشریعیة الذاتیة ولا بالإرادة التشریعیة العرضیة و ما مثّل به هو لتفهیم إمکان تعلّق الأمر بالشیء و
ص: 337
توجّهه إلی الشخص الأوّل مع أنّ الغرض من الأمر غیر مراد منه، و الشاهد علیه هو أنّا لو فرضنا عدم ترتّب هذا الغرض علی فعل الصلاة (مثل الصلاة التی لا روح لها و صلّاها المکلّف بلا حضور القلب) لایسقط وجوبها.
و أما ما أفاده فی الإیراد الثانی ففیه أنّ طبخ اللحم فی المثال المذکور لیس مقدوراً لزید کما أنّ أکل المولی اللحم لیس مقدوراً لعمرو فالمراد بالذات من زید هو الاشتراء و من عمرو هو الطبخ.
((1))
إنّ الأغراض و الغایات المترتّبة علی تلک الواجبات النفسیة علی ثلاثة أقسام:
الأوّل: ما یترتّب علی الفعل الخارجی بلا توسط أمر بینهما لا أمر اختیاری ولا أمر غیر اختیاری مثل ترتّب الزوجیة علی العقد و القتل علی الضرب و هکذا فلا مانع من تعلّق التکلیف بها لأنّها مقدورة بواسطة القدرة علی سببها.
الثانی: ما یترتّب علی الفعل الخارجی بتوسط أمر اختیاری مثل الصعود علی السطح بواسطة نصب السلّم و هنا أیضاً لا مانع من تعلّق التکلیف بالغرض بملاک أنّ الواسطة مقدورة.
الثالث: ما یترتّب علی الفعل الخارجی بتوسط أمر خارج عن اختیار الإنسان فتکون نسبة الفعل إلی الغرض نسبة المعِدّ إلی المعَدّ له لا نسبة السبب إلی المسبّب کحصول الثمر علی الزرع حیث یتوقف علی مقدمات خارجة عن قدرة الإنسان، وهنا لایمکن تعلّق التکلیف بهذا الغرض الأقصی.
ص: 338
و ما نحن فیه من هذا القبیل فإنّ نسبة الأفعال الواجبة إلی ما یترتّب علیها من المصالح و الأغراض نسبة المعِدّ إلی المعَدّ له حیث تتوسط بینهما أُمور خارجة عن اختیار المکلّف، و علیه لایمکن تعلّق التکلیف بتلک المصالح و الغایات لخروجها عن تحت قدرة المکلّف.
((1))
إنّ ما أفاده بالنسبة إلی الغرض الأقصی صحیح فإنّ نسبة النهی عن الفحشاء و أفعال الصلاة لیست نسبة العلّیة بل الصلاة معدّ و النهی عن الفحشاء هو المعدّ لها إنّ النهی عن الفحشاء هو الغرض القریب فمن صلّی مع حضور القلب یترتب علیه ذلک، أمّا المعراج (الصلاة معراج المؤمن) و القربان المطلق و بعض مراتب القرب فتعد من الغرض الأقصی، لأنّ ترتّب هذا الغرض الأقصی علی الصلاة متوقّف علی مقدّمة أُخری خارجة عن اختیار المکلّف، لکن هذا لایتمّ بالإضافة إلی الغرض القریب لأنّ الغرض القریب له حیثیة الإعداد للوصول إلی الغرض الأقصی، و ترتّب الغرض القریب علی الأفعال الصلاتیة ترتّب المعلول علی علّته و المسبّب علی سببه، فلا مانع من تعلّق التکلیف بالغرض القریب لأنّه مقدور للمکلّف بواسطة القدرة علی سببه و علی هذا یبقی إشکال دخول الواجبات النفسیة فی تعریف الواجب الغیری.
و مثّل له بالأمر بالزرع فی الأرض فإنّ الغرض الأقصی منه و هو حصول النتاج خارج عن اختیار المکلف لکن الغرض القریب و هو إعداد المحلّ لحصول النتاج داخل تحت اختیاره لوجود القدرة علی سببه.
ص: 339
((1))
أمّا بناء علی نظریة صاحب المعالم (قدس سره) ((2)) من أنّ الأمر بالمسبّب عین الأمر بالسبب فیکون جمیع الأفعال واجباً بالوجوب النفسی، فلیس هنا واجب آخر لیکون وجوبها لأجل ذلک الواجب فیکون غیریاً.
و أمّا بناء علی نظریة المشهور و هو الحقّ (من أنّ السبب کسائر المقدّمات لیس واجباً نفسیاً) فلأنّ المصالح و الغایات المترتّبة علی الواجبات لیست قابلة لتعلّق التکلیف بها، فإنّ تعلّق التکلیف بشیء یرتکز علی أمرین:
الأوّل: أن یکون مقدوراً للمکلّف و الثانی: أن یکون أمراً عرفیاً و قابلاً لأن یقع فی حیز التکلیف بحسب أنظار العرف و تلک المصالح و الأغراض و إن کانت مقدورة له للقدرة علی أسبابها، إلّا أنّها لیست مما یفهمه العرف العام لأنّها من الأُمور المجهولة عندهم و خارجة عن أذهان عامّة الناس فلایحسن توجیه التکلیف إلیها ضرورة أنّ العرف لایری حسناً فی توجّه التکلیف بالانتهاء من الفحشاء أو بإعداد النفس للانتهاء عن کل أمر فاحش فیتعلّق الوجوب النفسی بنفس الأفعال دون غایاتها.
((3))
إنّ ما ذهب إلیه من أنّ تلک المصالح و الأغراض لیست مما یفهمه العرف العام بل تکون أُموراً مجهولة عندهم ممنوع، حیث إنّ هذه الأغراض قد أُشیر
ص: 340
إلیها فی القرآن الکریم مثل غرض الصلاة (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهی عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْکَرِ)((1))و قد أُشیر إلیها فی الروایات مثل ما ورد من أنّ الزکاة تطهیر للنفس و توفیر للمال مع أنّ الشارع لایخاطب العرف العام بما لایفهمون، فما أفاده مخالف لبیانیة آیات الکتاب المبین و تفسیریة الروایات، هذا أوّلاً.
و ثانیاً: ما ذهب إلیه مخالف لطریقة الشارع فی خطاباته حیث إنّه لایخاطب العرف بما لایفهمون.
نعم إنّ العرف العام و الخاص لایعلم کیفیة ترتّب الأغراض و الغایات علی الأفعال و الواجبات النفسیة المذکورة و لکن لیس معنی ذلک مجهولیة الأغراض بل هذا مجهولیة سرّ ترتّب الأغراض علی الواجبات النفسیة.
ص: 341
فیه مقامان:
مقتضی الأصل الوجوب النفسی و فی تقریر ذلک نظریات:
إنّ الشیخ (قدس سره) یقول باستحالة رجوع القید إلی الهیأة و لزوم رجوعه إلی المادّة ولذا یمکن التمسک بالإطلاق بوجهین:((1))
الوجه الأوّل: فیما إذا کان الوجوب مستفاداً من الجملة الاسمیة مثل قوله (علیه السلام): غسل الجمعة فریضة من فرائض الله؛ و هنا یتمسک بإطلاق هذه الجملة لإثبات کون الوجوب نفسیاً و إلّا لنصب قرینة علی الغیریة لأنّه فی مقام البیان لم ینصب قرینة علی الغیریة فالإطلاق یقتضی عدم غیریة الوجوب.
الوجه الثانی: فیما إذا کان الوجوب مستفاداً من صیغة الأمر فحیث لم یمکن الإطلاق فی ناحیة الهیأة فلابدّ من التمسّک بالإطلاق فی ناحیة المادّة و بیان ذلک هو أنّ المولی کان فی مقام البیان و لم ینصب قرینة علی تقیید الواجب النفسی بوجود شیء مقدّمی مثلاً شککنا فی تقیید الصلاة بالوضوء علی الفرض فلو لم ینصب قرینة علی هذا التقیید نتمسّک بإطلاق الصلاة و لازم ذلک هو عدم کون الوضوء واجباً غیریاً و هذا اللازم حجّة، لأنّ مثبتات الأُصول اللفظیة حجّة.
ص: 342
((1))
لابدّ من التمسّک بإطلاق الهیأة، لأنّ الهیأة و إن کانت موضوعة للأعمّ من الوجوب النفسی و الغیری إلّا أنّ الغیری یحتاج إلی مؤونة زائدة لأنّ تقیید وجوب شیء بما إذا وجب غیره یحتاج إلی مؤونة زائدة و حیث لم ینصب قرینة علی ذلک و لم یقیده فمقتضی الإطلاق هو الوجوب النفسی.
((2))
لا وجه للاستناد إلی إطلاق الهیأة لأنّ مفاد الهیأة هی الأفراد التی لایعقل فیها التقیید لأنّ التقیید عبارة عن التضییق و مفاد الهیأة هو مصداق الطلب و واقعه لا مفهوم الطلب فإنّ مفهوم الطلب قابل للتقیید و التضییق إلّا أنّ مفاد الهیأة لیس مفهوم الطلب و الوجه فی ذلک هو أنّ الأمر هو الطلب الحقیقی و هذا یقتضی أن یکون مفاد الهیأة هو واقع الطلب و مصداقه.
ما یکون بالحمل الشائع طلباً و الطلب الإنشائی هو مفهوم الطلب لأنّ الوجود الإنشائی لکلّ شیء لیس إلّا قصد حصول مفهوم بلفظه.
أمّا الطلب الحقیقی فلایمکن أن یکون مفاد الهیأة لأنّ الطلب الحقیقی من الصفات الخارجیة القائمة بالنفس و لایمکن إنشاؤه باللفظ لأنّ الأمر القائم بالنفس لایمکن إنشاؤه باللفظ فإنّ صیغة افعل إنشاء و مفاد الهیأة طلب إنشائی و هو مفهوم الطلب و هو قابل للإطلاق و التقیید فما لیس قابلاً للإطلاق و التقیید هو الطلب الحقیقی. فما أفاده الشیخ (قدس سره) مبنی علی اشتباه المفهوم بالمصداق.
((1))
إنّ مفاد الجملة خبریة کانت أو إنشائیة لیس إلّا النسبة دون أطرافها، إلّا أنّ المعانی الحرفیة (و منها مفاد الهیآت) علی قسمین:
القسم الأوّل: المعانی الحرفیة التی تکون حقائقها حقیقة النسبة کنسبة الظرف إلی المظروف و نسبة العرض إلی معروضه و النسبة الحکمیة الاتحادیة بین الموضوع و محموله و الوجود الرابط فی القضیة الإیجابیة المرکّبة.
القسم الثانی: المعانی الحرفیة التی تکون معان نسبیة، کالبعث و التحریک فإنّهما بذاتهما معنیان قابلان للحاظ الاستقلالی، لکنه إذا لوحظ البعث من حیث إنّه أمر بین الباعث و المبعوث و المبعوث إلیه فقد لوحظ علی وجه الآلیة و النسبیة و هیأة الأمر نزلت منزلة هذه النسبة الخاصة، فلامنافاة بین کون البعث مفهوماً اسمیاً و کونه مأخوذاً بنحو الآلیة و النسبیة و هو بالاعتبار الثانی قابل
ص: 344
للإنشاء و من یقول بإنشاء مفهوم الطلب لیس غرضه إنشاءه بما هو مفهوم اسمی، بل بما هو أمر بین الطالب و المطلوب و المطلوب منه.
((1))
إنّه لایترقّب من الإنشاء إیجاد الشیء حقیقة بل المراد من إنشاء الإرادة النفسانیة الموجودة هو أن یتحقّق لها وجود إنشائی کما یکون لها وجود حقیقی، فلابدّ من إقامة البرهان علی أنّ الموجود الحقیقی غیر قابل لأن یوجد بوجود إنشائی.
بیان ذلک هو أنّ الوجود الإنشائی وجود عرضی للشیء، و لا منافاة بین کون الشیء موجوداً بالحقیقة و موجوداً بالعرض ولایلزم من هذا الوجود الإنشائی عروض الوجود علی الوجود، بل الوجود الإنشائی هو إیجاد طبیعی المعنی بالعرض لینتقل من الموجود بالذات (و هو اللفظ) إلی الموجود بالعرض (و هو معناه) فلابدّ من أن یکون سنخ الموضوع له و المستعمل فیه «طبیعی المعنی» و الوجه فی ذلک هو أنّ الموجود خارجیاً کان أو ذهنیاً غیر قابل لأن یکون انتقالیاً، إذ الانتقال لیس إلّا وجوده الذهنی، و الموجود بما هو لایعقل أن یعرضه الوجود الذهنی.
و هذا هو السّر فی عدم قابلیة الإرادة النفسانیة بحقیقتها للوجود الإنشائی، لأنّ الموجود الحقیقی النفسانی لایقبل الوجود الإنشائی أمّا طبیعی المعنی الذی هو موجود بالوجود النفسانی قابل لأن یوجد بالوجود الإنشائی.
ثم إنّ مفاد الصیغة و ما هو المنشأ من سنخ المعنی لا من سنخ الوجود و لذا
ص: 345
قلنا: ما أفاده صاحب الکفایة (قدس سره) فی مقام الإیراد علی الشیخ (قدس سره) من أنّ ایراد الشیخ (قدس سره) مبنی علی اشتباه المفهوم بالمصداق متین.
و هذا هو الإشکال الذی یتوجّه علی الشیخ (قدس سره) .
((1))
إنّ الواجب النفسی علی ما فسّره المشهور هو الواجب لا لواجب آخر و الغیری هو الواجب لواجب آخر فالواجب النفسی مقید بأمر عدمی و الواجب الغیری مقید بأمر وجودی، و القید وجودیاً کان أو عدمیاً یحتاج إلی البیان.
لکن الأمر فی القید العدمی أسهل لأنّ عدم البیان للأمر الوجودی عند العرف کاف فی بیان القید العدمی فإذا لم یقید الواجب بکونه لواجب آخر فهذا یکفی فی إثبات أنّه لیس لواجب آخر، فالإطلاق یدلّ علی کون الواجب نفسیاً إلّا أنّه لا مانع من أن یکون هذا الواجب النفسی (أی الوضوء) بدلیله مقدّمة لذلک الغیر (أی الصلاة) فلابدّ فی رفع المقدّمیة و عدم التقیید للغیر من إطلاق ذلک الغیر (أی الصلاة).
((2))
إنّ المحقّق الإیروانی (قدس سره) یقول: إنّ الإطلاق الأحوالی یجری بالنسبة إلی الوجوب الذی أمره مردّد بین النفسیة و الغیریة، فإنّ وجوب الوضوء له حالتان: حالة وجوب الصلاة و حالة عدمه و مقتضی الإطلاق الأحوالی عدم تقییده بحالة وجوب الصلاة فالنتیجة هی نفسیة وجوب الوضوء.
ص: 346
و هذا الإطلاق الأحوالی غیر الإطلاق الأفرادی فإنّ الإطلاق الأحوالی جار فی المقام سواء قلنا بمقالة الشیخ (قدس سره) (من أنّ مفاد الهیأة هو فرد الطلب) أم قلنا بمقالة صاحب الکفایة (قدس سره) (من أنّ مفاد الهیأة هو مفهوم الطلب).
أمّا الإطلاق الأفرادی فیجری علی مقالة صاحب الکفایة (قدس سره) من أنّ مفاد الهیأة هو مفهوم الطلب لأنّ مفهوم الطلب یقبل الإطلاق الأفرادی و لکنّه لایجری علی مقالة الشیخ (قدس سره) لأنّ مفاد الهیأة عنده هو فرد الطلب و مصداقه و هو لایقبل الإطلاق و التقیید الأفرادی.
ثم إنّ الإطلاق الأفرادی موضوعه الطبیعة اللابشرط بالنسبة إلی خصوصیات الأفراد فیکون شاملاً لجمیع الأفراد و مفهوم الطلب یقبل هذا الإطلاق الأفرادی إلّا أنّه لایجری فی المقام لأنّ الوجوب فی المقام إمّا نفسی و إمّا غیری و لا معنی لإطلاقه بالنسبة إلی کلا الفردین فعلی هذا إنّ الإطلاق الأفرادی لایجری بناء علی مقالة الشیخ (قدس سره) (من أنّ مفاد الهیأة هو مصداق الطلب و فرده) و لایجدی بناء علی مقالة صاحب الکفایة (قدس سره) (من أنّ مفاد الهیأة هو مفهوم الطلب) لأنه لا فائدة فی إطلاق مفهوم الطلب و کونه أعمّ من الفرد النفسی و الفرد الغیری بل الوجوب إمّا نفسی و إمّا غیری.
فلو أراد صاحب الکفایة (قدس سره) الإطلاق الأُصولی فلابدّ له أن یجیب عن الشیخ (قدس سره) بأنّ الإطلاق الأحوالی جار فی المقام سواء قلنا بأنّ مفاد الهیأة هو مفهوم الطلب أم مصداقه، لکنّه تسلّم عدم قبول مصداق الطلب و فرده للإطلاق و التقیید فیفهم من ذلک أنّ الإطلاق عند صاحب الکفایة (قدس سره) أیضاً هو الإطلاق الأفرادی.
ص: 347
و فیه نظریات:
((1))
إنّ وجوب الغیر (مثل الصلاة) الذی هو نفسی (و شککنا فی أنّ هذا الوجوب المشکوک لکونه مقدّمة له فیکون غیریاً أو عدم کونه مقدّمة له فیکون نفسیاً) إمّا فعلی و إمّا غیر فعلی.
أمّا إذا کان فعلیاً فلابد من الإتیان بما نشک فی مقدّمیته للعلم بوجوبه إمّا نفسیاً (إذا فرضنا عدم کونه مقدّمة) و إمّا غیریاً (إذا فرضنا مقدّمیته) فهنا لابدّ من امتثاله.
و أمّا إذا لم یکن فعلیاً فنشک فی فعلیة وجوب هذا الأمر المشکوک لأنّه علی تقدیر مقدمیته فوجوبه الغیری غیر فعلی فی هذا الفرض و علی تقدیر عدم مقدمیته فوجوبه النفسی یکون فعلیاً فعلی هذا فعلیته مشکوکة و الشک البدوی مجری البراءة.
((2))
إنّ فی صورة العلم بوجوب ذلک الغیر إمّا یکون الوجوب فعلیاً فیجری الاشتغال و إمّا یکون غیر فعلی فقال صاحب الکفایة (قدس سره) بالبراءة و لکنّه لابدّ من
ص: 348
التفصیل فی هذا الفرض لأنّ وجوب ذلک الغیر إذا کان غیر فعلی له صورتان:
الصورة الأُولی: أن لایکون مسبوقاً بالوجوب فحینئذ تجری البراءة کما أفاده صاحب الکفایة (قدس سره) .
الصورة الثانیة: أن یکون مسبوقاً بالوجوب و لکنّه ارتفع فعلیته فحینئذ یحصل لنا العلم بأنّ ما شک فی نفسیته أو غیریته کان سابقاً واجباً إمّا بالوجوب النفسی أو بالوجوب الغیری فالحالة السابقة هو الوجوب و الآن وجوبه مشکوک بین مقطوع الزوال (إن کان وجوبه غیریاً) و مقطوع البقاء (إن کان وجوبه نفسیاً) فیکون صغری «استصحاب الکلّی القسم الثانی».
فعلی القول بعدم جریان الاستصحاب الکلّی فی القسم الثانی فالمرجع هی البراءة و علی القول بجریانه (کما هو الصحیح عنده) فهو أصل حاکم علی البراءة فلابدّ من إتیان ما نشک فی نفسیته أو غیریته.
((1))
إنّه یعتبر فی المستصحب أن لایکون التعبّد به لغواً و لذا لابدّ أن یکون المستصحب إمّا حکماً شرعیاً أو موضوعاً للحکم الشرعی أو موضوعاً للحکم العقلی و المستصحب فی الاستصحاب الکلّی هنا لیس حکماً شرعیاً لأنّ الحکم الشرعی إمّا هو الوجوب النفسی أو الوجوب الغیری، أمّا الجامع الانتزاعی بین الوجوب النفسی و الغیری فلیس حکماً شرعیاً و مجعولاً من قبل الشارع، و أیضاً إنّ المستصحب هنا لیس موضوعاً للحکم الشرعی کما هو واضح، و أیضاً إنّ المستصحب لیس موضوعاً للحکم العقلی لأنّ الجامع الانتزاعی إن
ص: 349
کان بین الوجوبین النفسیین فیتحقّق موضوع حکم العقل باستحقاق العقاب و لکن الجامع الانتزاعی هنا بین الوجوب النفسی و الغیری، و الواجب الغیری غیر محکوم بحکم العقل باستحقاق العقاب علی ترکه فالاستصحاب الکلی هنا غیر تامّ.
((1))
إنّ الشک فی النفسیة و الغیریة: تارةً فی فرض العلم بوجوب ذلک الغیر فالأمر کما أفاده صاحب الکفایة (قدس سره) من أنّ البراءة تجری فی فرض عدم فعلیة وجوب ذلک الغیر بعدم دخول وقته، و أمّا فی فرض فعلیة وجوب ذلک الغیر بدخول وقته فلاتجری البراءة (فلابدّ من امتثاله).
و أُخری فی فرض عدم العلم بوجوب ذلک الغیر کما إذا دار الأمر بین أن یکون الطهارة واجبة نفسیاً أو واجبة غیریاً مقدّمة للصلاة، فالطهارة واجبة علی کل حال فإنّ المسألة حینئذ داخلة فی الأقل و الأکثر، و کما أنّ البراءة عن القید فی تلک المسألة لاتنافی وجوب ذات المقید، کذلک البراءة عن تقید الطهارة بوجوب الصلاة هنا لاتنافی وجوب الطهارة فعلاً.((2))
تصویر السید المحقّق الخوئی (قدس سره) ((3)) صوراً أربع فی المسألة:
إنّ هنا صوراً أربع لابدّ من البحث عنها:
ص: 350
فهی أنّ المکلّف علم بوجوب شیء إمّا نفسیاً و إمّا غیریاً و هو یعلم بأنّه لو کان واجباً غیریاً لم یکن وجوبه فعلیاً لعدم فعلیة وجوب ذی المقدّمة مثل التردید فی أنّ الوضوء واجب نفسی أو غیری مع علمه بعدم فعلیة الصلاة مثلاً لمانع مثل الحیض أو لعدم دخول وقته و هنا تجری البراءة عقلاً و نقلاً کما أنّ صاحب الکفایة و المحقّق الإصفهانی (قدس سرهما) أیضاً ذهبا إلی جریان البراءة.
فهی أنّ المکلّف علم بوجوب شیء فعلاً إمّا نفسیاً و إمّا غیریاً و هو یعلم بأنّه إن کان واجباً غیریاً فیکون وجوبه فعلیاً لفعلیة وجوب ذی المقدّمة و هذا مثل تحقّق النذر و التردید فی متعلّقه بین الوضوء و الصلاة فإن کان متعلّق النذر هو الوضوء فهو واجب نفسی و إن کان متعلّقه هو الصلاة فالوضوء واجب غیری فهنا العلم الإجمالی بالوجوب النفسی المردّد بین الوضوء و الصلاة محقّق، ولایمکن انحلال العلم الإجمالی حقیقة و لکن الانحلال الحکمی محقّق کما فی مسألة الأقلّ و الأکثر الارتباطیین.
توضیح ذلک: هو أنّ العلم الإجمالی إنّما یکون مؤثراً فیما إذا تعارض الأُصول فی أطرافه أمّا إذا لم تتعارض فیها فلا أثر له و هنا من هذا القبیل و الوجه فی ذلک هو أنّ البراءة فی المقام لاتجری بالنسبة إلی الوضوء للعلم التفصیلی بوجوبه و استحقاق العقاب علی ترکه سواء کان وجوبه نفسیاً أم غیریاً و حینئذ لا مانع من جریان أصالة البراءة فی ناحیة الصلاة للشک فی وجوبه و عدم قیام حجّة شرعیة علیه فالعقاب علی ترک الصلاة یکون عقاباً بلا بیان.
ص: 351
فهی أنّ المکلّف علم بوجوب کل من الفعلین و شک فی تقیید أحدهما بالآخر مع علمه بتماثلهما من حیث الإطلاق و الاشتراط، مثل الشک فی تقیید الصلاة بالوضوء.
فقال المحقّق النائینی (قدس سره) ((1)) بالرجوع إلی أصالة البراءة عن التقیید (تقیید الصلاة بالوضوء) و النتیجة هی أنّ الوضوء واجب نفسی، ولایلزم إتیانها قبل الصلاة.
ولکن الحقّ هو أنّ أصالة البراءة عن التقیید معارض بأصالة البراءة عن وجوب الوضوء بوجوب نفسی.
بل العلم الإجمالی بأنّ الواجب إمّا نفسی و إمّا غیری موجود فهو مانع عن جریان أصالة البراءة عن النفسیة و الغیریة فلایمکن جریان الأصلین معاً لاستلزامه المخالفة القطعیة العملیة.
فالمرجع «قاعدة الاحتیاط» و هی تقتضی إتیان الوضوء أوّلاً ثم إتیان الصلاة.
فهی أنّ المکلّف علم بوجوب کل من الفعلین و شک فی تقیید أحدهما بالآخر مع عدم علمه بتماثلهما من حیث الإطلاق و التقیید کما إذا علم باشتراط الصلاة بالوقت و شک فی اشتراط الوضوء بالوقت فإن کان الوضوء واجباً
ص: 352
نفسیاً فلایکون مشروطاً بالوقت و إن کان واجباً غیریاً فیکون الوضوء مشروطاً بالوقت.
و هنا ثلاث جهات نشک فیها:
الجهة الأُولی: نشک فی تقیید الصلاة بالوضوء و عدم تقییدها به.
الجهة الثانیة: نشک فی وجوب الوضوء قبل الوقت.
الجهة الثالثة: نشک فی وجوب الوضوء بعد الوقت.
((1))
إنّ المحقّق النائینی قال بجریان البراءة فی جمیع هذه الجهات الثلاث:
أمّا الجهة الأُولی: فنشک فی تقیید الصلاة بالوضوء و هو مجری البراءة فالنتیجة هی صحّة الصلاة بدون الوضوء و هی نتیجة النفسیة فی وجوب الوضوء.
أمّا الجهة الثانیة: فنشک فی وجوب الوضوء قبل الوقت الذی هو شرط لوجوب الصلاة فتجری البراءة و النتیجة هی نتیجة الغیریة فی وجوب الوضوء (حیث إنّه لو کان نفسیاً لکان واجباً قبل الوقت الذی هو شرط لوجوب الصلاة).
أمّا الجهة الثالثة: فنشک فی وجوب الوضوء بعد الوقت بالنسبة إلی من أتی به قبله و مرجع هذا الشک إلی أنّ وجوب الوضوء بعد الوقت مطلق أو مشروط بما إذا لم یؤت به قبله فتجری البراءة عن وجوب الوضوء بعد الوقت و النتیجة هی أنّ الوضوء واجب و المکلّف مخیر بین إتیانه قبل الوقت و بعد الوقت و قبل الصلاة و بعد الصلاة.
ص: 353
((1))
إنّ وجوب الوضوء إن کان نفسیاً فهو إمّا مقید بإیقاعه قبل الوقت و إمّا مطلق و إن کان غیریاً فهو مقید بما بعد الوقت علی کل تقدیر فهنا صورتان:
1- إنّه إمّا نفسی مقید بقبل الوقت أو غیری:
قال المحقّق النائینی (قدس سره) بجریان البراءة عن تقیید الصلاة بالوضوء و نتیجتها هی النفسیة.
و یرد علیه أنّه معارض بجریان البراءة عن وجوبه النفسی قبل الوقت و جریان البراءة بالنسبة إلی کلیهما مستلزم للمخالفة القطعیة العملیة لأنّ البراءة عن تقید الصلاة بالوضوء یوجب عدم وجوب الوضوء بعد الوقت (لأنّه براءة عن الوجوب الغیری و الوجوب الغیری للوضوء مقید ببعد الوقت) و البراءة عن الوجوب النفسی للوضوء یوجب عدم وجوبه قبل الوقت فجریان البراءة فی کلیهما مستلزم لعدم وجوب الوضوء قبل الوقت و عدم وجوبه بعد الوقت و هذا مخالف للعلم الإجمالی بأنّ الوضوء واجب إمّا نفسیاً أو غیریاً، و العلم الإجمالی هنا من التدریجیات لا الدفعیات بمعنی أنّا نعلم إجمالاً إمّا بوجوب الوضوء قبل الوقت لأنّه نفسی و إمّا بوجوب الوضوء بعد الوقت لأنّه غیری، و العلم الإجمالی فی التدریجیات منجّز کالعلم الإجمالی فی الدفعیات فلابدّ من «جریان الاحتیاط» لتنجیز العلم الإجمالی.
و المتحصّل هو أنّه لابدّ من الإتیان بالوضوء قبل الوقت، فإن بقی إلی ما بعده
ص: 354
أجزأه من الوضوء بعده و لایجب علیه الإتیان ثانیاً، و إن لم یبق إلی ما بعد الوقت وجب علیه التوضّؤ ثانیاً بمقتضی الاحتیاط.
فالنتیجة هی نتیجة الحکم بالوجوب النفسی و الغیری معاً من باب الاحتیاط.
2- إنّه إمّا نفسی مطلق (بالنسبة إلی قبل الوقت و بعد الوقت) و إمّا غیری:
و هنا لا معنی لإجراء البراءة عن وجوب الوضوء قبل الوقت لعدم احتمال تقیده بقبل الوقت و لأنّ الواجب النفسی فی هذا الفرض هو مطلق غیر مقید بقبل الوقت و البراءة تجری لرفع الضیق عن المکلّف لا رفع السعة و الإطلاق فلایمکن جریان البراءة عن وجوب الوضوء قبل الوقت فی هذا الفرض.
أمّا جریان البراءة عن وجوب الوضوء بعد الوقت فی هذا الفرض (أی الصورة الثانیة) فهو أیضاً لایمکن الالتزام به، لأنّ العقل یحکم بوجوب الوضوء بعد الوقت و ذلک للعلم الإجمالی بوجوب الوضوء إمّا نفسیاً و إمّا غیریاً و هذا العلم الإجمالی منجّز فیجب الاحتیاط. (هذا حکم الجهة الأولی و الثانیة من الجهات الثلاث).
نعم لو شککنا فی وجوب إعادة الوضوء بعد الوقت علی تقدیر کونه غیریاً أمکن رفعه بأصالة البراءة، و ذلک لأنّ تقیید الوضوء بما بعد الوقت یتوقف علی فرض کونه واجباً غیریاً و هو مشکوک فتجری البراءة منه؛ أمّا لو فرضنا وجوبه نفسیاً فهو إمّا مقید بقبل الوقت (کما هو الصورة الأُولی) و إمّا مطلق.
فما أفاده المحقّق النائینی (قدس سره) من جریان أصالة البراءة لایتمّ فی الجهتین الأُولیین و تامّ فی الجهة الأخیرة.
ص: 355
((1))
إنّ العلم الإجمالی منجّز فی تمام الجهات الثلاث لأنّ العلم الإجمالی بالوجوب النفسی أو الغیری للوضوء مسبوق بعلم إجمالی مردّد بین الوجوب النفسی للوضوء أو الوجوب النفسی للصلاة و المقتضی لجریان الأصل فی طرف الوضوء و هکذا فی طرف الصلاة موجود فالأصلان یجریان و یتعارضان و یتنجّز العلم الإجمالی و یجب الاحتیاط.
إنّ العلم الإجمالی بالوجوب النفسی أو الغیری للوضوء غیر مسبوق بعلم إجمالی مردد بین الوجوب النفسی للوضوء و الوجوب النفسی للصلاة بل مفروض المسألة هو العلم التفصیلی بالوجوب النفسی للصلاة کما أنّ المفروض هو العلم بالوجوب الفعلی للوضوء إلّا أنّ وجوب الوضوء مردّد بین النفسیة أو الغیریة بناء علی تقیید الصلاة به، فعلی هذا نحتمل أن تکون الصلاة واجباً نفسیاً غیر مقید بالوضوء مع کون الوضوء أیضاً واجباً نفسیاً فحینئذ لایجب الوضوء بعد دخول وقت الصلاة فالمقام مجری البراءة کما أفاده المحقّق الخوئی (قدس سره) .
إنّ العلم الإجمالی ینحلّ هنا حکماً لجریان البراءة عن تقید الصلاة بالوضوء
ص: 356
بلا معارض و اختاره السید الصدر (قدس سره) فی بحوث فی علم الأصول((1)) و العلامة الصافی الإصفهانی (قدس سره) فی الهدایة فی الأصول((2)) و نکتفی بتقریر الهدایة فی الأصول:
إنّ جریان البراءة الشرعیة یحتاج - مضافاً إلی کون المجری مشکوک الوجود - إلی أمرین آخرین:
أحدهما لزوم التوسعة علی العبد، لأنّها صدرت امتناناً.
ثانیهما أنّها لمّا کانت أصلاً تأمینیاً یؤمّن من العقاب فلابدّ من وجود احتمال العقاب فإذا کان العقاب معلوماً وجوداً أو عدماً فلا مجال لجریان أصالة البراءة.
وکلا الأمرین مفقود فیما نحن فیه
أمّا الأوّل: فلأنّ النفسیة و إن کانت مشکوکة علی الفرض إلّا أنّ رفعها یوجب الضیق علی المکلف، بخلاف رفع الغیریة و ذلک لأنّ وجوب الوضوء إذا کان غیریاً فلابدّ أوّلاً من لزوم إیقاعه قبل ذلک الواجب المحتمل تقیده به و ثانیاً عدم إبطاله حتّی یأتی بذلک الواجب، و أمّا إذا کان نفسیاً فالمکلّف فی سعة من هذا، سواء أتی به قبل ذلک الواجب أم لا، و سواء أبطله أم لا فرفع النفسیة خلاف الامتنان فلاتجری البراءة.
أمّا الثانی: فلأنّ العقاب علی ترک الوضوء قطعی إمّا لترک نفسه إذا کان نفسیاً أو ترک ذلک الواجب إذا کان مقدّمة له، فجریان البراءة عن وجوبه النفسی لایوجب التأمین من العقاب.
ص: 357
فتحصل من ذلک أنّ الحقّ مع المحقّق النائینی (قدس سره) فالعلم الإجمالی ینحلّ حکماً و تجری البراءة عن تقیید الصلاة بالوضوء ولاتجری البراءة عن الوجوب النفسی للوضوء.
ص: 358
فیه مطالب أربعة:((1))
((2))
قال المحقق الإصفهانی (قدس سره): إنّ القول بالثواب و العقاب بوجوه ثلاثة:
الوجه الأوّل: بملاحظه جعل الشارع و تقریبه أنّ «قاعدة اللطف» کما تقتضی إعلام العباد ما فیه الصلاح أو الفساد بالبعث نحو الصلاح و الزجر عن الفساد، کذلک تقتضی تأکید الدعوة فی نفوس العامّة بجعل الثواب و العقاب، فالعبد بعمله یستحقّ ما جعله المولی من المثوبة و العقوبة بحقیقة معنی الاستحقاق.
الوجه الثانی: إنّ العقل و الشرع یشهدان بصحة کون الأعمال الحسنة مقتضیة لصور ملائمة فی الدار الآخرة أو اقتضاء الأعمال السیئة لصور منافرة فی الآخرة لعلاقة لزومیة بینهما.
الوجه الثالث: إنّ العقل العملی (الذی من شأنه أن یدرک ما ینبغی فعله أو ترکه) هو الحاکم بالاستحقاق و لکن لا بما هو قوّة ممیزة للحسن و القبح و شأنها الإدراک بل باعتبار مدرکاته و هی المقدّمات المحمودة و الآراء المقبولة عند عامّة الناس هذا هو الحاکم بالاستحقاق.
فإنّ المراد من الاستحقاق لیس إیجاب الثواب علی المولی أو العقاب کما یشعر
ص: 359
به لفظ الاستحقاق حتی یناقش فیه أوّلاً بجواز اکتفاء المولی بإعطاء النعم الدنیویة فی مقام إعطاء الثواب فلایجب علیه إعطاء الثواب الأُخروی و ثانیاً بأنّ حق المولی علی عبده أن ینقاد له فی أوامره و نواهیه، فلا معنی لاستحقاق العبد بانقیاد تکالیف المولی بل المراد بالاستحقاق هو أنّ المدح و الثواب علی الإطاعة هو فی محلّه.
أمّا منشأ حکم العقلاء بالاستحقاق لیس صرف الجعل و المواضعة و اعتبار العقلاء بل منشأ هذا الحکم باستحقاق فاعل العدل للمدح و فاعل الظلم للقدح هو ما یکون فی فعل العدل و الظلم من المصالح العامّة و المفاسد العامّة.
و العقلاء بما هم عقلاء یرون فی ذمتهم جلب المصالح العامّة و المفاسد العامّة لإبقاء النظام و دفع الفساد.
و إبقاء النظام و دفع الفساد یوجب اتّفاق العقلاء علی استحقاق فاعل الخیر للمدح (سواء کان الخیر المذکور واجباً أم مستحباً) و استحقاق فاعل الشرّ للذم (سواء کان حراماً أم مکروها).
و البحث هو فی کل الخیرات سواء کان ترکها ظلماً علی المولی مثل الواجبات أم لا کالمستحبات و هکذا البحث فی کل الشرور.
و من ذلک ظهر أنّ دعوی لزوم الإطاعة من العبد أداء لحقّ المولی لئلاّ یکون ظالماً للمولی أخص من مورد البحث لأنّه یشمل الواجبات فقط دون المستحبات.
(صرّح هذا المحقق((1)) بأنّ اقتضاء المدح و الثواب یشمل الواجبات و المستحبات فلاینحصر بالموارد التی یکون مخالفتها إخلالاً بالنظام).
ص: 360
فعلی هذا زی الرقیة و رسم العبودیة یقتضی التمکین للمولی و الانقیاد له فی کل واجب و مستحب لأنّه عدل و عدم الخروج من ذلک بهتک حرمته و الإقدام علی مخالفته فإنّه ظلم.
فاتّضح من ذلک أنّ إبقاء النظام أوجب اتفاق العقلاء علی استحقاق الثواب لفاعل کل خیر واجب أو خیر مستحب، لا أنّ الخیر الذی یوجب إتیانُه بشخصه إبقاء النظام و ترکُه إخلال النظام هو الذی یوجب استحقاق الثواب عند العقلاء، لأنّ ذلک تخصیص لمورد حکم العقلاء ببعض الواجبات.
((1))
إنّ لازم کلام هذا المحقّق عدم وجوب إطاعة المولی فیما لایترتّب علی مخالفته اختلال النظام و هذا باطل لأنّ العقل یستقلّ بلزوم إطاعة المولی الحقیقی فی جمیع الأحوال.
إنّه ظهر من تقریر کلام المحقّق الإصفهانی (قدس سره) عدم ورود هذا الإشکال، لأنّ إبقاء النظام لیس ملاکاً لإطاعة الفعل مستقیماً بل هو ملاک لحکم العقلاء بلزوم مدح فاعل کل خیر و إن کان مستحبّاً و إلا فلو لم یحکم العقلاء بذلک لاختلّ النظام.
ص: 361
فیه قولان:
قال بعضهم: إنّه بالاستحقاق (معظم الفقهاء و المتکلمین).
قال بعض آخر: هو بالتفضّل (مثل الشیخ المفید (قدس سره).
((1))
إن قلنا بأنّ المراد من الاستحقاق للثواب کاستحقاق الأجیر لأُجرته فهذا باطل لأنّ إطاعة العبد لأوامر مولاه و نواهیه جری منه علی طبق وظیفته و رسم عبودیته و هذا لازم بحکم العقل المستقلّ.
و إن قلنا بأنّ المراد من الاستحقاق هو أنّ العبد بقیامه بامتثال أوامر المولی و نواهیه یصیر أهلاً لذلک بحیث لو تفضّل المولی بإعطاء الثواب له کان فی محله و مورده، فهذا المعنی متین مذکور فی نهایة الدرایة.((2))
ص: 362
و هذ المعنی الأخیر للاستحقاق جمع بین القولین حیث إنّ الاستحقاق بهذا المعنی لاینافی التفضّل إذ کل إفاضة من المبدأ الأعلی الجواد بذاته (سواء کان بإیجاد الشخص أم رزقه أم إعلامه بصلاحه و فساده أم إعطاء الثواب علی عمله) بمقتضی جوده الذاتی لا باقتضاء من طرف القابل إن کان قبول المورد فی فعلیة الإضافة لازماً.
أمّا استحقاق الثواب کاستحقاق الأجیر للأُجرة فلا ریب فی عدمه.
و أمّا استحقاق الثواب بمعنی أنّ العبد بامتثال أوامر المولی و نواهیه یصیر أهلاً للثواب و مورداً و محلاً للتفضّل بالثواب، فهو مترتّب علی امتثال الغیری فیما إذا أتی به بقصد الامتثال و التوصّل، نعم إذا أتی به بدون قصد التوصّل فلایستحق الثواب و الأمر هکذا فی جمیع الواجبات التوصّلیة.
فیه قولان:
إنّ صاحب الکفایة و المحقّق النائینی (قدس سرهما) قالا: إنّ الثواب واحد.
إنّ الأمر الغیری لیس إلّا للتوصّل إلی الواجب النفسی فالإتیان بالواجب
ص: 363
الغیری بقصد التوصّل إلی الواجب النفسی شروع فی إطاعة الأمر النفسی فیثاب علی إطاعة الواجب النفسی.
أمّا الأمر الغیری بدون قصد التوصّل فلیس شروعاً فی إطاعة الأمر النفسی.((1))
((2))
إنّ ملاک ترتّب الثواب علی امتثال الواجب الغیری هو أنّه بنفسه مصداق للانقیاد و التعظیم و إظهار لمقام العبودیة مع قطع النظر عن إتیانه بالواجب النفسی و لذا لو لم یتمکّن من إتیان الواجب النفسی استحقّ الثواب علیه؛ فالإتیان بالأمر الغیری بنفسه موجب للثواب.
و المستفاد من بعض الروایات الواردة فی بعض الموارد الخاصّة هو ترتّب الثواب علی المقدّمات علی حدة.
ص: 364
و الأقوال فیه ستة:((1))
الأوّل: إنّ منشأها هو الأمر الغیری.
الثانی: إنّ منشأها هو الأمر النفسی الاستحبابی (صاحب الکفایة (قدس سره).((2))
الثالث: إنّ منشأها هو الأمر النفسی الضمنی (المحقّق النائینی (قدس سره).((3))
الرابع: إنّ منشأها إمّا الأمر النفسی الاستحبابی و إمّا قصد التوصّل بها إلی الواجب (المحقّق الخوئی (قدس سره).((4))
ص: 365
الخامس: إنّ العبادیة تتحقّق بما أفاده المحقّق الخوئی (قدس سره) و بقصد الأمر الغیری أیضا (بعض الأساطین (حفظه الله)).((1))
السادس: هذه الأُمور الثلاثة مع قصد المحبوبیة الذاتیة.
((2))
((3)):
أوّلاً: إنّ الأوامر الغیریة کلّها توصّلیة فلاتقتضی عبادیة متعلّقاتها.
ثانیاً: إنّ الأوامر الغیریة تتعلّق بما هو مقدّمة للواجب و المفروض هو أنّ الطهارات الثلاث بعنوان کونها عبادة مقدّمة للواجب، فالأمر الغیری یتعلّق بها بعنوان کونها عبادة و معه کیف یعقل أن یکون منشأ لعبادیتها.
ص: 366
إنّ ما أفاده صاحب الکفایة (قدس سره) لو تمّ فإنّما یتمّ فی الوضوء و الغسل حیث ثبت استحبابهما شرعاً و أمّا التیمّم فلادلیل علی استحبابه.
ص: 367
((1)):
إنّ قوله (علیه السلام): «التراب أحد الطهورین» بضمیمة الإطلاقات الواردة فی استحباب الطهور یدلّ علی استحباب الطهور الذی منه التیمّم.
((2))
إنّ الأمر النفسی الاستحبابی ینعدم بعروض الوجوب الغیری، لأنّهما یتضادّان فلابدّ من اندکاک الأمر النفسی الاستحبابی فی الوجوب الغیری.
((3))
أوّلاً: إنّ فی تلک الموارد یندک الأمر الاستحبابی فی ضمن الأمر الوجوبی علی رأی القائل فیتحصّل من ذلک أمر واحد وجوبی مؤکّد و یکون ذلک الأمر الواحد عبادیاً و بعد الاندکاک لایبقی کل منهما (الأمر الاستحبابی النفسی و الأمر الغیری الوجوبی) بحده الخاصّ.
ص: 368
ثانیاً: إنّا لانسلّم الاندکاک لأنّه إن تعلّق الأمر الغیری بالطهارات الثلاث بداعی أمرها الاستحبابی فمتعلّق الأمر الغیری غیر متعلّق الأمر الاستحبابی، لأنّ متعلّق الأمر الاستحبابی هو ذات العمل و متعلّق الأمر الغیری هو العمل بداعی أمرها الاستحبابی.
و إن تعلّق الأمر الغیری بذواتها فحینئذ متعلّقهما واحد إلّا أنّه لایوجب زوال الاستحباب و توضیح ذلک هو أنّه لا فرق بین الوجوب و الاستحباب إلّا فی جواز الترک و عدم جوازه فعند عروض الوجوب یتبدّل الجواز بعدمه فالتبدّل لیس فی نفس الاستحباب بل فی هذا الجواز.
إنّ الجواز المذکور داخل فی حقیقة الاستحباب أمّا علی القول بترکّب الاستحباب فهذا واضح و أمّا علی القول ببساطته فلأنّ الاستحباب مرتبة ضعیفة من البعث لایبلغ إلی حدّ اللزوم فمع فرض تبدّل الجواز لاتبقی تلک المرتبة علی حالها فالحقّ فی الجواب هو أنّ الحیثیة التقییدیة فی المقام توجب عدم الاندکاک فإنّ الوضوء بنفسه مستحب و بغیره واجب.
ثالثاً: إنّ الأمر الاستحبابی النفسی یلازم محبوبیة الفعل نفسیاً و حینئذ یکفی فی عبادیتها هذه المحبوبیة فی أنفسها و إن لم یبق أمرها الاستحبابی بإطاره الخاصّ.
من دون التفات إلی الأمر النفسی الاستحبابی المتعلّق بها، بل من دون التفات إلی محبوبیتها و مطلوبیتها فی حدّ ذواتها.
((1))
إنّ الاکتفاء بقصد أمرها الغیری إنّما هو لأجل أنّ الأمر الغیری یدعو إلی ما هو المقدّمة و الطهارات الثلاث بما هی مأمور بها بالأمر النفسی الاستحبابی تکون مقدّمة للواجب.
((2))
أوّلاً: إنّ قصد الأمر النفسی علی الفرض مقوّم للمقدّمیة، فکیف یصحّ قصد الأمر الغیری بدونه
و أوضحه المحقّق الخوئی (قدس سره) ((3)) بأنّ قصد الأمر النفسی لو کان مقوّماً للمقدّمیة لم یعقل تحقّقها مع الغفلة عنه رأساً مع أنّه لا شبهة فی تحقّق الطهارات الثلاث مع القطع بعدم الأمر النفسی لها.
ثانیاً:((4)) لازم ذلک هو صحّة صلاة الظهر بقصد أمر صلاة العصر (أو قل: بقصد أمرها الغیری) مع الغفلة عن وجوبها النفسی و هذا ضروری الفساد.((5))
ص: 370
فعلی هذا إنّ الإیراد الثالث علی نظریة صاحب الکفایة (قدس سره) لا دافع له.((1))
((2))
إنّ الأمر النفسی المتعلّق بالصلاة کما یتعلّق بأجزائها یتعلّق بشرائطها و حینئذ کما یتعلّق بکل جزء من أجزاء الواجب أمر نفسی ضمنی یتعلّق بکلّ شرط من شرائطه أمر نفسی جزئی و هذا الأمر النفسی الضمنی هو المنشأ لعبادیة الشرط (و هنا الطهارات الثلاث) فلایسقط الواجب إلّا مع الإتیان بالشرائط بقصد التقرّب.
ص: 371
إن قلت: فما الفرق بین الطهارات الثلاث و بقیة الشروط حیث إنّ الأمر النفسی أوجب عبادیة الطهارات الثلاث دون سائر الشروط مع أن تعلّق الأمر النفسی الضمنی بجمیعها علی نحو واحد.
قلت: الفارق هو أنّ الغرض فی خصوص الطهارات الثلاث أعنی به رفع الحدث لایکاد یحصل إلّا إذا أُتی بها عبادة دون سائر الشرائط ولا مانع من اختلاف الشرائط فی هذه الجهة.
((1))
إنّ الأمر النفسی المتعلّق بالصلاة مثلاً إنّما تعلّق بأجزائها و تقیدها بشرائطها، أمّا نفس الشرائط و القیود فهی خارجة عن متعلّق الأمر و إلّا لم یبق فرق بین الجزء و الشرط أصلاً و لذا قد یکون الشرط غیر اختیاری، مضافاً إلی أنّه لو کانت الشرائط داخلة فی متعلّقه فکیف تتصف بالوجوب الغیری و قد تقدّم أنّه لا مقتضی لاتصاف المقدّمات الداخلیة بالوجوب الغیری.
((2))
إنّ منشأ عبادیة الطهارات الثلاث أحد أمرین علی سبیل منع الخلو:
الأوّل: قصد امتثال الأمر النفسی الاستحبابی مع غفلة المکلّف عن مقدّمیته للواجب أو مع بنائه علی عدم إتیان الواجب.
الثانی: قصد التوصّل بها إلی الواجب و إن لم یکن مأموراً به و لم یکن واجباً
ص: 372
شرعاً، فإنّ قصد التوصّل کاف فی تحقّق قصد القربة و الوجه فیه ما مضی فی بحث التعبدی و التوصّلی من أنّه یکفی فی تحقّق قصد القربة إتیان الفعل مضافاً إلی المولی (هذه نظریة الشیخ (قدس سره).
((1))
إنّ منشأ العبادیة فی الطهارات الثلاث أحد أُمور ثلاثة: (کل ما یکون العمل به مضافاً إلیه تعالی).
الأمر الأوّل: قصد امتثال الأمر الاستحبابی النفسی(هو ما ذکره المحقّق الخراسانی (قدس سره).
الأمر الثانی: قصد التوصّل بها إلی الواجب النفسی (هو ما ذکره الشیخ (قدس سره) لتصحیح العبادیة).
الأمر الثالث: قصد الأمر الغیری بناء علی ارتفاع إشکال الدور، لأنّ الدور إنّما یلزم لو أُخذ خصوص الأمر الغیری فیها، أمّا مع أخذ العبادیة مطلقاً (بمعنی رفض القیود) فیرتفع إشکال الدور.
و هو بعینه ما أفاده المحقّق الخوئی (قدس سره) و ما زاد علیه بعض الأساطین مع زیادة أمر رابع یکون أیضاً منشأ للعبادیة فی الطهارات الثلاث و هو قصد المحبوبیة الذاتیة و المراد هنا لیس محبوبیة الفعل عندنا بل المحبوبیة الذاتیة للفعل عند الله تعالی حتی یکون العمل مضافاً إلیه فلو فرضنا عدم الالتفات إلی کون الطهارات
ص: 373
الثلاث مأموراً بها أیضاً تتحقّق العبادیة بقصد المحبویة الذاتیة للعمل عند الله تعالی.
فالحقّ أنّ منشأ العبادیة فی الطهارات الثلاث أحد أُمور أربعة.
ص: 374
و لهما تفسیران:
إنّ الأصالة و التبعیة قد تلاحظان بحسب مقام الثبوت و هذا هو مختار صاحب الکفایة (قدس سره) ((1)) فی تفسیرهما و قد تلاحظان بحسب مقام الإثبات و هذا مختار المحقّق القمی و صاحب الفصول (قدس سرهما) فی تفسیرهما.((2))
إنّ الواجب الأصلی هو ما کان متعلّقاً للإرادة و الطلب مستقلاً لالتفات المولی
ص: 375
إلیه و الواجب التبعی هو ما کان متعلّقاً لهما تبعاً (و ارتکازاً) لإرادة غیره لأجل کون إرادته لازمةً لإرادة غیره من دون التفات إلیه (استقلالاً) مما یوجب إرادته.
((1))
لا مقابلة بین الأصلی و التبعی بهذا المعنی إلّا إذا قلنا بأنّ الواجب الأصلی هو ما کان متعلّقاً للإرادة التفصیلیة و الواجب التبعی هو ما کان متعلّقاً للإرادة الإجمالیة الارتکازیة فحینئذ یرد علیه:
أوّلاً: أنّ الإرادة النفسیة ربّما تکون ارتکازیة بمعنی أنّه لو التفت إلی موجبها لأراده، کما فی إرادة إنقاذ الولد الغریق عند الغفلة من غرقه و الحال أنّه لا شبهة فی کونها إرادة أصلیة لا تبعیة.
ثانیاً: أنّه لو کان مناط الأصلیة و التبعیة هو الإرادة التفصیلیة و الإرادة الارتکازیة لما کان وجه لعنوان التبعیة، حیث إنّ تبعیة الإرادة لإرادة أُخری لیست مناط الوجوب التبعی علی هذا التفسیر (تفسیر التبعی بما تتعلّق به الإرادة الارتکازیة) بل مناطه هو ارتکازیة الإرادة لعدم الالتفات إلی موجبها.
إنّ للواجب (بالنسبة إلی مقدّمته من حیث الوجود و الوجوب) جهتین من العلّیة:
أحدهما: العلیة الغائیة حیث إنّ المقدّمة إنّما تراد لمراد آخر لا لنفسها بخلاف ذی المقدّمة فإنّه مراد لا لمراد آخر کما مرّ مفصلاً، و هذه الجهة مناط الغیریة.
ص: 376
ثانیهما: العلّیة الفاعلیة و هی أنّ إرادة ذی المقدّمة علّة لإرادة مقدّمته و منها تنشأ و تترشح علیها الإرادة و هذه الجهة مناط التبعیة.
فتبین أنّ مناط التبعیة هو معلولیة إرادة المقدّمة لإرادة ذیها سواء أُریدت المقدّمة بالإرادة التفصیلیة (للالتفات إلیها) أو بالإرادة الارتکازیة (للغفلة عنها).
فعلی هذا تعلّق الإرادة التفصیلیة لایقتضی الأصلیة و تعلّق الإرادة الارتکازیة لاتنافی الأصلیة.
فالواجب الأصلی هو ما کانت إرادتها غیر معلولة لإرادة أُخری سواء تعلّقت به الإرادة التفصیلیة أم الارتکازیة.
و الفرق بین التبعی و الغیری هو:((1)) أنّ مناط الغیریة کون الغرض من المقدّمة مجرّد الوصول إلی الغیر فالغرض الأصیل موجود فی الغیر.
و مناط التبعیة هو أنّ الغرض من الإیجاب المقدّمی التمکّن من إیجاب ذی المقدّمة فإیجاب ذی المقدّمة غرض من الإیجاب المقدّمی.
فمناط الغیریة الغرض من الواجب و مناط التبعیة الغرض من الإیجاب.
إنّ المراد بالواجب الأصلی هو ما کان مقصوداً بالإفادة و الإفهام و الدلالة علیه مطابقی و الواجب التبعی هو ما کان غیر مقصود بالإفادة و الإفهام علی حدة بل هو لازم الخطاب کما فی دلالة الإشارة و الدلالة علیه بالتبعیة و الالتزام.
ص: 377
((1))
لاینحصر -علی هذا- الواجب فی هذین القسمین بل هنا قسم ثالث و هو ما لم یکن الواجب مقصوداً بالإفهام من الخطاب أصلاً لا أصالةً و لاتبعاً، کما إذا کان الواجب مدلولاً لدلیل لبّی من إجماع أو نحوه.
و إلی هنا تمّ مبحث تقسیمات الواجب.
ص: 378
(فیه أُمور ثلاثة و تذنیب):
الأمر الأوّل: فی ذکر الأقوال و مناقشتها
الأمر الثانی: مقتضی الأدلة اللفظیة و العقلیة فی مسألة وجوب المقدمة
الأمر الثالث: مقتضی الأصل العملی
تذنیب: فی ثمرة البحث عن مقدّمة الواجب
ص: 379
ص: 380
هل یکون الوجوب الغیری أو الواجب الغیری مطلقاً أو مشروطاً و مقیداً؟ هنا أقوال لابدّ من طرحها و مناقشتها.
((1))
إنّ وجوب المقدّمة مشروط بإرادة ذی المقدّمة و العزم علی إتیانه بنحو القضیة الشرطیة أو إنّ وجوبه مقید بحال إرادته و العزم علیه بنحو القضیة الحینیة (علی اختلاف عبارته) فالقصد و العزم هنا قید للوجوب.
القول الثانی: ما عن الشیخ الأنصاری (قدس سره) ((2))
إنّ الواجب هو المقدّمة التی قصد بها التوصل إلی الواجب دون ما لم یقصد به، فالقصد هنا قید الواجب.
ص: 381
إنّ الوجوب الغیری و الواجب الغیری مهملان بالنسبة إلی الإیصال.((1))
ص: 383
((1))
أوّلاً: إنّه بناء علی ثبوت الملازمة بین وجوب الشیء و وجوب مقدّمته یلزم من اشتراط الوجوب التفکیک بینهما و هذا خلف فی ثبوت الملازمة.
ثانیاً: یلزم من ذلک کون وجوب ذی المقدّمة تابعاً لإرادة المکلّف و دائراً مدار اختیاره و عزمه و هو محال لأنّ لازم ذلک عدم الوجوب عند عدم إرادته.
إنّ لازم ذلک هو کون وجوب المقدّمة تابعاً لإرادة المکلف لا وجوب ذی المقدّمة و لازم ذلک عدم وجوب المقدّمة عند عدم إرادته، و لعلّه اشتباه فی الکتابة و الاستنساخ.
انّ الشیخ (قدس سره) یقول: إنّ الواجب الغیری هو الفعل المعنون بعنوان المقدّمیة لاذات الفعل، و عنوان المقدّمیة هو بعینه عنوان قصد التوصّل.
و الإتیان بذات الفعل من دون قصد التوصّل و من دون تعنونه بعنوان المقدّمیة لیس امتثالاً للواجب إلّا أنّه مسقط للغرض.
و أمّا صاحب الکفایة (قدس سره) فهو یری أنّ ما هو الواجب ذات الفعل و حیثیة المقدّمیة حیثیة تعلیلیة لوجوب ذات الفعل کما أنّ المصالح و المفاسد الموجودة فی متعلّقات الأحکام حیثیات تعلیلیة.
ترجع الحیثیات التعلیلیة إلی الحیثیات التقییدیة فی الأحکام العقلیة، فالتوصّل هو الواجب بحکم العقل لا الشیء لغایة التوصّل لأنّ المطلوب الجدّی و الموضوع الحقیقی للحکم العقلی نفس التوصّل.
توضیح ذلک هو أنّ الحیثیة التعلیلیة فی الأحکام الشرعیة غیر الحیثیة التقییدیة فإنّ المصالح و المفاسد الموجودة فی المتعلّق حیثیة تعلیلیة و عنوان الصلاة و الصوم و الحج و الخمس و الزکاة حیثیات تقییدیة.
ص: 385
أمّا الأحکام العقلیة فلیست فیها إلّا الحیثیات التعلیلیة التی تکون هی الموضوع للحکم العقلی أی تکون هی الحیثیة التقییدیة.
((1))
یمکن الاعتراض علیه بالفرق بین الأحکام العقلیة العملیة و الأحکام العقلیة النظریة، فإنّ مبادی الأُولی (أی الأحکام العقلیة العملیة) هو بناء العقلاء علی الحسن و القبح و مدح فاعل بعض الأفعال و ذمّ فاعل بعضها الآخر و موضوع الحسن مثلاً هو التأدیب لا الضرب لغایة التأدیب، إذ لیس هناک بعث من العقلاء لغایة، بل مجّرد بناء علی المدح و الممدوح هو التأدیب.
بخلاف الأحکام العقلیة النظریة فإنّها لاتتکفل إلّا الإذعان بالواقع و من الواضح أنّ الإرادة التشریعیة علی طبق الإرادة التکوینیة، فکما أنّ الإنسان إذا أراد شراء اللحم یرید المشی إلی السوق -و الأوّل لغرض مترتّب علی الشراء و الثانی لغرض مترتّب علی المشی إلی السوق- إذا وقع أمران طرفاً للإرادة التشریعیة لایرید المولی إلّا ذلک الفعل الإرادی الصادر من العبد و بعثه النفسی و المقدّمی إیجاد تسبیبی للفعل و مقدّمته.
و لیس حکم العقل إلّا الإذعان بالملازمة بین الإرادتین، لا إنّه حکم ابتدائی بوجوب الفعل عقلاً حتّی لایکون له معنی إلّا الإذعان بحسنه الملزم، حیث لا بعث و لا زجر من العاقلة لینتج أنّ الحسن فی نظر العقل هو التوصّل لا الفعل لغایة التوصّل
یمکن أن یقال: إنّ المسألة هنا صغری لحکم العقل العملی بمعنی أنّه یری
ص: 386
حسن التوصّل إلی ما هو لازم الإتیان و أیضاً لحکم العقل النظری حیث إنّ طرفی الملازمة وجوب ذی المقدّمة و وجوب التوصّل به، فحیثیة التوصّل حیثیة تقییدیة علی أی حال.
((1))
إنّ وجوب المقدّمة بمعنی اللابدّیة خارج عن محل النزاع و غیر قابل للإنکار.
بل النزاع فی وجوب المقدّمة شرعاً الکاشف عنه العقل، و کم فرق بین الحکم الشرعی الذی کشف عنه العقل و الحکم العقلی و قد عرفت أنّ الحیثیة التعلیلیة فی الأحکام الشرعیة لاترجع إلی الحیثیة التقییدیة
قال المحقّق الإصفهانی (قدس سره):((2)) إنّ الجهات التعلیلیة فی الأحکام العقلیة بل فی الأحکام الشرعیة المستندة إلی الأحکام العقلیة ترجع إلی الحیثیات التقییدیة.
إنّ التوصّل إذا کان بعنوانه واجباً فما لم یصدر هذا العنوان عن قصد و اختیار لایقع مصداقاً للواجب و إن حصل منه الغرض مع عدم القصد و العمد إلیه.
توضیحه هو أنّ الشیء لایقع علی صفة الوجوب و مصداقاً للواجب بما هو واجب إلّا إذا أتی به عن قصد و عمد أمّا لزوم إتیانه عن قصد فلأنّ الأمر مثلاً تعلّق بالفعل المعنون بهذا العنوان و العنوان داخل تحت الأمر فلابدّ من إیجاده بالقصد حیث إنّ العناوین غالباً تتحقّق بالقصد أمّا لزوم إتیانه عن اختیار فلأنّ
ص: 387
التکلیف یتعلّق بالأمر الاختیاری حتی فی التوصّلیات، لأنّ البعث تعبدیاً کان أم توصّلیاً لایتعلّق إلّا بالفعل الاختیاری، فالعمل الصادر بلا اختیار و إن کان مطابقاً لذات الواجب و محصّلاً لغرضه لکنه لایقع علی صفة الوجوب أی مصداقاً للواجب بما هو واجب بل یستحیل أن یتعلّق الوجوب بمثله فکیف یکون مصداقاً له.
((1))
یمکن الاعتراض علی الأمر الثانی بأنّ الممدوح علیه هو التأدیب بالحمل الشائع، کما أنّ الواجب هنا هو التوصّل بالحمل الشائع إلّا أنّ التأدیب بالحمل الشائع اختیاری بقصد عنوان التأدیب، لا باختیاریة الضرب، فإذا صدر الضرب بالاختیار لم یصدر منه تأدیب اختیاری إلّا إذا قصد بالضرب التأدیب.
و هذا بخلاف التوصّل بالحمل الشائع فإنّ عنوانه لاینفک عن المشی إلی السوق فإذا صدر المشی بالاختیار کان توصّلاً اختیاریاً من دون لزوم قصد عنوان التوصّل.
إن قلت: إنّه إذا مشی نحو السوق اختیاراً لا بداعی التوصّل إلی الواجب بل بداع التوصّل إلی غرض آخر فإنّه یصدق علیه أنّه أتی بذات المقدّمة اختیاراً و لایصدق علیه أنّ فعله کان توصّلا إلی الواجب اختیاراً.
قلت: إنّ التوصّل یصدق و لو لم یقصده لأنّه یقال فی اللغة: وصل الشیء إلی غیره فاتّصل و هنا اتّصل إلی الواجب اختیاراً و إن لم یقصد ذلک فإذا وصل شخص حبلاً بمکان یکون الحبل متصلاً به سواء قصد الاتصال أم لا.
ص: 388
((1))
إنّ القدرة إذا کانت مأخوذة شرعاً فی المأمور به و واردة فی لسان الخطاب فالواجب خصوص الحصّة المقدورة، لأنّه لایمکن کشف الملاک فی أمثال هذه الموارد إلّا فی خصوص الحصّة المقدورة، أمّا الحصّة الخارجة عن القدرة فلا طریق لنا إلی إحراز الملاک فیها.
و إذا کانت القدرة مأخوذه فی المأمور به عقلاً فلایختصّ وجوب المقدّمة بالحصّة المقدورة و الإتیان بالمقدّمة بلا قصد التوصّل یکون مصداقاً للواجب و الوجه فی ذلک هو أنّ المکلّف قدیکون عاجزاً عن إتیان تمام أفراد الواجب فی ظرف الامتثال فبطبیعة الحال یسقط عنه التکلیف و لایعقل بقاؤه، و قدیکون عاجزاً عن امتثال بعض أفراده دون بعضها الآخر (کالصلاة حیث إنّ المکلّف یتمکّن من امتثالها فی ضمن بعض أفرادها العرضیة و الطولیة و لایتمکن بالنسبة إلی بعض أفرادها) ففی مثل ذلک لا موجب لتخصیص التکلیف بخصوص الحصّة المقدورة بل لا مانع من تعلّقه بالجامع بینها و بین الحصّة غیر المقدورة و الجامع بین المقدور و غیر المقدور مقدورٌ ضرورة أنّه یکفی فی القدرة علیه القدرة علی امتثال فرد منه.
فعلی هذا ما أفاده المحقّق الإصفهانی (قدس سره) فی الأمر الثانی إنّما یتمّ بناءً علی أخذ القدرة شرعاً فی المأمور به و فی الخطاب و أمّا بناءً علی أخذها عقلاً فی المأمور به فلایتمّ.
ص: 389
إنّ المحقّق النائینی (قدس سره) قد احتمل فی کلام الشیخ (قدس سره) ثلاثة وجوه:
الاحتمال الأوّل: أن یکون قصد التوصّل معتبراً فی تحقّق امتثال الوجوب المقدّمی.
الاحتمال الثانی: أن یکون قصد التوصّل قیداً فی متعلّق الوجوب المقدّمی (کما هو المشتهر عنه).
الاحتمال الثالث: أن یکون قصد التوصّل قیداً فی خصوص حال المزاحمة کما إذا کانت المقدّمة محرّمة.
ثم شرع فی تفسیر الاحتمالات الثلاث و تحلیلها:((1))
أمّا علی الاحتمال الأوّل فقال: إن کان نظر شیخنا العلامة الأنصاری (قدس سره) إلی اعتبار قصد التوصّل بالمقدّمة فی حصول الامتثال و التقرّب بها کما یظهر ذلک من جملة من عبارات التقریر فهو حقّ (و صحّحه المحقّق الخوئی (قدس سره) أیضاً).((2))
أمّا علی الاحتمال الثانی فقال: إن کان نظره (قدس سره) إلی اعتبار التوصّل فی معروض الوجوب، فیرده أنّ قصد التوصّل لا دخل له فی مقدّمیة المقدّمة أصلاً و بدونه (أی بدون دخله فی مقدّمیة المقدّمة) یستحیل أن یکون قیداً للواجب بداهة أنّ ما لیس له دخل فیما هو ملاک الواجب یستحیل أن یکون قیداً مأخوذاً فی الواجب.
(و قد تقدم الکلام حول الاحتمال الثانی حیث وجهه المحقّق الإصفهانی (قدس سره) ثم اعترض علیه).
ص: 390
أمّا علی الاحتمال الثالث فقال المحقق النائینی (قدس سره):((1)) إن کان نظره (قدس سره) إلی اعتبار قصد التوصّل فی مقام المزاحمة کما تساعد علیه جملة من عبارات التقریر((2)) و یؤیده ما نقله الأُستاذ عن أُستاذه المحقّق السید العلامة الإصفهانی (قدس سره) (السید محمّد الإصفهانی) من أنّه (قدس سره) کان ینسب ذلک إلی الشیخ (قدس سره) -و إن کان (حفظه الله) تردد فی أنّ النسبة المزبورة کانت مستندة إلی استظهار نفسه أو إلی سماعه ذلک من المحقّق سید أساتیذنا العلامة الشیرازی (قدس سره) عن أُستاذه المحقّق العلامة الأنصاری (قدس سره) - و هو أنّ المقدّمة إذا کانت محرّمة وتوقف علیها واجب فعلی (مثل إنقاذ النفس المحترمة) فیقع التزاحم بین حرمتها و وجوبه و الواجب هنا (مثل إنقاذ النفس المحترمة) أهمّ من الحرمة (مثل الدخول فی ملک الغیر بدون إذنه) فحینئذ إذا أتی بها بقصد التوصّل یرتفع الحرمة و إذا أتی بها بدون قصد التوصّل لاترتفع حرمة المقدّمة، فیرد علیه أنّ المزاحمة إنّما هی بین حرمة المقدّمة و وجوب ما یتوقف علیها (أی ذی المقدّمة) و لو لم نقل بوجوب المقدّمة أصلاً، فلا مناص عن الالتزام بارتفاع الحرمة لفرض کون الواجب أهمّ، سواء فی ذلک القول بوجوب المقدّمة و القول بعدمه، فاعتبار قصد التوصّل فی متعلّق الوجوب المقدّمی أجنبی عمّا به یرتفع التزاحم المذکور بالکلّیة.
الوجه الأوّل: الإتیان بها بقصد التوصّل فحینئذ ترتفع الحرمة و لایکون متجرّیاً بالنسبة إلی فعل المقدّمة.
ص: 391
الوجه الثانی: الإتیان بها بدون قصد التوصّل فحینئذ ترتفع الحرمة أیضاً و هنا صرّح المحقّق الخوئی (قدس سره) بأنّه کان متجرّیاً کما أنّ صاحب الکفایة (قدس سره) أیضاً صرّح بأنّه مع الالتفات إلی المقدّمیة یتجرأ بالنسبة إلی ذی المقدّمة فیما لم یقصد التوصّل إلیه أصلاً و لکن فی تحقّق التجری فی هذه الصورة تأمّل حیث إنّ التجری إمّا یکون بالنسبة إلی المقدّمة أو بالنسبة إلی ذی المقدّمة، أمّا المقدّمة فارتفعت حرمته و أمّا ذو المقدّمة لم یصل ظرف تحقّقه و لم یترک مقدّمته.
الوجه الثالث: الإتیان بها مع عدم وقوع السلوک فیها فی طریق الإنقاذ فتبقی حرمته.
ثم إنّه قال المحقّق الخوئی (قدس سره):((1)) إن قلنا بعدم وجوب المقدّمة فالمسألة صغری التزاحم کما أفاده المحقّق النائینی (قدس سره) و إن قلنا بوجوب المقدّمة فالمسألة صغری التعارض فتقع المعارضة بین وجوب المقدّمة و حرمتها فیرد الوجوب و الحرمة علی موضوع واحد و حینئذ إن قلنا بوجوب خصوص المقدّمة الموصلة سقطت الحرمة عنها.
و إن قلنا بوجوب المقدّمة التی قصد بها التوصّل إلی الواجب فالساقط إنّما هو الحرمة عنها سواء أکانت موصلة أم لم تکن.
و إن قلنا بوجوب المقدّمة مطلقاً فالساقط إنّما هو الحرمة عنها کذلک.
أمّا علی القول بعدم وجوب المقدّمة (کما هو مختار السید الخوئی (قدس سره) فالساقط إنّما هو حرمة خصوص المقدّمة الموصلة سواء قصد بها التوصّل أم لا، فتبقی
ص: 392
حرمة المقدّمة غیر الموصلة (نعم لو قصد المکلّف به التوصّل إلی الواجب و لکنه لمانع لم یترتّب علیه فی الخارج کان عندئذٍ معذوراً فلایستحقّ العقاب علیه).
((1))
((2))
إنّ الغرض من المقدّمة إنّما هو حصول ما یتمکّن معه من إتیان ذی المقدّمة بحیث لولاه لما أمکن فعل ذی المقدّمة و هذا الغرض یترتّب علی مطلق المقدّمة دون خصوص الموصلة منها، حیث إنّه لا تفاوت فی حصول الغرض بین ما یترتّب علیه الواجب و ما لایترتّب علیه بل أثر المقدّمة (و هو التمکّن من إتیان ذی المقدّمة) لامحالة یترتّب علیهما (أی علی المقدّمة الموصلة و غیر الموصلة).
((3))
أوّلاً: إنّ هذا لیس غرضاً من إیجاب المقدّمة، لأنّ التمکّن من الإتیان بذی المقدّمة من آثار التمکّن من الإتیان بالمقدّمات، لأنّ المقدور بواسطة مقدور.
ثانیاً: إنّ القدرة علی الواجب لو توقّفت علی الإتیان بالمقدّمة لجاز للمکلّف تفویت الواجب بترک مقدّمته لأنّ القدرة علی الواجب (أی ذی المقدّمة) لیست بواجب التحصیل.
ص: 393
فالغرض من إیجاب المقدّمة لیس إلّا إیصالها إلی الواجب حیث إنّ الاشتیاق إلی الشیء لاینفک عن الاشتیاق إلی ما یقع فی سلسلة علل وجوده دون ما لایقع فی سلسلتها.
((1))
إنّ القول بالمقدّمة الموصلة یستلزم إنکار وجوب المقدّمة فی أکثر الواجبات فیلزم انحصار وجوب المقدّمة فی خصوص العلّة التامّة من الأفعال التولیدیة و التسبیبیة.
توضیح ذلک هو أنّ ترتّب الواجب فی الأغلب لیس أثر إتیان جمیع المقدّمات فضلاً عن إحداها لأنّ الواجب (فی أکثر الواجبات) فعل اختیاری یختار المکّلف تارة إتیانه بعد وجود تمام مقدّماته و أُخری عدم إتیانه، فلایمکن أن یکون اختیار إتیان ذی المقدّمة غرضاً من إیجاب کل واحدة من مقدّماته.
((2))
إنّ ملاک الوجوب الغیری هو وقوع المقدّمة فی سلسلة مبادی وجود ذی المقدّمة بالفعل فلا ملاک فی مطلق المقدّمة و إن لم تقع فی سلسلتها، کما أنّ الملاک لاینحصر بخصوص الأسباب التولیدیة.
فالطهارة من الحدث أو الخبث مثلاً إن وقعت فی سلسلة مبادی وجود الصلاة فی الخارج فهی واجبة و إلّا فلا مع أنّها لیست من الأسباب التولیدیة بالإضافة إلی الصلاة.
ص: 394
((1))
إذا أتی المکلّف بالمقدّمة غیر الموصلة یسقط الأمر الغیری بمجرد الإتیان بها (من دون انتظار لترتّب الواجب علیها) مع أنّ الأمر الغیری لایسقط إلّا بموافقة أمره أو بالعصیان أو بارتفاع موضوع التکلیف، و یتعین الأوّل منها لأنّ العصیان لم یتحقّق لفرض الإتیان بالمقدّمة و الثانی أیضاً لم یتحقّق لعدم ارتفاع موضوع التکلیف.
((2))
أوّلاً بالنقض: بأجزاء الواجب المرکّب کالصلاة حیث إنّ المکلّف إذا جاء بالجزء الأوّل منها و لم یأت ببقیة الأجزاء لایمکن القول بعدم سقوط الأمر الضمنی المتعلّق بالجزء المأتی به لأنّه مستلزم للتکرار فلابدّ من الالتزام بالسقوط مع أنّه لایمکن الالتزام بالسقوط من باب العصیان أو ارتفاع موضوع التکلیف فلابدّ من الالتزام بالامتثال مع أنّه لایمکن المصیر إلی هذا البیان و لابدّ من الجواب عنه و الجواب عن هذه المشکلة هو بعینه الجواب عن صاحب الکفایة (قدس سره) .
ثانیاً بالحلّ: وهو أنّ الواجب علی هذا القول هو حصّة خاصّة من المقدّمة وهی المقدّمة الموصلة التی تقع فی سلسلة العلّة التامّة لذی المقدّمة و لذا إذا وقعت المقدّمة مجردةً عن بقیة أجزاء العلّة التامّة فبما أنّ الغرض من إیجاب المقدّمة لم یترتّب علیها لاتقع المقدّمة علی صفة الوجوب لامحالة و حینئذ یستند
ص: 395
سقوط الأمر الغیری إلی العصیان أو نحوه (مثل ارتفاع موضوع التکلیف) لا إلی إتیان المقدّمة و امتثاله لأنّه لم یأت بما هو الواجب منها.
فبالنیتجة إنّ وجود الواجب النفسی فی الخارج کاشف عن تحقّق المقدّمة فیه و عدم وجوده کاشف عن عدم تحقّقها کالشرط المتأخّر.
و من ذلک یظهر الجواب عن مورد النقض بأجزاء الواجب النفسی، فإنّ کل واحد منها إنّما یقع علی صفة الوجوب إذا وقع فی الخارج منضماً إلی بقیة أجزائه و أمّا إذا وقع منفکّاً عنها فلایقع علی هذه الصفة لفرض أنّه لیس بجزء من الواجب.
((1))
إنّ اعتبار هذا القید (أی قید الإیصال) فی متعلّق الوجوب المقدّمی (أی المقدّمة) یرجع إلی اعتبار کون الواجب النفسی قیداً للواجب الغیری فیلزم أن یکون الواجب النفسی مقدّمة للمقدّمة و واجباً بوجوب ناشئ من وجوبها و هو یستلزم الدور فإنّ وجوب المقدّمة إنّما نشأ من وجوب ذی المقدّمة، فلو ترشح وجوب ذی المقدّمة من وجوبها لزم الدور (هذا تقریر الدور فی الوجوب و لکنه قرّره فی فوائد الأُصول بنحو الدور فی الوجود بمعنی توقّف وجودها علیه و بالعکس بمعنی أنّ اتّصاف المقدّمة بالموصلیة متوقّف علی وجود ذی المقدّمة و من جهة أُخری وجود ذی المقدّمة متوقّف علی وجود مقدّمته).((2))
ص: 396
أمّا لزوم التسلسل فبیانه هو أنّ الواجب لو کان هو خصوص المقدّمة الموصلة، فبما أنّ ذات المقدّمة مقدّمة لها (أی للمقدّمة الموصلة) تکون مقدّمة لتحقّقها فی الخارج فإن اختار (قدس سره) وجوب ذات المقدّمة مع عدم اعتبار قید الإیصال إلی جزئها الآخر (أی قید الموصلة) فقد اعترف بما أنکره و کر علی ما فرّ منه و إن اعتبر قید الإیصال فی اتّصاف ذات المقدّمة بالوجوب فقد لزمه التسلسل.
((1))
إنّ الوجوب النفسی المتعلّق بذی المقدّمة غیرناش من وجوب مقدّمته حتّی یتوقّف اتّصاف ذی المقدّمة بالوجوب علی وجوب مقدّمته.
بل هنا یلزم اجتماع الوجوب النفسی و الغیری من جهتین فی ذی المقدّمة و هذا مما لا إشکال فیه و توضیح ذلک هو أنّ هنا ثلاثة وجوبات:
الوجوب الأوّل: هو الوجوب النفسی لذی المقدّمة.
الوجوب الثانی: هو الوجوب الغیری لمقدّمته.
الوجوب الثالث: هو الوجوب الغیری لذی المقدّمة (حیث إنّ وجوده شرط لاتّصاف المقدّمة بالوجوب الغیری).
ویمکن جواب الدور فی مرحلة الوجود أیضاً بأنّ اتّصاف المقدّمة بالموصلة و بعبارة أُخری وجود المقدّمة الموصلة بما أنّها مقدّمة موصلة لیس متوقّفاً علی وجود ذی المقدّمة بل هما متلازمان و الدور هو التوقّف فی الوجود الخارجی فعلی هذا إنّ ذی المقدّمة یتوقّف وجوده علی وجود المقدّمة و أمّا وجود المقدّمة
ص: 397
لایتوقّف علی وجود ذی المقدّمة بل وجوب المقدّمة الموصلة یتوقّف علی وجود ذی المقدّمة و هذا لا محذور فیه.
أمّا الجواب عن التسلسل فهو أنّ ذات المقدّمة و إن کانت مقوّمة للمقدّمة الموصلة إلّا أنّ نسبتها إلیها لیست نسبة المقدّمة إلی ذیها لننقل الکلام إلیه بل نسبتها إلیها نسبة الجزء إلی الکلّ، إذ علی هذا القول تکون المقدّمة مرکّبة من جزأین:
الجزء الأوّل: ذات المقید (أی ذات المقدّمة).
الجزء الثانی: تقیدها بقید و هو وجود الواجب فی الخارج.
هذا کلّه علی تقدیر تسلیم کون الواجب النفسی قیداً للواجب الغیری.
فالتحقیق فی الجواب عن الدور و التسلسل هو أنّ الالتزام بوجوب المقدّمة الموصلة لایستدعی اعتبار الواجب النفسی قیداً للواجب الغیری لأنّ المقدّمات الواقعة فی الخارج علی نحوین: أحدهما ما کان وجوده فی الخارج ملازماً لوجود الواجب فیه و هو ما یقع فی سلسلة علّة وجوده و ثانیهما ما کان وجوده مفارقاً لوجوده فیه و هو ما لایقع فی سلسلتها و القائل بوجوب المقدّمة الموصلة إنّما یدعی وجوب خصوص القسم الأوّل لا القسم الثانی.
إنّ التلازم بین وجود المقدّمة الموصلة بما أنّها موصلة و وجود الواجب النفسی تلازم رتبی فحینئذ إنّ ما أفاده فی القسم الأوّل التزام بالمتناقضین لأنّ ما کان وجوده خارجاً ملازماً لوجود ذی المقدّمة رتبةً لایکون فی سلسلة علّة وجوده لأنّ التلازم یقتضی عدم التقدّم و الوقوع فی سلسلة علّة الوجود یقتضی التقدم و هما نقیضان.
ص: 398
فالصحیح أن یقال: إنّ المقدّمة الموصلة بما أنّها فعل خارجی واقعة فی سلسلة علل وجود ذی المقدّمة و هذه المقدّمة الموصلة بما أنّها موصلة أی متّصفة بالإیصال (لا بما أنّها مقدّمة) ملازمة لذی المقدّمة وجوداً.
ص: 399
هناک عدة تصاویر للمقدّمة الموصلة: تصویر صاحب الفصول (قدس سره) و تصویر المحقّق الإصفهانی (قدس سره) و تصویر المحقّق العراقی (قدس سره) .
((1))
إنّ المتیقّن من حکم العقل بوجوب المقدّمة هو خصوص الموصلة.
توضیحه: هو أنّ العقل هو الحاکم بالملازمة العقلیة بین وجوب الشیء و وجوب مقدّماته و هو لایدرک أزید من الملازمة بین وجوب الشیء و وجوب المقدّمة الموصلة.
((2))
إنّ العقل الحاکم بالملازمة دلّ علی وجوب مطلق المقدّمة لا خصوص ما إذا ترتّب علیها الواجب فیما لم یکن هناک مانع عن وجوبه، لأنّ ملاک حکم العقل بالملازمة حصول التمکّن من الإتیان بذی المقدّمة و هذا الملاک مشترک فی جمیع أقسام المقدّمة.
إنّ التمکّن المذکور لایصلح أن یکون ملاکاً للوجوب الغیری و داعیاً له
ص: 400
لفرض أنّه حاصل قبل الإتیان بالمقدّمة (و قد مضی أنّ ملاک الوجوب الغیری عنده هو وقوع المقدّمة فی سلسلة علّة وجود ذی المقدّمة و هذا الملاک لایوجد فی المقدّمة غیر الموصلة). ((1))
الدلیل الثانی: لصاحب الفصول (قدس سره) ((2)) أیضا
إنّ العقل لایأبی عن تصریح الآمر الحکیم بعدم إرادة المقدّمة غیرالموصلة فیجوز أن یقول: أُرید الحج و أُرید المسیر الذی یتوصل به إلی فعل الواجب دون ما لم یتوصل به إلیه، فإنّ الضرورة قاضیة بجواز تصریح الآمر بمثل ذلک کما أنّ الضرورة قاضیة بقبح التصریح بعدم مطلوبیة المقدّمات مطلقاً أو بقبح التصریح بعدم مطلوبیة المقدّمة الموصلة و ذلک آیة عدم الملازمة بین وجوب الشیء و وجوب المقدّمات له غیرِ الموصلة.
((3))
إنّه لیس للآمر الحکیم الذی لایجازف التصریحُ بذلک، و إنّ دعوی صاحب الفصول (قدس سره) من أنّ الضرورة قاضیة بجواز التصریح بذلک ممنوع لأنّ الغرض و هو التمکّن من فعل ذی المقدّمة مشترک بین جمیع المقدّمات الموصلة و غیرالموصلة.
ص: 401
((1))
قد تقدّم أنّ ما ذکره من الغرض لایصلح أن یکون الغرض فلا بأس بهذا التصریح، بل الوجدان أصدق شاهد علی جواز ذلک.
الدلیل الثالث: لصاحب الفصول (قدس سره) ((2)) أیضا
إنّ المطلوب بالمقدّمة مجرد التوصّل بها إلی الواجب و حصوله فیکون التوصّل بالمقدّمة إلی ذی المقدّمة و حصوله معتبراً فی مطلبوبیة المقدّمة، فلاتکون المقدّمة مطلوبة إذا انفکّت عن التوصّل.
و صریح الوجدان قاضٍ بأنّ من یرید شیئاً بمجرد حصول شیء آخر، لایریده إذا وقع مجرداً عنه و یلزم منه أن یکون وقوعه علی وجه المطلوب منوطاً بحصول هذا الشیء الآخر.
((3))
أورد علیه أوّلاً بمنع الصغری و هو أنّ الغرض إنّما هو التمکّن من الإتیان بذی المقدّمة لا ترتّبه علیه خارجاً، و هذا الغرض مشترک بین المقدّمة الموصلة و غیرالموصلة.
ص: 402
((1))
إنّ ذلک لیس هو الغرض لأنّ التمکّن من ذی المقدّمة یحصل بمجرد التمکّن من المقدّمة.
أورد (قدس سره) ثانیاً بمنع الکبری و هو أنّ صریح الوجدان قاضٍ بأنّ المقدّمة التی أُرید لأجل غایة و لم تبلغها واجبة، فلایکون ترتّب ذی المقدّمة علی المقدّمة قیداً للواجب الغیری و إن سلّمنا أنّه الغایة لوجوب المقدّمة.
((2))
إنّ الشیء إذا وجب لغایة فلابدّ من تحقّق الغایة حتی یتّصف بالوجوب و مع عدم تحقّق الغایة لایعقل اتّصافه بالوجوب.
و من هنا قلنا: إنّ وجود ذی المقدّمة (الغایة) کاشف عن تحقّق مقدّمته المتّصفة بالوجوب و عدم وجود ذی المقدّمة کاشف عن عدم تحقّق المقدّمة المتّصفة بالوجوب.
لایستنکر ذلک العقل مع أنّه یستحیل أن ینهی عن مطلق المقدّمة أو عن خصوص الموصلة منها، و هذا دلیل عدم وجوب مطلق المقدّمة و وجوب خصوص الموصلة.
((1))
أوّلا: إنّ هذا الدلیل فی مورد المقدّمات المباحة، أمّا إذا کان المقدّمات محرّمة مثل أن یمنع عنه المولی فحینئذ لاتتصف بالوجوب الغیری و لکنّ عدم اتّصافها به لأجل المانع (و هو نهی المولی) لا لأجل عدم المقتضی.
ثانیا: إنّ فی صحّة منع المولی عن المقدّمة غیر الموصلة نظراً لأنّه یوجب تفویت الواجب اختیاراً أو طلب الحاصل.
أمّا لزوم تفویت الواجب فلأنّه إن قلنا بحرمة المقدّمة فلایتمکّن من المقدّمة شرعاً إلّا فی صورة إتیان ذی المقدّمة و مع عدم إتیان ذی المقدّمة لایجوز إتیان المقدّمة لحرمتها علی الفرض فلیس متمکّناً من المقدّمة شرعاً و لازم عدم التمکّن من المقدّمة هو عدم التمکّن أیضاً من ذی المقدّمة، لأنّ وجوب ذی المقدّمة مشروط بالقدرة و مع عدم التمکّن من المقدّمة لیس قادراً علی ذی المقدّمة فیجوز ترک ذی المقدّمة لأنّ تحصیل القدرة علی الواجب النفسی لیس بواجب.
أمّا لزوم تحصیل الحاصل فلأنّ إیجاب ذی المقدّمة فعلاً متوقّف علی جواز المقدّمة شرعاً و جواز المقدّمة شرعاً یتوقّف علی إیصالها إلی ذی المقدّمة و إیصالها إلی ذی المقدّمة یتوقّف علی إتیان ذی المقدّمة.
ص: 404
و نتیجة ذلک هو أنّ إیجاب ذی المقدّمة (أی طلب حصوله) متوقّف علی إتیانه و حصوله و هذا طلب الحاصل و هو محال.((1))
((2))
إنّ ما أفاده مبنی علی الخلط بین کون الإیصال قیداً لجواز المقدّمة و وجوب ذی المقدّمة و بین کونه قیداً للواجب.
فلو کان الإیصال قیداً لجواز المقدّمة لتم ما أفاده و لکنّه لیس الأمر کذلک بل الإیصال قید للواجب، فلیس جواز المقدّمة مشروطاً بالإیصال الخارجی و وجود الواجب النفسی، بل الجواز تعلّق بالمقدّمة الموصلة و المفروض تمکّن المکلّف منها، و حینئذ لو ترک الواجب ارتکب المعصیة و استحقّ العقاب لفرض قدرته علیه من جهة قدرته علی مقدّمته الموصلة.
((3))
و هذا البیان أیضاً یوافق التصویر الذی أفاده صاحب الفصول (قدس سره) .
توضیح هذا التقریب هو أنّ قید الموصلیة و ذی المقدّمة متلازمان فإنّهما معلولان عرضیان للمقدّمة (هذا ما صرّح به السید الصدر (قدس سره) فی تفسیر هذا التقریب)((4)) فإنّ الغرض الأصیل مترتّب علی وجود المعلول (أی ذی المقدّمة) و
ص: 405
الغرض التبعی من أجزاء علّته هو أن یترتّب المعلول (و هو ذو المقدّمة) علی أجزاء العلّة (و هی المقدّمات) إذا وقعت علیتها فعلیة.
فوقوع کل مقدّمة علی صفة المقدّمة الفعلیة ملازم لوقوع الأُخری علی تلک الصفة و وقوع ذی المقدّمة فی الخارج، و أمّا ذات المقدّمة من دون فعلیة التأثیر مقدّمة بالقوّة لا بالفعل، و المقدّمة غیر الفعلیة (أی ما هو مقدّمة بالقوّة) غیر مرتبط بالغرض الأصیل المترتّب علی وجود ذی المقدّمة فلاتکون مطلوبة بالتبع.
فالمقدّمة غیر الموصلة مقدّمة بالقوة و لیست مطلوبة بالتبع و لا ملازمة بینها و بین ذی المقدّمة و أمّا المقدّمة الموصلة مقدّمة بالفعل و مطلوبة بالتبع و الملازمة بینها و بین ذی المقدّمة ثابتة.
إنّ أخذ حیثیة ترتّب الواجب النفسی فی متعلّق الواجب الغیری معناه انبساط الوجوب الغیری علی حیثیة لا ربط لها به، فان ملاک تعلق الشوق و الوجوب الغیری بشی ء لیس إلّا وقوع ذلک الشی ء فی طریق تحقیق الواجب النفسی، و من الواضح عدم دخل الحیثیة المذکورة فی ذلک أصلا [و بعبارة أخری: ملاک تعلّق الشوق و الوجوب الغیری بالمقدّمة هو وقوعه فی طریق تحقّق الواجب النفسی مع أنّ حیثیة الموصلیة (بمعنی ترتّب الواجب النفسی) لا مدخلیة لها فی تحقّق الواجب النفسی] بل هی متأخّرة فی الانتزاع و التحقّق عن وجود ذی المقدّمة (حیث إنّ الموصلیة تنتزع عن تحقّق ذی المقدّمة خارجاً) و معه کیف یعقل انبساط الوجوب الغیری علیها؟((1))
ص: 406
أولا: إنّهما متلازمان، لا أنّ الموصلیة منتزعة عن تحقّق الواجب النفسی.
ثانیاً: إنّ إتیان ذات المقدّمة واجب عقلاً، لأنّ المقدّمة الموصلة واجبة غیریاً و المکلّف متمکّن منه فلابدّ له من إتیان ذات الفعل حتی یترتّب علیه تحقّق ذی المقدّمة فذات الفعل تحقّق فی طریق إتیان الواجب النفسی.
((1))
إنّ الغرض الأصیل یتعلّق بالمعلول و هو ذو المقدّمة و الغرض التبعی أیضاً یتعلّق بعلّته التامّة حیث إنّها محصّلة للغرض الأصیل و لایتعلّق الغرض التبعی بکل ما له دخل و إن لم یکن محصّلاً للغرض الأصیل، لأنّ وجوده و عدمه مع عدم الغرض الأصیل علی حدّ سواء، و العلّة التامّة هی مجموعة من المقدّمات و تلک المقدّمات واجبة بالوجوب الغیری الواحد و عنوان الموصلیة و إن کان من عوارض المقدّمة لکنّها مقوّمة للمقدّمة بمعنی العلّة التامّة و الموصلیة تنتزع عن المقدّمات بملاحظة بلوغها حیث یترتّب علیها الواجب فهو ملازم لترتّب الواجب لا إنّه منتزع منه.
و الإرادة المتعلّقة بالعلّة التامّة واحدة و إن کانت العلّة مرکّبة کما أنّ الإرادة المتعلّقة بالمعلول واحدة و إن کان المعلول مرکباً
و المنشأ فی العلّة التامّة وحدة الغرض -کما أنّ منشأ وحدة الإرادة فی المعلول وحدة الغرض- و الغرض فی العلّة التامّة هو الوصول إلی المعلول.
ص: 407
و الإرادة الکلّیة المتعلّقة بالعلّة المرکّبة لاتسقط إلّا بعد حصولها الملازم لحصول معلولها و إن کان یسقط اقتضاؤها شیئاً فشیئاً کما أنّ إتیان بعض أجزاء المعلول لایسقط الإرادة النفسیة المتعلّقة بالمرکّب بل هی باقیة إلی آخر الأجزاء و إن کان یسقط اقتضاؤها شیئاً فشیئاً.
و کما أنّ أجزاء المعلول لاتقع علی صفة المطلوبیة إلّا بعد التمامیة، لاتقع أجزاء العلّة التامّة علی صفة المطلوبیة المقدّمیة إلّا بعد التمامیة لوحدة الطلب فی کلیهما و منشؤها وحدة الغرض.
ثم إنّ إرادة ذی المقدّمة من أجزاء العلّة التامّة و لا مانع من تعلّق الإرادة التشریعیة بها بل لابدّ منها، لأنّ الإنسان إذا اشتاق إلی فعل الغیر عن اختیار فلامحالة یرید إرادة الغیر له کسائر المقدّمات بلا فرق، لکنّه لایمکن البعث نحو الإرادة إذ معنی البعث جعل الداعی و الباعث نحو الشیء و لایکون البعث باعثاً و داعیاً إلّا بواسطة الإرادة فالإرادة بنفسها مقوّمة للانبعاث نحو الفعل فلایعقل أن تکون الإرادة مبعوثاً إلیها.
(لکن السید الصدر (قدس سره) یقول باستحالة تعلّق الإرادة بالإرادة).((1))
((2))
إنّ المراد عین الإرادة و المبعوث علیه موجود بعین وجود البعث و هذا هو ما اعتقد به المحقّق الإصفهانی (قدس سره)، فحینئذ إذا ترکّب العلّة التامّة من المقتضی و
ص: 408
الشرط و المعدّ فیکون المراد متعدداً لأنّه لایمکن اتحاد المقتضی و الشرط مثلاً لا فی الخارج و لا فی الذهن فمع تعدّد المراد لابدّ أن یتعدّد الإرادة أیضاً لأنّ المراد عین الإرادة.
إنّ الإرادة التشریعیة تتعلّق بالعلّة التامّة و العلّة التامّة واحدة لا متعدّدة بل إنّها مرکّبة من الأجزاء فلها وحدة من جهة و ترکّب من جهة أُخری، و الإرادة التشریعیة متعلّقة بجهة وحدتها کما أنّ الإرادة النفسیة المتعلّقة بالواجب النفسی واحدة و إن کان الواجب النفسی مثل الصلاة مرکّبا.
إنّ مبنی المحقّق الإصفهانی (قدس سره) تعلّق الإرادة التی هی واحد حقیقی بالمرکّب فیقال: کیف یعقل أن یکون المقتضی واحداً و الاقتضاء متعدّداً مع أن نسبة الاقتضاء إلی المقتضی هی نسبة الأثر إلی المؤثر و کیف یعقل أن یکون الأثر متعدّداً و المؤثر (أی محقّق الأثر) واحداً
أوّلاً: إنّ نسبة الاقتضاء و المقتضی لیست نسبة المؤثر و أثره بل الاقتضاء عین المقتضی و النسبة بین المقتضی و المقتضی نسبة المؤثر و الأثر، فإنّ الاقتضاء مصدر متحد مع اسم الفاعل بحسب الحقیقة لا مع اسم المفعول.
ثانیاً: ما أفاده من وحدة الإرادة و تعدّد الاقتضاءات هو یرجع إلی ما قلنا من أنّ العلّة التامّة المرکّبة واحدة لا متعدّدة و إن کانت ذا أجزاء فلها وحدة من جهة عدم تعدّدها و لها أجزاء من حیث ترکّبها، و رابطة الأجزاء و المرکب رابطة
ص: 409
الجزء و الکل لا الجزئی و الکلّی فالإرادة لاتنحل بحسب ترکّب المراد بل الانحلال یتصور فیما إذا کان المراد کلیاً لا فیما إذا کان کلاً.
إنّ النسبة بین المقتضی و المقتضی نسبة التضایف، فکیف یعقل سقوط الاقتضاء و بقاء المقتضی؟ فما أفاده المحقّق الإصفهانی (قدس سره) من أنّ الإرادة الکلّیة المتعلّقة بالعلّة المرکّبة یسقط اقتضاؤها شیئاً فشیئاً ممنوع.
إذ مع سقوط الاقتضاء إمّا یبقی المقتضی أو لا، فلو بقی المقتضی یلزم عدم تکافؤ المتضایفین و إن لم یبق المقتضی یلزم التعدّد فی ناحیة المقتضی و معنی ذلک هو انحلال الإرادة بالإرادات، فلیست هنا إرادة واحدة بل إرادات متعددة و بتبعها وجوبات غیریة فلکل مقدّمة وجوب غیری.
أوّلاً: إنّ الإقتضاء عین المقتضی کما قلنا سابقاً.
ثانیاً: معنی سقوط الاقتضاء فی بعض الأحیان بالنسبة إلی بعض المقدّمات المأتی بها هو سقوط المقتضی و المقتضی فیها بخروجها عن تحت الاقتضاء لحصولها فی الخارج فإنّ المقدّمة التی تحقّقت فی الخارج خرجت عن تحت الاقتضاء.
و لاینافی وحدة الاقتضاء بالنسبة إلی المرکّب مع کونه ذا مراتب.
إنّ وحدة الإرادة بالنسبة إلی المقدّمات المتعدّدة مخالفة للمبنی المسلّم عند القوم و إجماعهم.
ص: 410
لکن بعض الأساطین (حفظه الله) - علی ما قررتُ فی مجلس درسه- أعرض عن حتمیة ورود الإشکال و قال: لانُصِرّ علی هذا الإیراد و الوجه فیه واضح لأنّ اجماع الأُصولیین علی مسألة لا اعتبار به فضلاً عن اتفاق بعضهم.
إنّ تقسیم المقتضی و الشرط بما هو بالفعل و ما هو بالقوّة صحیح أمّا تقسیم المعدّ بما بالقوّة و ما بالفعل فغیر صحیح، فإنّ المعدّ دائماً یکون بالفعل مثلاً کل قدم من أقدام من خرج من بیته إلی المسجد فهو معدّ للکون فی المسجد.
إذا ترتّب علی المعدّ وجود المعدّ له فالإعداد فعلی و أمّا إذا لم یترتّب علیه المعدّ له فلا وجه لفعلیة الإعداد.
فالحقّ هو تقسیم المعدّ أیضاً إلی ما بالقوة و ما بالفعل.
((1))
قال فی المقالات:((2)) إنّ الواجب فی باب المقدّمة ما هو الموصل منها بحیث یکون هذا العنوان کعنوان نفس المقدّمیة من العناوین المشیرة إلی ما هو واجب، لا إنّه بنفس هذا العنوان کان واجباً.
و قال فی نهایة الأفکار((3)): إذا کان التکلیف المتعلّق بکل مقدّمة تبعاً للتکلیف
ص: 411
النفسی الضمنی المترشح منه ناقصاً غیر تامّ فی حد نفسه بنحو یقصر عن الشمول لحال عدم تحقّق بقیة المقدّمات فلاجرم یوجب نقصه و قصوره ذلک تخصیص المطلوب أیضاً بما لایکاد انفکاکه عن بقیة المقدّمات التی منها الإرادة الملازم ذلک للإیصال إلی وجود ذیها فی الخارج، و معه یکون الواجب قهراً عبارة عن خصوص ما هو ملازم للإیصال بنحو لایکاد انفکاکه فی الخارج عن وجود الواجب لا مطلق وجود المقدّمة و لو فی حال الانفکاک عن الإیصال، و لکنّه لقصور فی حکمه عن الشمول لحال الانفکاک عن بقیة المقدّمات لایکون مطلقاً أیضاً بنحو یشمل حال عدم الإیصال إلی وجود ذیه فهو أی الواجب حینئذ عبارة عن ذات المقدّمة بما أنّها توأمة و ملازمة للإیصال و ترتّب ذیها علیها، لا بشرط الإیصال کما هو مقتضی کلام الفصول و لا لابشرط الإیصال کما هو مقتضی القول بوجوب المقدّمة مطلقاً.
(إنّ السید الصدر (قدس سره) قد استشکل هذا التصویر بوجهین).((1))
((2))
یکفی فی الإیراد علیه الأدلة الواردة لإثبات خصوص المقدّمة الموصلة و قد استقصینا بیانها و الدلیل السادس هو أحسن ما فی المقام و هو التقریب الثانی الذی أفاده المحقّق الإصفهانی (قدس سره) للمقدّمة الموصلة.
ص: 412
((1))
إنّ الواجب و إن کان هو خصوص المقدّمة فی حال الإیصال لمساعدة الوجدان علی ذلک بناءً علی ثبوت الملازمة إلّا أنّه مع ذلک لم یؤخذ الإیصال قیداً لاتصاف المقدّمة بالوجوب لا بنحو یکون قیداً للواجب و لا بنحو یکون قیداً للوجوب فلو کان قیداً للواجب یلزم الدور و التسلسل و لو کان قیداً للوجوب یلزم التفکیک بین وجوب المقدّمة و وجوب ذیها فی الإطلاق و الاشتراط و هو مستحیل علی ضوء القول بالملازمة بینهما.
و إذا استحال التقیید فتستلزم ذلک استحالة الإطلاق أیضاً لأنّ تقابلهما تقابل الملکة و العدم ثبوتاً و إثباتاً فلابدّ من الالتزام بشقّ ثالث و هو وجوب المقدّمة فی حال الإیصال أو قل کما قال المحقّق صاحب الهدایة (قدس سره):((2)) إنّ المقدّمة إنّما وجبت من حیث الإیصال لا مقیدة بکونها موصلة
ثم قال المحقق النائینی (قدس سره):((3)) و علی ما ذکر فلا مناص من الإهمال و أن یکون الواجب الغیری کوجوبه غیر مقید بالإیصال و لا مطلقاً من هذه الجهة.
یکفی فی بیان إبطاله ما مضی من عدم استحالة تقیید الواجب حیث رفعنا
ص: 413
إشکال الدور و التسلسل فلانحتاج إلی ما أفاده المحقّق الخوئی (قدس سره) فی الإیراد علیه و إن شئت فراجع.((1))
ص: 414
اعلم أنّ أهمّ الأقوال هنا أربعة، نذکرها مع أدلّتها:
القول الأوّل: وجوب المقدّمة شرعاً مطلقاً((1)) (مختار الشیخ و صاحب الکفایة و المحقّق النائینی (قدس سره).
ص: 415
القول الثانی: عدم وجوب المقدّمة شرعاً مطلقاً((1)) (مختار المحقّق الإصفهانی و المحقّق الخوئی (قدس سرهما) و منتقی الأصول).
ص: 416
القول الثالث: التفصیل بین المقدّمة السببیة فهی واجبة شرعاً و بین غیرها فهی لیست بواجبة (علم الهدی و صاحب المعالم (قدس سرهما)((1)).
ص: 417
القول الرابع: التفصیل بین المقدّمة الشرعیة فهی واجبة شرعاً و بین غیرها
ص: 418
فهی لیست بواجبة (العضدی و الحاجبی)((1)).
ص: 419
((1)):
((2))
إنّ الوجدان أصدق شاهد علی أنّ الإنسان إذا أراد شیئاً له مقدّمات، أراد تلک المقدّمات لو التفت إلیها بحیث ربّما یجعلها فی قالب الطلب مثل ذی المقدّمة و یقول مولویاً: ادخل السوق و اشتر اللحم. (هذا ما فی الکفایة).
و أوضحه المحقّق النائینی (قدس سره) بأنّه لا فرق بین الإرادة التکوینیة و التشریعیة فی جمیع لوازمهما غیر أنّ التکوینیة تتعلّق بفعل نفس المرید و التشریعیة تتعلّق بفعل غیره، و من الضروری أنّ تعلّق الإرادة التکوینیة بشیء یستلزم تعلّقها بجمیع مقدّماته قهراً.((3))
ص: 420
ثمّ إنّ هذا الوجوب وجوب قهری لا وجوب استقلالی، فلو کان الوجوب استقلالیاً (کما هو مختار المحقّق القمی (قدس سره)((1)) لکان إنکاره للزوم اللغویة فی محلّه و لکنّه وجوب قهری ترشحی و إن لم یترتّب علی وجوده ثمرة أصلاً.
((2))
إنّ العقل یذعن بأنّ ذا المقدّمة (المفروض استحقاق العقاب علی ترکه لجعل الداعی نحوه) لایوجد إلّا بإیجاد مقدّمته، فلامحالة ینقدح الإرادة فی نفس المنقاد بالبعث النفسی و لا حاجة إلی جعل داع آخر إلی المقدّمة بنفسها (عدم الحاجة
ص: 421
أعم من کونه لغواً لأنّه یمکن تصویره فی صورة التأکید) و لیس جعل الداعی کالشوق بحیث ینقدح فی النفس قهراً بعد حصول مبادیه، فنلتزم بإرادة المقدّمة دون جعل الداعی نحوها.
((1))
إن أرید من الإرادة الشوق المؤکد الذی هو من الصفات النفسانیة الخارجة عن اختیار الإنسان و قدرته غالباً ففیه:
أوّلاً: أنّ اشتیاق النفس إلی شیء البالغ حدّ الإرادة إنّما یستلزم الاشتیاق إلی خصوص مقدّماته الموصلة لو التفت إلیها لا مطلقاً.
ثانیاً: أنّ الإرادة بهذا المعنی لیست من مقولة الحکم، ضرورة أنّ الحکم فعل اختیاری للشارع و صادر منه باختیاره و إرادته.
و إن أُرید منها الاختیار و إعمال القدرة نحو الفعل فهی بهذا المعنی و إن کانت من مقولة الأفعال، إلّا أنّ الإرادة التشریعیة بهذا المعنی باطلة، و ذلک لما تقدّم بشکل موسّع من استحالة تعلّق الإرادة بهذا المعنی (أی إعمال القدرة) بفعل الغیر.
و إن أُرید منها الملازمة بین اعتبار شیء علی ذمّة المکلّف و بین اعتبار مقدّماته علی ذمّته ففیه:
أوّلاً: أنّ الوجدان أصدق شاهد علی عدمها لأنّ المولی قد لایکون ملتفتاً إلی توقفه علی مقدّماته کی یعتبرها علی ذمّته.
ص: 422
ثانیاً: أنّه لا مقتضی لذلک بعد استقلال العقل بلابدّیة الإتیان بها حیث إنّه مع هذا لغو صرف.
((1))
إنّ تمامیة هذا الاستدلال متوقفة علی المبانی المذکورة فی حقیقة الحکم.
فإن قلنا: إنّ حقیقة الحکم هو الإنشاء بداعی جعل الداعی أو قلنا بأنّه اعتبار لابدیة شیء أو حرمانه علی ذمة المکلّف فیکون الحکم فعلاً اختیاریاً و أجنبیاً عن الإرادة و أمّا إن قلنا بأنّ الحکم هو الإرادة المبرزة و الکراهة المبرزة کما هو مختار المحقّق العراقی (قدس سره) فیتمّ الاستدلال المذکور.
((2))
وجود الأوامر الغیریة فی الشرعیات والعرفیات یدل علی هذا القول لوضوح أنّه لایتعلّق الأمر الغیری بالمقدّمة إلّا إذا کان فیها مناط الأمر الغیری و ملاکه مثل «ادخل السوق و اشتر اللحم» فی العرفیات و مثل (إِذا قُمْتُمْ إِلَی الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَکُمْ وَ أَیدِیکُمْ إِلَی الْمَرافِقِ)((3)) ثم إنّه لا خصوصیة لهذه الموارد فلابدّ أن یتعدّی منها إلی جمیع المقدّمات و نتیجة ذلک وجود ملاک الأمر الغیری فی مطلق المقدّمة فإذن ثبت وجوب مطلق المقدّمة.((4))
ص: 423
((1))
هذا الوجه مبنی علی ظهورها فی الإنشاء بداعی البعث الجدّی فی نفسها.
و أمّا بناءً علی ظهور الأوامر المتعلّقة بالأجزاء و الشرائط فی الإرشاد إلی شرطیتها و جزئیتها -کظهور النواهی فی الموانع و القواطع فی الإرشاد إلی مانعیتها و قاطعیتها، نظیر ظهور النواهی فی باب المعاملات فی الإرشاد إلی الفساد- فلایتمّ المطلوب.
و یؤید هذا الاحتمال نفس الأوامر المتعلّقة بالأجزاء، مع أنّه لا وجوب مقدّمی فیها.
لو لم یجب المقدّمة لجاز ترکها و هذا یستلزم أحد المحذورین لأنّه إن بقی
ص: 424
الواجب علی وجوبه فیلزم وجوب إتیان ذی المقدّمة بدون مقدّمته و هو تکلیف بما لایطاق و إن لم یبق وجوب ذی المقدّمة بحاله بل صار مشروطاً بحصول مقدّمته فینقلب الواجب المطلق إلی الواجب المشروط.((1))
((2))
أوّلاً: یکفی فی القدرة علی ذی المقدّمة القدرة علی مقدّمته، فلاتتوقّف علی الإتیان بها خارجاً و لا علی وجوبها شرعاً.
ثانیاً: إنّ الشارع و إن لم یوجب المقدّمة إلّا أنّ العقل یستقل بلزوم إتیانها بحیث لو لم یأت بها و أدّی ذلک إلی ترک ذی المقدّمة لکان عاصیاً بنظر العقل.
((3))
إنّ المقدّمة واجبة بحکم العقل بلا خلاف بینهم، لأنّ العقل یحکم بلزوم إتیان مقدّمة الواجب و إنّما الکلام فی وجوب المقدّمة شرعاً، و یکفی لإثبات ذلک قاعدة الملازمة بین حکم العقل و حکم الشرع حیث قالوا: «کلّ ما حکم به العقل حکم به الشرع» فوجوب المقدّمة عقلاً صغری لقاعدة الملازمة.
إنّ الحکم العقلی إمّا من أحکام العقل النظری و إمّا من أحکام العقل العملی.
أمّا العقل النظری فإذا أدرک ملاک الحکم الشرعی بجمیع خصوصیاته من
ص: 425
المقتضی و الشرط و عدم المانع یکشف عن الحکم الشرعی و لکن هذا مجرّد فرض لا وقوع له لعدم إحاطة العقل بملاکات الأحکام.
أمّا العقل العملی فإذا أدرک حسن شیء أو قبحه قال بعضهم بأنّ الشارع أیضاً یحکم بذلک لأنّه رئیس العقلاء و فی قبال ذلک قال بعضهم بأنّ جعل الحکم الشرعی لیس هو إلّا لإیجاد الداعویة و مع وجود الداعی العقلی لمکان الحکم العقلی یکون إیجاد الداعی الشرعی لغواً.
و الحقّ هو قول ثالث و هو أنّ الداعی العقلی یکفی لتحریک العبد إلی إتیان متعلّق الحکم و لا وجه للزوم إیجاد الداعی الشرعی و بهذا یبطل الملازمة المدّعاة إلّا أنّ إیجاد الداعی الشرعی لیس لغواً بل قد یکون للتأکید.
((1))
قد استدلّ علیه بأنّ جعل الوجوب فاقد للملاک فیستحیل جعله، لأنّ ملاکه إمّا تحریک العبد و إمّا إسناد عمله إلی الأمر الشرعی حتّی یکون عمله مقرباً إلیه تعالی.
أمّا الملاک الأوّل فمفقود لکفایة حکم العقل بلزوم العمل فلایبقی ملاک ملزم لجعل الوجوب شرعاً.
أمّا الملاک الثانی فمفقود أیضاً لأنّ المقرّبیة یمکن تحصیلها بقصد التوصّل إلی ذی المقدّمة.((2))
ص: 426
قد استدلّ علی وجوب السبب بأنّ التکلیف لایتعلّق إلّا بالمقدور و السبب هنا مقدور دون المسبب، و إنّما المسبّب من الآثار المترتّبة علی السبب قهراً فلایکون المسبب من أفعال المکلّف، فلابدّ أن یتعلّق الأمر بالسبب.((1))
((2))
أوّلاً: لازم ذلک هو أن یتعلّق الأمر النفسی بالسبب دون المسبب
ص: 427
ثانیاً: إنّ المسبب مقدور للمکلّف بواسطة سببه، و لایعتبر فی التکلیف أزید من القدرة، کانت بلا واسطة أم معها.
قد استدلّ علی وجوب الشرط الشرعی بأنّه لولا وجوبه شرعاً لما کان شرطاً، حیث إنّه لیس مما لابدّ منه عقلاً أو عادة.((1))
((2))
إنّ الشرط الشرعی یرجع إلی الشرط العقلی أیضاً، لانتفاء المشروط بانتفاء الشرط سواء کان شرطاً عقلیاً أم شرعیاً؛ فالضابط فی الشرط العقلی موجود فی الشرط الشرعی أیضاً.
((3))
إنّ الشرط الشرعی هو ما لم یکن واضحاً عند العقل فلایدرک شرطیتها إلّا بعد الوجوب الشرعی المجعول له.
إنّه لایتعلّق الأمر الغیری إلّا بما هو مقدّمة الواجب فلو کان مقدّمیته و
ص: 428
شرطیته متوقفة علی تعلّق الأمر الغیری لزم الدور.
((1))
إنّ الموقوف غیر الموقوف علیه، لأنّ شرطیة الشرط الشرعی للواجب موقوف علی وجوبه الغیری و لکن وجوبه الغیری متوقف علی شرطیة الشرط الشرعی للغرض (أی دخله فی تحقّق الغرض).
إنّ الشرطیة فی الشرط الشرعی غیر متوقّفة علی وجوبه الغیری بل شرطیته ینتزع عن التکلیف النفسی المتعلّق بالواجب النفسی المقید بالشرط (مثل صلّ مع الطهارة کما ورد «لَا صَلَاةَ إِلَّا بِطَهُور»((2))).
هذا تمام الکلام فی مقتضی الأدلة اللفظیة و العقلیة.
ص: 429
ص: 430
ففیه نظریتان:
((1))
إنّه لا مجال لجریان الأصل فی المسألة الأُصولیة، لأنّ الملازمة بین وجوب المقدّمة و وجوب ذی المقدّمة أو عدم الملازمة المذکورة لیست لها حالة سابقة، بل تکون الملازمة أو عدمها أزلیةً.
و أوضحه بعض الأساطین بأنّ تلک الملازمة من قبیل لوازم الماهیة مثل الزوجیة بالنسبة إلی الأربعة فإنّ الأربعة لاتنفک عن الزوجیة، فإنّها ملازمة موجودة عند العقل و لا حالة سابقة لها.((2))
ص: 431
((1))
أوّلاً: ما أفاده صاحب الکفایة (قدس سره) مبنی علی أن تکون الملازمة المذکورة من لوازم الماهیة و لکن إن قلنا بأنّ الملازمة بین وجوب ذی المقدّمة و وجوب مقدّمته من قبیل لوازم الوجود فلایتمّ ما أفاده لأنّ وجود وجوب ذی المقدّمة و کذا وجود وجوب مقدّمته مسبوقان بالعدم فلهما حالة سابقة، فالملازمة بینهما أیضاً تکون مسبوقة بالعدم و لها حالة سابقة، فالملازمة بین وجود الماهیتین لا بین نفس الماهیتین.
ثانیاً: لایعقل أن تکون للماهیة لوازم لأنّ الماهیات متباینات بالذات مع أنّه لیس للماهیة بقطع النظر عن الوجود استلزام، لأنّ الملازمة من الأُمور الوجودیة فلازم الماهیة یرجع إلی لازم أحد الوجودین الذهنی و الخارجی.
((2))
إنّه لا مجال لجریان الاستصحاب لا لما أفاده صاحب الکفایة (قدس سره) من عدم وجود الحالة السابقة له، بل من جهة أنّ المستصحب لابدّ أن یکون إمّا حکماً شرعیاً أو موضوعاً للحکم الشرعی، و الملازمة هنا لیست بحکم شرعی بل هی لیست موضوعاً للحکم الشرعی لأنّه لایترتّب علیها حکم شرعی.
نعم اللازم العقلی للمستصحب هو وجود وجوب المقدّمة فالاستصحاب یجری عند من یقول بحجیة الأصل المثبت.
ص: 432
نظریة صاحب الکفایة (قدس سره):((1)) استصحاب عدم الوجوب أو أصالة البراءة
إنّ نفس وجوب المقدّمة یکون مسبوقاً بالعدم، لأنّه یکون حادثاً بحدوث وجوب ذی المقدّمة، فالأصل عدم وجوبها.
و معنی هذا الأصل استصحاب عدم الوجوب أو أصالة البرأءة عن الوجوب.
أما الاستصحاب ففیه إیرادان:
بیان هذا التوهّم هو أنّ وجوب المقدّمة علی القول بثبوت الملازمة من قبیل لوازم الماهیة فلذا لایقبل الجعل البسیط و لا التألیفی و لا أثر آخر مجعول یترتّب علی وجوب المقدّمة و لو کان أثر آخر فلم یکن أثراً مهمّاً، فلذا لایجری الاستصحاب.
((2))
إنّ وجوب المقدّمة لیس قابلاً للجعل البسیط و لا التألیفی کما أفاده المتوهم و لکنه قابل للجعل بالعرض و هذا کاف فی جریان الاستصحاب.
ص: 433
((1))
إنّ هناک إرادة متعلّقة بذی المقدّمة و بتعبها إرادة أُخری متعلّقة بالمقدّمة و یتعلّق بکل منهما جعل بسیط فلیست المقدّمة مجعولة بجعل عرضی بل هو مجعول بجعل تبعی بسیط (و لایخفی أنّ الجعل التبعی غیر الجعل العرضی).
((2))
إنّ الاستصحاب لایجری فی المقام و إن کان أرکانه تامّة إلّا أنّه لا أثر لهذا الاستصحاب بعد استقلال العقل بلزوم الإتیان بالمقدّمة و لایجری مع عدم ترتّب الأثر علیه.
الحقّ عدم ورود هذا الإیراد کما أفاده المحقّق الإصفهانی (قدس سره) ((3)) قال فی الهامش: إنّ الوجوب التعبّدی و عدمه کالوجوب الواقعی و عدمه، فإذا کان إیجاب المقدّمة واقعاً معقولاً، کان التعبّد به أو بعدمه أیضاً معقولاً، فلا وجه لمطالبة الأثر الشرعی المترتّب علی مجری الأصل بعد کونه بنفسه أثراً مجعولاً شرعاً.
إنّ البراءة لاتجری بقسمیه:
ص: 434
أمّا العقلیة فلأنّها واردة لنفی العقاب مع أنّ المفروض عدم العقاب علی ترک المقدّمة و إن قلنا بوجوبها بل العقاب علی ترک ذی المقدّمة.
أمّا الشرعیة فلأنّها وردت مورد الامتنان فیختصّ موردها بما إذا کانت فیه کلفة علی المکلّف حتی یکون رفع الکلفة امتناناً و لکن لا کلفة فی وجوب المقدّمة لأنّه لا عقاب علی ترکها مع أنّ العقل یستقل بإتیانها سواء کانت واجبة أم لا، فلا منّة فی ارتفاعها.
إنّ المحقّق الخوئی (قدس سره) یقول بجریان البراءة فیما کانت المقدّمة محرّمة و قد توقف علیها واجب أهمّ((1)) کما أنّ بعض الأساطین (حفظه الله) أیضاً قال:
قد یترتّب الثمرة علی وجوب المقدّمة مثل ما إذا قلنا بعدم جواز أخذ الأُجرة علی الواجب الشرعی فإن جرت أصالة البراءة الشرعیة عن وجوب المقدّمة سقطت المقدّمة عن وجوبه و حینئذ أثر جریان البراءة هو جواز أخذ الأُجرة علی إتیان المقدّمة.((2))
فتحصّل من ذلک تمامیة مقتضی جریان استصحاب عدم الوجوب و هکذا تمامیة جریان أصالة البراءة الشرعیة.
ص: 435
ص: 436
قد ذکر ستّ ثمرات:
((1))
قال صاحب الکفایة (قدس سره): إنّ ثمرة البحث فی المسألة الأُصولیة لیست إلّا أن تکون نتیجتها صالحة للوقوع فی طریق الاجتهاد و استنباط حکم فرعی فإن قلنا بثبوت الملازمة فبضمیمة صغری مقدّمیة شیء للواجب النفسی ینتج وجوب هذه المقدّمة.
((2))
إنّ هذه النتیجة لاتصلح أن تکون ثمرة فقهیة للمسألة الأُصولیة و ذلک لعدم ترتّب أثر عملی علیها بعد حکم العقل بلابدّیة إتیان المقدّمة و من هنا نقول: حکم الشارع بوجوب المقدّمة لغو محض.
ص: 437
((1))
إنّ جواز الفتوی بالوجوب الشرعی هو الثمرة العملیة الفقهیة و هذا یکفی فی ترتّب الثمرة علی هذه المسألة.
(مضافاً إلی أنّ ذلک لیس لغواً بل قد یکون مؤکّداً لبعض المکلّفین علی إتیان المقدّمة).
إذا کانت المقدّمة عبادة فعلی القول بوجوبها أمکن الإتیان بها بقصد التقرّب و أمّا علی القول بعدم وجوبها فلایمکن.((2))
((3))
إنّ عبادیة المقدّمة لاتتوقّف علی وجوبها بل منشأ العبادیة أحد الأمرین:
الأمر الأوّل: الإتیان بها بقصد التوصل إلی الواجب النفسی و امتثال أمره.
الأمر الثانی: الإتیان بها بداعی الأمر النفسی الاستحبابی المتعلّق بها کما فی الطهارات الثلاث فالوجوب الغیری لایکون منشأ لعبادیتها.
ص: 438
((1))
إنّ البرء و عدمه إنّما یتبعان قصد الناذر، فلا برء بإتیان المقدّمة لو قصد الوجوب النفسی، کما أنّه عند إطلاق الواجب ینصرف إلی الواجب النفسی.
و ربّما یحصل البرء بإتیان المقدّمة لو قصد ما یعمّ المقدّمة و لو قلنا بعدم الملازمة (و فسّره المحقّق الخوئی (قدس سره) بأنّ النذر تعلّق بمطلق ما یلزم الإتیان به و لو عقلاً).((2))
((3))
إن کان قصده الإتیان بالواجب الشرعی من دون نظر إلی کونه نفسیاً أو غیریاً، و لو من ناحیة عدم الالتفات إلی ذلک و لم یکن فی البین ما یوجب الانصراف إلی الأوّل کفی الإتیان بالمقدّمة علی القول بوجوبها دون القول بعدم وجوبها.
الإیراد الثانی:((4))
إنّ مثل هذه الثمرة لاتوجب کون البحث عن وجوب المقدّمة بحثاً أُصولیاً، لأنّ المسألة الأُصولیة هی ما تقع فی طریق استنباط الحکم الکلی الإلهی بعد ضمّ
ص: 440
صغراها إلیها و انطباق حکم النذر علی متعلّقه بناء علی شموله لإتیان المقدّمة لیس استنباطاً.
((1))
إنّ هذه الثمرة لو تمّت فإنّما تتمّ علی القول بوجوب مطلق المقدّمة، أمّا بناء علی وجوب خصوص المقدّمة الموصلة فلاتظهر إلّا إذا أتی بذی المقدّمة أیضاً و إلّا لم یأت بالواجب الغیری و عند إتیان ذی المقدّمة لاتظهر الثمرة.
علی القول بوجوب المقدّمة لایجوز أخذ الأُجرة علیها، لأنّه من أخذ الأُجرة علی الواجبات.((2))
إنّا قد حققنا فی محلّه أنّ الوجوب بما هو وجوب لایکون مانعاً من أخذ
ص: 441
الأجرة علی الواجب، سواء کان الوجوب عینیاً أم کان کفائیاً، توصلیا کان أم عبادیاً إلّا إذا قام دلیل علی لزوم الإتیان به مجّاناً کتغسیل المیت و دفنه، و لا دلیل علی لزوم إتیان المقدّمة مجّاناً فلا مانع من أخذ الأُجرة علیها و إن قلنا بوجوبها.((1))
((2))
یکفی ترتّب الثمرة علی بعض الأقوال، و الثمرة مترتّبة علی القول بأنّ کل واجب هو لله و ما کان لله فلاتؤخذ الأُجرة علیه.
(لایخفی انصراف هذا الدلیل إلی الواجبات النفسیة).
((3))
لو تنزّلنا عن ذلک فلابدّ من التفصیل بین المقدّمات العبادیة، کالطهارات الثلاث و بین غیرها من المقدّمات، فإنّ المانع عن أخذ الأُجرة علیها إنّما هو عبادیتها سواء کانت واجبة أم لم تکن، فلا دخل لوجوبها بما هو وجوب فی ذلک.
بل ربما یکون الشیء غیر واجب و مع ذلک لایجوز أخذ الأُجرة علیه کالأذان فلا ملازمة بین وجوب الشیء و عدم جواز أخذ الأُجرة علیه.((4))
ص: 442
ما أجاب به بعض الأساطین (حفظه الله) یتوجّه أیضاً علی الإیراد الثانی.
إنّه علی القول بوجوب المقدّمة یلزم حصول الفسق لتارک الواجب النفسی
ص: 443
مع مقدّماته الکثیرة.((1))
((2))
أوّلاً: لابدّ من فرض الکلام فیما إذا کان ترک الواجب النفسی من الصغائر و إلّا فإن کان من الکبائر لکان ترکه بنفسه موجباً لحصول الفسق.
ثانیاً: إنّ هذه الثمرة مبتنیة علی التفصیل بین المعاصی الکبیرة بحصول الفسق فیها و المعاصی الصغیرة بعدم حصول الفسق فیها إلّا فی فرض الإصرار و لکن هذا مما لا أساس له، لأنّ الفسق عبارة عن خروج الشخص عن جادّة الشرع یمیناً و شمالاً و یقابله العدل، فإنّه عبارة عن الاستقامة فی الجادّة و عدم الخروج
ص: 444
عنها و من البدیهی أنّ المعصیة الصغیرة کالکبیرة توجب الفسق و الخروج عن الجادّة.
ثالثاً: إنّ هذه الثمرة مبتنیة علی أن یکون الإصرار عبارة عن ارتکاب معاص عدیدة و لو فی زمن واحد و دفعةً واحدة.
ولکن للمناقشة فی هذا الأمر مجال واسع، لأنّ الإصرار علی المعصیة عبارة عرفاً عن ارتکابها مرّة بعد أُخری، أمّا ارتکاب معاصی عدیدة مرّة واحدة فلایصدق علیه الإصرار.
رابعاً: لامجال لهذا الإشکال لما قد عرفت من أنّه لا معصیة فی ترک المقدّمة بما هی مقدّمة و إن قلنا بوجوبها، حتی یحصل الإصرار علی المعصیة، ضرورة أنّ المدار فی حصول المعصیة و هتک المولی إنّما هو بمخالفة الأمر النفسی فلا أثر لمخالفة الأمر الغیری بما هو أمر غیری.
خامساً: إنّه -علی ما ذکرنا فی الإیراد علی الثمرة الثالثة- لاتصلح هذه الثمرة علی تقدیر تسلیمها أن تکون ثمرة للمسألة الأُصولیة.
((1))
أوّلاً: إنّ عنوان المعصیة یتحقّق بترک الواجب سواء کان نفسیاً أم غیریاً.
ثانیاً: یکفی ترتّب الثمرة علی بعض الأقوال (کما قلنا بذلک فی الثمرة الرابعة).
إذا قلنا بثبوت الملازمة و کانت المقدّمة محرّمة فیجتمع الوجوب و الحرمة،
ص: 445
فیبتنی علی مسألة جواز اجتماع الأمر و النهی و عدمه، بخلاف ما إذا قلنا بعدم الملازمة.((1))
((2))
إنّه لایکون من باب الاجتماع، کی یکون مبتنیا علیه، لما أشرنا إلیه غیر مرّة من أنّ الواجب ما هو بالحمل الشائع مقدّمة، لا بعنوان المقدّمة فلیس هنا عنوانان حتی یکون من باب الاجتماع بل هنا عنوان واحد تعلّق به کل من الأمر و النهی فتکون مسألتنا بناء علی الملازمة من باب النهی فی العبادة و المعاملة.
ص: 446
((1))
إنّ عنوان المقدّمة و إن کان عنواناً تعلیلیاً و خارجاً عن متعلّق الأمر، إلّا أنّ المأمور به هو الطبیعی الجامع بین هذا الفرد المحرم و غیره و علیه یکون متعلّق الأمر غیر متعلّق النهی، فإنّ متعلّق الأمر مثلاً طبیعی الوضوء أو الغسل و متعلّق النهی حصّة خاصّة من هذا الطبیعی بعنوان الغصب و بما أنّ متعلّق الأمر و النهی ینطبقان علی هذه الحصّة فهی مجمع لهما و تکون من موارد الاجتماع.
((2))
لایتفاوت الحال فی جواز التوصّل بالمقدّمة و عدم جواز التوصّل بین أن یقال بالوجوب و أن یقال بعدمه.
بیان ذلک هو أنّ الغرض من المقدّمة هو التوصّل بها إلی الواجب النفسی.
و المقدّمة إمّا واجب توصّلی و إمّا واجب تعبّدی.
فإن کانت المقدّمة توصّلیة فإنّه یمکن التوصّل بها إلی الواجب النفسی و إن کانت محرّمة، سواء قلنا بوجوب المقدّمة أم لم نقل.
و إن کانت المقدّمة تعبّدیة، فعلی القول بجواز الاجتماع صحّت العبادة فی مورد الاجتماع سواء قلنا بوجوب المقدّمة أم لم نقل.
و علی القول بامتناع الاجتماع و تقدیم جانب النهی لاتصّح العبادة سواء قلنا بوجوب المقدّمة أم لم نقل.
ص: 447
فإذن لا ثمرة للقول بالوجوب من هذه الناحیة.
((1))
إن کانت المقدّمة تعبّدیة و قلنا بجواز الاجتماع فإنّه یعتبر فی المقدّمة قصد القربة، و حینئذ إذا فرضنا کون المقدّمة محرّمة فیمتنع قصد التقرّب بها إلّا علی القول بوجوب المقدّمة، فالثمرة تترتّب فی هذه الصورة.
هنا ثمرات أخر مذکورة، لا نطیل الکلام بذکرها.((2))
ص: 448
ص: 449
ص: 450
إن قلنا بثبوت الملازمة فلابدّ أن تکون مقدّمة المستحب مستحبّة لعدم الفرق بین الطلب الإلزامی و غیر الإلزامی عند العقل الحاکم بالملازمة.
ففیهما نظریتان:
((1))
إنّ مقدّمة الحرام أو المکروه علی قسمین:
القسم الاوّل: مایتمکّن معه من ترک الحرام أو المکروه اختیاراً و هذه المقدّمة لیست علّة تامّة لذی المقدّمة الحرام و لا جزء أخیراً للعلّة التامّة، و فی هذا القسم
ص: 451
لیست المقدّمة حراماً أو مکروهاً، لأنّه لا یترتّب ذو المقدّمة المحرّم أو المکروه علی هذه المقدّمة بل یترتّب علی سوء اختیاره.
القسم الثانی: ما لایتمکّن معه من ترک الحرام أو المکروه بل کانت مقدّمة سببیة فهی العلّة التامّة أو الجزء الأخیر منها لإتیان ذی المقدّمة و حینئذ کانت المقدّمة حراماً أو مکروهاً لترتّب ذی المقدّمة المحرّم أو المکروه علی هذه المقدّمة.
((1))
تنقسم مقدّمة الحرام إلی ثلاثة أقسام:
القسم الأوّل: ما لایتوسط بین المقدّمة و ذی المقدّمة اختیار الفاعل فهذه المقدّمة سببیة و علّة تامّة أو الجزء الأخیر منها فهی محرّمة نفسیة و الوجه فی ذلک هو أنّ النهی الوارد علی ذی المقدّمة وارد علی سببه حقیقةً.
القسم الثانی: ما یتوسط بین المقدّمة و ذی المقدّمة اختیار الفاعل و لکن المکلّف یقصد بإتیان المقدّمة التوصل إلی الحرام.
و هنا حکم بالحرمة و لکنه تردّد فی حرمته بین النفسیة و الغیریة من جهة التردد فی أنّ منشأ الحرمة حرمة التجری أو أنّ حرمتها تترشح من ذی المقدّمة.
القسم الثالث: ما یتوسط بین المقدّمة و ذی المقدّمة اختیار الفاعل و لکن المکلّف لم یأت بها بداعی التوصل إلی الحرام بل لدیه صارف عن الحرام و هنا حکم بعدم الحرمة إذ الموجب لحرمة المقدّمة أحد الأمرین کلاهما مفقودان فی المقام: الأمر الأوّل هو أن تکون علّة تامّة للحرام أو جزء أخیراً منها و الأمر
ص: 452
الثانی أن یکون الإتیان بها بقصد التوصل إلی الحرام.
((1))
إنّ ذی المقدّمة مقدور للمکلّف لأنّ المقدور بالواسطة مقدور فلا وجه لما أفاده من أنّ النهی المتعلّق بذی المقدّمة هو وارد علی المقدّمة حقیقةً.
فلا مقتضی لحرمة المقدّمة حینئذ مضافاً إلی أنّا لانقول بوجوب مقدّمة الواجب و هکذا هنا.
أمّا الحرمة النفسیة للتجری فقد حققنا فی محلّه أنّ التجری لایکون حراماً و إن استحق المتجری العقاب.
نعم یظهر من بعض الروایات أنّ هذه الحرمة من ناحیة نیة الحرام و قد تعرضنا لهذه الروایات و لما دلّ علی خلافها بشکل موسع فی مبحث التجری و لکن هنا لم یصدق التجری لأنّ التجری هو الإقدام علی شیء بتخیل حرمته و لکنّه ینکشف بعداً عدم حرمته فهذا هو التجری الذی بحثوا عن حرمته.
أمّا التجری بمعنی قصد إتیان الحرام من دون إقدام علیه فهذا لیس من التجری الذی بحثوا عن حرمته.
أمّا الحرمة الغیریة فمنتفیة أیضاً و لو قلنا بوجوب مقدّمة الواجب، لأنّ
ص: 453
المکلّف بعد إتیان المقدّمة قادر علی ترک ذی المقدّمة المحرّم بخلاف مقدّمة الواجب فإنّ المکلّف لایقدر علی الواجب عند ترک مقدّمته.
الأمر کما أفاده لأنّه لا موجب لاتّصاف المقدّمة بالحرمة لعدم الملاک له، فإنّ ملاکه إنّما هو أن تکون المقدّمة علّة تامّة أو الجزء الأخیر منها و المفروض فی هذه الصورة أنّ ترک الحرام لایتوقف علی ترک هذه المقدّمة.
فمقدّمة الحرام لیست بمحرمة إلّا فی صورة واحدة (القسم الأوّل) بناء علی وجوب مقدّمة الواجب، و بما أنّه لم تثبت الملازمة بحکم العقل لا حرمة أصلاً و من هنا یظهر حال مقدّمة المکروه.
هذا تمام البحث فی مقدّمة الواجب و الحمد لله رب العالمین.
ص: 454
فهرس العناوین تفصیلا
فهرس الآیات
فهرس الروایات
فهرس الأعلام
ص: 455
ص: 456
المباحث العقلیة
البحث الأوّل: الإجزاء
(فیه مقدّمات أربع و ثلاثة فصول)
مقدمات
المقدّمة الأُولی: موضوع البحث(و فیها قولان:) .......................................................... 19
القول الأوّل: الأمر (و هو مختار القدماء) ..................................................................... 19
القول الثانی: الإتیان بالمأمور به (و هو مختار صاحب الکفایة (قدس سره)....................................
20
توجیه المحقق الإصفهانی (قدس سره) لهذا القول.......................................................................
20
المقدّمة الثانیة: (و فیها مطالب ثلاثة): ....................................................................... 22
المطلب الأوّل: ما المراد من «الوجه» فی عنوان البحث؟(هنا أقوال ثلاثة): .................... 22
القول الأوّل: مختار صاحب الکفایة و المحقق العراقی (قدس سره) و بعض الأساطین................ 22
القول الثانی: مختار السید المجاهد و المحقق الخوئی (قدس سره) .............................................. 23
إیرادان من صاحب الکفایة (قدس سره): ............................................................................ 23
الإیراد الأوّل ...................................................................................................... 23
الإیراد الثانی ...................................................................................................... 23
جوابان عن الإیراد الثانی: ............................................................................ 24
الجواب الأوّل أفاده المحقق الخوئی (قدس سره) ........................................................... 24
الجواب الثانی أفاده المحقق البروجردی (قدس سره) ..................................................... 24
ص: 457
مناقشة بعض الأساطین فی جواب المحققینِ ............................................... 25
القول الثالث: المراد هو الوجه المعتبر فی العبادات ................................................... 25
إیرادات ثلاثة من صاحب الکفایة (قدس سره) ................................................................... 26
المطلب الثانی: ما المراد من «الاقتضاء» فی عنوان البحث؟ فیه قولان: ........................... 27
القول الأوّل: الکشف و الدلالة بناءً علی مسلک القدماء فی موضوع البحث ............. 27
القول الثانی: العلیة و التأثیر بناءً علی کون موضوع البحث الإتیان أفاده صاحب الکفایة و المحقق الإصفهانی و المحقق الخوئی (قدس سره) 28
الإشکال الذی نقله فی الکفایة و بنی علیه بعض الأساطین نظریته..................... 29
جواب صاحب الکفایة و المحقق الإصفهانی و المحقق الخوئی (قدس سره) عن الإشکال ....... 30
بیان المحقق الإصفهانی (قدس سره) .................................................................................... 30
المطلب الثالث: ما المراد من «الإجزاء» فی عنوان البحث؟ (المراد معناه اللغوی) .......... 32
المقدمة الثالثة: هل الإجزاء من المسائل العقلیة أو اللفظیة؟ (فیها نظریتان) ......... 34
النظریة الأُولی: إنّها عقلیة (ذهب إلیها المحقق الإصفهانی و المحقق الخوئی (قدس سره) ............. 34
بیان المحقق الإصفهانی (قدس سره) ........................................................................................... 34
النظریة الثانیة: القول بالتفصیل (أفاده بعض الأساطین) .............................................. 35
المقدمة الرابعة: (و فیها مطلبان) ................................................................................ 36
أما الفرق بین هذه المسألة و مسألة المرّة و التکرار ..................................................... 36
توهم اتّحاد المسألتین ............................................................................................. 36
جواب عن هذا التوهم ........................................................................................... 36
أما الفرق بین هذه المسألة و مسألة تبعیة القضاء للأداء ............................................. 36
توهم اتّحاد المسألتین ............................................................................................. 36
جوابان عن هذا التوهم ......................................................................................... 37
الفصل الأوّل: إنّ الإتیان بالمأمور به هل یقتضی الإجزاء عن أمره؟
(و فیه تنبیه)
بیان المحقق الخراسانی (قدس سره): الإجزاء لاستقلال العقل ....................................................... 41
تقریبان لهذا البیان .................................................................................................... 41
التقریب الأوّل: ما أفاده المحقق الإصفهانی (قدس سره) ........................................................ 41
التقریب الثانی: ما أفاده المحقق الحائری (قدس سره) .......................................................... 42
إشکال المحقق الإصفهانی (قدس سره) علی التقریب الثانی .............................................. 42
تنبیه فی جواز الامتثال بعد الامتثال (هنا نظریتان) ................................................... 44
ص: 458
النظریة الأُولی: ما أفاده صاحب الکفایة (قدس سره) (و هو أنّ هنا صوراً ثلاثاً لایجوز فی الأُولی و یجوز فی الأخیرتین) 44
استدلال صاحب الکفایة علیها بأخبار باب الصلاة المُعادة.................................. 46
بیان المحقق الإصفهانی: هذه الأخبار طائفتان ..................................................... 46
الطائفة الأُولی: ما ورد فی باب إعادة الصلاة مع المخالفین ........................... 46
جواب المحقق الإصفهانی عن الطائفة الأُولی .......................................... 48
جواب المحقق الخوئی .............................................................................. 48
الطائفة الثانیة: ما لایختص بالإعادة مع المخالف ......................................... 49
جواب المحقق الإصفهانی .......................................................................... 52
ما أفاده بعض الأساطین فی روایة أبی بصیر خاصة من حیث اشتماله علی سهل بن زیاد 53
ملاحظتنا علی ما أفاده بعض الأساطین....................................................
62
النظریة الثانیة: ما أفاده المحقق الإصفهانی و المحقق الخوئی و بعض الأساطین ... 63
بیان بعض الأساطین فی إبطال الامتثال بعد الامتثال و تبدیل الامتثال .............. 63
الفصل الثانی: هل الإتیان بالمأمور به بالأمر الاضطراری یجزی عن الأمر الواقعی؟
(فیه مقامان):
المقام الأوّل: مقام الثبوت ............................................................................................ 69
نظریة صاحب الکفایة: هنا أربع صور لایجزی فی الثالثة و یجزی فی باقی الصور . 69
مناقشات أربع فی هذه النظریة: .......................................................................... 74
1. إیراد المحقق الإصفهانی علی الصورة الثانیة .................................................... 74
ملاحظتنا علیه ................................................................................................ 74
2. مناقشة المحقق الخوئی فی الصورة الثالثة ........................................................ 75
جوابان من بعض الأساطین عن هذه المناقشة ............................................. 75
3. ملاحظة علیها فی الصورة الثانیة و الثالثة ....................................................... 77
4. تحقیق المحقق الإصفهانی فی الصورة الثالثة و الرابعة .................................... 79
المقام الثانی: مقام الإثبات (و فیه موضعان): .............................................................. 81
الموضع الأوّل: مقتضی أدلّة الأوامر الاضطراریة (و فیه تنبیهات ثلاثة): ................ 81
هنا نظریات: ......................................................................................................... 81
1.نظریة المحقق الخراسانی: الإجزاء لإطلاق الأدلّة .............................................. 81
ص: 459
2.نظریة بعض الأعلام: لانحتاج إلی إطلاق الأدلّة ................................................ 84
إیراد المحقق الإصفهانی علی هذه النظریة .................................................... 84
3.نظریة المحقق الإصفهانی: التفصیل بین الأدلّة ................................................. 85
4.نظریة المحقق الخوئی ....................................................................................... 86
5.نظریة المحقق النائینی و المحقق العراقی: الإجزاء و جواز البدار .................. 87
التنبیه الأول: صور المسألة فی مقام الإثبات و هی أربع أفادها المحقق الخوئی 91
التنبیه الثانی: إذا کان الاضطرار باختیار المکلف (ففیه مطلبان): ...................... 93
المطلب الأوّل: انصراف الأدلّة عن هذه الصورة أفاده المحقق الخوئی ............... 93
ملاحظتنا علیه ............................................................................................ 93
المطلب الثانی: استحقاق العقوبة فی هذه الصورة ............................................. 94
ملاحظتنا علیه ............................................................................................ 94
الموضع الثانی: مقتضی الأصل العملی (فیه ثلاثة أقوال) .......................................... 96
القول الأوّل: البراءة أفاده المحقق الخراسانی و النائینی و الإصفهانی و الخوئی و بعض الأساطین 96
القول الثانی: الاشتغال أفاده المحقق العراقی ...................................................... 96
القول الثالث: الاستصحاب أفاده المحقق الإیروانی .............................................. 97
أمّا القول الأوّل فقد استدلّ علیه بوجهین: ......................................................... 97
الوجه الأوّل: ما أفاده صاحب الکفایة ............................................................... 97
الوجه الثانی: ما أفاده المحقق الخوئی ................................................................ 97
و أمّا القول الثانی فقد قرّر بوجهین: أفادهما المحقق العراقی ........................... 97
الوجه الأوّل ...................................................................................................... 97
یلاحظ علیه ............................................................................................... 98
الوجه الثانی ...................................................................................................... 99
إشکالان علی الوجه الثانی: ........................................................................ 100
1.الإشکال الکبروی من المحقق الخوئی و بعض الأساطین ........................ 100
2.الإشکال الصغروی من بعض الأساطین ................................................. 101
و أمّا القول الثالث فقد استدلّ علیه المحقق الإیروانی ..................................... 101
إیراد بعض الأساطین علی هذا الاستدلال ...................................................... 102
الفصل الثالث: هل یجزی الإتیان بالمأمور به بالأمر الظاهری عن الأمر الواقعی؟
(و فیه مقدمة)
المقدمة فی ذکر الأقوال (و هی ستة): ..................................................... 107
ص: 460
1.الإجزاء مطلقاً ....................................................................................................... 108
2. عدم الإجزاء مطلقاً ............................................................................................. 108
3.التفصیل بین الأُصول و الأمارات أفاده المحقق الخراسانی ................................ 109
4.التفصیل بین القول بالسببیة و الطریقیة أفاده المحقق الخوئی ....................... 109
5.التفصیل بین أقسام السببیة ما عدا المصلحة السلوکیة و بین المصلحة السلوکیة و الطریقیة 109
6.التفصیل بین انکشاف الخلاف بالعلم التعبدی و العلم الوجدانی .................... 109
الأمر الظاهری قد یجری لإثبات أصل التکلیف و قد یجری لتنقیح موضوع التکلیف 110
أمّا الأوّل ففیه نظریتان: ..................................................................................... 110
النظریة الأُولی: ما أفاده المحقق الخراسانی ...................................................... 110
النظریة الثانیة: ما أفاده المحقق الإصفهانی من التفصیل و هو المختار ............ 111
و أمّا الثانی فالبحث عنه یقع فی مقامین: .......................................................... 112
المقام الأوّل: الأُصول العملیة ................................................................ 113
نظریة المحقق الخراسانی: الإجزاء مطلقاً لحکومة دلیل الأصل العملی علی دلیل الاشتراط 113
مناقشات خمس من المحقق النائینی فیها: ...................................................... 115
(1) المناقشة الأُولی ........................................................................................ 115
أجاب عنها بعض الأساطین ........................................................................... 116
(2) المناقشة الثانیة ........................................................................................ 120
أجاب عنها المحقق الخوئی تبعاً للمحقق الإصفهانی ......................................... 121
(3) المناقشة الثالثة قرّرها المحقق الإصفهانی و قال: هذا أقوی إشکال یورد هنا 122
أجاب عنها المحقق الإصفهانی ......................................................................... 124
إیرادان علی هذه الإجابة: ........................................................................ 125
1.ما أفاده بعض الأساطین ....................................................................... 125
یلاحظ علیه ............................................................................................. 125
2.ملاحظتنا علی إجابة المحقق الإصفهانی .................................................. 126
(4) المناقشة الرابعة ....................................................................................... 126
أجاب عنها المحقق الإصفهانی و تبعه المحقق الخوئی و بعض الأساطین ........... 127
(5) المناقشة الخامسة .................................................................................... 127
أجاب عنها المحقق الإصفهانی ......................................................................... 128
دفاع المحقق الخوئی عن المناقشة الخامسة بالنقض و الحلّ ..................... 128
ص: 461
أمّا النقض فبأُمور ثلثة: ............................................................................ 129
و أمّا الحلّ ............................................................................................... 129
ملاحظتنا علیه ................................................................................... 130
المتحصل فی هذا المقام هو الإجزاء لوجهین ........................................................... 131
المقام الثانی: الأمارات (و نبحث فیه بناءً علی المبانی المختلفة فیها و هی خمسة): 133
[1] المبنی الأول: الطریقیة (و بناءً علیها یوجد قولان): ........................................ 133
القول الأوّل: الإجزاء و هو المشهور بین القدماء و مختار المحقق البروجردی .. 133
أمّا الأدلّة علی هذا القول: ............................................................................... 133
الدلیل الأوّل ................................................................................................... 133
أورد علیه بعض الأساطین ........................................................................ 134
الدلیل الثانی ................................................................................................... 135
أورد علیه بعض الأساطین ........................................................................ 136
الدلیل الثالث ................................................................................................. 136
أورد علیه بعض الأساطین ........................................................................ 137
الدلیل الرابع .................................................................................................. 137
أورد علیه بعض الأساطین نقضاً و حلاً ..................................................... 137
الدلیل الخامس .............................................................................................. 138
إیرادان من بعض الأساطین علیه: ............................................................. 139
الإیراد الأوّل ............................................................................................. 139
ملاحظتنا علیه ......................................................................................... 140
الإیراد الثانی ............................................................................................. 140
الدلیل السادس: الإجماع ادّعاه صاحب الجواهر و المحقق النائینی ................ 141
إیرادان من بعض الأساطین علیه: ............................................................. 145
الدلیل السابع: السیرة الفقهائیة علی الإجزاء .................................................. 146
ملاحظات ثلاث علیه ................................................................................ 147
الدلیل الثامن: سهولة الشریعة ....................................................................... 148
ملاحظتنا علیه ......................................................................................... 148
الدلیل التاسع: ما أفاده المحقق البروجردی ..................................................... 149
ملاحظتنا علیه ......................................................................................... 150
القول الثانی: عدم الإجزاء (و هو مختار المتأخرین منهم صاحب الکفایة) ..... 151
الدلیل علی هذا القول: ما أفاده بعض الأساطین ............................................. 151
[2] المبنی الثانی: المنجزیة و المعذریة (و الأمر علی هذا المبنی کالأمر علی الطریقیة) 153
ص: 462
بیان صاحب الکفایة لعدم الإجزاء علی هذین المبنیین .................................... 153
[3] المبنی الثالث: جعل الحکم المماثل (و الحق فیه الإجزاء) ............................. 154
الدلیل علی الإجزاء .............................................................................................. 154
إشکال بعض الأساطین ................................................................................... 154
ملاحظتنا علیه ................................................................................................ 154
تفصیل المحقق الإصفهانی بین العبادات و المعاملات ...................................... 155
ملاحظتنا علیه ................................................................................................ 157
[4] المبنی الرابع: جعل المؤدی منزلة الواقع (لهذا المبنی تفسیران): ................... 159
التفسیر الأوّل: لا فرق بین هذا المبنی و مبنی جعل الحکم المماثل ............... 159
التفسیر الثانی ...................................................................................................... 159
الدلیل علی الإجزاء علی هذا التفسیر ................................................................ 159
إشکال بعض الأساطین ................................................................................... 160
ملاحظتنا علیه ................................................................................................ 160
[5] المبنی الخامس: السببیة ................................................................................... 161
نظریة صاحب الکفایة (و هی مشتملة علی بحثین): ...................................... 161
1.البحث الثبوتی (و هو علی وزان ما مضی فی الأمر الاضطراری) ...................... 161
2.البحث الإثباتی (و الحق فیه الإجزاء) ........................................................... 161
و التحقیق یقتضی بیان أقسام السببیة (و هی ثلاثة): ..................................... 161
القسم الأوّل: ما نسب إلی الأشاعرة (و اتّفق الأعلام علی بطلانه لأوجهٍ): ......... 161
الوجه الأوّل و الوجه الثانی و الوجه الثالث .............................................. 162
الوجه الرابع: الدور .................................................................................. 162
الجواب عن الوجه الرابع ................................................................... 163
القسم الثانی ما نسب إلی المعتزلة و هذه السببیة مخدوشة إثباتاً لوجهین: .... 163
الوجه الأوّل ............................................................................................. 163
الوجه الثانی .............................................................................................. 164
القسم الثالث: المصلحة السلوکیة (و فیه بحثان): ........................................... 164
البحث الأول: فی تصویر المصلحة السلوکیة ............................................... 164
إشکال بعض تلامیذ الشیخ ................................................................. 165
جواب المحقق الإصفهانی .................................................................... 165
إیراد بعض الأساطین .......................................................................... 165
ملاحظتنا علیه ................................................................................... 165
البحث الثانی: فی الإجزاء و عدمه بناء علی المصلحة السلوکیة (هنا قولان) 167
القول الأوّل: الإجزاء (اختاره المحقق الخوئی (قدس سره) .................................... 167
ص: 463
القول الثانی: عدم الإجزاء (اختاره المحقق النائینی و بعض الأساطین) 167
استدلال المحقق النائینی علی هذا القول ....................................... 167
إشکال المحقق الخوئی .................................................................... 167
جواب بعض الأساطین عنه ............................................................ 168
ملاحظتنا علیه ............................................................................... 168
تتمیم: إذا شککنا بین الطریقیة و السببیة (فالبحث فی مقامین) ............. 169
المقام الأوّل: من حیث الإعادة (و فیه قولان) ..................................... 169
القول الأوّل: عدم الإجزاء (اختاره صاحب الکفایة و المحقق الإصفهانی) ... 169
استدلال صاحب الکفایة ................................................................ 169
إیراد المحقق الإصفهانی علی هذا الدلیل ......................................... 169
القول الثانی: الإجزاء (اختاره المحقق الخوئی) .................................. 170
استدلال المحقق الخوئی ................................................................. 170
المقام الثانی: من حیث القضاء (و اختار فیه الإجزاء المحقق الخراسانی و الإصفهانی و الخوئی)
171
بیان صاحب الکفایة .......................................................................... 171
البحث الثانی: مقدمة الواجب
(فیه مقدّمة و فصلان وخاتمة)
المقدمة فی بیان أُمور ثلثة:
الأمر الأوّل: إنّ هذه المسألة هل هی من المباحث الکلامیة أو الفقهیة أو الأُصولیة أو المبادی الأحکامیة؟ (فیه أقوال أربعة): 177
القول الأوّل: إنّها من المسائل الکلامیة ................................................................... 177
الدلیل علی هذا القول ........................................................................................ 177
أجاب عنه السید الخوئی .................................................................................... 177
القول الثانی: إنّها من المسائل الفقهیة .................................................................... 178
الدلیل علیه ......................................................................................................... 178
إشکالان علی هذا الدلیل: .................................................................................. 178
الإشکال الأوّل: ما أفاده المحقق الخوئی ........................................................... 178
الإشکال الثانی: ما أفاده المحقق النائینی ......................................................... 178
جواب المحقق الخوئی عن هذا الإشکال .......................................................... 179
القول الثالث: إنّها من المبادی الأحکامیة اختاره السید البروجردی ..................... 180
ص: 464
الدلیل علی هذا القول ........................................................................................ 180
أجاب عنه فی المحاضرات .................................................................................... 181
القول الرابع: إنّها من المسائل الأُصولیة (و هو الحق) .......................................... 182
الدلیل علیه ......................................................................................................... 182
الأمر الثانی: ما المراد من وجوب المقدمة؟ (فیه وجوه ستة): ......................... 185
الوجه الأوّل: الوجوب العقلی .................................................................................. 185
الوجه الثانی: الوجوب الإرشادی .............................................................................. 185
الوجه الثالث: الوجوب المجازی .............................................................................. 185
الوجه الرابع: الوجوب الشرعی الطریقی ............................................................... 185
الوجه الخامس: الوجوب النفسی ............................................................................ 186
الوجه السادس: الوجوب الغیری التبعی(و هو الحق) .......................................... 186
الأمر الثالث: إنّ النزاع لایختص بالوجوب ................................................ 187
الفصل الأوّل فی ذکر التقسیمات (و فیه أُمور ثلثة):
الأمر الأوّل: فی تقسیمات المقدّمة (و هی أربعة): .................................. 191
[1] التقسیم الأوّل: المقدمة إمّا داخلیة و إمّا خارجیة و الثانیة قسمان: بالمعنی الأعمّ و بالمعنی الأخصّ (و نبحث فی المقدمة الداخلیة فی ثلثة مواضع و فیه خاتمة): ................................................................................................... 193
الموضع الأوّل: هل یصح إطلاق المقدمة علی الأجزاء الداخلیة؟ (للمقدمة إطلاقان) 194
الإطلاق الأوّل: ما له دخل فی الشیء (و هی لاتصدق علی الأجزاء) ...................... 194
الإطلاق الثانی: مایتوقف علی الشیء (و هی تصدق علی الأجزاء) ........................ 194
الموضع الثانی: بناءً علی صحة إطلاق المقدمة علیها هل یوجد المقتضی لاتصافها بالوجوب الغیری؟ (فیه قولان) 195
القول الأوّل: عدم وجود الاقتضاء اختاره صاحب الکفایة و المحقق الخوئی ........ 195
إشکال بعض الأساطین ......................................................................................... 195
القول الثانی: وجود الاقتضاء (و هو الحق) ............................................................ 195
الموضع الثالث: بناء علی ثبوت المقتضی هل من مانع یمنع عن اتصافها بالوجوب الغیری؟ (فیه قولان) 196
ص: 465
الف) القول الأوّل: وجود المانع (اختاره المحقق الخراسانی و الإصفهانی و العراقی) ............ 196
ب) القول الثانی: عدم المانع (اختاره المحقق النائینی و الخوئی) .......................... 196
بیان صاحب الکفایة: المانع لزوم اجتماع المثلین .............................................. 196
إیراد المحقق النائینی و تبعه المحقق الخوئی .................................................. 196
الدفاع عن صاحب الکفایة بوجوهٍ أربعة ........................................................ 197
الدفاع الأوّل: بیان المحقق العراقی ................................................................. 197
إیراد المحقق الإصفهانی و تبعه المحقق الخوئی ......................................... 197
جواب بعض الأساطین نقضاً و حلاً ........................................................... 198
ملاحظتنا علیه ......................................................................................... 199
الدفاع الثانی للمحقق الإصفهانی ...................................................................... 199
ملاحظتنا علیه ......................................................................................... 200
الدفاع الثالث: للمحقق الإصفهانی أیضاً .......................................................... 200
مناقشة بعض الأساطین نقضاً و حلاً ......................................................... 201
الدفاع الرابع: للمحقق الإصفهانی أیضاً ............................................................ 201
الحاصل أنّ الحق مع صاحب الکفایة حیث یری لزوم اجتماع المثلین علی القول بوجوب المقدمة الداخلیة 202
خاتمة فی ثمرة البحث (ادّعی لهذا البحث ثمرتان): .................................................... 203
الثمرة الأُولی: فی مبحث العلم الإجمالی بین الأقل و الأکثر الارتباطیین(فی بیان هذه الثمرة قولان) 203
القول الأوّل: ما أشار إلیه الشیخ فی أحد تقریبی انحلال العلم الإجمالی ......... 203
القول الثانی: ما أفاده المحقق العراقی و هو عکس القول الأوّل ..................... 204
ملاحظات ثلاث علی القول الثانی .................................................................... 205
التحقیق عدم توقف جریان البراءة علی وجوب المقدمة أو عدم وجوبها کما أفاده المحقق الخوئی 205
بیان بعض الأساطین لذلک .................................................................................. 206
الثمرة الثانیة: جواز إفتاء الفقیه بالوجوب و جواز قصد المکلّف فعل الواجب فی مقام الامتثال 206
[2] التقسیم الثانی: (المقدمة علی أربعة أقسام) ......................................... 207
1.مقدمة الوجوب (قال صاحب الکفایة و سائر الأعلام: لا إشکال فی خروجها عن محل النزاع) .... 207
2.المقدمة العلمیة (قال الأعلام بخروجها عن النزاع) ................................................ 208
ص: 466
3.مقدمة الوجود و هی ترجع إلی المقدمة الخارجیة بالمعنی الأخص ...................... 208
4.مقدمة الصحة و هی ترجع إلی المقدمة الخارجیة بالمعنی الأعم........................... 209
[3] التقسیم الثالث: (المقدمة علی ثلاثة أقسام) ..................................................... 211
1.عقلیة (هی داخلة فی محل النزاع) ......................................................................... 211
2.شرعیة ....................................................................................................................... 211
3.عادیة و هی قسمان ................................................................................................ 212
القسم الأوّل لاینبغی دخوله فی محل النزاع .......................................................... 212
القسم الثانی یرجع إلی المقدمة العقلیة .................................................................. 212
[4] التقسیم الرابع: المقدمة إمّا سابقة أو مقارنة أو متأخرة (و الکلام فی إمکان الشرط المتأخر فی أمرین)
213
الأمر الأوّل: الإشکال فی الشرط المتأخر (و له بیانان) ................................................ 214
البیان الأوّل .............................................................................................................. 214
تعمیم الإشکال للشرط المتقدم .......................................................................... 214
أجاب عنه المحقق الخوئی .................................................................................. 215
البیان الثانی (إشکال المحقق النائینی علی الشرط المتأخر) ................................... 215
الأمر الثانی: نظریات الأعلام فی حل هذه المشکلة .................................................... 216
1.نظریة المحقق النراقی: الشرط هو الوجود فی الجملة ........................................ 216
إیراد بعض الأساطین: هذا الجواب فی الحقیقة إنکار القاعدة العقلیة ............. 216
2.نظریة الشیخ الأنصاری ........................................................................................ 216
3.نظریة المجدد الشیرازی ....................................................................................... 217
إیرادان من بعض الأساطین علیها ....................................................................... 219
ملاحظتان علی هذا الإیراد ................................................................................. 219
4.نظریة صاحب الکفایة (و الکلام فیها فی صورتین) ............................................ 220
الصورة الأُولی: شرائط الحکم (الشرط فیها تصور الشیء و وجوده الذهنی ... 220
التقریب الأول .................................................................................................... 220
الإیراد علیه .................................................................................................... 221
التقریب الثانی ..................................................................................................... 221
الإیراد علیه .................................................................................................... 221
التقریب الثالث .................................................................................................. 222
الإیراد علیه .................................................................................................... 222
ص: 467
إشکال المحقق النائینی علی نظریة صاحب الکفایة ................................. 223
یلاحظ علیه: ............................................................................................ 223
الصورة الثانیة: شرائط المأمور به ...................................................................... 225
إشکالان علی ما أفاده فی هذه الصورة ............................................................ 225
الإشکال الأوّل: ما أفاده المحقق النائینی ......................................................... 225
جوابان من المحقق الخوئی بالنقض و الحلّ .............................................. 226
الإشکال الثانی: ما أفاده بعض الأساطین .......................................................... 227
نقض علی هذا البیان ............................................................................... 227
أجاب عنه الشیخ الرئیس ......................................................................... 227
ملخّص الکلام فی الأمر الثانی .............................................................................. 228
الأمر الثانی فی تقسیم الوجوب إلی المطلق و المشروط (و فیه مقدمة و ناحیتان) . 231
[1] المقدمة (و فیه مطالب ثلاثة) ............................................................................ 233
المطلب الأوّل: تعریف المطلق و المشروط ................................................................ 233
قال صاحب الکفایة: هذه التعاریف لفظیة .......................................................... 234
المطلب الثانی: هل هذا التقسیم من تقسیمات الوجوب أو الواجب؟ .................... 235
نظریة صاحب الکفایة: هو من تقسیمات الواجب ............................................... 235
إیراد المحقق الخوئی و بعض الأساطین: علی مبنی صاحب الکفایة هو من تقسیمات الوجوب 235
المطلب الثالث: الإطلاق و التقیید أمران إضافیان لا حقیقیان ................................. 236
[2] الناحیة الأُولی: القیود المأخوذة فی الأدلّة علی نحو الشرطیة ترجع إلی الهیأة أو المادّة؟ (و فیه موضعان): 237
الموضع الأوّل: فی ذکر الأقوال (و هی ثلثة) ............................................................... 237
القول الأوّل: القیود ترجع إلی الهیأة (و هو المعروف بینهم) .................................... 237
القول الثانی: القیود ترجع إلی المادّة (و هو المنسوب إلی الشیخ الأنصاری) ................. 237
القول الثالث: القیود ترجع إلی اتصاف المادّة بالوجوب (اختاره المحقق النائینی) ... 238
الموضع الثانی: فی ذکر الأدلّة ....................................................................................... 239
أورد علی القول الأوّل بعدم إمکان رجوع القید إلی الهیأة لوجوهٍ: ....................... 239
ص: 468
الف) الوجه الأوّل .................................................................................................... 239
أجوبة أربعة عن هذا الوجه .............................................................................. 239
الجواب الأوّل من المحقق الخراسانی ........................................................... 239
الإشکال علیه ........................................................................................... 240
الجواب الثانی من المحقق الخراسانی أیضاً ................................................... 240
الإشکال علیه ........................................................................................... 240
الجواب الثالث من المحقق العراقی ............................................................ 240
الإشکال علیه ........................................................................................... 241
إیراد المحقق النائینی علی هذه الأجوبة .................................................. 241
ملاحظتنا علی هذا الإشکال................................................................ 241
الجواب الرابع من المحقق الإصفهانی .......................................................... 241
إشکال بعض الأساطین علی هذا الجواب .................................................. 242
ملاحظتنا علی هذا الإشکال ...................................................................... 243
ب) الوجه الثانی: ما اعتمد علیه المحقق النائینی .................................................. 243
جوابان عن هذا الوجه ....................................................................................... 243
1.ما أجاب به المحقق الإصفهانی ................................................................. 243
2.ما أجاب به المحقق الخوئی (و هو اثنان) ............................................... 244
ملاحظتنا علیه بالنسبة إلی جوابه الأول: هو مبنائی و لایمکن لنا الالتزام به .. 244
ج) الوجه الثالث: ما أفاده صاحب الکفایة فی «إن قلت» .................................... 245
تقریر الوجه الثالث علی ما فی المحاضرات ........................................................ 245
أجوبة أربعة عن هذا الوجه .............................................................................. 245
الجواب الأوّل من صاحب الکفایة .............................................................. 245
إشکالان علی هذا الجواب ........................................................................ 246
1.ما أفاده السید الخوئی ........................................................................... 246
2.ما أفاده بعض الأساطین ....................................................................... 246
الجواب الثانی من المحقق الإصفهانی ........................................................... 246
الجواب الثالث من المحقق الخوئی .............................................................. 247
إشکال بعض الأساطین ............................................................................. 248
الجواب الرابع من بعض الأساطین ................................................................ 249
ملاحظات ثلاث علی هذا الجواب ............................................................. 250
استدلال الشیخ الأنصاری علی القول الثانی ............................................................. 251
جوابان عن هذا الاستدلال ................................................................................. 251
ص: 469
1.ما أفاده صاحب الکفایة .......................................................................... 251
2.ما أفاده المحقق الخوئی ............................................................................ 252
[3] الناحیة الثانیة: إذا تردد أمر القید بین الرجوع إلی الهیأة و المادّة فما مقتضی الأصل؟ (هنا مقامان): 255
المقام الأوّل: مقتضی الأصل اللفظی (و فیه قولان) .................................... 255
القول الأوّل: رجوعه إلی المادّة (و هو مختار الشیخ و المحقق النائینی) ............. 255
القول الثانی: رجوعه إلی الهیأة (و هو مختار صاحب الکفایة و المحقق الخوئی و استدل الشیخ بوجهین) 255
الاستدلال الأول للشیخ: (و هو مشتمل علی دعویین): .................................... 255
(1) الدعوی الأُولی کبروی و هو تقدیم الإطلاق الشمولی علی البدلی ............... 256
إیراد صاحب الکفایة ...................................................................................... 256
و أوضحه المحقق الخوئی ................................................................................ 257
دفاع المحقق النائینی عن الشیخ بوجوه ثلثة: ................................................. 257
الوجه الأوّل ............................................................................................. 257
إیرادان من المحقق الخوئی ................................................................. 258
ملاحظتنا علی إیرادان ....................................................................... 258
الوجه الثانی .............................................................................................. 260
إیراد المحقق الخوئی ........................................................................... 261
الوجه الثالث ........................................................................................... 261
إیراد المحقق الخوئی ........................................................................... 261
(2) الدعوی الثانیة و هی صغروی ................................................................. 262
إیراد المحقق الخوئی تبعاً للمحقق النائینی ........................................ 262
الاستدلال الثانی للشیخ ....................................................................................... 263
إیرادان علی هذا الوجه: ................................................................................. 264
1.ما أفاده صاحب الکفایة ............................................................................. 264
جواب المحقق الخوئی ..................................................................................... 265
2.ما أفاده المحقق الخوئی ............................................................................... 265
تنبیه: تحقیق حول معنی الإطلاق و التقیید فی الهیأة و المادّة (أفاده المحقق الخوئی) 266
المقام الثانی: مقتضی الأصل اللفظی و هو البراءة ....................................... 268
الأمر الثالث فی تقسیمات الواجب (و هی ثلثة) ..................................... 269
ص: 470
[1] التقسیم الأوّل: الواجب إمّا مطلق أو مشروط و المطلق إمّا معلّق أو منجّز (أفاده صاحب الفصول و فیه ثلاثة مواضع و تنبیه)
271
الموضع الأوّل: فی ما أُورد علی صاحب الفصول و هی ثلثة ...................................... 272
الإیراد الأوّل: ما أفاده الشیخ الأنصاری من إنکار الواجب المعلّق ........................ 272
الإیراد الثانی: ما أفاده صاحب الکفایة ................................................................... 272
جواب المحقق الإصفهانی عن هذا الإیراد .......................................................... 273
الإیراد الثالث: ما أفاده المحقق الخوئی ............................................................. 273
جواب بعض الأساطین ......................................................................................... 274
ملاحظتنا علیه .................................................................................................... 274
الموضع الثانی: فی إمکان الواجب المعلّق ثبوتاً (فیه قولان) ...................................... 276
(1) القول الأوّل: استحالته (و استدلّ علیها بأوجه ثلثة) ...................................... 276
الدلیل الأوّل: ما أفاده المحقق النهاوندی و نسب إلی المحقق الفشارکی ....... 276
إیرادان علی هذا الوجه .................................................................................. 277
الإیراد الأول: ما أفاده صاحب الکفایة ............................................................ 277
جواب المحقق الإصفهانی .......................................................................... 278
إشکالان من بعض الأساطین ..................................................................... 282
الإشکال الأوّل بالنقض .............................................................................. 282
و الجواب عنه ما أفاده المحقق الإصفهانی ................................................ 282
الإشکال الثانی بالحلّ ................................................................................ 282
ملاحظات ثلاث علیه ................................................................................ 283
الإیراد الثانی: ما أفاده بعض الأساطین ............................................................. 284
ملاحظتنا علیه ......................................................................................... 285
الدلیل الثانی: ما أفاده صاحب الکفایة .............................................................. 285
إیراد علی هذا الوجه ...................................................................................... 285
الدلیل الثالث: ما أفاده المحقق النائینی ........................................................... 285
إیراد المحقق الخوئی ....................................................................................... 286
(2) القول الثانی: إمکانه .......................................................................................... 286
تحقیق المحقق الخوئی فی إمکان الواجب المعلّق .............................................. 286
الموضع الثالث: ثمرة البحث (و هی تظهر فی ثلاث مسائل) ..................................... 288
المقدمة (و فیها مطلبان): ....................................................................................... 289
ص: 471
المطلب الأوّل: الامتناع بالاختیار هل ینافی الاختیار؟ (هنا مسالک ثلثة): .......... 289
المسلک الأوّل: ینافی عقاباً و خطاباً ............................................................ 289
إیراد المحقق الخوئی ........................................................................... 289
المسلک الثانی: لاینافی عقاباً و خطاباً اختاره المحقق القمی ........................ 289
إیراد المحقق الخوئی ........................................................................... 289
المسلک الثالث: ینافی خطاباً لا عقاباً و هو الحق ....................................... 290
المطلب الثانی .................................................................................................. 290
المسألة الأُولی: المقدمات المفوتة و یقع البحث فی مقام الثبوت و الإثبات (و فیها مقدمة أفادها المحقق الخوئی)
291
المقام الأوّل: مقام الثبوت (یتصوّر فیه وجهان) .................................................. 291
الوجه الأوّل: أن یکون ملاک الواجب تامّاً و القدرة غیر دخیلة فی ملاکه (و فیه نظریات) 291
1.نظریة صاحب هدایة المسترشدین و صاحب البدائع و المحقق البروجردی 290
إیراد علیها ......................................................................................... 292
2.نظریة صاحب الفصول ......................................................................... 293
إیراد علیها ......................................................................................... 293
3.نظریة الشیخ الأنصاری ......................................................................... 293
إیراد علیها ......................................................................................... 293
4.نظریة المحقق الخراسانی و البروجردی .................................................. 293
إیراد علیها ......................................................................................... 294
5.نظریة المحقق الإصفهانی ....................................................................... 294
6.نظریة المحقق النائینی ......................................................................... 295
إیراد بعض الأساطین .......................................................................... 296
7.نظریة المحقق الخوئی ........................................................................... 296
إیراد بعض الأساطین .......................................................................... 296
8.نظریة بعض الأساطین .......................................................................... 297
الوجه الثانی: أن تکون القدرة دخیلة فی ملاک الواجب .................................... 297
بیان المحقق الخوئی .................................................................................. 298
المقام الثانی: مقام الإثبات ..................................................................................... 301
بیان المحقق الخوئی ........................................................................................ 301
المسألة الثانیة: وجوب التعلّم (فیها صورتان) ...................................................... 303
الصورة الأُولی: إذا علم المکلّف أو اطمأن بالابتلاء (هنا أقوال أربعة فی وجوبه) 303
1.وجوبه نفسی تهیؤی (أفاده المحقق الأردبیلی و العاملی) ............................. 303
ص: 472
2.وجوبه عقلی لا شرعی (أفاده المشهور والشیخ الأنصاری) ............................ 303
3.وجوبه عقلی بملاک لزوم دفع الضرر المحتمل (أفاده المحقق النائینی) ......... 304
4.التفصیل بین أربع صور أفاده المحقق الخوئی .......................................... 305
الصورة الثانیة: إذا احتمل الابتلاء (و فیها أقوال ثلاثة) ................................... 307
1.وجوب التعلّم (و هو قول المشهور) ........................................................... 307
2.وجوب التعلّم فی الموارد المبتلی بها عادة (أفاده المحقق الخوئی) ................. 308
3. الإشکال فی عدم الوجوب ........................................................................... 308
4.عدم وجوب التعلّم ..................................................................................... 308
استدلّ علی القول الثالث باستصحاب عدم الابتلاء .......................................... 308
إیرادات أربعة علی هذا الإستدلال ........................................................... 309
1.ما أفاده صاحب الجواهر ...................................................................... 309
جواب عن هذا الإیراد .............................................................................. 309
2.ما أفاده المحقق النائینی ....................................................................... 309
جواب المحقق الخوئی ................................................................................ 309
3.ما أفاده المحقق الخوئی ........................................................................ 310
جواب بعض الأساطین ............................................................................. 310
4.ما أفاده المحقق الخوئی أیضاً ................................................................ 311
جواب بعض الأساطین ............................................................................. 311
المسألة الثالثة: الواجبات التدریجیة ...................................................................... 313
تنبیه (و فیه
مطالب ثلثة): ....................................................................................... 314
المطلب الأوّل: تعلم الصبی غیر البالغ (هل یجب التعلّم علیه؟ قولان) ........... 314
القول الأوّل: وجوب التعلّم (اختاره المحقق النائینی و بعض الأساطین .......... 314
القول الثانی: عدم وجوب التعلّم ( اختاره المحقق الخوئی) .............................. 314
استدلال المحقق النائینی علی القول الأوّل ...................................................... 314
إیراد المحقق الخوئی ....................................................................................... 314
جواب بعض الأساطین .................................................................................... 315
ملاحظتان علیه .............................................................................................. 315
الحق فی المقام ................................................................................................ 316
المطلب الثانی: وجوب التعلّم نفسی أو غیری أو تهیؤی أو إرشادی أو طریقی؟ (ففیه خمسة أوجه): 316
الوجه الأوّل: الوجوب النفسی (اختاره المحقق الأردبیلی) ................................ 316
الاستدلال علی الوجه الأوّل ............................................................................. 316
ص: 473
إیرادات ثلاثة علیه: ........................................................................................ 316
الإیراد الأوّل ............................................................................................. 316
جواب بعض الأساطین ............................................................................. 317
الإیراد الثانی ............................................................................................. 317
جواب بعض الأساطین ............................................................................. 317
الإیراد الثالث ........................................................................................... 317
الحق فی المقام أنّ التعلّم مطلوب بنفسه أمّا وجوبه فلیس نفسیاً ............ 318
الوجه الثانی: الوجوب الغیری ............................................................................ 318
الاستدلال علی الوجه الثانی ............................................................................. 318
إیراد المحقق الخوئی ................................................................................. 319
الوجه الثالث: الوجوب التهیؤی (و هو الظاهر) .............................................. 319
الوجه الرابع: الوجوب الإرشادی (اختاره بعض الأساطین) ................................ 319
الاستدلال علی هذا الوجه ............................................................................... 319
إیراد المحقق الخوئی ................................................................................. 320
جواب بعض الأساطین ............................................................................. 321
الوجه الخامس: الوجوب الطریقی (اختاره المحقق الخوئی) ............................ 323
استدلال المحقق الخوئی علی هذا الوجه ......................................................... 323
إیراد بعض الأساطین ................................................................................ 324
المطلب الثالث: هل تارک تعلّم مسائل الشک و السهو المبتلی بها فاسق؟ .......... 326
قال الشیخ فی صراط النجاة: هو فاسق ........................................................... 326
إیراد المحقق النائینی ............................................................................... 326
جواب المحقق الخوئی ............................................................................... 327
الإیراد علی هذا الجواب ........................................................................... 327
[2] التقسیم الثانی: الواجب إمّا نفسی و إمّا غیری (و فیه موضعان و تنبیهان): .. 329
الموضع الأوّل: تعریف الواجب النفسی و الغیری (و فیه ستة تعاریف): ............... 329
1.تعریف المشهور ................................................................................................... 329
إیراد الشیخ علیه ................................................................................................ 329
2.تعریف الشیخ ...................................................................................................... 330
إیراد صاحب الکفایة علیه ................................................................................. 331
دفاع عن الشیخ .................................................................................................. 331
أجاب عنه صاحب الکفایة ................................................................................. 331
ص: 474
3.تعریف صاحب الکفایة ....................................................................................... 332
إیرادات أربعة علیه ............................................................................................ 332
الإیراد الأول: ما أفاده المحقق الإصفهانی ........................................................... 332
الإیراد الثانی: ما أفاده المحقق الإصفهانی أیضاً .................................................. 334
الإیراد الثالث: ما أفاده المحقق النائینی ........................................................... 335
الإیراد الرابع: ما أفاده المحقق الخوئی ............................................................... 335
4.تعریف المحقق الإصفهانی .................................................................................... 335
إیرادان من بعض الأساطین ................................................................................ 337
ملاحظتنا علیه .............................................................................................. 337
5.نظریة المحقق النائینی ........................................................................................ 338
ناقشه المحقق الخوئی ......................................................................................... 339
6.نظریة المحقق الخوئی...........................................................................................
340
إیراد بعض الأساطین .......................................................................................... 340
الموضع الثانی: إذا شک فی واجب أنّه نفسی أو غیری فما مقتضی الأصل؟ (فیه مقامان) ... 342
المقام الأوّل: مقتضی الأصل اللفظی (هو الوجوب النفسی و فی تقریر ذلک نظریات) ...... 342
1.نظریة الشیخ ................................................................................................... 342
2.نظریة المشهور و صاحب الکفایة .................................................................. 343
إیراد الشیخ علیها ........................................................................................... 343
جوابان عن هذا الإیراد ................................................................................... 343
جواب الأول: ما أفاده صاحب الکفایة ............................................................ 343
إیراد المحقق الإصفهانی علی جواب صاحب الکفایة ................................. 344
جواب الثانی عن إیراد الشیخ للمحقق الإصفهانی ............................................ 345
3.نظریة المحقق الإصفهانی ................................................................................ 346
4.نظریة المحقق الإیروانی (و اختارها بعض الأساطین) .................................... 346
المقام الثانی: مقتضی الأصل العملی (و فیه نظریات) ........................................... 348
1.نظریة صاحب الکفایة .................................................................................... 348
إیراد المحقق الإیروانی علیها ............................................................................ 348
جواب بعض الأساطین .................................................................................... 349
2.نظریة المحقق الإصفهانی ................................................................................ 350
قال المحقق الخوئی: هنا صور أربع: ................................................................ 350
نظریة المحقق الخوئی فی الصورة الأُولی و الثانیة و الثالثة ............................... 351
ص: 475
3. نظریة المحقق النائینی فی الصورة الرابعة حول الجهات الثلاث................... 353
4. نظریة المحقق الخوئی حول الجهات الثلاث................................................. 354
إیرادان علی نظریة المحقق الخوئی ................................................................. 356
المناقشة الأولی: ما أفاده فی تحقیق الأصول .............................................. 356
ملاحظتنا علی هذا الإیراد ........................................................................ 356
المناقشة الثانیة ........................................................................................ 356
التنبیه الأوّل: فی ترتب الثواب و العقاب علی الواجب النفسی و الغیری (و فیه مطالب أربعة): 359
المطلب الأوّل: فی بیان وجوه ترتب الثواب و العقاب علی الواجب النفسی ........ 359
قال المحقق الإصفهانی: هی ثلاثة ....................................................................... 359
إیراد بعض الأساطین .......................................................................................... 361
ملاحظتنا علیه .................................................................................................... 361
المطلب الثانی: ترتب الثواب علی الواجب النفسی بالاستحقاق أو بالتفضل؟ ....... 362
القول الأوّل: هو بالاستحقاق (و هو مختار معظم الفقهاء و المتکلمین) ....... 362
القول الثانی: هو بالتفضل (و هو مختار الشیخ المفید) .................................... 362
تحقیق المحقق الخوئی و هو مستفاد من کلام المحقق الاصفهانی ................... 362
المطلب الثالث: ترتب الثواب و العقاب علی الواجب الغیری .............................. 363
المطلب الرابع: هل ثواب امتثال الأمر الغیری غیر ثواب امتثال الأمر النفسی؟ فیه قولان: 363
القول الأول: الثواب واحد (و هو مختار صاحب الکفایة و المحقق النائینی) 363
الاستدلال علی وحدة الثواب .......................................................................... 363
القول الثانی: الثواب متعدد (و هو مختار المحقق الخوئی) .............................. 364
الاستدلال علی تعدد الثواب ........................................................................... 364
التنبیه الثانی: منشأ عبادیة الطهارات الثلاث (و الأقوال فیه ستة) .......................... 365
القول الأول: الأمر الغیری ....................................................................................... 366
إیرادان من المحقق النائینی ............................................................................... 366
القول الثانی: الأمر النفسی الاستحبابی (أفاده صاحب الکفایة) .............................. 367
إیرادات ثلثة من المحقق النائینی ...................................................................... 367
الإیراد الأوّل ........................................................................................................ 367
ص: 476
جواب المحقق الخوئی ..................................................................................... 368
الإیراد الثانی ........................................................................................................ 368
أجوبة ثلثة من المحقق الخوئی ....................................................................... 368
الإیراد الثالث ...................................................................................................... 369
جواب صاحب الکفایة ................................................................................... 370
مناقشتان من المحقق النائینی ........................................................................ 370
القول الثالث: الأمر النفسی الضمنی (أفاده المحقق النائینی) .............................. 371
إیراد المحقق الخوئی ........................................................................................... 372
القول الرابع: أحد الأمرین: الأمر النفسی الاستحبابی و قصد التوصل بها إلی الواجب (أفاده المحقق الخوئی) 372
القول الخامس: أحد أُمور ثلثة: الأمران المذکوران فی القول الرابع و قصد الأمر الغیری (أفاده بعض الأساطین) 373
القول السادس: أحد أُمور أربعة: الأُمور المذکورة فی القول الخامس و قصد المحبوبیة الذاتیة و هوالحق 373
[3] التقسیم الثالث: الواجب إمّا أصلی و إمّا تبعی (و لهما تفسیران) .................. 375
التفسیر الأوّل: بحسب مقام الثبوت (و هو مختار صاحب الکفایة) ...................... 375
تحقیق المحقق الإصفهانی ........................................................................................ 376
التفسیر الثانی: بحسب مقام الإثبات (و هو مختار المحقق القمی و صاحب الفصول) ......... 377
إیراد المحقق الخوئی ................................................................................................ 378
الفصل الثانی فی تحقیق المسألة
(فیه أُمور ثلثة و تذنیب)
الأمر الأوّل فی ذکر الأقوال و مناقشتها ................................................................. 381
أمّا الأقوال فهی خمسة: ...................................................................... 381
القول الأول: وجوب المقدمة مشروطاً بإرادة ذی المقدمة (اختاره صاحب المعالم) ... 381
القول الثانی: وجوب المقدمة التی قصد بها التوصل إلی الواجب (اختاره الشیخ الأنصاری) 381
القول الثالث: وجوب المقدمة الموصلة إلی إتیان ذی المقدمة (اختاره صاحب الفصول) 382
القول الرابع: وجوب المقدمة مطلقاً (و هو قول المشهور) ................................... 382
القول الخامس: إهمال الوجوب بالنسبة إلی الإیصال (اختاره صاحب الحاشیة والمحقق النائینی) 383
ص: 477
و أمّا مناقشة الأقوال: ......................................................................... 384
[1] إیرادان من المحقق الخوئی علی القول الأوّل ................................................... 384
مناقشة علی الإیراد الثانی ................................................................................ 384
[2] إشکال صاحب الکفایة و المحقق الإصفهانی علی القول الثانی ........................ 384
بیان المحقق الإصفهانی لنظریة الشیخ: إن الوجه فی اعتبار قصد التوصل مرکب من أمرین: 385
الأمر الأوّل ...................................................................................................... 385
اعتراض المحقق الإصفهانی علیه ................................................................ 386
إیراد المحقق الخوئی ................................................................................. 387
الأمر الثانی ...................................................................................................... 387
اعتراض المحقق الإصفهانی ......................................................................... 388
إیراد المحقق الخوئی ................................................................................. 389
احتمالات ثلثة فی کلام الشیخ و تفسیرها (أفادها المحقق النائینی) .......... 390
[3] مناقشات أربع علی القول الثالث .................................................................... 393
الإیراد الأول: ما أفاده صاحب الکفایة .............................................................. 393
جوابان من المحقق الخوئی ............................................................................. 393
الإیراد الثانی:ما أفاده صاحب الکفایة أیضاً ....................................................... 394
جواب المحقق الخوئی ..................................................................................... 394
الإیراد الثالث: ما أفاده صاحب الکفایة أیضاً ................................................... 395
جوابان من المحقق الخوئی ............................................................................. 395
الإیراد الرابع: ما أفاده المحقق النائینی ............................................................. 396
جواب المحقق الخوئی ..................................................................................... 397
ملاحظتنا علیه ................................................................................................ 398
أدلّة القول الثالث (و هی سبعة) .............................................................................. 400
1.ما أفاده صاحب الفصول ..................................................................................... 400
إیراد صاحب الکفایة .......................................................................................... 400
جواب المحقق الخوئی ......................................................................................... 400
2.ما أفاده صاحب الفصول أیضاً ............................................................................ 401
ص: 478
إیراد صاحب الکفایة .......................................................................................... 401
جواب المحقق الخوئی ......................................................................................... 402
3.ما أفاده صاحب الفصول أیضاً ............................................................................ 402
إیرادان من صاحب الکفایة ............................................................................... 402
الإیراد الأول ........................................................................................................ 402
أجاب عنه المحقق الإصفهانی و الخوئی ............................................................ 403
الإیراد الثانی ........................................................................................................ 403
أجاب عنه المحقق الخوئی ............................................................................... 403
4.ما أفاده صاحب العروة ....................................................................................... 403
إیرادان من صاحب الکفایة: .............................................................................. 404
جواب المحقق الخوئی ..................................................................................... 405
5.التقریب الأوّل الذی قاله المحقق الإصفهانی ....................................................... 405
إیراد السید الصدر علیه ..................................................................................... 406
یلاحظ علیه .................................................................................................. 407
6.التقریب الثانی الذی قاله المحقق الإصفهانی و اختاره المحقق الصدر ............... 407
إیرادات خمسة من بعض الأساطین .................................................................. 408
ملاحظتنا علیه .................................................................................................... 409
7.الحصة التوأمة التی أفادها المحقق العراقی ....................................................... 411
إشکالان من السید الصدر .................................................................................. 512
[4] یکفی فی الإیراد علی القول الرابع الأدلّة الواردة لإثبات وجوب خصوص المقدمة الموصلة 407
[5] الاستدلال علی القول الخامس ......................................................................... 413
الإیراد علیه ......................................................................................................... 413
الأمر الثانی: مقتضی الأدلّة اللفظیة و العقلیة فی مسألة وجوب المقدمة (هنا أقوال أربعة نذکرها مع أدلّتها) 415
أمّا الأقوال: فهی أربعة ....................................................................... 415
1.وجوب المقدمة شرعاً مطلقاً (اختاره الشیخ و صاحب الکفایة و المحقق النائینی) ......... 415
ص: 479
2.عدم وجوب المقدمة شرعاً مطلقاً (اختاره المحقق الإصفهانی و الخوئی و الروحانی) ....... 416
3.التفصیل بین السبب و غیره (اختاره علم الهدی و صاحب المعالم) ............................. 417
4.التفصیل بین المقدمة الشرعیة و غیرها (اختاره العضدی و الحاجبی) ........................ 418
و أمّا الأدلّة: ..................................................................................... 420
[1] قد استدلّ علی القول الأوّل بوجوه أربعة: ...................................................... 420
الوجه الأوّل: أفاده الشیخ و صاحب الکفایة و المحقق النائینی ...................... 420
إیرادان علی هذا الوجه .................................................................................. 421
الإیراد الأول: ما أفاده المحقق الإصفهانی ......................................................... 421
الإیراد الثانی: ما أفاده المحقق الخوئی .............................................................. 422
تحقیق بعض الأساطین ................................................................................... 423
الوجه الثانی أفاده صاحب الکفایة ..................................................................... 423
إیراد المحقق الإصفهانی و تبعه المحقق الخوئی ................................................ 424
الوجه الثالث أفاده صاحب الکفایة .................................................................. 424
إیرادان من المحقق الخوئی ............................................................................. 425
الوجه الرابع ........................................................................................................ 425
ملاحظتنا علیه ................................................................................................ 425
[2] الاستدلال علی القول الثانی ............................................................................... 426
[3] الاستدلال علی القول الثالث ............................................................................ 427
إیرادان من صاحب الکفایة ............................................................................ 427
[4] الاستدلال علی القول الرابع .............................................................................. 428
إیرادات ثلثة من صاحب الکفایة .................................................................... 428
الإیراد الأوّل ............................................................................................. 428
مناقشة بعض الأساطین ............................................................................ 428
الإیراد الثانی ............................................................................................. 428
مناقشة بعض الأساطین ............................................................................ 429
الإیراد الثالث ........................................................................................... 429
الأمر الثالث: مقتضی الأصل العملی ................................................... 431
أمّا الأصل فی المسألة الأُصولیة (ففیه نظریتان) .......................................... 431
ص: 480
النظریة الأُولی: من صاحب الکفایة و تبعه المحقق الخوئی .................................. 431
إیرادان من المحقق الإصفهانی و تبعه بعض الأساطین ..................................... 432
النظریة الثانیة: عن بعض الأساطین ....................................................................... 432
و أمّا الأصل فی المسألة الفقهیة ............................................................. 433
نظریة صاحب الکفایة: استصحاب عدم الوجوب أو أصالة البراءة و قد أُورد علی کل منهما 433
أمّا الاستصحاب ففیه إیرادان ............................................................................. 433
الإیراد الأول: بیان توهم عدم وجود المقتضی للاستصحاب .............................. 433
جواب صاحب الکفایة ................................................................................... 433
مناقشة المحقق الإصفهانی و تبعه بعض الأساطین .......................................... 434
الإیراد الثانی: من المحقق الخوئی ........................................................................ 434
ملاحظتنا علیه: و الحق عدم وروده کما أفاد المحقق الإصفهانی ...................... 434
و أمّا البراءة فقد أورد علیها المحقق الخوئی ...................................................... 434
تذنیب فی ثمرة البحث عن مقدمة الواجب (قد ذکر ستّ ثمرات:) .................... 437
الثمرة الأولی: ما أفاده صاحب الکفایة ................................................... 437
إیراد المحقق الخوئی ................................................................................................ 437
جواب بعض الأساطین ............................................................................................. 438
الثمرة الثانیة: ما أفاده فی المحاضرات ..................................................... 438
إیراد المحقق الخوئی ................................................................................................ 438
جواب بعض الأساطین ............................................................................................. 439
الثمرة الثالثة: ما جاء فی الکفایة ............................................................ 439
إیرادات ثلثة علی هذه الثمرة ................................................................................ 440
الإیراد الأوّل: لصاحب الکفایة ................................................................................ 440
تقریر المحقق الخوئی لهذه الثمرة فی مورد خاص .................................................. 440
الإیراد الثانی: ما أفاده المحقق الخوئی ..................................................................... 440
الإیراد الثالث: ما أفاده المحقق الخوئی أیضاً .......................................................... 441
ص: 481
الثمرة الرابعة: ما جاء فی الکفایة ........................................................... 441
إیرادان علی هذه الثمرة ......................................................................................... 441
الإیراد الأوّل: ما أفاده المحقق الخوئی تبعاً لصاحب الکفایة ................................. 441
جواب بعض الأساطین ........................................................................................ 442
الإیراد الثانی: ما أفاده المحقق الخوئی ..................................................................... 442
جواب بعض الأساطین عن الإیراد الأوّل جواب عنه أیضاً ................................ 443
الثمرة الخامسة: ما جاء فی الکفایة ........................................................ 443
إیرادات خمسة من المحقق الخوئی ........................................................................ 444
جوابان من بعض الأساطین ..................................................................................... 445
الثمرة السادسة: ما نسب إلی الوحید البهبهانی .......................................... 445
إیرادان من صاحب الکفایة .................................................................................... 446
الإیراد الأوّل ........................................................................................................ 446
مناقشة المحقق الخوئی ....................................................................................... 447
الإیراد الثانی ........................................................................................................ 447
مناقشة بعض الأساطین ...................................................................................... 448
خاتمة فی مقدمة المستحب و الحرام و المکروه ....................................... 451
أمّا مقدمة المستحب .......................................................................... 451
و أمّا مقدمة الحرام أو المکروه (ففیها نظریتان) ........................................ 451
1.نظریة صاحب الکفایة: هی علی قسمین ........................................................... 451
2.نظریة المحقق النائینی: هی علی ثلثة أقسام ..................................................... 452
مناقشة المحقق الخوئی ....................................................................................... 453
ص: 482
الآیات:
(إِذا قُمْتُمْ إِلَی الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَکُمْ وَ أَیدِیکُمْ إِلَی الْمَرافِقِ) 423
(فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّکْرِ إِنْ کُنْتُمْ لا تَعْلَمُون) 311
(فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِی الْحَجِّ) 119
(فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَیمَّمُوا صَعیداً طَیباً) 83, 85, 89
(قُلْ هَلْ یسْتَوِی الَّذینَ یعْلَمُونَ وَ الَّذینَ لا یعْلَمُونَ) 317
(وَ ما یسْتَوِی الْأَعْمی وَ الْبَصیرُ)... 317
(إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهی عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْکَرِ) 341
الروایات:
إِذَا لَمْ یجِدِ الْمُسَافِرُ الْمَاءَ فَلْیطْلُبْ مَا دَامَ فِی الْوَقْتِ فَإِذَا خَافَ أَنْ یفُوتَهُ الْوَقْتُ فَلْیتَیمَّمْ وَ لْیصَلِّ 89
الْعِلْمُ وَدِیعَةُ اللَّهِ فِی أَرْضِهِ.......... 318
الْعَمْرِی ثِقَتِی فَمَا أَدَّی إِلَیکَ عَنِّی فَعَنِّی یؤَدِّی وَ مَا قَالَ لَکَ عَنِّی فَعَنِّی یقُولُ فَاسْمَعْ لَهُ وَ أَطِعْ فَإِنَّهُ الثِّقَةُ الْمَأْمُونُ 160
الْعَمْرِی وَ ابْنُهُ ثِقَتَانِ فَمَا أَدَّیا إِلَیکَ عَنِّی فَعَنِّی یؤَدِّیانِ وَ مَا قَالا لَکَ فَعَنِّی یقُولَانِ فَاسْمَعْ لَهُمَا وَ أَطِعْهُمَا فَإِنَّهُمَا الثِّقَتَانِ الْمَأْمُونَانِ 160
صَلِّ مَعَهُمْ یخْتَارُ اللَّهُ أَحَبَّهُمَا إِلَیهِ....... 52
صَلِّ وَ اجْعَلْهَا لِمَا فَات.............. 50
فِی الرَّجُلِ یصَلِّی الصَّلَاةَ وَحْدَهُ ثُمَّ یجِدُ
ص: 483
جَمَاعَةً قَالَ یصَلِّی مَعَهُمْ وَ یجْعَلُهَا الْفَرِیضَةَ إِنْ شَاءَ 48, 49
لَا صَلَاةَ إِلَّا بِطَهُور................ 429
لَا ینْبَغِی لِلرَّجُلِ أَنْ یدْخُلَ مَعَهُمْ فِی صَلَاتِهِمْ وَ هُوَ لَا ینْوِیهَا صَلَاةً بَلْ ینْبَغِی لَهُ أَنْ ینْوِیهَا وَ إِنْ کَانَ قَدْ صَلَّی فَإِنَّ لَهُ صَلَاةً أُخْرَی 50
لَیسَ الْعِلْمُ بِکَثْرَةِ التَّعَلُّمِ وَ إِنَّمَا هُوَ نُورٌ یقْذِفُهُ اللَّهُ تَعَالَی فِی قَلْبِ مَنْ یرِیدُ اللَّهُ أَنْ یهْدِیهُ 318
مَا مِنْ عَبْدٍ یصَلِّی فِی الْوَقْتِ وَ یفْرُغُ ثُمَ یأْتِیهِمْ وَ یصَلِّی مَعَهُمْ وَ هُوَ عَلَی وُضُوءٍ إِلَّا کَتَبَ اللَهُ لَهُ خَمْساً وَ عِشْرِینَ دَرَجَةً. 47
مَا مِنْکُمْ أَحَدٌ یصَلِّی صَلَاةً فَرِیضَةً فِی وَقْتِهَا ثُمَ یصَلِّی مَعَهُمْ صَلَاةً تَقِیةً وَ هُوَ مُتَوَضِّئٌ إِلَّا کَتَبَ اللهُ لَهُ بِهَا خَمْساً وَ عِشْرِینَ دَرَجَةً فَارْغَبُوا فِی ذَلِکَ 47
ص: 484
الإمام جعفر الصادق (علیه السلام) 47, 48, 49, 50, 51
الإمام الکاظم (علیه السلام) ................. 159
الإمام الرضا (علیه السلام) .................. 160
الإمام العصر (عجل الله تعالی فرجه)................... 252
الف)
ابن الولید.......................... 58
أَبِی بَصِیرٍ....................... 51, 53
أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ................... 159
أحمد بن محمد بن عیسی.............. 60
إسحاق بن عمّار..................... 50
آیة الله التبریزی..................... 62
ب)
بعض الأساطین 22, 25, 29, 35, 53, 62, 63, 75, 89, 96, 100, 101, 102, 116, 125, 134, 136, 137, 139, 145, 151, 154, 160, 165, 167, 168, 195, 198, 201, 206, 216, 219, 235, 242, 246, 248, 249, 274, 282, 284, 296, 297, 308, 310, 311, 314, 315, 317, 321, 324, 337, 340, 349, 361, 366, 373, 411, 423, 428, 429, 431, 435, 438, 439, 442, 443, 445, 448
ح)
الحاجبی......................... 419
ز)
زرارة بن أعین......... 50, 53, 89, 149
س)
سهل بن زیاد....................... 53
السید الزنجانی.................. 53, 62
ص: 485
السید الصدر 357, 405, 406, 408, 412
السید المجاهد الطباطبائی............ 23
السید المجدّد الشیرازی 217, 220, 222, 228
السید المحقق البروجردی 25, 133, 149, 291
ش)
الشهید الثانی....................... 57
الشیخ الأنصاری 57, 116, 145, 204, 216, 228, 235, 237, 239, 242, 251, 252, 255, 257, 263, 264, 265, 272, 293, 303, 305, 306, 326, 327, 329, 330, 331, 342, 343, 344, 345, 346, 347, 373, 381, 385, 390, 391, 415
الشیخ الرئیس............... 227, 234
ص)
صاحب البدائع................... 291
صاحب الجواهر.... 57, 141, 228, 309
صاحب الحاشیة................... 383
صاحب الفصول 142, 271, 272, 273, 293, 375, 382, 400, 401, 402, 405
صاحب المدارک.................. 303
صاحب المعالم 178, 183, 340, 381, 417
صاحب الوسائل................... 57
صاحب هدایة المسترشدین.... 291, 413
الصدوق.......................... 58
ع)
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْیرِی.......... 159
عبدالله بن سنان..................... 47
العضدی......................... 419
العلّامة الحلی...................... 145
العلامة الشیرازی................. 391
العلامة الصافی الإصفهانی.......... 357
علم الهدی....................... 417
عمر بن یزید....................... 47
العمری.................... 159, 160
ف)
الفاضل التونی.................... 119
ک)
الکلینی................... 56, 62, 159
م)
المحدث النوری................. 53, 62
المحقّق الأردبیلی............. 303, 326
المحقّق الإصفهانی 20, 28, 29, 30, 34,
ص: 486
41, 42, 43, 46, 48, 52, 63, 74, 79, 80, 84, 85, 86, 96, 111, 124, 125, 126, 127, 128, 130, 131, 155, 165, 166, 169, 171, 196, 197, 198, 199, 228, 234, 240, 241, 242, 243, 246, 250, 273, 278, 282, 294, 332, 334, 335, 337, 344, 345, 346, 350, 351, 359, 361, 376, 385, 386, 387, 388, 389, 390, 391, 400, 403, 408, 409, 410, 412, 416, 421, 424, 432, 434
المحقّق الإیروانی 97, 101, 346, 348, 349
المحقّق البروجردی.................. 24
المحقّق الثانی....................... 57
المحقّق الحائری..................... 42
المحقق الخراسانی 20, 22, 23, 26, 28, 30, 41, 44, 46, 69, 75, 77, 80, 81, 96, 97, 109, 110, 113, 115, 116, 128, 130, 131, 153, 155, 161, 169, 171, 195, 196, 197, 199, 200, 201, 202, 206, 207, 214, 215, 220, 223, 224, 228, 233, 234, 235, 236, 237, 239, 240, 244, 245, 251, 255, 256, 264, 265, 272, 273, 277, 278, 280, 281, 293, 331, 332, 343, 344, 346, 347, 348, 349, 350, 351, 363, 365, 367, 370, 371, 373, 375, 384, 385, 392, 395, 400, 401, 402, 404, 415, 427, 428, 431, 432, 433, 437, 440, 441, 446, 451
المحقّق الخوئی 23, 24, 28, 30, 32, 34, 48, 62, 63, 75, 76, 86, 91, 93, 94, 96, 97, 100, 109, 121, 128, 130, 167, 170, 171, 177, 178, 179, 186, 195, 196, 198, 202, 205, 206, 215, 226, 228, 235, 244, 246, 247, 251, 252, 255, 257, 258, 260, 261, 262, 265, 266, 273, 274, 286, 287, 288, 289, 296, 297, 298, 300, 301, 305, 308, 309, 311, 314, 315, 319, 320, 321, 323, 324, 327, 335, 339, 340, 350, 354, 356, 362, 364, 365, 366, 368, 370, 372, 373, 378, 384, 387, 389, 390, 392, 393, 394, 395,
ص: 487
397, 400, 402, 403, 405, 413, 414, 416, 422, 425, 434, 435, 437, 438, 440, 441, 444, 445, 447, 453
المحقّق الطوسی............ 57, 60, 234
المحقّق العراقی 22, 87, 88, 96, 97, 196, 197, 204, 220, 240, 400, 411, 423
المحقّق الفشارکی.................. 276
المحقّق القمی..... 289, 290, 375, 421
المحقّق النائینی 24, 45, 87, 96, 115, 141, 167, 168, 178, 196, 215, 223, 225, 228, 238, 241, 243, 249, 255, 257, 259, 262, 265, 285, 295, 296, 297, 299, 304, 306, 314, 326, 335, 338, 352, 353, 354, 355, 358, 363, 365, 366, 367, 370, 383, 384, 390, 392, 413, 415, 420, 452, 453
المحقّق النراقی............... 216, 228
المحقّق النهاوندی................. 276
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحِمْیرِی........... 159
مُحَمَّدِ بْنِ یحْیی..................... 159
المفید............................ 362
ن)
النجاشی........................... 59
و)
الوحید البهبهانی.................... 57
ه)
هشام بن سالم................... 49, 50
ص: 488